عندما أثيرت قضية تمليك بعض الأراضي في جنوبسيناء ليهود، طالبت بإعادة النظر في الآلية التي تعمل بها الأجهزة الأمنية في سيناء، وقلت أيامها إنه يجب إعداد ملفات للأجانب الذين يعملون ويستثمرون ويزورون هذه المنطقة، شريطة أن تتضمن هذه الملفات بياناتهم الشخصية بما فيها بصمات العين واليد والصوت، وصور مختلفة لهم. وطالبت بأن نثبت في الملف عدد المرات التي زاروا فيها سيناء أو البلاد بشكل عام، وتواريخ الزيارة ومدتها، والمنافذ التي دخلوا منها البر أو البحر أو الطيران، وجنسية ونوعية وسيلة النقل التي وصلوا عليها، وحجم الأموال التي أنفقوها في البلاد، ونوعية الرحلات السياحية التي جاءوا من خلالها، وهل كانوا بصحبة أسرهم أو أصدقائهم؟ وهل الزيارات تتكرر مع نفس المجموعة أم مع مجموعات أخري؟ وما هي الأماكن التي ينزلون بها، فنادق شاليهات، قري، شقق؟ وقلت: إن قاعدة بيانات مثل هذه قد تساعدنا في إحكام السيطرة الأمنية علي مناطق حساسة مثل سيناء، واليوم وبعد الحادث الإرهابي الدموي الذي شهدته الإسكندرية في ليلة رأس السنة، أكرر ما سبق وطالبت به. وأشير إلي أن جميع البلدان العربية والأوروبية بعد الحادي عشر من سبتمبر غيرت جميع آلياتها الأمنية، وتوسعت في استخدام التكنولوجية، ووضعت إجراءات جديدة تساعدها علي إحكام السيطرة الأمنية علي جميع منافذها البحرية والجوية والبرية. إضافة إلي شروط الأمان والحماية التي فرضتها علي المنشآت الحكومية والمباني الحساسة، والذي سافر إلي أوروبا أو الولاياتالمتحدةالأمريكية أو حتي زار الدول الخليجية يعرف جيدا أنهم شددوا في إجراءات الحماية، وتوسعوا في استخدام قاعدة البيانات للزوار، ولم تكتف هذه الدول بتصوير جواز السفر وبياناته، بل شرعوا في الحصول علي صور فورية للزائر، وصورة لبصمات اليدين وبعض الدول تأخذ بصمة العين. كما أن الفنادق والشقق والجهات التي سيلتحقون بها ترسل للأجهزة الأمنية بياناتهم، وكذلك السيارات التي يستأجرونها، هذا بالإضافة إلي التوسع في تركيب الكاميرات في الفنادق والكافيهات والمولات والمتنزهات والمباني الحكومية والمنشآت التجارية، حتي دور العبادة تم تركيب كاميرات بها ترصد الحركة داخلها وخارجها، وأقرب شاهد علي هذا الحرم المكي والمسجد النبوي، حيث تم زرعهما بالكاميرات التي تسجل كل حركة علي مدار اليوم في الداخل وفي الخارج، ونظن أن الحالة الأمنية في مصر تحتاج إلي هذه النوعية من التكنولوجية. فلم تعد المعدات والعربات المجنزرة وكثرة الأفراد ذات جدوي في التصدي للأعمال الإجرامية أو الإرهابية فيجب أن تعتمد أجهزة الأمن المصرية اعتمادا أساسيا علي قاعدة البيانات التي تشمل ملفات فيلمية وصوتية وفوتوغرافية لجميع الذين يدخلون البلاد، ومع هذه القاعدة سوف يسهل كثيرا ضبط الجناة، ولو أخذنا حادث القديسين مثالا، نعتقد أن الكاميرات التي ترصد الحركة داخل الكنيسة وفي المنطقة المحيطة بها، لو كانت موجودة لتوصلت الأجهزة الأمنية للجناة بسهولة. وذلك بالرجوع إلي أرشيف المادة الفيلمية لشهور أو أسابيع سابقة، يتتبعون خلالها الذين حاموا حول الكنيسة، كما كانوا سيحصلون علي صور واضحة للجناة وهم ينفذون جريمتهم، وصور لهم وهم يهربون، وهذه العملية لم تكن تستغرق من رجال الأمن سوي ساعات، بعدها يعودون لقاعدة البيانات ويفحصون السجل الخاص بكل من شارك في الجريمة، ويتم تحديد هويتهم وأجندتهم والجماعات التي ينتمون إليها. إذا كانوا من غير المصريين يعودون لصور وبيانات دخولهم وخروجهم، وعدد المرات التي دخلوا فيها البلاد والأماكن التي ترددوا عليها، والبلدان التي جاءوا منها، كما كانت هذه القاعدة ستساعد في معرفة الذين مدوا لهم يد العون، سواء داخل البلاد أو في المناطق التي تم تنفيذ الجريمة بها. والحقيقة.. لا أعرف لماذا لم تأخذ الأجهزة الأمنية بهذه الآليات حتي اليوم؟ هل بسبب التكلفة المالية أم بسبب الإهمال؟ وإن كانت التكلفة المالية هي العائق فمن السهل التغلب عليه، وذلك بإلزام كل جهة سياحية أو حكومية أو إنتاجية أو دينية أو تعليمية بزرع الكاميرات تحت إشراف الجهات الأمنية، وكذلك المؤسسات الدينية المسيحية أو الإسلامية أو اليهودية، وتدريب بعض الأفراد للمتابعة والصيانة والأرشفة للمادة، وإلزام المحليات بتركيب الكاميرات في الشوارع والميادين الرئيسية، وفي محطات الباص والسرفيس والقطار وأعلي وأسفل الكباري. وبالإمكان فرض جنيه واحد لا غير كرسم حماية (من الإرهاب أو الفتنة أو الجريمة) علي المنشآت السياحية والخدمية وعلي الطرق السريعة وعلي المحال التجارية، بحصيلة هذه الرسوم تزرع الكاميرات في الشوارع والميادين والنوادي والمدارس والجامعات والمساجد والكنائس والمعابد والمواقع الأثرية وفي الشوارع الرئيسية بالأحياء الشعبية.