في سابقة تعد الأولي من نوعها قام رجال الشرطة في بوسطن بإقامة محل مجوهرات ما هو إلا (مصيدة للحرامية).. فقد أشاعوا مسبقا أن هذا المتجر سيتساهل في شراء المجوهرات والمشغولات الذهبية المسروقة.. أي أنهم لن يطلبوا إيصال شراء من اللصوص الذين سيتقدمون لبيع ما سرقوه من مجوهرات.. ولقد نجحت الفكرة بقوة إذ استطاع رجال الشرطة المتنكرين في شخصيات العاملين في محل المجوهرات المزيف أن يستعيدوا 230 قطعة مسروقة ويقبضوا علي 24 من لصوص المجوهرات.. ماذا لو قمنا هنا في مصر بإنشاء بعض المصايد البشرية من نوع (مصيدة الحرامية)؟ ماذا لو قمنا بعمل عدة مصايد للمرتشين؟ وهي عملية سهلة جدا جدا إذ يتنكر الشرطي في شخصية مواطن عادي يذهب إلي أي جهة حكومية لقضاء مصالحه أو استخراج شهادة أو أوراق أو تصاريح.. ثم عندما يتعرض للبيروقراطية والتأخير وسيتعرض لهما بالتأكيد يقوم رجل الشرطة المتنكر بعرض رشوة علي من بيده الأمر، أو من ينوب عنه في تقاضيها.. ثم يقبض عليهما كليهما.. تري كم عدد الذين سوف يقبلون الرشوة؟ وفي أي أماكن ينتشرون؟ وهل يقتصرون علي إدارات حكومية بعينها أم يتواجدون في كل مكان وعلي كل المستويات؟ وماذا لو قمنا بعمل مصايد للغشاشين، والمتحرشين، والمحرضين، وأصحاب المحسوبيات،ومخالفي القوانين، وسارقي أموال الدولة، والذين يعتدون علي زوجاتهم وأطفالهم، والذين يشوهون الأماكن العامة، وغيرهم وغيرهم؟ تري كم سيبلغ عدد المقبوض عليهم؟ أو قل كم سيبلغ عدد الذين لن يقبض عليهم؟ وماذا لو تصور كل مواطن أنه قد يقع في إحدي المصائد؟ أو في أكثر من مصيدة طوال اليوم؟ غالبا سوف يتغير سلوك معظم المواطنين إذا ما وضعوا في الحسبان وجود فخاخ توقع بالمخطئين.. وإذا ما نجح مشروع كاميرات الشوارع المقرر أن يتم تنفيذه.. فسوف يفكر المواطن ألف مرة قبل أن يلقي بالقمامة في الشارع.. وقبل أن يقبل رشوة.. وقبل أن يوقع لزميله الذي تأخر عن القدوم إلي العمل.. وقبل أن يكسر إشارة المرور.. وقبل أن يضرب تلميذا.. وقبل أن يغش في الامتحان.. وقبل أن يعتدي علي زوجته أو طفله.. هناك أناس ينجحون في تشغيل ضمائرهم كرقباء عليهم 24 ساعة في اليوم.. ويكون ضمير كل واحد فيهم كالشرطي المصاحب له حتي في أحلامه وهو نائم.. فيراجعه قبل أن يرتكب خطأ، ويرده إلي الطريق الصحيح بسرعة.. هذا النوع من البشر لا يحتاج إلي مصيدة.. أما النوع الثاني من الناس فهو الذي لا يستطيع أن يعيش بطريقة صائبة ما لم يكن هناك رقابة خارجية علي تصرفاته.. وهو النوع الذي يحتاج إلي مصيدة في كل مكان في عمله وفي شارعه وحتي في بيته.. رجال شرطة بوسطن قامما بتسمية المتجر (MIB) وهي اختصار (Men In Blue) أي رجال الشرطة.. ولما سئلوا عن أن بعض الأذكياء من اللصوص قد يفطنون إلي معني التسمية ويحجمون عن القدوم للمصيدة، أجاب رجال الشرطة: الأذكياء لا يقعون في المصايد.. وهذا هو النوع الثالث من الناس..