مع نهاية كل عام تكون قلوب عشاق الساحرة المستديرة متلهفة لمعرفة أسماء اللاعبين الحاصلين علي جوائز الأفضل في العالم نظيرعطائهم وإنجازاتهم ، ورغم كثرة الجوائز المقدمة إلا أن التركيز يبقي دوما علي جائزتين اثنتين هما جائزة الفيفا لأفضل لاعب في العالم والكرة الذهبية المقدمة من مجلة (فرانس فوتبول) لاحسن نجم في القارة الأوروبية ، و التي تم دمجهما هذا العام في جائزة واحدة لتصبح إسمها "الكرة الذهبية فيفا" . اللافت للنظر أن هاتين الجائزتين لم تكونا دوما منصفتين مما يسبب كثيرا من الجدل بشأن من يستحق التتويج بجائزة أفضل لاعب في كل عام. فعادة تضم قائمة المرشحين أسماء لم تقدم العطاء الذي يؤهلها للدخول في قائمة التنافس علي الجائزة ، بينما تغفل عطاء لاعبين كانوا أكثر إبداعا منهم طوال السنة الماضية وأكثر ثباتا في المستوي وأكثر انجازات . لعل السر وراء جميع تناقضات اختيارات الفيفا والفرانس فوتبول يكمن في معايير الاختيار ذاتها ، فبعضها خطأ من الأساس والبعض الأخر صحيح ولكن قلما يتم تطبيقها كما يجب . فمن البديهي لنا جميعا أن الاختيارات تقوم علي مبدأ تناول كل لاعب من ناحية انجازاته الفردية "الشخصية" والانجازات الجماعية التي حققها مع منتخب بلاده والنادي الذي يلعب له وأيضا ثبات مستوي اللاعب علي مدار العام وتميزه فنيا وأخلاقيا، ومن البديهي - كنتيجة لهذا الأمر - أن الاختيار الحتمي للاعب الأفضل مبني علي من يحقق أعلي الأرقام في هذه البنود الخمسة ، ولكن مع ذلك فالغالب أننا نجد مخالفة هذه القواعد. وما يفاقم المشكلة أن نظام التصويت في الفيفا مبني بنسبة لا تقل عن 30% علي الأخذ بآراء مدربي وكباتن المنتخبات المنضمة تحت لواء الاتحاد الدولي وللأسف فبعض هؤلاء قد يكون أبعد الناس قدرة علي الاختيار كما يتضح من اختيارات الأعوام الماضية عندما وضع كابتن منتخب فيتنام مثلا بيكهام كأفضل لاعب ربما لشعبيته الكبري في شرق آسيا ، بينما تلعب "التعصبات" دورها أيضا في بعض الأحيان كما حدث مع مدرب البرازيل كارلوس ألبرتو بيريرا في عام 2004 عندما وضع اختياراته الثلاثة للاعبين الأفضل دون أن تتضمن أيا من هنري أو شيفشينكو - بل وحتي اختياره الأول بناه علي الهولندي فإن نستلروي الذي تراجع مستواه بشكل كبير في ذلك العام رغبة منه في اتاحة أفضل فرصة ممكنة أمام مواطنه رونالدينيو للظفر باللقب وهو ما تحقق بالفعل . لذلك كان لابد ألا نندهش عندما أعلن الاتحاد الدولي فوز ليونيل ميسي بجائزة أفضل لاعب في العالم لعام 2010 - علي الرغم من أن الجميع كان يتوقع أن تذهب لتشافي أو إنييستا بعد أن حققا لقب كأس العالم لمنتخب أسبانيا كذلك تم نسيان أسماء قدمت عاماً رائعاً مثل الهولندي شنايدر لاعب الإنتر ومواطنه آرين روبين لاعب البايرن.. وهو ما اعتبره الجميع ظلما فادحا علي اعتبار أن الفكرة التي اعتدناها من الفيفا ومن فرانس فوتبول أن معيار اختيار أفضل لاعب في العالم هو الإنجازات وليس الأداء ، وهذا ما تم تبريره من قبل هذه