بمناسبة شهر رمضان الكريم ونفحاته النورانية والروحانية ننشر في هذه الصفحة علي مدار الشهر نماذج من أروع ما كتب في التراث العربي القديم من شعر العشق الإلهي والمدائح النبوية .. ونبدأ بالشاعر الصوفي العباسي عُمر بن علي بن مرشد بن علي الحموي الأصل، المصري المولد والدار والوفاة، الملقب شرف الدين بن الفارض(576 - 632 ه). شاعر متصوف، يلقب بسلطان العاشقين، في شعره فلسفة تتصل بما يسمي (وحدة الوجود).اشتغل بفقه الشافعية وأخذ الحديث عن ابن عساكر، وأخذ عنه الحافظ المنذري وغيره، إلا أنه ما لبث أن زهد بكل ذلك وتجرد، وسلك طريق التصوف وجعل يأوي إلي المساجد المهجورة وأطراف جبل المقطم، وذهب إلي مكة في غير أشهر الحج وأكثر العزلة في وادٍ بعيد عن مكة.
أري البُعدَ لم يُخْطِرْ سواكم علي بالي، وإنْ قَرّبَ الأخطارَ من جَسِدي البالي فيا حَبّذا الأسقامُ، في جَنْبِ طاعَتي أوامِرَ أشواقي، وعِصْيانِ عُذّالي ويا ما أَلَذّ الذّلّ في عِزّ وَصْلِكُمْ، وإن عَزّ، ما أحلي تَقَطُّعَ أوصالي نأيتمْ فحالي بعدكمُ ظلَّ عاطلاً وما هوَ مِمّا ساء، بل سَرّكُم حالي بَليتُ بِهِ لَمّا بُليتُ صَبابَة ً أبلَّتْ فلي منها صبابة ُ إبلالِ نصبتُ علي عيني بتغميضِ جفنها لزَورَة ِ زُورِ الطّيفِ، حِيلة َ مُحتالِ فما أسعَفَتْ بالغُمضِ، لكِن تعَسّفتْ عليَّ بدمعٍ دائمِ الصَّوبِ هطَّالِ فيا مهجتي ذوبي علي فقدِ بهجتي لِتَرْحالِ آمالي، ومَقْدَمِ أوْجالي وضِنّي بدَمْعٍ، قد غَنيتُ بِفَيضِ ما جري منْ دمي إذْ طلَّ ما بينَ أطلالِ ومَن لي بأن يَرْضَي الحَبيبُ، وإن علا النّحيبُ، فإبْلالي بَلائي وبَلْبالي فما كَلَفي في حُبّهِ كُلفَة ً لَهُ، وإنْ جَلّ ما ألْقَي من القيلِ والقالِ بقيتُ بهِ لمَّا فنيتُ بحبِّهِ بِثَرْوَة ِ إيثاري، وكَثْرَة ِ إقْلالي رعي اللهُ مغني ً لمْ أزلْ في ربوعهِ معنًّي وقلْ إنْ شئتَ يا ناعمَ البالِ وحَيّا مُحَيّا عاذِلِ ليَ لم يَزَلْ يُكَرِّرُ مِن ذِكْرَي أحاديثِ ذي الخالِ رَوَي سُنّة ً عندي، فأرْوي من الصّدي ، وأهدي الهُدي ، فاعجبْ وقد رام إضلالي فأحببتُ لومَ اللؤمِ فيهِ لوْ أنَّني منحتُ المني كانتْ علامة َ عذَّالي جهلتُ بأنْ قلتُ اقترحْ يامعذِّبي عليّ، فأجْلي لي، وقال:اسْلُ سلْسالي وهَيهاتِ أن أسلو، وفي كُلّ شَعْرَة ٍ، لحتفي غرامُ مقبلُ أيَّ إقبالِ وقالَ ليَ الَّلاحي مرارة ُ قصدهِ تحَلّي بها:دَعْ حُبّهُ.قُلتُ:أحلي لي بذلتُ لهُ روحي لراحة ِ قربهِ وغيرُ عَجيبِ بَذْليَ الغالِ في الغالي فجادَ، ولكن بالبُعادِ، لِشِقْوَتي، فيا خيبة َ المسعي وضيعة َ آمالي وحانَ لهُ حيي علي حينِ غرَّة ٍ ولمْ أدرِ أن الآلَ يذهبُ بالآلِ تحكَّمَ في جسمي النُّحولُ فلوْ أتي لقبضي رسولٌ ضلَّ في موضعٍ خالِ فلوْ هُمّ باقي السّقمِ بي لاستَعانَ، في تلافي بما حالتْ لهُ منْ ضني حالي ولم يَبْقَ مِنّي ما يُناجي تَوَهّمي، سِوي عِزّ ذلّ في مهانَة ِ إجْلالِ
