يعد د. محمد البهى أحد رموز الدعوة الإسلامية فى القرن العشرين الذين جادت بهم حركة التنوير المصرية الحديثة ، حملوا عبء النهوض بالأمة الإسلامية . كرس فكره وجهده لإعلاء كلمة الإسلام والذود عن مقدساته والتصدى للتيارات الفكرية التى حاولت النيل منه . يرى أن حل مشكلات المجتمعات الإسلامية المعاصرة يكمن فى الحلول الإسلامية وليس فى الحلول المستوردة من الشرق أو الغرب وأن بيننا وبين الغرب مسافة واسعة ، هم يتقدمون ونحن تأخرنا ولابد أن نقطع هذه المسافة ، ومع إنهم يتقدمون فعلينا أن نسير بسرعتين الأولى تضاهى ما يسيرون به ، والثانية تقطع ما بيننا وبينهم من مسافة .
شغل الدكتور محمد البهى العديد من المناصب الأكاديمية والإدارية فلم تشغله عن رسالته التى جند لها نفسه وهى الدعوة إلى صحوة إسلامية معاصرة عن طريق مؤلفاته ومحاضراته وجهوده الدءوبة فى الإصلاح .
ولد الدكتور محمد البهى بقرية اسمانية مركز شبرا خيت محافظة البحيرة فى 3 أغسطس 1903 التحق بمعهد دسوق الدينى بعد إتمامه حفظ القرآن الكريم عام 1917 ، حصل على درجة التخصص فى البلاغة والأدب عام 1931 عن بحث بعنوان ” اثر الفكر الأغريقى فى الأدب العربى نثرا ونظما ” .
حصل على الدكتوراه من جامعة هامبورج بالمانيا عام 1936 عن رسالة بعنوان ” الشيخ محمد عبده والتربية القومية فى مصر ” ، عمل أستاذا للفلسفة بكلية أصول الدين ثم رئيسا لقسم الفلسفة بكلية اللغة العربية ، عين رئيسا لجامعة الأزهر ثم وزيرا للأوقاف وشئون الأزهر عام 1962 .
تفرغ للكتابة والتأليف بعد سن الستين إلى أن وافته المنية فى 10 سبتمبر 1982 ، أثرى المكتبة الإسلامية بالعديد من المؤلفات التى تمثل مشاعل تضئ طريق النهضة الإسلامية من أهمها :
( الإسلام والفلسفات المعاصرة وواجب العلماء ، قضايا الفكر الفلسفى الإسلامى ، الإسلام دين الإنسانية ، الفكر الإسلامى الحديث وصلته بالاستعمار الغربى ، تهافت الفكر المادى التاريخى ، الإسلام فى حل مشاكل كل المجتمعات الإسلامية المعاصرة ، منهج القرآن فى تطور المجتمع ، الجانب الإلهى فى التفكير الإسلامى ، الفكر الإسلامى المعاصر ، نحن والشيوعية ) .
وقد تميز فكر الدكتور محمد البهى بالتحليل العقلى العميق والموضوعية الشديدة استنادا إلى العديد من النصوص والدراسات الأصلية ، فكان أول من بشر بسقوط الشيوعية قبل سقوطها بسنوات طويلة اعتمادا على تحليل علمى قدمه فى الكثير من دراساته وأبحاثه التى أثبتت فقر الفكر المادى وضعفه .
وإلى جانب إسهاماته الفكرية فقد ساهم بجهد كبير فى تطوير العمل بجامعة الأزهر أثناء رئاسته لها فهو أول من أدخل دراسة اللغة اللغات الأجنبية إلى جوار العلوم الأخرى بالجامعة ، وأنشأ معهد اللغات ، وقام بإرسال بعثات عديدة إلى كثير من البلاد الأوربية لتثقيف أبناء الأزهر ليتعرفوا على الحضارات الأخرى انطلاقا من فلسفة كان يؤمن بها ويعلنها فى كتبه وأبحاثه على تلاميذه وهى أن الأمة الإسلامية فى حاضرها لا ينبغى أن تغلق النوافذ دون الفكر المعاصر كما لم تغلقها دون الفكر الإغريقى أو الفارسى أو الهندى أو الدين المسيحى أو اليهودى فى الماضى ولكن يجب أن نتريث فى قبوله ولا نتوانى فى رده إن كان يحمل خطرا يهدد وجودها واستقلال ذاتيتها .
وساهم الدكتور البهى أيضا أثناء عمله وزيرا للأوقاف بجهود طيبة فى الحفاظ على أوقاف المسلمين وتنميتها وزيادة مواردها ، وعمل على تغيير الكثير من مصارف الأوقاف وتوجيهها للارتقاء بالدعوة الإسلامية ومساعدة المحتاجين من أبناء المسلمين ، وكذلك عمل على تطوير المجلس الأعلى للشئون الإسلامية والتوسع فى تنفيذ سياسته لنشر الإسلام فى كافة ربوع العالم وله إنجازات كثيرة فيما يتعلق بخدمة الأئمة والدعاة