محافظ القاهرة: المجازر شهدت إقبالا كبيرا اليوم وتقدم خدماتها بالمجان    مصدر رفيع المستوى: مصر مستمرة في تكثيف اتصالاتها مع كل الأطراف للوصول لاتفاق هدنة بغزة    دونالد ترامب يكشف سر رفضه التقاط الصور برفقة أصغر أبنائه بارون    فيجورست يسطر اسمه في تاريخ هولندا بمنافسات اليورو    إقبال كبير على مراكز شباب الدقهلية في أول أيام عيد الأضحى المبارك.. صور    السيطرة على حريق بإحدى مزارع النخيل في الوادي الجديد    إقبال ضعيف على سينمات وسط القاهرة في أول أيام عيد الأضحى (فيديو وصور)    ماجد المهندس يغني "لو زعلان" أغنية فيلم "جوازة توكسيك"    طريقة عمل الرقاق باللحمة المفرومة، أكلة مفضلة في العيد    الأهلي يتواصل مع ميتلاند الدنماركي بسبب نسبة الزمالك من صفقة إمام عاشور    «عايزين تشوفوا القاضية تاني».. رباعي الأهلي يبدي إعجابه بفيلم ولاد رزق 3 (فيديو)    التصعيد مستمر بين إسرائيل وحزب الله    بين أوكرانيا وغزة.. قمم السلام بين عالمين    فلسطينيون يحتفلون بعيد الأضحى في شمال سيناء    استشهاد طفلة جراء قصف الاحتلال على مخيم البريج وسط قطاع غزة    شروط القبول ببرنامج هندسة وإدارة الرعاية الصحية جامعة القاهرة    لتحسين جودتها.. طبيبة توضح نصائح لحفظ اللحوم بعد نحر الأضحية    مانشستر سيتي يلزم كانسيلو بخطوة مزعجة    قصور الثقافة بالإسكندرية تحتفل بعيد الأضحى مع أطفال بشاير الخير    موراي يمثل بريطانيا في أولمبياد باريس.. ورادوكانو ترفض    توزيع الوروّد والهدايا وكروت تهنئة «الرئيس» على المارة احتفالًا بعيد الأضحي المبارك    جامايكا تبحث عن انتصارها الأول في الكوبا    النائب أيمن محسب: حياة كريمة رسمت البهجة فى قلوب الأسر الفقيرة بعيد الأضحى    وفاة ثانى سيدة من كفر الشيخ أثناء أداء مناسك الحج    "ولاد رزق 3".. وجاذبية أفلام اللصوصية    دعاء أول أيام عيد الأضحى 2024.. «اللهمَّ تقبّل صيامنا وقيامنا»    عيد الأضحى 2024.. اعرف آخر موعد للذبح والتضحية    وصية مؤثرة للحاجة ليلى قبل وفاتها على عرفات.. ماذا قالت في آخر اتصال مع ابنها؟    بعد تلقيه عروضًا خليجية.. جوميز يتخذ قرارًا مفاجئًا بشأن رحيله عن الزمالك    الإفراج عن 4199 من نزلاء مراكز الإصلاح والتأهيل بمناسبة عيد الأضحى (صور)    يقام ثاني أيام العيد.. حفل أنغام بالكويت يرفع شعار "كامل العدد"    صفوة وحرافيش    «سقط من مركب صيد».. انتشال جثة مهندس غرق في النيل بكفر الزيات    ضبط 70 مخالفة تموينية متنوعة فى حملات على المخابز والأسواق بالدقهلية    حصاد أنشطة وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في أسبوع    روسيا: مقتل محتجزي الرهائن في أحد السجون بمقاطعة روستوف    تكليف فريق بصحة قنا للمرورعلى الوحدات الصحية بمراكز قنا    «التخطيط»: تنفيذ 361 مشروعا تنمويا في الغربية بتكلفة 3.6 مليار جنيه    3 فئات ممنوعة من تناول الكبدة في عيد الأضحى.. تحذير خطير لمرضى القلب    ريهام سعيد: «محمد هنيدي اتقدملي ووالدتي رفضته لهذا السبب»    سفير الصين: نعمل مع مصر لجعل طريق بناء المجتمع الصيني العربي للمستقبل مفروشًا بالورود    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم الأحد 16 يونيو 2024    ما أفضل وقت لذبح الأضحية؟.. معلومات مهمة من دار الإفتاء    عيد الأضحى 2024.. "شعيب" يتفقد شاطئ مطروح العام ويهنئ رواده    قائمة شاشات التليفزيون المحرومة من نتفليكس اعتبارا من 24 يوليو    النمر: ذبح 35 رأس ماشية خلال أيام عيد الأضحى بأشمون    