الانجازات الكبرى التى بلغتها التقنيات السردية، والدراسات التى تقدم تقنيات السرد الحديثة كأدوات للتعامل مع موضوع البنى الحكائية لأدب الأطفال فى وطننا العربى، سواء فى مجال الحكاية الشعرية أو الكتابة النثرية، هو موضوع كتاب «البنى الحكائية ... فى أدب الأطفال العربى الحديث» للدكتور موفق رياض مقدادى، الصادر حديثا عن سلسلة «عالم المعرفة». حاول الكاتب فى هذه الدراسة أن ينظر إلى الدراسات التى عالجت هذا الموضوع، وإلى الدراسات التى تلامس أدب الطفل، وتقارب تقنيات أدب السرد فتنتفع بها وتستفيد منها، ومن هذه الدراسات التى تعرضت لهذا المجال دراسة على الحديدى «فى أدب الأطفال»، ودراسة أحمد نجيب «فن الكتابة للأطفال»، ودراسة هادى الهيتى «أدب الأطفال»، وودراسة سرجيو سبينى «التربية اللغوية للطفل»، أما الدراسات المستفاد منها فى مجال السرد فمنها دراسة جانيت «خطاب الحكاية»، ودراسة تودوروف «مقولات السرد العربى»، ودراسة «نظرية المنهج الشكلى» لمجموعة مؤلفين، ودراسة يمنى العيد «تقنيات السرد الروائى». وجاءت هذه الدراسة التى نتناولها بالعرض فى جانبين نظرى وتطبيقى، من حيث تناول تاريخ أدب الأطفال وتطوره، والحديث عن مفهوم السرد والراوى، بالإضافة لنصوص تم اختيارها للتطبيق عليها. وتناول الكاتب فى المدخل مفهوم البنية والحكاية والسرد، وأهميتها فى الدراسات النقدية الحديثة ويعرض الفصل الأول مسيرة أدب الاطفال العربى من حيث جذوره ونشأته وتطوره كما ناقش النوع الأدبى الشعر والنثر مبينا أنواعهما وخصائصهما وعرض لسمات أدب الأطفال العربى، أما الفصل الثانى فقد درس اللغة وجماليات الأداء الأسلوبى، مركزا على أهمية اللغة وأهم الأساليب اللغوية التى اتبعها الكتاب العرب فى قصصهم الموجهة للأطفال. وتناول الفصل الثالث موقع الراوى، واعتبارات التلقى، وقدم تعريفا للراوى، ووضح أهميته ووظائفه ومظاهر حضوره فى الحكى، وتدخلاته فيما يروى وتعدد الرواة، فى حين قدم الفصل الرابع المعطيات السيكولوجية للأبنية السردية، موضحا أهمية القصة ودورها فى إشباع الحاجات النفسية والمعرفية للأطفال، بالتركيز على المعطيات السيكولوجية لتجربة المتلقى والأديب والنص. بينما تناول الفصل الخامس صيغ الحكايات وتنوعها، وشرح معنى الصيغة، مقدما نماذج لأهم الصيغ التى اتبعها الكتاب فى قصصهم، وتطرق الفصل السادس للبيئة القصصية المكانية والزمانية، فبين أهمية المكان وخصوصية المكان العربى، وعرض لمفهوم الزمن وأهميته وطبيعة الزمن القصصى، وتناول سرعة النص والحركات السردية من خلال تطبيقها على قصة علاء الدين والمصباح السحرى. وجاءت الخاتمة لتبين أهم النتائج التى توصلت إليها الدراسة، منها أن أدب الأطفال من الفنون الأدبية الحديثة فى الأدب العالمي، حيث ظهر فى أوروبا خاصة فى فرنسا فى القرن السابع عشر الميلادي، أما فى الوطن العربي، فقد تأخر ظهوره إلى أواخر القرن التاسع عشر، عندما بدأت إرهاصاته مصحوبة بالتأثير الثقافى الوافد من الغرب، فكان أول من قدم كتاباً مترجماً للأطفال هو رفاعة الطهطاوى (1801-1873)، عندما ترجم حكايات للأطفال و»عقلة الإصبع» وأدخل قراءة القصص فى المناهج المدرسية.