استحق نجيب الريحانى لقب فيلسوف الضحك عن جدارة حيث إنه لم يكن مجرد كوميديان عادى بل كان يقدم أعمالا بها عمق واضح وتحيد لشخصية المصريين بمميزاتهم وعيوبهم وملامحهم البسيطة. فكانت كل جملة ينطقها فى أعماله تستحق التدريس لما تحمله من معان تعبر عن حقيقة المصريين. وبالرغم من أنه كان عراقى الأصل إلا أن الجمهور لم يسأل يوما عن جنسيته بل كان معجونا بحب مصر وظهر هذا جليا فى الأعمال التى جسد فيها هموم المصريين آنذاك. وذلك لأن الريحانى لم ينفصل عن مصر طوال حياته حيث ولد فى باب الشعرية فى 21 يناير 1889 لأم مصرية وأب عراقى كان يعمل فى تجارة الخيول لم يكمل الريحانى تعليمه بل اكتفى بشهادة البكالوريا بعد تدهور حالة والدته الصحية. وبدأ الريحانى حياته العملية كموظف فى شركة السكر ولم يتخيل أحد أن تتحول حياته بهذا الشكل ليصبح فنانا بهذا الحجم قدم الريحانى 33 مسرحية منها الجنيه المصرى وحكم قراقوش وقسمتى والدلوعة، وإلا خمسة هذا بجانب الأعمال السينمائية التى لم يمنحه القدر الفرصة فى تقديم أفلام كثيرة خاصة أنه دخل لها فى سن كبيرة وكانت أبرز أفلامه «غزل البنات» و«سلامة فى خير» و«لعبة الست» وأبو حملوس. ابنته الوحيدة جينا: فاروق رفض منحه البكاوية لأنه كان ينقده «لم يتبق من مقتنياته سوى كرسى وشمعدان» بهذه الكلمات عبرت جينا نجلة الفنان الراحل نجيب الريحانى عن حزنها الشديد بسبب ضياع مقتنيات والدها وأكدت أنها تبذل كل جهدها لمحاولة الوصول لأى شىء يخص الريحانى حيث تعتبر هذه الأشياء ثروة قومية. ترى جينا أن والدها لا يقل قيمة فنية عن عبدالوهاب وأم كلثوم حتى لا يقام له تمثال يخلده مطالبة وزارة الثقافة بضرورة تكريمه. ■ أين باقى مقتنيات الريحانى؟ - للأسف تم بيعها فى مزاد عام 1961 على يد ابن عمى يوسف والذى كان يجهل قيمتها وإلا ما قام ببيعها فى مزاد علنى لذلك من الصعب الآن تحديد هوية الشخصيات التى قامت بشراء التحف التى لا تقدر الآن بثمن وقد استطعت مؤخرًا أن أجد الكرسى الذى كان يجلس عليه فى مسرحه ليضع مكياج الشخصية التى يجسدها. كذلك الشمعدان الذى كان يحبه والدى وفى المقابل هناك عشرات التحف واللوحات الفنية والفضيات والسجاد وأثاث منزله بالكامل كل هذا ما زال مجهولا كما أن هناك فيلمين مفقودين هما «بسلامته عايز يتجوز» و«صاحب السعادة كشكش بيه». ■ وماذا تذكرين عن شخصية والدك؟ - كان رجلاً طيبًا جدًا وحنون لأبعد الحدود ودمه خفيف ويعشق الهدوء خاصة أثناء تحضيره لأى عمل لذلك كانت طبقة صوته دائمًا منخفضة واعتقد أن أكثر فيلم جسد شخصيته الحقيقية هو فيلم «لعبة الست» لذلك أحب هذا الفيلم جدًا كما أحب فيلم «غزل البنات» وبالمناسبة شخصية «حمام» التى جسدها فيه هو نفس اسم السائق الخاص بوالدى والذى كان يحبه وهذا ما دفع والدى أن يطلق على نفسه هذا الاسم فى الفيلم وأذكر أنه كان يضحك معه وقال له «أنا هاخد اسمك مقابل 10 جنيه». ■ وكيف كانت علاقته بالملك فاروق؟ - كانت سيئة للغاية لدرجة أن الملك فاروق رفض منحه «البكاوية» بسبب هجوم والدى المستمر عليه فى أعماله التى كانت دائمًا تهتم بالفقراء وتحارب الظلم خاصة مسرحية «حكم قراقوش» التى أظهرت الشعب أنه بائس وفقير والحاكم ظالم فشعر فاروق أن هناك إهانة موجهة له فرفض منحه البكاوية وأعطاها فى ذلك الوقت ليوسف وهبى وأشاع أن الريحانى جاسوس وعميل للألمان ولم يقرر إعطاءه البكاوية إلا بعد وفاته بعد أن اكتشف أنه كان مخطئًا وأعتقد أن أعماله مناسبة لكل العصور. ■ وما حقيقة رغبته فى إشهار إسلامه قبل أن يتوفى؟ - هذا غير صحيح لكن الموضوع أنه فى أواخر أيامه كانت هناك سيدة مسلمة ترعاه وقريبة جدًا منه وكان يرغب فى الزواج منها فاقترح عليه أحد أصدقائه أن يشهر إسلامه لكى يتزوج منها لكنه رفض وظل مسيحيًا حتى آخر يوم فى حياته بدليل أنه دفن فى مقابر الأقباط. ■ ونحن نحتفل بمرور 64 عامًا على رحيله ماذا تقولين لوالدك؟ - أقول له أننى لن أنساك حتى آخر لحظة فى حياتى وسأجعل شغلى الشاغل هو المحافظة على تاريخك وأبحث عن المفقود من أعمالك ومقتنياتك كما أطالب الدولة ووزارة الثقافة بتكريم اسم الريحانى وأن يقيموا له تمثالا لأن تاريخه لا يقل أهمية عن تاريخ أم كلثوم وعبدالوهاب وأتمنى أن يضعوه فى حديقة الأزهر وأن يطلقوا اسمه على إحدى الفرق المسرحية تخليدًا له وقد سبق وطلبت ذلك منذ عدة سنوات لكن لا حياة لمن تنادى.
أهم أعمالة ■ فيلم «صاحب السعادة كشكش بيه» بطولة حسين رياض إنتاج 1931.
■ فيلم «سلامة فى خير» بطولة فردوس محمد إنتاج 1937. ■ فيلم «سى عمر» بطولة زوزو شكيب إنتاج 1941.
■ فيلم «لعبة الست» بطولة تحية كاريوكا إنتاج 1946.
■ فيلم «أبو حلموس» بطولة مارى منيب إنتاج 1947. ■ فيلم «غزل البنات» بطولة ليلى مراد إنتاج 1949.
الغيطى: استغرقت 10 سنوات بحثاً فى شجرة عائلته
10 سنوات استغرقها السيناريست محمد الغيطى فى كتابة مسلسل «الضاحك الباكى» الذى يرصد من خلاله السيرة الذاتية لأسطورة الكوميديا المصرية نجيب الريحانى والذى لم يخرج للنور حتى الآن وجمع فيها بين انجازه الفنى وحياته الخاصة ورغم أن المسلسل تم تأجيله ثلاث سنوات إلا أن المؤلف يتوقع خروجه للنور قريبا بعد تعاقدت أكثر من جهة لانتاجه مؤكداً أن الفنان صلاح عبد الله مازال هو المرشح الأول لتجسيد مسيرة الريحانى يقول الغيطى: نجيب الريحانى هو الكوميدان العربى الوحيد المذكور فى السينما العالمية والتى وضع احترامه فيها بآخر افلامه وهو «غزل البنات» وذلك وفقا لدراسات أيديولوجية السينما العالمية وأذكر أن وزير الثقافة قال لى فى احد اللقاءات التى جمعتنى به «لو السينما المصرية استمرت بنفس النهج الذى قدم به فيلم «غزل البنات» لكانت وصلت للعالمية أيضا. وأضاف الغيطى أن استغرق سنوات طويلة اقتربت من 10 سنوات ليبحث فى حياة نجيب الريحانى ويجمع شجرة العائلة ويتعرف على أصوله وجاء ذلك من خلال الوثائق وكل ما كتب ونشر عن حياة الريحانى منها مذكراته الشخصية الذى قام بنشرها صديق عمره بديع خيرى عام 1954. وعن عدم استعانته «بجينا» ابنة الريحانى اثناء كتابته للمسلسل أكد الغيطى ان هذه السيرة لا يوجد ما يثبت نسبها للريحانى بجانب أنه ليس من حقها التدخل فى تفاصيل العمل حتى لو أنها ابنه الريحانى فإن حق الورثة يسقط بمرور 25 عاماً على موت المتوفى. وأشار الغيطى إلى أن الظروف الانتاجية وحدها هى سبب تأجيل المسلسل وأن هناك مفاوضات بين أكثر من شركة انتاج خاصة مع جهات انتاجية حكومية للمشاركة فى انتاج المسلسل وأن الفنان صلاح عبد الله هو أصلح من يجسد نجيب الريحانى من الفنانين الموجودين على السلعة حيث ستتم الاستعانة به فى النصف الثانى من حياة الريحانى أما فترة الشباب ستتم الاستعانة فيها بوجه جديد.