الهيئات في الماضي عندما تم حرمان تيري هنري من هذه الجائزة التي استحقها بلا منازع أكثر من مرة وكذلك الحال مع بافيل نيدفيد نجم اليوفنتوس .. وكان الكلام دوماً " الألقاب " لكن الفيفا وبالتعاون مع المجلة الفرنسية والمصوتين قرروا هذه المرة الاختيار بناء علي الأداء والمهارة وليس الألقاب فأصبح ميسي الأفضل. لو أردنا أن نكون واقعيين ، فإن تشافي وإنييستا وميسي كلهم أفضل من شنايدر وآرين روبين علي أساس المستوي والأداء المستمر.. لكن الفكرة في الاختيار لا تقوم علي من هو أفضل وإلا لكان زيدان بطلاً لهذه الجائزة 5 مرات ولكان هنري بطلها كذلك لنفس العدد من السنوات وشيفيشنكو والمعيار الذي كانوا يقولونه لنا هو "الألقاب" ووفقا لهذا المعيار فقد تفوق شنايدر من دون منازع علي ميسي بعد أن أحرز ثلاثة ألقاب مع الإنتر ( دوري أبطال أوروبا والدوري الإيطالي و كأس إيطاليا ) فضلا عن وصوله مع الطواحين لنهائي المونديال . وبالتالي فإنه يمكن القول أن شنايدر تعرض لظلم فادح فمعيار الألقاب يعني أنه كان يجب أن يكون علي رأس المرشحين .. وكان يجب استبعاد ليونيل ميسي وإن كان الأخير هو الأفضل في العالم من دون منازع لكن ألقابه ليست كذلك . الظلم الذي تعرض له شنايدر سيجعل الكثيرين يعيدون النظر في قيمة هذه الجائزة المشبوهة.. وسيزيد من حب شنايدر في قلوب العقلاء المنصفين.. وسيرجع بأشرطة ذكرياتنا إلي الخلف سنوات عند تصريح نيدفيد الشهير الذي قال فيه "لو كنت ألعب في الدوري الاسباني لفزت بالجائزة أكثر من مرة". ولذلك يمكننا التأكيد علي ان فوز ميسي بالجائزة "باطل" وحصوله عليها مرتين متتاليتين ظلم كبير لكل قرنائه من اللاعبين الذين حققوا انجازات تفوقه بكيلو مترات. ومن هذا المنطلق كان لابد أن نتطرق معا في روزا ستاد لأشهر اللاعبين الذين دخلوا مقبرة الفيفا و تعرضوا لظلم فادح علي مر تاريخ هذه المسابقة مع ذكر الأسباب . نسيان الهولنديين في عام 1996 كان فريق أياكس الهولندي علامة فارقة بل ومتفوقة في الكرة الأوروبية ، وكان لديه من النجوم من يستحق الترشيح للفوز بالجائزة لكن الفيفا لم تلحظ ما يجري هناك فمنح رونالدو جائزة أفضل لاعب في العالم رغم عدم فوزه بأي لقب مع برشلونة .. وكان الألماني ماتيوس زامر هو نجم العالم في ذلك الوقت الراهن فقاد المانيا للفوز بكأس أوروبا وكان أحد أفضل لاعبي كرة القدم في العالم من دون منازع لكن الفيفا منح الجائزة لرونالدو من غير القاب والغريب استبعاد زامر تماماً . زيدان كلاكيت ثالث مرة في عام 2000 بدا ظلم الفيفا يتضح أكثر ، فالجائزة آلت وللمرة الثانية في 3 سنوات للمايسترو الفرنسي زين الدين زيدان ، ولكن الغريب في ذلك أنها جاءت فحسب لمجرد تألقه مع فرنسا في يورو 2000 وتحقيقه اللقب مع منتخب الديوك .. في المقابل أضاعت الجائزة جهود البرازيلي ريفالدو والبرتغالي لويس فيجو والايطالي فرانشيسكو توتي رغم أنهم كانوا اكثر ثباتا في المستوي من زيدان طوال السنة وأكثر ابداعا منه وخصوصا علي