تمتلك من المهارات الكثير والكثير فهي أول فارسة عربية تجيد ركوب الخيل وفي الوقت ذاته لاعبة ماهرة في ألعاب القوى وسباحة متألقة وتملك من الموهبة الموسيقية ما يجعلها أن تكون عازفة بيانو مبدعة ولا يقل إبداعها الفنى فى رقص الباليه عن سابقيها. هى مريم نعيم أو مريوما كما تحب أن يطلق عليها ويناديها من حولها ومن بين تلك النجاحات والتألق معاناة آخرجت ما بكامل جبعتها وأن كانت الصدفة وراء كل نجاح والأهم هو استغلال الصدفة والعمل على التألق والنبوغ وهو ما كان فى السطور التالية. وتسرد المهندسة سناء منير والدة البطلة مريم نعيم ولادة كريمتها بقولها مع اللحظات الأولى لخروج مريم إلى الحياة أصيبت معها بثلاثة صدمات الأولى ولادتها وهى مصابة بالصفراء وكانت نسبتها عالية جدا وقمنا بإجراء تغيير الدم لها مرتين وهى فى عمر ساعات قليلة من الحياة والثانية ضرورة إجرائها عملية قلب مفتوح مما أدى إلى وجودها فى الحضانة لمدة لا تقل عن شهر لإجراء الفحوصات اللازمة التى تساعد على نجاح العملية وتأخرنا فى إجراء تلك العملية نظرا لأنه ليس هناك طبيبا متخصصا فى مصر لإجراء قلب مفتوح لطفلة وليدة ولديها متلازمة داون وهى كانت الصدمة الثالثة لى وهى معرفتى وعلمى أن ابنتى من ذوى الإعاقة وجلست فى حيرة مع نفسى هل «اشتغل » معها صحيا لمشاكلها فى القلب أم أترك هذا جانبا وأتعامل معها على تنميتها من الداون وكيف تتفاعل معه وتطوير قدراتها البسيطة ومن الصغر وبدأ بعض الأطباء مساعدتنا فى البحث عن طبيب متخصص لحالة نجلتى مع تقديم ما يلزم لاستقرار الحالة والوصول بها إلى الوزن الملائم على الأقل وهو 6 كيلو جرامات حتى تكون جاهزة للعملية فى أى وقت إلى أن نصحنى أحد الأطباء بضرورة إجرائها في إيطاليا وبسرعة وبالفعل عندما وصلت ابنتى لعمر 9 شهور سافرنا إلى هناك وأجرينا العملية وتغيرت بعض ملامحها وتفاعلت معها بعدها لتنمية قدراتها كبنت من ذوات الإعاقة وعن طريق التدخل المبكر واعتبرت فى نفسى أو ولادة مريم كانت بعد إجراؤها عملية القلب المفتوح. وتضيف ألحقنا مريم بإحدى المدارس الخاصة بعد معاناة ليست قليلة بدأت من رفض المدرسة لقبولها ومرورا بتجاهل هيئة التدريس للتعامل مع البنت وانتهاء بنفور بعض قريناتها وأولياء أمورهم من وجودها بينهم ولكن بعد فترة مرت وكأنها أعواما حدث «تآلف ربانى» بين مريم وكل من حولها واندمجت وسطهم وتألقت فى الدراسة حتى أصبحت الآن فى الثانوية العامة شعبة أدبى وأثناء دراستها وعندما اطمأننت أنها تسير فى التعليم بشكل لا بأس به كان فى ذهننا أن تكون متميزة فى نوع آخر من المهارات واتفقنا كأسرة لها أن يكون ذلك فى الرياضة وبدأت تدريب السباحة وكنا نعول على ذلك فى البداية أن تكون ممارسة فقط ونوع من أنواع العلاج فى الوقت ذاته لأن السباحة تساعد فى التنشئة الجسمية والذهنية الجيدة لذوى الإعاقة ولم يمض من الوقت الكثير حتى فوجئنا بأنها تتقنها بشكل رائع وتدخل بطولات وتحقق ميداليات وهى ابنة سبعة أعوام فقط وصلت إلى أكثر من 25 ميدالية فى أنواع السباحة ومنها الباك والكرول والتتابع والحرة وعندما وجدناها تخشى الحيوانات خاصة الخيول علمناها ركوب الخيل حتى صارت هناك ألفة بينها وبين الخيل وكأننى أراهم ينتظرون وصولها حتى تمتطى جوادها