حماد عبدالله حماد روزاليوسف اليومية : 25 - 02 - 2010 كم من الحنين يجتاح مشاعري ويهز كياني كله حينما يصل إلي مسامعي كلمات وصوت مطربينا العظماء وهم يتغنون بمصر، مصر التي في خاطري وفي فمي أحبها من كل روح ودمي (لأم كلثوم)، وتلك الكلمات العذبة بالأحضان يا بلادنا يا حلوة بالأحضان (لعبد الحليم حافظ). هذه الأغاني التي نستمع إليها في مناسبات وطنية من إذاعة الأغاني التي أيضاً خصصت لها مدة ساعة من الزمن مساء كل سبت في نفس الإذاعة. لا يمكن التعبير عما يجيش في النفس حينما أستمع إلي تلك المعزوفات الوطنية الجميلة، وأخيراً وبعد صبر طويل جاء إلينا نبع الخير المصري بصوت جديد آخر حينما تتغني بالأغاني الوطنية تقترب من نفس وإحساس المصريين هي الفنانة شيرين عبد الوهاب، وتلك الأغاني التي بدأت سلسلتها ماشربتش من نيلها ما مشيتش في شوارعها. تلك الأغنية وغيرها مما تقدم هذه الشابة المصرية الصوت والشكل والروح، أيضاً تقترب بنا إلي مرفأ نفس المشاعر والأحاسيس التي تفجرها الأصوات القديمة لعبد الوهاب ومحمد فوزي وعبد المطلب وفريد الأطرش وفايزة أحمد ونجاة الصغيرة (أطال الله عمرها). نحن في أشد الاحتياج لظهور ناظمي كلمات وطنية وملحنين لديهم الحس بالكلمة ومعناها، وفوق ذلك مطرب وليس مؤدٍ يجعل من تلك الكلمات ترياقاً للحياة، ويجعل من تلك النغمات دقات لقلوب المصريين. ولسنا في احتياج لهياج أو صريخ أو نداء علي الوطن البعيد، الغائب ولكن نحتاج لمناجاة الوطن والتعبير عنه في حسن الأداء واتقان العمل وتعميق الانتماء للبلد والغيرة عليه، هذا كله بعيداً عن السياسة وعن الأحزاب وعن الأيديولوجيات حيث مصر هي الأم وهي المرجع وهي الوطن الذي نحيا فيه ونحيا له ونتغني به ونعشقه ونشتاق إليه في الغربة عنه، حتي ولو كانت غربة مؤقتة لزيارة أو سياحة أو حتي للاستشفاء، فالعودة للوطن بكل ما فيه من سلبيات - والفارق بين ما نراه خارجه وما نشاهده ونعايشه في أرجائه، لا يعوضنا شيء في حبه، هذا الوطن ونحن نتغني به نحتاج لمن يدير مرافقه وشئونه، لديه نفس الاحساس الذي تجيش به مشاعرنا وأعتقد في كثير من الأحيان حينما أشاهد مسئولاً متقاعساً أو كسولاً أو غبياً عن خدمة هذا الوطن، أعتقد بأنه ينقصه بيولوجياً شيء مهم، ينقصه الإحساس بالوطن، وأعتقد بل أجزم بأنه لا يستشعر ما نستشعره حينما نستمع لأغنية مثل وقف الخلق ينظرون جميعاً كيف أبني قواعد المجد وحدي - وبناة الأهرام في سالف الدهر كفوني الكلام عند التحدي أنا تاج العلاء في مفرق الشرق ودراته فرائد عقدي رحم الله حافظ إبراهيم والسنباطي وأم كلثوم.