صدر كتاب «إيران والإخوان: توظيف الدين لمعركة السياسة» الذى شارك فيه عدد من الباحثين من عدد من الدول العربية والأوروبية بدراسات عن العلاقة والتقارب والتشابه والمصالح المتبادلة بين الإخوان وإيران، وكان من بين الباحث المشاركين فى الكتاب من مصر أمين عام منتدى الوحدة الإسلامية، والمتحدث السابق باسم جماعة الإخوان المسلمين فى الغرب، كمال الهلباوى والباحث ماهر فرغلى. الكتاب بشكل عام حاول تعقب ورصد العلاقات الإيرانية - الإخوانية على مستويين، تاريخى وسياسي، كاشفاً عن التقاطع والتناقض فى آن بين أكبر حركتين إسلاميتين على ضفتى الإسلام السياسي، السنّى والشيعى؛ مقدماً قراءة أولية لمصير إسلاميى مصر إثر سَقْطَة 30 يونيو 2013، ومؤثراتها الراهنة والمفترضة على نظرائهم فى طهران. قدم ماهر فرغلى دراسة تحت عنوان «الإخوان وإيران: اختراق الأمة المصرية» لتباين أهداف إيران وحركة الإخوان من مصر، متسائلاً عن مكمن الخطر فى العلاقة المتجذرة بين الطرفين. وخلص فرغلى الذى استشهد ببعض الوقائع والوثائق، وتحدث عمّا أسماه «مرتكزات السيطرة والتوغل» إلى نتيجتين: الأولى، أن ثورة 30 يونيو (حزيران) لم تُسقط الخطر الإيرانى المحدق بمصر؛ والثانية، الخطر الإخوانى لا يزال قائماً بسبب التنسيق مع جماعات جهادية مسلّحة للقيام بأعمال عنف رداً على عزلهم من الحكم. شارك فى الجزء الثانى المعنون «الإخوان وإيران: خارج المذهب داخل ملعب السياسة» مجموعة من الباحثين ذوى انتماءات مختلفة. درسوا قضايا متداخلة، قسم منها طاول العدة العقدية التى بلورها الإسلاميون فى إيران ومصر، وأقسامٌ أخرى عرضت بالنقد والتحليل الأخطاء التى وقعوا فيها. تناول الباحث اللبنانى المختص فى الحركات الإسلامية، الدكتور عبد الغنى عماد، فى دراسة مقارنة مصطلحات الأمة والحاكمية والدولة والمواطنَة والآخر والغرب والصراع العربى الإسرائيلي، كما أرساها إسلاميو إيران ومصر. ودرست الدكتورة فاطمة الصمادى مفهوم الدولة الإسلامية عند حسن البنّا والخميني. حملت ورقة الباحثة الأردنية فى الشئون الإيرانية عنوان «الإسلاميون فى إيران ومصر (1979-2011) جدلية الإيديولوجية». قاربت نقاط الاختلاف والاتفاق بين الطرفين على صعيد الفكر السياسى، ضمن مروحة واسعة أبرزها: العلاقة بين الدين والسياسة، نوع الحكم، صفات وخصائص الحكومة الإسلامية والنظام الإسلامي، سن القوانين استناداً إلى الشريعة. خلُصت الصمادى إلى أنه رغم «العلاقة التاريخية بين إسلاميى إيران ومصر، إلاّ أن ثورات الربيع العربي، ألقت بظلالها عليهم، فإيران كانت تتوقع أن تشكل ك«نظام حكم» أنموذجاً يُحتذى به من قبل إسلاميى مصر وتونس، وهو ما جرى رفضه بصورة واضحة، أزعجت طهران. وتطرق أمين عام منتدى الوحدة الإسلامية، والمتحدث السابق باسم جماعة الإخوان المسلمين فى الغرب، كمال الهلباوي، إلى العلاقات الإيرانية - الإخوانية، واضعاً إياها ضمن حلقة تاريخية ممتدة من حسن البنّا حتى عزل الرئيس محمد مرسي. الهلباوى الذى يُعد من أكثر الشخصيات الإخوانية قرباً من القيادة الإيرانية، يستهل ورقته البحثية بالتحذير من «مكائد» بعض الدوائر فى الغرب التى تريد التفريق بين «إيران والبلدان الإسلامية». يجهد الهلباوى فى إظهار انشغال البنّا بالوحدة الإسلامية كما تبلورت فى أدبياته، ويستشهد بمواقفه إزاء المذاهب الإسلامية على قاعدة «ضرورة الإيمان بالخلاف». ثم ينتقل إلى التطور الذى عرفته العلاقات بين الإخوان وإيران بعد العام 1979، مبرهناً على «بهجة الجماعة» وفرحتها «الشديدة» بالثورة الإسلامية الوليدة، مؤكدا أن الجماعة زمن البنّا تخطت حاجز الافتراق المذهبى التاريخى عبر التقريب الذى آل إلى توطيد الروابط مع شخصيات دينية إيرانية أنتجت لاحقاً ما عُرف ب«دار التقريب بين المذاهب الإسلامية». تعقيباً على الهلباوي، قدم الكاتب يوسف الدينى دراسة حملت عنوان «الإخوان وإيران: خارج أقواس المذهب داخل أتون السياسة». ينقد الباحث خُلاصات من أسماه ب«الإخوانى البديل» مفصلاً الكلام حول العلاقة التى أرساها مع إيران والتى تلخص فى رأيه «مجمل مسيرته النضالية ذات الصوت العالى فى دعم مواقف الإخوان وتقديمهم كخيار معتدل». وبعد تقديم مطالعات وشواهد تاريخية موجزة من بينها «مؤتمر النجف الشهير» (1156ه/ 1743م) يخلص إلى القول إن الإخوان ليسوا «رواد التقريب»، والتصالح بالنسبة لها مع الآخر بشكل مرحلى يمثل خياراً استراتيجيًا. رصد الباحث التونسى شكرى الصيفى علاقة الإخوان المسلمين بإيران فى سياق ثلاثة مسارات زمنية: زمن الصحوة الإسلامية السنيّة فى الثمانينيات من القرن العشرين، وزمن صعود الشيعة ما بعد سقوط النظام البعثى فى العراق وتفجر النزاع الطائفي، وزمن «الربيع العربي» وتداعياته الطائفية والمذهبية. يرى الكاتب أن الثورة الإسلامية فى إيران «مثلت أول تجسيد فعلى للمشروع الإسلاموى السياسى لبناء الدولة الإسلامية منذ انهيار الخلافة العثمانية» وتابع قائلاً: «هذا الهدف لطالما حلم به الإخوان، التنظيم الأهم والأوسع فى العالمين العربى والإسلامى». سعى أستاذ الدراسات الإيرانية فى جامعة البلقاء التطبيقية (الأردن)، نبيل العتوم، فى بحثه «ثورة 25 يناير المصرية رؤية إيرانية» للإجابة عن سؤالين: هل أثرت الثورة الإسلامية الإيرانية فى مصر الثورة؟ وإلى أى مدى تعتبر ثورة 25 يناير (كانون الثاني) امتداداً للثورة الخمينية وتجسيداً لأهدافها؟ رأى الكاتب أن طهران بنت آمالاً على الثورة المصرية إذا ما قورنت ب«الثورات الأخرى».