مخاوف قوية تجتاح الجماعة الثقافية بعد استمرار وزير الثقافة الحالى فى نفس الممارسات التى أثارت المثقفين ضده، وهى سلسلة الإقالات لقيادات وزارة الثقافة بشكل غير مبرر، سوى الحديث عن تطهير الوزارة من الفساد، الذى لم تعلن تفاصيله، ولم تقدم مستندات رسمية حتى الآن تثبت فساد من تمت إقالتهم، لتأتى أحدث الإقالات لرؤساء الإدارات المركزية بدار الكتب والوثائق القومية دون مبرر واضح، وهو ما وصفته الجماعة الثقافية بأنه خطة ممنهجة للاستيلاء على تاريخ مصر من خلال اللعب بذاكرتها بدار الوثائق، عن حقيقة هذه المخاوف وحجمها وطبيعة الوثائق الموجودة بالدار، ومدى تعلقها بالأمن القومي، وهو ما نفتح ملفه فى هذا التحقيق:
يعلق الدكتور زين عبدالهادى رئيس دار الوثائق الأسبق قائلا: لدينا العديد من الوثائق المتعلقة بتاريخ مصر وجغرافيتها، وأخرى متعلقة بتاريخ الإخوان المسلمين والتحقيق معهم، وأخرى متعلقة بأسماء وشخصيات من الإخوان كلها بدار الكتب والوثائق القومية، ووثائق نادرة وكتب وحيدة النسخة عن العلاقة ما بين الإخوان وما بين السياسة فى مصر بالأربعينيات والخمسينيات من القرن الماضي، أيضا وثيقة مجلس قيادة الثورة المتعلقة بحل جماعة الإخوان المسلمين.. السؤال الآن لماذا فى الوزارة كلها لم يأت رئيس إخوانى سوى لدار الكتب والوثائق؟ وأضاف: الإطاحة برؤساء إداراتها المركزية دفعة واحدة ودون سبب واضح، يعنى الإدراك الكامل لأهمية وقيمة الدار، فمن سيدافع عن الدار الآن ويحمى تاريخ مصر؟ ... فلا سبيل أمامنا الآن سوى إغلاق الدار فورا «بالضبة والمفتاح» وتكوين لجنة بعدد ضخم من الأعضاء من ذوى الخبرة من أقسام المكتبات والوثائق ومن أقسام التاريخ ومن الأمن والقومى ومن المخابرات العامة، لهذا طالبت أكثر من مرة أثناء رئاستى للدار بسرعة إصدار قانون الوثائق الذى يصنف الوثائق وتحديد درجات السرية لها، بمجلس الشعب قبل حله وفى دار الكتب وكان لدى مشروع كامل للقوانين، وبالطبع لم يستمع إلى أحد! فى طمأنينة يقول الدكتور عبدالناصر حسن أستاذ للأدب والنقد الحديث بآداب عين شمس والرئيس السابق لدار الكتب والوثائق القومية: دعينى أقل لك أن الأنظمة الأمنية التى تحمى دار الوثائق هى أنظمة دقيقة تحمى الدار وترصد وتسجل كل صغيرة وكبيرة تدور بأروقة الدار، وهناك نظام دقيق جدا لكل الوافدين للدار وكذلك الأمن، فكل الدار تحت السيطرة الأمنية الكاملة. أردف حسن قائلا: لكن المشكلة أن تخترق الدار من شخص غريب، لا يجب أن يكون بالضرورة من جماعة الإخوان، لأنهم فى النهاية هم فصيل واحد ولا داعى للحديث عنهم باستمرار، أنا لست إخوانيا ولا مدافعا عنهم، لكن ماذا يحدث؟ ... بفرض أن الهدف هو طمس تاريخ الإخوان ... تاريخ الإخوان كله معروف وهناك العديد من الرسائل العلمية والكتب والدراسات التى ناقشت تاريخ الإخوان كاملا من بدايته ونشأته وحتى الآن، فلا شىء يخيف، لكن المشكلة الحقيقية هى خروج الأصول لهذه الوثائق، فالكتاب او الرسالة العلمية برغم كل شىء ليس سندا أو وثيقة رسمية يتم الرجوع إليها، لذا أتمنى من القائمين الحاليين على الدار بالحفاظ عليها وألا يخرج منها أى شىء سوى طبقا للقوانين الموضوعة، خاصة الوثائق السيادية التى لا تخرج سوى