اختتمت وقائع كونجرس الفيفا، الذي استضافته البحرين بمشاركة 211 اتحاد قدموا إلي العاصمة المنامة، علي مدار الأسبوع الماضي من كل القارات، وقد شهد الكونجرس »عمليا» ما يمكن أن يوصف بأنه بدء إطلاق وبسط النفوذ والسيطرة للسويسري جياني إنفانتينو، كرئيس قوي للفيفا للمرة الأولي، منذ فوزه بالمنصب في فبراير من العام الماضي. ذلك من واقع رصد تحركات إنفانتينو، بين الاتحادات القارية التي حضرت للمنامة وعقدت اجتماعاتها العمومية لمناقشة ملفات مختلفة، فضلا عن توطيده للعلاقة مع الاتحادات القارية الأهم، وعلي رأسها افريقيا وأوروبا وكونكاكاف وكونميبول والغالبية من القارة الاسيوية، علي خلفية ابتعاد الشيخ أحمد الفهد من المشهد، وورد أسمه في تحقيقات قضية فساد يتم استجواب المتسببون فيها في امريكا حاليا. كواليس مثيرة وتكشف اخبار الرياضية، جانبا من الكواليس، التي عاشتها علي مدار ايام الاسبوع الماضي، والتي كشفت سيطرة مطلقة للثعلب السويسري الجديد علي عرش الفيفا، واطلاق امبراطوريته الجديدة، بعدما نجح في تطهير المنظمة من الفساد الذي استشري فبها علي يد بلاتر من جهة، فضلا عن تغيير وجهة الفيفا بشكل عام، بزيادة منتخبات المونديال إلي 48 منتخب مع نسخة 2026 وزيادة دعم الاتحادات الوطنية في العالم إلي مليار دولار في فترته الانتخابية بواقع مليون و250 ألف دولار لكل اتحاد مساعدة سنوية. وعلي الجانب الأخر، شهدت أروقة »أسبوع الكونجرس» الذي تستضيفه البحرين، تحركات متسارعة للثعلب السويسري جياني إنفانتينو لتعميق حضوره القوي، وملء الفراغ الذي تركه الداهية بلاتر، بعد رحيله بتهم فساد لا حصر لها، ما عكس مؤشرات أكثر من ايجابية عن نجاح جياني إنفانتينو في التأسيس وبقوة لإطلاق امبراطوريته القوية في رئاسة الفيفا، بعدما بات أكثر تأثيراً ونفوذا وسيطرة، علي اتحادات قارية عدة، ضمنت له أن يحظي بالثقة والتأييد والولاء مما يقارب ال150 دولة بالعالم، تتوزع علي قارات أوروبا، افريقيا، كونكاكاف، كونميبول، اوقيانوسيا ونصف الاتحادات الاسيوية علي الأقل. حيث حرص انفانتينو علي التواجد في كل اجتماع، عقد علي مدار أيام الأسبوع الجاري في البحرين، للاتحادات القارية ال6 التي حضرت بكامل تشكيلاتها للمشاركة في كونجرس فيفا، واستضافها الاتحاد الدولي خلال 5 أيام متتالية، وقد ظهر جليا، استغلال الثعلب السويسري لسقوط الشيخ أحمد الفهد ورحيله عن المشهد واعلانه الانسحاب من مناصبه، بالإضافة لسقوط عيسي حياتو في انتخابات رئاسة الاتحاد الافريقي. كما استغل جياني ورقة رفع الحظر بصورة أكثر من ايجابية، بدأها بالموافقة علي »رفع جزئي» للحظر علي الكرة العراقية في 3 ملاعب هي اربيل، البصرة، كربلاء، وفي الطريق يتم اللعب بورقة رفع الحظر عن الكويت، لضمان عدم عودة أبناء الفهد للمشهد، عبر تقوية صورة الاتحاد الكويتي المؤقت وقبوله بديلا لمجلس طلال الفهد. سيطرة كاملة وفي آسيا حضر اينفانتينو كونجرس الاتحاد الاسيوي، الذي شهد وجود الشيخ سلمان وقيادات القارية الاسيوية، ووضح التناغم الإيجابي بين سلمان وإنفانتينو، لاسيما برحيل الشيخ أحمد الفهد الذي كان سببا في اثارة التوتر في العلاقة بين الاتحادين الاسيوي والدولي ولو لم يعلن ذلك في فترات سابقة، وهو ما حدث في افريقيا حيث حرص إنفانتينو علي الاجتماع بأحمد أحمد الرئيس الجديد للقارة السمراء، قبل أن يحضر كونجرس افريقيا ويلقي خطبة عصماء، ويرد عليه رئيس الاتحاد الافريقي بإعلان بدء مرحلة جديدة من العلاقات مع الفيفا قائمة علي التوائم التام والتنسيق المستمر، وذلك