بالصور.. اصطفاف الأطفال والكبار أمام محلات الجزارة لشراء اللحوم ومشاهدة الأضحية    المالية: 17 مليار دولار إجمالي قيمة البضائع المفرج عنها منذ شهر أبريل الماضى وحتى الآن    محافظ السويس يؤدي صلاة عيد الأضحى بمسجد بدر    ارتفاع تأخيرات القطارات على معظم الخطوط في أول أيام عيد الأضحى    محافظ الفيوم يؤدي صلاة عيد الأضحى بمسجد ناصر الكبير    بالصور.. محافظ الغربية يوزع هدايا على المواطنين احتفالا بعيد الأضحى    حاج مبتور القدمين من قطاع غزة يوجه الشكر للملك سلمان: لولا جهوده لما أتيت إلى مكة    محافظ كفرالشيخ يزور الأطفال في مركز الأورام الجديد    ارتفاع نسبة الرطوبة في الجو.. الأرصاد تكشف تفاصيل طقس عيد الأضحى    إعلام فلسطينى: 5 شهداء جراء قصف إسرائيلى استهدف مخيم فى رفح الفلسطينية    بالسيلفي.. المواطنون يحتفلون بعيد الأضحى عقب الانتهاء من الصلاة    دعاء لأمي المتوفاة في عيد الأضحى.. اللهم ارحم فقيدة قلبي وآنس وحشتها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«أسطورة الحراس».. الحلم يحدد الهوية.. والماضي يصنع المستقبل

مازال البعض يعتقد أن أفلام التحريك «التقليدية أو المنفذة باستخدام تقنية البعد الثالث» لا تخص سوي الأطفال، وكأنهم لا يستطيعون أن يبعدوا عن أذهانهم حكايات «ميكي» ومغامرات «توم وجيري»، الحقيقة أن هذه النوعية من الأفلام حققت طفرة هائلة شكلاً ومضمونًا، وأصبح من المستحيل مثلاً أن تعتبر الفيلم الإسرائيلي «الرقص مع بشير» فيلمًا موجهًا للأطفال، كما أن هناك أفلامًا مأخوذة أصلاً عن قصص للأطفال، ولكنها تحتمل مستويات أخري للتفسير والتأويل، أحد أهم النماذج لتلك الأفلام، فيلم التحريك ثلاثي الأبعاد الذي يحمل عنوانًا طويلاً هو: «legend of the gardians:the owlsafgahoer» ، أو كما عرض تجاريا تحت اسم مختصر هو «أسطورة الحراس».
من ناحية الشكل نحن أمام فيلم تحريك شديد الإبهار والإتقان مأخوذ مباشرة عن روايات ناجحة للأطفال كتبتها «كاثرين لاسكي»، أما من حيث المضمون فنحن أمام فيلم كثيف المضمون متعدد المستويات في التلقي، هناك حدوتة مسلية وكائنات ظريفة وبعض لحظات الكوميديا، ولكن هناك إسقاطات واضحة علي أحداث سياسية أو تاريخية أو حتي دينية، هناك إنتاج فخم ضخم يكلف حوالي مائة مليون دولار، ومخرج متمكن قدم من قبل أفلامًا ناجحة هو «زاك سفايدر» مخرج «300 اسبرطي» و«وتش من» ولكن هناك أيضًا وراء هذا الطوفان من الثراء البصري واللوني حشدًا من الأفكار المهمة، لعل أهمها أن الماضي ليس تراثًا مدفونًا في الكتب ولكنه هو الذي يصنع المستقبل، ولعل أجملها أنه لا هدف مع الذين يريدون أن يحولوا الضعاف إلي عبيد تحت أي مبرر من المبررات، فالضعف ليس مبررًا للتحكم والسيطرة، ولعل أعمق أفكار الفيلم وأكثرها مدعاة للتأمل أن كل إنسان يستطيع أن يحقق أسطورته الخاصة بالعمل وبالحلم، والحلم بالتحديد هو أحد محاور الفيلم الأساسية، لدرجة أننا لا نستطيع أن ننسي العبارة التي تردد في البداية بأن حلمك هو الذي يحدد هويتك، وبالطبع فإن كل هذه الأفكار، وكل الرموز والإسقاطات، لا يشترط أن تصل إلي كل الجمهور، فمن يصل إليه المستوي الأول حيث الصراع بين الخير والشر فلا بأس، وسيستمتع كثيرًا بالفيلم، ولكنه سيستمتع أكثر لو تأمل قليلاً ووصل إلي المستوي الأعمق، وهكذا يبدو كما لو أننا أمام عمل كثيف موجه للكبار وللصغار معًا، وهذا ما لاحظته من قبل عند تحليل فيلم «أغاني الكريسماس» للمخرج «روبرت زيمكس» المأخوذ عن قصة شهيرة للراحل «تشارلز ديكنز».