بموافقة كتابية من أمن الدولة، وكذلك الاتصال بالقوات المسلحة والأمن القومى المنوطين بحماية الأمة وتاريخها. يقول الدكتور محمد عفيفى رئيس قسم التاريخ الحديث بالجامعة الأمريكية: مبدئيا لابد بالفعل ان تنفصل دار الوثائق عن وزارة الثقافة ففى كل البلاد «المحترمة» هناك مؤسسة تسمى «الأرشيف الوطني» الذى يحوى كل أرشيف الدولة والتى تكون هيئة مستقلة سيادية اعتبارية تتبع الرئاسة أو مجلس الوزراء او مجلس الشعب بحيث لا تتأثر بأى تغيرات سياسية تطرأ على البلاد، فهل لم يأن الآوان أن يكون لدينا هيئة اعتبارية مستقلة تسمى «الأرشيف الوطني» مثل البلاد الأخرى؟ ... وألا يكون للسلطة التنفيذية سلطة عليها، لأن الأرشيف يحوى أوراقا تخص السلطة التنفيذية، ففى السبعينيات كل الأوراق الخاصة بالشيوعيين واليساريين وغيرهم موجدة بالدار، فماذا لو حكم الشيوعيون مصر؟ وهكذا .. لذا لابد من انفصالها تماما وأن تكون مستقلة. أضاف عفيفي: لكن هناك تصريحاً غريباً أصدره د.خالد فهمى رئيس الدار حاليا بأن يتولى أحد قيادات القوات المسلحة دار الوثائق! .. كيف هذا ؟ ... إنه تصريح ينم عن غياب وعى حقيقة! أيضا التصريح بأنه لا يجب أن يتولى دار الوثائق أى من أساتذة التاريخ! هذا التصريح يدل على أن قائله لا يفهم ماهية التاريخ فى الأساس! وماذا يعنى الأرشيف الوطنى وماذا تعنى ذاكرة أمة! ... نحن نعيش مهزلة حقيقية، وذلك راجع إلى غياب المستشارين الأكفاء. يكشف الدكتور شوكت المصري، المحاضر بأكاديمية الفنون فى قلق بالغ عن حقيقة ما تنتظره الأمة المصرية قائلا: سأكشف عن مخاوفى كمثقف عادى وليس بناء على علاقتى بدار الوثائق وهى ليست ببعيدة، وكذلك بناء على موقفى كمعتصم رافض لوجود الدكتور علاء عبدالعزيز وزيرا للثقافة الذى أتى لأخونة «الثقافة» والسيطرة على أحد قطاعاتها المهمة وهى دار الوثائق، وإننى أطالب القوات المسلحة بإغلاق دار الكتب والوثائق القومية على كورنيش النيل «بالضبة والمفتاح» فورا، ويصرف للموظفين مرتباتهم وهم بمنازلهم، حتى يقضى الله أمرا كان مفعولا. يكمل المصري: إما أن تشكل لجنة جرد تحت إشراف وزارة الدفاع بحضور الدكتور عبدالواحد النبوى والدكتور زين عبدالهادى الرئيس الأسبق للدار والدكتور صابر عرب وزير الثقافة السابق، لأنه لا يجوز مطلقا إنهاء انتداب النبوى والرؤساء الثلاثة الآخرون دون إجراء جرد! .. دعينى أزيدك من الشعر بيت.. إنهاء انتدابهم لم يتم بقرار رسمي! فالنبوى والدكتور محمد صبرى والدكتورة إيمان عزالدين والدكتورة نيفين محمد حتى هذه اللحظة هم رؤساء الإدارات المركزية، لأن أختام الوزير الرسمية موجودة بمكتب الوزير الذى لم يدخله منذ أسبوع مضى، بالتالى رؤساء الإدارات متحملين المسئولية الكاملة عن وثائق مصر حتى الآن، كما أن قسم التاريخ بآداب الأزهر لم يصله حتى الآن ورقة رسمية تفيد إنهاء انتداب دكتور عبدالواحد النبوى لدار الوثائق فى 7 يونيو 2013، فأى مخالفات أو تعطيل للكاميرات أو أى شىء سيسأل عنه النبوي، وللحق ما يحدث الآن هو نتاج أخطاء السادات ومبارك وصابر عرب والنبوى فى عدم دخول الآلاف من الملفات والوثائق المهمة والخطيرة لتاريخ مصر لقاعدة البيانات ورقمنتها، وهذه الملفات ممنوع الاطلاع عليها أصلا!