تنحي الرئيس مبارك عن السلطة هو مجرد بداية لطريق طويل لإرساء دعائم نظام ديمقراطي حقيقي.. فنحن أمامنا مشوار طويل لكي نصل إلي هذا النظام الديمقراطي.. فالمحطات الأساسية في هذا المشوار الإصلاح الدستوري والإصلاح التشريعي، بحيث نضمن حياة سياسية وحزبية حرة، ونضمن أيضاً انتخابات حرة ونظيفة وشفافة سواء لمن يمثلوننا في البرلمان، أو لمن يتولي رئاسة الجمهورية. وبما أن القوات المسلحة التي يتولي مجلسها الأعلي إدارة شئون البلاد لا تريد إطالة مدة تلك الإدارة وتريد تسليم حكم البلاد لمن يختاره الشعب في الانتخابات النظيفة، فإنها ركزت فقط علي ما يخص عليه نقل السلطة سواء دستورياً أو تشريعياً فالإصلاح الدستوري اقتصر فقط علي تعديل عدد من مواد الدستور والإصلاح التشريعي الأغلب أنه سوف يقتصر علي التشريعات التي تنظم عملية الانتخابات، وربما الحياة الحزبية أيضاً. لكن المعضلة الحقيقية أن نقل البلاد إلي نظام ديمقراطي حر تعترضه صعوبات جمة يحتاج تذليلها إلي وقت وجهد وعمل أيضاً.. فنحن ليس لدينا أحزاب حقيقية تستطيع أن تنافس في انتخابات حرة نظيفة.. والأحزاب الجديدة التي ينوي الشباب إنشاءها تحتاج لوقت حتي تتمرس في أدائها وتقوي وتصير فاعلة وقادرة علي جذب أصوات الناخبين لديها.. والقوي الفاعلة الآن لا تخرج عن قوتين فقط.. الأولي هي جماعة الإخوان بما تتصف به من تنظيم قوي.. والثانية هي جماعة أصحاب الأموال القادرين علي استخدام سلاح المال في المعركة الانتخابية.. وهذا يعني أننا لن نظفر ببرلمان يعبر حقيقة عن الشعب أو عن طلائعه الشبابية التي فجرت ثورة 25 يناير. ويمكن التوفيق بين الصعوبات العملية الموجودة علي الأرض والتي تعترض إقامة نظام ديمقراطي وما بين رغبة المجلس الأعلي في الإسراع بتسليم السلطة لمن يختاره الشعب.. والتوفيق لا يعني التنازل عن تحقيق ما نصبو إليه إنما تنظيم المواعيد الملائمة له. أولاً: يمكن في التعديلات الدستورية التي ستطرح علي الشعب لإقرارها في استفتاء عام إضافة مادة تلزم الرئيس القادم بإجراء انتخابات لهيئة تأسيسية تنظر في تغيير الدستور كله خلال فترة لا تتجاوز العام. ثانياً: الاكتفاء بإجراء الانتخابات الرئاسية فقط علي أن تتم هذه الانتخابات بالرقم القومي.. وتأجيل الانتخابات البرلمانية «لمجلسي الشعب والشوري» حتي تصلب الأحزاب الجديدة عودها وحتي تعيد الأحزاب القائمة مراجعاتها وتصحيح أوضاعها.. علي أن يسري التأجيل أيضاً علي انتخابات المحليات. ثالثاً: التعجيل بإصدار التشريع الذي ينظم الحياة السياسية والحزبية لنفتح الباب لإقامة الأحزاب الجديدة بدون القيود التي كانت تعرقل ذلك.. مع تأجيل إصدار قانون الانتخابات البرلمانية ما دامت انتخابات سيتم تأجيلها حتي نمنح أنفسنا فرصة أطول لحسم إقامتها بالقائمة النسبية. وبهذا المعني يمكن تصور أن فترة الرئيس القادم ستكون هي المرحلة الانتقالية التي نحتاجها لإقامة النظام الديمقراطي.