سيناريو الفيلم الذي كتبه «جون أورلوف» و«إميل ستيرن» ينجح في جعل عالم البوم - هذا الكائن الجميل الذي نظلمه بالتشاؤم - معادلاً لعالم الإنسان، أي أننا لن نخرج من تلك اللعبة التي تستعير عالم الحيوان أو الطيور للتعبير عن عالم الإنسان، وبطل حكايتنا بومة صغيرة اسمه «سورين» ينشأ في كنف والده، «أزيرلب»، ويمتلئ خياله بحكايات أسطورية يحكيها الأب عن حراس شجرة هائلة هي شجرة «جاوول» تجتمع فيها أعداد من البوم الأحرار الذين نجحوا في هزيمة البوم الشرير، كان ذلك بعد معركة أسطورية انتصر فيها القائد الأسطوري «لايز» ابن «كيل» علي البومة الشرشة ذات المخالب المعدنية، ولكن هذه البومة مازالت موجودة وتهدد الجميع، الحكاية إذن تبدأ من الأسطورة التي تقدم هنا كعمل خارق وخيالي رغم أن الحديث عن الاستعباد والسيطرة سيجعلنا نسقط الحكاية بوضوح علي ما جاء في الكتب المقدسة عن تحرير النبي «موسي» لليهود المستعبدين وخروجه معهم إلي وطن آخر جديد بعيدا عن حياة الرق، ولكن الأهم من الإسقاط أن سورين «البومة الصغيرة» سيقرر أن يتعلم الطيران لتحقيق حلمه بأن يذهب إلي شجرة «الجاوول» التي ظلت حتي الآن في خانة الخيال، وقبل أن يتعلم أي شيء سيتم اختطافه هو وأخيه «كلاد» ليجدا أنفسهما أمام ما يمكن أن نطلق عليه «أكاديمية العبودية»، هناك بومة اسمها «نايرا» بصورت القديرة «هيلين ميرين» تعلم اليوم المخطوف في الخضوع وتنفيذ الأوامر، وتعد من هذا الجيش من العبيد فريقا تقوده البومة ذات الأظافر المعدنية للهجوم علي شجرة «الجاوول».
ما هي ترجمة هذه التجربة علي مستوي الحقيقة أو الأسطورة؟ الترجمة هي أن الجبل الأصفر الذي يمثله سورين وكلاد وجدا نفسيهما في ذات الموقف الذي تعرض له القائد الأسطوري «لايز» ابن «كيل» الذي تسلم شعبا من العبيد فجعله من الأحرار، وهكذا يتحول الخيال إلي حقيقة والحلم إلي كابوس، وهكذا يتم اختبار «سورين وكلايد» فيرضخ الثاني ويطيع الأوامر في حين يحاول سورين الهروب مع البومة الأصغر سنا «جيلفي»، ويستعرض هذا الجزء طرق السيطرة التي تحول البوم إلي ما يشبه الكائنات المنومة مغناطيسيا، وعندما تظهر البومة ذات الأظافر المعدنية نستمع إلي الأناشيد الحماسية، وردود الجماهير الموحدة التي تذكرك علي الفور بألمانيا النازية الهتلرية.
سواء وصل إليك هذا الإسقاط أو لم يصل فأنت بالتأكيد ستنحاز إلي «سورين ضد كلايد» وسترفض بالتأكيد فكرة التفوق التي يتبناها هؤلاء البوم الذين أطلقوا علي أنفسهم اسم «الأطهار» وسترفض أيضا نظرية البومة ذات الأظافر المعدنية التي تستبيح استعباد الفقراء باسم تفوق الأقوياء عليهم، وستتعاطف حتما مع البومة «جريمبل» الرافض للتهاون في داخله، ولكنه يضطر إلي ادعاء الانحياز للأطهار لأنهم أخذوا أقاربه كرهائن، ويدفع «جريمبل» ثمنا غاليا عند اكتشاف خديعته، والأهم أنك ستبدأ مع سورين وصديقته الجميلة «جيلفي» وبعض أصدقائهما رحلة طويلة في الطريق إلي شجرة الميعاد العملاقة «جاوول»، هنا تريد جريمة الكوميديا قليلا التخفيف من شراسة الأحداث وربما دمويتها، وستتعهد البومة اللطيفة المرافقة «توايلابت» التي تكتب الأغنيات وتقدمها بصوت بشع بمهمة التخفيف من رمادية الصورة، وسنضحك كثيرا علي مواقفها.