بندق وتحرز أكثر من 3 ميداليات فى منافسات عديدة وكانت أول لاعبة فروسية فى مصر والوطن العربى من ذوى الإعاقة وزادت مهارة فى الرياضة حتى اتقنت ممارسة ألعاب القوى وتخصصت فى دفع الجلة وكانت البنت الوحيدة المشاركة فى المنافسات وحصدت الميدالية الذهبية وهى عندها 11 عاما. وتشير والدة مريم إلى أن المشكلة التى لاحظتها أثناء نبوغ مريم فى الرياضة وأصبحت فيما بعد نقطة انطلاق لها مهمة وهى مشكلة فى التخاطب والتواصل كلاميا مع من حولها واتفقت خلالها مع مدرسة متخصصة فى هذا النوع من المشاكل وأول ما بدأت به مع مريم سؤالها عن ماذا تحب أن تكون فردت مريم بقولها اتمنى أن أكون مذيعة فكتبت لها المعلمة ورقة الصقتها على الحائط وعنوانها مريم مذيعة ولاحقها مدرس تخاطب آخر كان يقدم برامج إذاعية على النت للتواصل مع أولياء أمور الأطفال الذين يوجهون مشاكل فى الكلام ولديهم تلعثم شديد وعلم بحلم مريم وبالفعل طلب منها أن تساعده فى تقديم البرنامج واتقنت مريم كعادتها فى أداء ما تكلف به وقدمت 14 حلقة من برنامج «أنا ومريم» ومدة الحلقة نصف ساعة كانت تسجل نصف الوقت مع أحد أولياء الأمور أو مع ذوى الإعاقة النابغين والنصف الآخر كانت تذيع خلاله الأخبار والتقارير التى كانت تعدها والدتها أو مدرس التخاطب الذى ساعد مريم وقدمت مريم خلالها التوعية اللازمة والتواصل بين الإعاقات المختلفة وكان حدث مهم فى حياة مريم كما تقول والدتها خاصة أنها أول مذيعة من ذوى الإعاقة الذهنية وتألقت مريم مع الهوايات ودخلت عالم الموسيقى ولعبت على البيانو والأورج وتعزف أجمل المقطوعات الموسيقية خاصة أغانى كوكب الشرق أم كلثوم والعجيب وكعادتها تبدأ رحلة إبداعها بالصدفة وكنا فى أحد الحفلات العائلية وسمعت أغنية أنت عمرى لأم كلثوم وعندما عدنا للمنزل جابت النغمة على الأورج الصغير الذى كان من أحد ألعابها وهى طفلة وقررنا أن نلحقها بمدارس لتعليم الموسيقى وحاليا تجيد اللعب على البيانو والأداء الغنائى أيضا وتمارس الآن أيضا لعب البالية ولدينا آمل أن تشترك فى بطولة قريبة وتترقرق الدموع فى عينى والدتها عندما قالت إن مريم تمر حاليا بظروف نفسية بالغة السوء نظرا لوفاة والدها منذ ما يقرب من عام وكانت ترتبط به ارتباطا كبيرا وقويا حتى أنها مازالت ترسل له صباح كل يوم رسالة على هاتفه المحمول تخبره فيها بحالها والنجاحات التى تحققها ومدى احتياجها له وأنها تتمنى لقاءه واللعب معه كما اعتادت وتلتقط مريم أو مريوما كما تحب أن يناديها من حولها من حديث والدتها بعض الكلمات فتشير إلى حبها لها ولأخيها مينا وعشقها للموسيقى والبالية وكل أنواع الرقص والسباحة والخيل وألعاب القوى وتتمنى أن تعود لإذاعة حلقات «أنا ومريم» وعلى النت مرة أخرى وتطلب مريم أن يكون هناك نماذج لأسئلة الامتحانات لطلبة الدمج وأن يكون هناك حل لهذه المشكلة وتستكمل بقولها «بحب زميلاتى وكمان بندق نسبة إلى جوادها ومرة كنت مع بندق وقلت له أمشى وهو مش عايز يمشى وكل ما اتكلم معاه يرجع لورا واستنيت شوية وطبطبت عليه ومسحت أيدى عليه وقلت له يابندق امشى علشان خاطرى وسمع الكلام ومشى، وتعود الوالدة لاستكمال حديث نجلتها هكذا هى الحياة سوف تمضى وتسير وتمشى ومريم عايزه تحقق فيها أحلام كثيرة وآمال عريضة.