مستوي أنديتهم، بينما كان توتي ظاهرة الموسم الايطالي بما صنعه من العجائب مع روما كما قدم مستويات لافتة للأذهان أيضا مع منتخب بلاده ايطاليا في يورو 2000 وليحل معه وصيفا للبطولة بعد مباراة "تاريخية" مع الفرنسيين . مايكل أوين علي الرغم أن 2001 كان عام الانجليزي مايكل أوين بدون شك، فقد أسهم فيه "الفتي الذهبي" الانجليزي بكل ما هو ممكن من أهداف وتمريرات حاسمة في تتويج ليفربول بخماسية رائعة (كأس انجلترا وكأس الاتحاد الأوروبي وكأس السوبر الأوروبية وكأس رابطة المحترفين الانجليزية والدرع الخيرية) كما كان أبرز المساهمين في تأهل انجلترا لمونديال2002 ولا سيما بعد ثلاثيته الرائعة في مرمي ألمانيا في عقر دارها . ومع هذا فالفيفا كان لها رأي آخر ، بعد ما حصر الجائزة بين لاعبي ريال مدريد الاسباني راؤول والبرتغالي لويس فيجو ونجم مانشستر يونايتد ديفيد بيكهام رغم أنهم جميعا لم يحققوا إنجازات مثل اوين. ظلم نيدفيد الفاضح في عام 2003 خرج بافل نيدفيد وقال "من الواضح أن الفيفا يشاهد الدوري الإسباني فقط" .. وهذا صحيح فذلك العام كان هناك نجم واحد فوق الجميع في عالم كرة القدم هو التشيكي بافل نيدفيد لذلك فاز بجائزة فرانس فوتبول لكن الفيفا صدم الجميع بعدم اختيار نيدفيد ضمن اللاعبين الثلاثة المرشحين للجائزة التي حصل عليها زيدان. مأساة هنري الاختيارات النهائية لترشيحات موسم 2004 كشفت أيضا عن ظلم كبير بعدما تم الاعلان عن المرشحين الثلاثة للجائزة وهم البرازيلي رونالدينيو والفرنسي تييري هنري والأوكراني اندريه شيفشينكو ، إلا أن الجائزة ذهبت لرونالدينيو بعد تألقه مع برشلونة الاسباني في حين اكتفي هنري بلقب الوصيف وحل شيفشينكو ثالثا . ويعتبر أكثر المظلومين خلال هذا الموسم هو تييري هنري بعدما قدم مستوي مذهلا حيث حقق مع الأرسنال لقب الدوري وبدون خسارة وتحقيق أرقام قياسية أخري أهمها عدم الخسارة في 49 مباراة متتالية كما حقق هنري لقب هداف البريمييرليج والحذاء الذهبي الاوروبي ب31 هدفا في 37 مباراة وكان للموسم الثاني علي التوالي أفضل صانع ألعاب في الدوري وصاحب جائزتي أفضل لاعب فيه حسب رابطة اللاعبين ورابطة الكتاب، ومع فرنسا فقد كان هداف الفريق في ذلك العام وأفضل لاعب فرنسي كما ساهم ب4 أهداف من أهداف فرنسا السبعة في يورو 2004 بتسجيله هدفين وصناعته مثلهما. الفيفا مدمن ليجا لم يتغير شيء في العام التالي وأصر بلاتر ورجاله علي العناد الغريب ، فتم منح لاعبين من برشلونة (رونالدينيو وإيتو) جائزة أفضل وثالث أفضل لاعب في العالم عام 2005 علماً إنهما لم يكسبا سوي بطولة واحدة أما جيرارد صانع المجد الأوروبي مع ليفربول فلم يكن مرشحاً وتم ترشيح فرانك لامبارد بدلاً منه أما الفرانس فوتبول فكانت كالعادة جائزة تعويضية نسبية فمنحت جيرارد المركز الثاني خلف رونالدينيو. ويبدو ان مقبرة "ضحايا الفيفا" في هذه الجائزة.. لم تكتف بهنري ونيدفيد وتوتي وغيرهم.. ولكنها ضمت المزيد احدثهم شنايدر و إنييستا وتشافي.