قلبي يحدثني بأنك متلفي قلْبي يُحدّثُني بأنّكَ مُتلِفي، روحي فداكَ عرفتَ أمْ لمْ تعرفِ لم أقضِ حقَّ هَوَاكَ إن كُنتُ الذي لم أقضِ فيهِ أسي ً، ومِثلي مَن يَفي ما لي سِوي روحي، وباذِلُ نفسِهِ، في حبِّ منْ يهواهُ ليسَ بمسرفِ فَلَئنْ رَضيتَ بها، فقد أسْعَفْتَني؛ يا خيبة َ المسعي إذا لمْ تسعفِ يا مانِعي طيبَ المَنامِ، ومانحي ثوبَ السِّقامِ بهِ ووجدي المتلفِ عَطفاً علي رمَقي، وما أبْقَيْتَ لي منْ جِسميَ المُضْني ، وقلبي المُدنَفِ فالوَجْدُ باقٍ، والوِصالُ مُماطِلي، والصّبرُ فانٍ، واللّقاءُ مُسَوّفي لم أخلُ من حَسدٍ عليكَ، فلاتُضعْ سَهَري بتَشنيعِ الخَيالِ المُرْجِفِ واسألْ نُجومَ اللّيلِ:هل زارَ الكَرَي جَفني، وكيفَ يزورُ مَن لم يَعرِفِ؟ لا غَروَ إنْ شَحّتْ بِغُمضِ جُفونها عيني وسحَّتْ بالدُّموعِ الدُّرَّفِ وبماجري في موقفِ التَّوديعِ منْ ألمِ النّوي ، شاهَدتُ هَولَ المَوقِفِ إن لم يكُنْ وَصْلٌ لَدَيكَ، فَعِدْ بهِ أملي وماطلْ إنْ وعدتَ ولاتفي فالمطلُ منكَ لديَّ إنْ عزَّ الوفا يحلو كوصلٍ منْ حبيبٍ مسعفِ أهفو لأنفاسِ النَّسيمِ تعلَّة ً ولوجهِ منْ نقلتْ شذاهُ تشوُّفي فلَعَلَ نارَ جَوانحي بهُبوبِها أنْ تَنطَفي، وأوَدّ أن لا تنطَفي يا أهلَ ودِّي أنتمُ أملي ومنْ ناداكُمُ يا أهْلَ وُدّي قد كُفي عُودوا لَما كُنتمْ عليهِ منَ الوَفا، كرماً فإنِّي ذلكَ الخلُّ الوفي
نشرت في موكبِ العشاق أعلامي
حتي بَدا لي مَقامٌ لم يكُنْ أرَبي، ولمْ يمرَّ بأفكاري وأوهامي إنْ كانَ منزلتي في الحبِّ عندكمْ ما قد رأيتُ، فقد ضَيّعْتُ أيّامي أمنيَّة ٌ ظفرتْ روحي بها زمناً واليومَ أحسَبُها أضغاثَ أحْلامِ وإنْ يكنْ فرطُ وجدي في محبَّتكمْ إثماً فقدْ كثرتْ في الحبِّ آثامي ولو عَلِمْتُ بأنّ الحُبّ آخِرُهُ هذا الحِمامُ، لَما خالَفْتُ لُوّامي أوْدَعْتُ قلبي إلي مَن ليس يَحفَظُهُ أبْصرْتُ خلفي، وما طالَعتُ قٌدّامي لقدْ رماني بسهمٍ من لواحظهِ أصْمي فؤادي، فواشوقي إلي الرامي آهاً علي نَظرَة ٍ مِنْهُ أُسَرّ بها، فإنَّ أقصي مرامي رؤية ُ الرَّامي إنْ أسْعَدَ اللّهُ روحي، في محَبّتِهِ، وجسمها بينَ أرواحٍ وأجسامِ وشاهدتْ واجتلتْ وجهَ الحبيبِ فما أسي وأسعدَ أرزاقي وأقسامي ها قدأظَلّ زمانُ الوَصْلِ، يا أمَلي، فامنُنْ، وثَبّتْ بهِ قَلبي وأقدامي وقد قَدِمتُ، وماقدّمتُ لي عَمَلاً، إلاّ غَرامي، وأشواقي، وإقدامي دارُ السَّلامِ إليها قدْ وصلتُ إذنْ منْ سبلِ أبوابِ إيماني وإسلامي يا ربَّنا أرني أنظرُ إليكَ بها عِندَ القُدومِ، وعامِلني بإكرْامِ