عندما نصل إلي شجرة «الجاوول» سيبدو القائد «لايز» ابن «كيل» موجودا ولكنه غامض لا نستطيع معرفة ملامحه، وسيصبح في مقدمة الصورة قائده آلوفير «بصوت الممثل سام نيل»، ولكن لن يمر وقت كبير حتي نكتشف أن راوي الأسطورة «إزيزلب» هو نفسه صاحبها «لايز» الاثنان شخصية واحدة، وبالتالي يصبح ما هو من الماضي حاضرا وحقيقيا، وما هو أسطوري يتحول إلي حقيقة من لحم ودم، بل إن هذا الحاضر «إزيرلب» سيقود البوم من جديد إلي الانتصار علي ذي الأظافر المعدنية، وهكذا يقوم الماضي بصنع مستقبل البوم من جديد بدعم كامل من «سورين» ويصبح الشعار المطروح هو: «لا هدنة أبدًا مع الذين يحاولون استعباد الضعفاء»،
وعندما ينجح «سورين» في القيام بدور أساسي في المعركة الجديدة، وعندما ينجح في اكتشاف خيانة «الومير» وفي مواجهة الشقيق المتواطئ مع الأطهار «كلاد»، يتحول «سورين» عندئذ إلي أسطورة، وهكذا يصبح الدرس الجديد المهم: الأساطير تصبح حقائق عندما نتعلمها، وكل إنسان يستطيع أن يحقق حلمه ويصنع أسطورته، وطالما أن هناك «نايرا» وصاحب الأظافر المعدنية، فإنه لابد أن يكون هناك «لايز» و«سورين»، وطالما أن هناك «فرعون» و«هتلر» مثلاً فلابد أن يكون هناك «موسي»، والحلفاء الذين تعاونوا علي قهر النازية، لن يتوقف الصراع أبدًا بدليل هروب «نارنيا» رغم مقتل ذي الأظافر المعدنية، ولكن سيظل للماضي وأبطاله وأساطيره فضل إلهام الأجيال الجديدة بالمواجهة دون خوف وبلا تردد وانهيار كما فعل «كلاد»، ألم أقل لكم إننا أمام عمل كثيف رغم بساطة الحدوتة؟!
الحقيقة أن هذا التحليل يقربنا كثيرًا من فيلم كتبت عنه هو «10 آلاف سنة قبل الميلاد» حيث يلتقي الفيلمان في مناقشة فكرة الأسطورة والماضي كملهم للمستقبل مع الاسقاطات الدينية أو السياسية، ولكن «أسطورة الحراس» فيلم أكثر إقناعًا وخيالاً، لقد تم بناء عالم كامل تلعب فيه الطيور والحيوانات أدوارًا لا تنسي، يكفي أن أقول لك إن الأفعي «بي» الوديعة هي التي قامت بتربية «سورين» في طفولته، ويكفي أن أحلامك عن التفصيلات المذهلة في ملامح البوم وعلاقة شكل العين وحركتها مثلا بطبيعة الشخصية، «سورين» مثلا عيونه حية يقظة في حين تبدو عينا الشقيق المتواطئ «كلاد منكسرة»، هناك تتابعات بأكملها تصلح كأفلام قصيرة مثل مشهد تعلم «سورين» و«كلايد» الطيران، ومشهد المواجهة الدموية بينهما، ومشاهد الفوتو مونتاج للرحلة الطويلة إلي «جاوول» وتستكمل أصوات النجوم والنجمات التأثير علي المتفرج بمعاونة موسيقي رائعة تتخللها أصوات الكورال «موسيقي من تأليف ديفيد هيرشفيلدز»،
ولاشك أن استخدام تقنية «البعد الثالث» أعطت الحكاية بعدها الخيالي الأسطوري بوضوح، وجعلنا في مشاهد كثيرة في قلب الغابة التي تدور فيها الأحداث، لم نشعر في لحظة بتعب في العين ونجد مشاهد الصورة مجسمة، كل عنصر تم توظيفه باقتدار، وكل مشهد يأخذك إلي المشهد التالي، في تسلسل بديع، قد تتوقف عند الاستمتاع بانتصار الخير والشر، ولكن يا سلام لو تأملت قليلا في فكرة أننا نستطيع أيضا أن نصبح أساطير، بالدفاع عن الضعفاء وبالانتصار لهم، وبالدفاع عن أحلامنا حتي الرمق الأخير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.