في حضور فاطمة سامورا الأمين العام للفيفا السنغالية الجنسية، والتي بدت أكثر نشاطا في بسط نفوذ جياني في القارة السمراء، كما لعبت دورا كبيرا في توفير الدعم الكبير لرئيس الاتحاد الافريقي الجديد، وقد تكرر المشهد في حضور جياني لاجتماعات مغلقة لكل من اتحادات اوقيانوسيا، وكونيمبول» دول امريكا اللاتينية»، والكونكاكاف»دول الكاريبي ووسط وشمال امريكا»، وحرص علي عقد اجتماعات تشاورية ثنائية مع رؤساء تلك الاتحادات فضلا عن أعضاء مكاتبها التنفيذية، للترتيب للمرحلة المقبلة، ومن ثم حدوث الموائمات المطلوبة، خاصة وأن الاتحادات الأخيرة المذكورة، حصلت بالفعل علي دعما هائلا من جياني، قبل وبعد فوزه بمقعد رئاسة الفيفا، لاسيما وأنها كانت أولي الاتحادات التي حصلت علي الدعم المالي من الاتحاد الدولي، فضلا عن زيادة حصتها في مقاعد المونديال بعد قرار زيادة منتخباته إلي 48 فريق. وفي أوروبا لم يختلف الحال كثيرا، حيث زاد التواصل بين السويسري والاتحادات الأوروبية، وهو ما وضع بتواجده المستمر مع رئيس يويفا في أغلب أوقاته مساء بعد إنتهاء جولاته الصباحية، بصحبة الحرس القديم، من أعضاء المكتب التنفيذي ليويفا الذين قدموا له رئاسة الفيفا علي طبق من ذهب. ووفق تلك التحركات، بات واضحا وجود ما لايقل عن 170 دولة تعلن دعمها وتأييدها لجياني الذي وضح استغلاله لكونجرس ، للتأكيد علي سطوته وبسط نفوذه، قبل عامين من انتخابات رئاسة فيفا، وحتي يضمن عدم تسلل منافس له خلال الأشهر ال24 القادمة، ما يفسره المراقبون علي أنه بدايات بناء محكم لإمبراطورية جديدة يقودها انفانتينو لسنوات كما حدث لسابقيه، بل وثقة في قدرته علي حسم الانتخابات لفترة ولاية جديدة، وهو ما تم ترجمته لموافقات بالإجماع علي كل امن 6 فرق اقتراحات إنفانتينو، الذي قاد الكونجرس الخاص بالفيفا، أشبه بقيادة أوركيسترا سيمفوني، وجاءت نسب الموافقات بما لا يقل عن 97% في أسواء القرارات، وأبرزها قرار سحب القضية الفلسطينية من التصويت بالكونجرس، وتحويلها لمجلس الفيفا لحلها بعد انتهاء طوكيو سكسويل، رئيس لجنة »فلسطين واسرائيل» بالفيفا، من اعداد تقريره حول انتهاكات الكيان الصهيوني بحق الكرة الفلسطينية. أصوات ابوريدة وفي الانتخابات الافريقية بدي واضحا قدرة المهندس هاني ابوريدة وبسط نفوذه القاري، بعدما حصد 50 صوتا من اصوات القارة، مقابل 4 أصوات للمرشح الكاميروني الشاب زولا، الذي لم يعلن ترشحه الا نكاية في إنفانتينو الذي اقاله من منصبه كمدير للاتحادت الافريقية بالفيفا، فأراد الشاب الكاميروني ذو ال39 عاما أن يخوض الانتخابات ليعود إلي الفيفا لعضوا بمجلس ادارتها، ويبدأ في الانتقام، وفي المقابل انسحب باقي المرشحون بعدما وضح مباركة إنفانتينو لترشح ابوريدة، الذي يتمتع بثقة وعلاقة قوية مع رئيس الاتحاد الدولي، فضلا عن الثقة والعلاقة الطيبة التي تجمع أحمد أحمد رئيس الاتحاد الافريقي بكل من اينفانتينو وهاني أبوريدة، ما كان كفيلا بميل الأصوات الافريقية بقوة إلي المرشح المصري، الذي حسم السباق بالضربة القاضية، بينما كشف لإسقوط الكاميروني زولا المدوي، وحصوله علي 4 أصوات، أن استغلال أسم عيسي حياتو الرئيس الاسبق للكاف، بأنه يعمل لاسقاط ابوريدة، كان مجرد تكهنات غير واقعية، لخلق »بعبع حياتو» الذي اتضح للجميع أنه أمر وهمي، ولا أساس له في ظل انتهاء حقبة حياتو تماما بلا رجعة. ولاء تام وقد وضح أن الاتحادات القارية في العالم تهرول للسويسري إنفانتينو علي هامش كونجرس البحرين، لإعلان الولاء التام للرئيس الجديد للمنظمة