بعد الفوضي وحوادث السرقات التي تلت الثورة المصرية، والتي طال بعضها متاحف أثرية، سبقها بالطبع سرقات أخري علي فترات متباعدة لعدد من متاحفنا الفنية والأثرية، كان آخرها وأشهرها اختفاء لوحة "زهرة الخشخاش" للفنان العالمي فان جوخ من متحف "محمود خليل" وحرمه، التابع لقطاع الفنون التشكيلية، والتي لازالت قضيتها معلقة إلي الآن. من توابع هذه الأحداث بدء الاهتمام بالمتاحف المصرية وترميمها وصيانتها، ولاحق هذا التغير تعديل في بعض المناصب الإدارية للمسئولين عن المتاحف، منها تولي الفنان أحمد عبد الفتاح منصب رئيس الإدارة المركزية للخدمات الفنية للمتاحف والمعارض، بعدما كان يشغل منصب مدير عام الإدارة العامة للترميم وبحوث الصيانة، حملنا لعبد الفتاح بعض التساؤلات حول المتاحف المصرية، فأجاب عليها في هذا الحوار: بعد توليك مسئول المتاحف ما الذي يمكن أن تقدمه لهذا المنصب؟ - تولية القيادة لأبناء المكان له إيجابيات كثيرة، فأنا كمثال علي تواصل واتصال بكل المسئولين في وزارة الثقافة بشكل دائم بحكم عملي في إدارة الترميم، ولدي علم بحالة الأعمال الفنية بالمتاحف، بمعني أن المتاحف ليست عملا غريبا أو جديدا علي فأعلم جيدا قيمة كل ما فيها، كما أعمل بقطاع الفنون منذ عام 1990، فقد شاركت في خطط تطوير المتاحف منذ عام1990، بدا من متحف محمد ناجي، متحف محمود خليل، متحف محمود مختار، متحف الفن الحديث، وأعلم سلبيات وإيجابيات كل متحف علي حدة، رغم أنه لم يكن بيدي القيام بالتغيير أو التعديل أثناء عملي في الترميم، لكنني حفظت في ذاكرتي الخاصة كل ملاحظاتي علي العشرين سنة الماضية، التي مررت بها أثناء عملي بالقطاع، إلي أن يصبح لي صلاحيات شرعية للإصلاح، والمتاحف مسئولية تراثية وتاريخية. صف لنا شعورك تجاه اختفاء لوحة الخشخاش. - الأزمة قد تؤدي بالأشخاص بالصعود أو الهبوط وكلنا كمسئولين داخل القطاع أصبنا بحالة إحباط من هذه الأزمة، وأثناء عملية تغليف مقتنيات متحف محمود خليل لاستعداد المتحف للترميم، كنت أتألم جدا لأني لم أتخيل أنه سوف يأتي يوم واحمل برواز لوحة الخشخاش فارغا وبدونها، وأعتبر أن سرقتها طعنة في تاريخنا ولازال جرحنا مستمرا بسبب عدم توصلنا إليها، ولو أن لهذه السرقة إيجابية فهي أنها قربت الجمهور من الفن التشكيلي وبدأوا يتابعون الأعمال وقيمتها وكنا نفضل أن تجتذب الجمهور بدون سرقة، فالأزمات تزيد المسئوليات لأن السرقة كشفت عن سلبيات يجب استثمارها بشكل إيجابي . كيف تم استثمار سلبيات سرقة لوحة الخشخاش؟ - قمنا بوضع قواعد كثيرة ونظم ولوائح واستراتيجية عمل تعيد لنا استعادة الأمن والثقة في متاحفنا، فقد تم جرد المتاحف كلها للوقوف علي الحالة الفعلية للمباني، وما بداخلها من أجهزة مراقبة وكاميرات، كما قمت بتنفيذ أكثر من خطة خاصة بالمباني وصيانتها، وخطط خاصة بترميم ثقافة العنصر البشري، أضفت للخطط كل ملاحظاتي السابقة التي كونتها، فحاليا جاري ترميم عدد ليس بالقليل من المتاحف في آن واحد، وبالنسبة للعنصر البشري وهو الجانب الأكثر خطورة يتم العمل علي إعادة تأهيل كل العاملين بمتاحفنا . ما الإجراءات التي اتخذتها بشأن تثقيف العنصر البشري بالمتاحف؟ - الثقافة المتحفية مهمة جدا للعاملين فعدم معرفتهم بقيمة الأعمال الفنية سواء بقيمتها الجمالية او المادية هي من الأسباب المباشرة التي تؤدي إلي الإهمال وضياع تراثنا وثرواتنا الفنية، ونحن بصدد عقد دورات تدريبية وندوات تثقيفية، تثقف العاملين بكل متحف علي حدة، فمثلا لدينا مجموعة كتب عن حياة الفنان محمد ناجي لابد للعاملين بهذا المتحف أن يعرفوها، لأن الموظف في المتحف ليس فقط مجرد حارس لقطع فنية أو عهدة وقع عليها، بل لابد أن يشعر بقيمة استمرار تواجد هذه الأعمال في تراثنا وتاريخنا المصري وهكذا في كل المتاحف. ما الإجراءات الجديدة التي اتخذت بشأن تأمين المتاحف أو قطاع الفنون؟ - في أي سرقة لابد أن يتحمل العنصر البشري المسئولية المباشرة، خاصة نتيجة تغيب بعض العاملين بالمتاحف وعدم انتظامهم وتكاسلهم، وقد قمت بزيارات مفاجئة للمتاحف، وأخذت إجراءات شديدة للمتغيبين والمهملين، وفي أوائل شهر يناير الماضي تم تحويل بعض العاملين في المتاحف وفي القطاع إلي الشئون القانونية، ووقف صرف بدل "الجهود غير العادية" لأكثر من 30 موظفا، فمبدأ الثواب والعقاب بالتأكيد له نتائج إيجابية. أما بالنسبة للعاملين في الجانب الإداري داخل قطاع الفنون التشكيلية، فدورهم مهم لأنه يلبي احتياجات العنصر الفني، وأحيانا يحدث تأخيرا في الفعاليات بسبب تأخر الأوراق الإدارية، فالجانب الإداري يمثل شكل وأسلوب العمل بالمؤسسة الرسمية واستراتيجية القطاع. هل هناك أجندة جديدة أو معارض يطرحها القطاع هذا الموسم؟ - سوف نكمل أجندة التواصل مع مؤسسات الدولة والمجتمع المدني ومع الفنانين، استعدادا للمعارض القادمة، ولدينا أفكار جديدة للفعاليات بكل اتجاهات الفنون، ولا تحيز لنوع من الفن علي حساب الآخر، ولدينا مجموعة من المقترحات للمعارض النوعية والجماعية سوف نفذها لأول مرة، نراعي فيها وجود الشباب ووجود أسماء من الفنانين كانوا قد ابتعدوا عن الوسط الفني سوف ندعوهم لاستعادة الثقة بين الفنانين وقطاع الفنون التشكيلية، وسوف نعقد ندوات مستمرة قبل أي فعالية وأثنائها وبعدها لمزيد من الإيجابية بين الفعالية والجمهور.