رفيق الصبان: فريد شوقى وفؤاد المهندس فشلا فى تقليده ..ومتمرد فى اعماله يرى السيناريست رفيق الصبان أن الراحل نجيب الريحانى صاحب مدرسة متفردة فى الكوميدية ولم ينجح أن يقلده أى فنان مهما كانت درجة موهبته مشيراً إلى أن فؤاد المهندس وفريد شوقى حاولا أن يسيرا على طريقته لكنهما فشلوا. وقال الصبان: الريحانى من الفنانين القلائل الذين قدموا عمقاً نفسياً للكوميديا الموجودة فى أعمالهم وفى رأيى أن السينما لم تتح له المجال ليعلن عن موهبته وعقبرية ادائه كممثل من الطراز الأول بشكل كبير على عكس المسرح الذى تبارى على خشبته ليقدم شخصيات متنوعة ومعظمها ملىء بالتمرد الخفى وعدم الاستسلام للمحتل الانجليزى وهذا ما جعل هناك حرباً على اعماله لأنها كانت تدعو الشعب للثورة على الظلم. ويرى الصبان أن «كشكش بيه» من أكثر الشخصيات التى برع الريحانى فى تقديمها وعلقت فى اذهان الناس وهو شخصية العمدة الريفى الذى يصبح ضحية فيما بعد بسبب سذاجته وظروف المجتمع من ناحية أخرى ومن جانب آخر الراقصات والغانيات التى تأخذ منه أمواله وتخدعه. وأشار الصبان إلى أنه سبق وشاهد الريحانى على المسرح أثناء عرضه لمسرحية «30 يوم فى السجن» التى تم تحويلها فيما بعد لفيلم سينمائى قام ببطولته فريد شوقى وأبو بكر عزت كان أداؤه ساحراً لكل من يراه ولسوء الحظ أن أعماله المسرحية ضاعت بسبب عدم وجود تليفزيون فى ذلك الوقت وأنه استحق عن جدارة لقب «الضاحك الباكى» لأن الكوميديا التى كان يقدمها كانت تبكى الناس بقدر ما تضحكهم وعن حياته الخاصة أكد الصبان أن الثابت عن حياة الريحانى هو زواجه من الراقصة بديعة مصابنى ثم طلاقه بعد رحلة لأمريكا الجنوبية.
الفنان جيمى حشمت: عشقى له دفعنى لعمل تمثال يخلده
عشقه لفنه وشخصيته السينمائية هو ما دفع الفنان التشكيلى جيمى حشمت لصنع تمثال لعبقرى الكوميديا نجيب الريحانى والذى تمت الاستعانة به فى احتفال المدرسة التى تخرج منها الريحانى بباب الشعرية بذكراه وهى نفس المدرسة التى تخرج منها فريد الأطرش يروى حشمت حكاية هذا التمثال قائلا: الريحانى من الشخصيات الفنية التى تغرى أى فنان تشكيلى سواء لرسم بورتريه عنه أو صنع تمثال له خاصة أن ملامح وجهه معبرة جدًا وحادة وقد بدأت قصة هذا التمثال عندما طلبت منى نجلة الريحانى السيدة جينا صنع تمثال لوالدها نجيب الريحانى لأن المدرسة التى تعلم بها بباب الشعرية ستقيم احتفالية بذكراه وتم إطلاق اسمه على مسرح المدرسة وسعدت جدًا بهذا التمثال وقد تعايشت مع شخصية الريحانى سواء من خلال الصور الفوتوغرافية أو مشاهدة أفلامه حتى أستطيع أن أنقل روح الريحانى للتمثال ويشعر من يشاهده أن الريحانى مجسم أمامه واعتقد أن هذا التمثال هو من الأعمال النحتية الوحيدة التى تم صنعها عن الريحانى وقد سبق وقمت بعمل تمثال للفنان العالمى بتهوفن. وهذا التمثال مصنوع من الطين الأسوانى. وأضافت حشمت أن تمثال الريحانى قد طاله بعض التلف لذلك يتمنى أن يعيد ترميمه وأن يجد المكان المناسب الذى يليق بقيمة وفن عملاق الكوميديا نجيب الريحانى.