العالمية، فقد بدأت واضحة في كلمته التي وجهها للجميع، وحلمت رسائل أقل ما توصف بها أنها جاءت شرسة وجريئة، وتعكس مدي شعور السويسري، بالثقة والاطمئنان علي مصيره في انتخابات التجديد لولاية جديدة 2019 المقبل، بعدما استغرق ما يزيد عن العام، من أجل هدم ما تم من امبراطورية بلاتر، واسقاط رموزا في اتحادات قارية وقفت ضده في انتخابات 2016، ليحكم سيطرته ويضع يده بقوة علي جميع الملفات. ونجح إنفانتينو في اظهار حجم ذكائه في الكلمة الشاملة التي ألقاها وحملت رسائلة فسرها المراقبون، علي أنها موجهة للشيخ أحمد الفهد تارة، أو بلاتر وبعض رموزه تارة أخري، وحرص علي أن يستعرض خلالها إمكانياته، باستخدام 5 لغات مختلفة، بشكل متباين للتنقل بين فصول الكلمة، باللغة الإنجليزية، الفرنسية، الاسبانية، البرتغالية، الالمانية. وتركزت كلمة جياني، علي تأكيد شعار واحد وهو أنه لا يخشي أحد، ولن يتواني عن الصدام مع أي شخص او كيان، للحفاظ علي منظومة فيفا، بعيدة عن الفساد، والتربح والتلاعب وعدم النزاهة. وقال جياني »لن اتراجع عن مسيرة اعادة بناء المنظمة الجديدة، وإعادة طلاء سمعتها القديمة المليئة بالعيوب، نعم الكل كان ينصحني بعدم خوض ذلك الاتجاه حتي لا أخسر أصواتا كثيرة، والانتخابات بعد عامين، ولكن الأن بتم جميعا تعرفون من أنا، وأنا لست في حاجة للتملق، أو الصمت علي الفساد وعدم الإصلاح كما وعدتكم» وتابع» لن نقبل أن يكون الربح هدف العاملون في كرة القدم ، عبر جني المال بطريقة مريبة، وأنا أوجه رسالة من هذا المنطلق، لأيا كان من المسئولين الحاليين أو غيرهم، سواء من هم معنا في الكونجرس أم بعيدا عن القاعة الأن، ولكل من لازال يستغل مكانه ونفوذه، وأنا أقول له بكل قوة، أترك كرة القدم الأن وفورا، فنحن لا نريدك ولن نتركك تستمر في ذلك» وتابع »نحن بصدد بناء مصداقية للمنظمة، وذلك عبر الديموقراطية وليست ديكتاتوريا، وهي ليست حكرا علي أوروبا وسويسرا والمانيا، بل هي صادقة وأمينة ولا تحاول انفاق المال بدون أي هدف، منظمتنا الجديدة تركز علي كرة القدم وقيم كرة القدم، لأننا نحاول اعادة بناء سمعة الفيفا، و شخصا واحدا لا يريد أن يفعل الأمور بمفردة، بل بمشاركتكم جميعا» كما وجه جياني كلمة قوية لوسائل الإعلام التي لا تزال تهاجمه بصورة وصفها بالمريبة قائلا» هناك أخبار غير صادقة باتت منتشرة عن الفيفا، وهناك مبالغة كبيرة في انتقاد واتهام الفيفا كل يوم، بل أري أن الأمر تحول لأشبه برياضة وطنية في بعض الدول وصحفها أن يتم انتقاد والهجوم علي الفيفا، لذلك أنبه هؤلاء وأقول لهم، الفساد كان في الماضي، الفيفا تغييرت الأن، ونحن منظمة جديدة ومسؤلون جدد ونعمل ونفعل ولا نكتفي بالأقوال فقط، وأنا علي ثقة بأن أفعالنا ستدوي بصدي أكبر من صدي كلماتكم» وعن وجود خلافات داخل فيفا مؤخرا قال» نعم هناك خلافات في المنظمة أو خلافات في وجهات النظر ولكن ذلك يكون قبل اتخاذ القرار، والمهم هو اتخاذ القرار وتنفيذه، اما الباقي فمجرد تخمين، لذلك اود أن أبدا الحديث عن شيء مختلف، يجب التحدث عن الاصلاحات والحوكمة، ومن الطبيعي أن نفعل هذا، ويكفي أن أذكر أن الخبراء الذين كانوا يتقاضون الملايين كأتعاب، تم تعيينهم من قبل الفيفا قبل عدة أعوام، لاصلاح المنظمة، لكن ما الذي انجوزه، لا شيء، بل هم اكتفوا بالمصادقة واضفاء الشرعية علي نظام فاسد سابقا، وهذا ليس قولي أنا، ولكن هذا قول المحاكم القضائية التي حكمت في قضايا فساد سابقة، والمثير أن هؤلاء كلفوا خزينة فيفا، ما يصل ل50 مليون دولار رواتب وامتيازات»