** لست ضد الألتراس ولا أى فصيل آخر.. رياضيا كان أو سياسيا أو حتى اجتماعيا.. مادام بقى ملتزما بالقواعد العامة، التى تحكم أى مجتمع متحضر.. وهى ليست فقط القوانين الوضعية، ولا بنود الدستور، ولا اللوائح التى تحكم أى نشاط آخر، ومنه كرة القدم، ولكن هناك أيضا.. العادات والتقاليد، والأعراف.. والمفاهيم المستقرة فى المجتمع، وهى التى صارت مثل البديهيات التى يصبح مخالفتها نوعا من العبث، والمراهقة، وغياب الوعى. وقد يكون من الملائم جدا، أن نلتمس العذر لكثير من فئات المجتمع، عندما تقع فى مثل هذه المخالفات، باعتبار أن كثيرا من قواعد مجتمع العدل، والحرية المسئولة، لم يستقر بعد.. فمن الممكن أن يصبح المجتمع حرا، وديمقراطيا، لكن نفرًا من أهله لا يفهمون.. لا معنى الحرية ولا الديمقراطية.. ويسيئون إليها كما يسيئون لأنفسهم إساءة بالغة، لا لشىء سوى أنهم لم يتدربوا بعد على فهم المعنى الحقيقى لهذه الحرية، ولا كيفية تجنب الوقوع فى خطأ ممارسة الديمقراطية، والتعبير الصحيح عن الرأى. وعندما تقع مثل هذه المخالفات لابد أن تكون هناك وقفة حاسمة.. وحازمة، لأن تجاهل بعض التصرفات المرفوضة، والتى تحمل قدرا واضحا من التجاوز فى حق الناس والمجتمع، هو الذى سيعيد تقديم نموذج ديكتاتوري جديد، لا يرى إلا أنه الأقوى على الساحة، ويسعى لفرض إرادته على الناس، والتحكم كما يحلو له.. وهو أمر لم يعد مقبولا بالمرة من جانب السواد الأعظم من الشعب، ولن يكون مسموحا أبدا من جانب أى أحد، فقد ولى زمن من يتصور نفسه أنه الأقوى فوق الكل.. وأنه الأعظم دون الجميع، وأنه الآمر الناهى المتسلط المتحكم.. لا لن يكون أياً من هذا.. لا من جانب شخص، ولا من جانب فئة.. لا فى الحياة العامة ولا فى الرياضة.. انسوا تماما، وتأكدوا أن المستنيرين من أهل البلد.. وهم كثرة، لديهم استعداد لكل شىء.. وأى شىء، حتى لا يظهر من يقدم نفسه مجددا على أنه فوق الكل.. لا ألتراس ولا غيره!! طالت مقدمتى بعض الشىء.. ولكن كان من الضرورى كتابتها، بعد أن تكرر الخطأ من جديد، من خلال اللافتات المسيئة، التى صار مضمونها مزعجا عبر سنين طويلة، وهى فى كل مرة تمس طرفا من الأطراف.. وهى أيضا تحوى ألفاظا جارحة.. تفتقد الكياسة، والاحترام، لتجاوزها الزائد فى حق من يتم توجيهها له، وهو فى كل مرة طرف مختلف.. فهى فى مرة ضد الزمالك حين كان التنافس مشتعلا من قبل الطرفين، قبل أن يتحدا فى الأسابيع الأخيرة، التى تلت مذبحة بورسعيد، ثم ضد جهات مسئولة فى البلد فى هذه المرحلة أو تلك، ومرورا بلافتة "البالة"، التى تم توجيه مضمونها لمدينة بورسعيد، وهناك من رأى أن هذه اللافتة كانت السبب فى تفجير الموقف، أو على الأقل الإسهام فى زيادة اشتعاله.. وأخيرا كانت الطامة الكبرى.. أو اللافتة المسيئة الإساءة الأعظم، التى شتموا فيها شعب مصر.. وفيها قالوا: "اقتل كمان.. حاكم ظالم وشعب جبان".. هل هذا معقول؟ من هذا الذى أشار عليهم برفع هذه اللافتة؟ أى فهم وأى كياسة تلك، التى تدفع بأحد إلى سب أهل بلد بالكامل وهم ليسوا من بلد آخر بل هو البلد الذى يعيشون فيه؟ هل أدرك هؤلاء الشباب.. ومنهم صبية أيضا.. أنهم يسبون أهلهم وأقاربهم وجيرانهم عندما يصفون الكل.. أى الشعب بأنه جبان؟ هل فعلوا هذا وهم مدركون ماذا يفعلون؟ هل كانوا بالفعل يعنون الكلمة ويعرفون عمق تأثيرها على الناس؟ ألم يفكروا ولو للحظة أن لا أحد سيتعاطف معهم بهذه الصورة ماداموا لا يحترمون أحدا وماداموا يصرون على أن يتجاوزوا كل الخطوط مع الكل.. والآن وصلوا إلى إهانة شعب مصر كله؟ من سيقبل بهذا الكلام؟ هل هناك بنى آدم حر يجرى الدم فى عروقه سيقبل مثل هذا الكلام الصبيانى الرخيص؟ من المهم أن يتعلم شباب الألتراس كيف يقدمون أنفسهم للناس، وإلا سيتحولون إلى كيان مرفوض ومنبوذ من الجميع، وعليهم ألا يتصوروا أن الاستناد إلى شعبية الأهلي أو الزمالك سيكون غطاء لهم، أو نوعا من الحماية لبعض تصرفاتهم الخرقاء.. عليهم أن يعلموا أن من مشجعى الأهلي.. ومشجعى الزمالك من يرفضون تصرفات الألتراس.. وتحديدا التصرفات، التى يخرجون فيها عن القواعد.. وداخل النادى الأهلي نفسه، وأيضا نادى الزمالك.. من يعتبر أن هذه السلوكيات لا تمثل أبدا لا جمهور الأهلي، ولا جمهور الزمالك.. ولهذا عليهم أن يحاولوا الظهور بشكل إيجابى، ويتجنبوا مظاهر الانفلات، واستعراض القوة.. ويكتفوا فقط بالصورة الجميلة المبهرة التى قدموا أنفسهم فيها، حين جعلوا المدرجات تموج بالألوان، والأفكار، والصور، والشعارات الجميلة. الألتراس يمكن أن يكونوا عونا لمصر فى المرحلة المقبلة.. يمكن أن يكونوا وسيلة من وسائل إصلاح حال الكرة، والرياضة فى مصر.. فهذا ما نحتاجه بالفعل، لأننا لن نقبل أن نعود مرة أخرى، ويبقى الحال على ما كان عليه من قبل.. أبدا لن يكون، وأهلك دونها.. وقد قلتها بدلا من المرة مرات، ولم يتفاعل معى أحد حتى الآن، ولكننى لن أتراجع، ولن أفقد حماستى.. أو أتوقف عن قناعتى هذه، وهى أن ما كان يحدث قبل حادثة بورسعيد، لن يكون مسموحا به من جديد، وعار علينا حقا كشعب، وكوطن.. أن تعود الصور السلبية، والتصرفات المؤسفة من جانب الكل.. جماهير، ومدربين، ولاعبين، وأجهزة فنية، وحكاما.. كأن شيئا لم يكن.. لن أقبل بالقواعد القديمة، التى أدى كثير منها إلى كارثة بورسعيد، لن أسمح بتجاوز أى طرف مهما كان شأنه مادام قد أخطأ، ولم يع موضع قدميه، ولا الحدود الواجب عليه التحرك فيها!! حدث من قبل أن خرج فى وسائل الإعلام من يتهكم على شعب مصر أيضا.. وكان من هؤلاء من يطلقون على أنفسهم نشطاء سياسيين، ومنهم كذلك من يتم وصفهم بالنخبة، أو المفكرين، ولكنهم لم يكونوا هكذا، حيث وقعوا فى خطأ منهجى رده الناس لهم بأعنف مما يتصور أحد.. فقد اعتاد هؤلاء الكلام عن أغلبية الشعب واصفين إياه بأنه "حزب الكنبة".. دلالة على سلبيتهم، وهى لا تختلف كثيرا عن اتهام الألتراس للشعب بأنه جبان.. وجرى الوصف كثيرا على لسان العباقرة، الذين صدعونا بآرائهم الخايبة، ورؤاهم الساذجة، وحين واتت "حزب الكنبة" الذى أهانوه الفرصة.. خرج إلى صناديق الانتخاب، بمشاركة تاريخية وصلت إلى 28 مليون ناخب، وكان الرد عمليا على من اتهمهم بالسلبية، وأنهم اختاروا الاسترخاء على الكنبة، ومتابعة الأحداث فقط.. ولم يكن هذا صحيحا بالمرة، لأن السواد الأعظم من الناس هم الذين كانوا يحركون الأحداث وفق قناعتهم، ووفق رؤيتهم لما فيه مصلحة البلد.. وكان خروجهم بهذا العدد، مثل الصفعة التى تركت آثارها على النشطاء والنخبة إياها.. فالناس لا يرحمون من يستهين بهم، أو يتطاول عليهم، أو يتجرأ على إهانتهم.. والرسالة إلى الألتراس حتى يكفوا عن الإساءة للناس، ولا يتهموهم بالجبن، والاعتذار واجب عن الإساءة.. لأن هذا أفضل جدا!! مقالات أخرى للكاتب تواصل مع الكاتب عبر صفحته على الFacebook