من ينظر إلى وجهها الطفولى لا يصدق أنها فارسة تركب الخيل، وسباحة تصارع الموج، ومذيعة تقدم البرامج .. ولكن ملامحها البريئة ستجعلك تصدق أنها تعزف على البيانون مقدمة لحن أغنية « أنت عمرى» ببراعة. مريم نعيم صاحبة ال 16 عاما أنجزت الكثير الذى لم يتمكن غيرها من إنجازه رغم معاناتها، وبمساعدة والدتها حصلت على العديد من البطولات والميداليات فى السباحة، وشاركت فى أول بطولة للفروسية وعمرها 7 سنوات فقط، وأصبحت أسعد لحظات حياتها التى تقضيها فى الدنيا وهى فوق ظهر الحصان، كما تسعد أيضا عندما تمارس عملها كمتطوعة فى إحدى مؤسسات ذوى الإعاقة لمساعده غيرها. تقول والدتها المهندسة سناء منير: مريم هى ابنتى الثانية، منذ ساعات ولادتها الأولى انتابنى شك بأنها مصابة بمتلازمة داون, وفى اليوم الثانى طلب منى الطبيب تحليلا لتحديد نسبة الصفراء وقد أكد أنها نسبة عالية جدا مما جعلها تحتاج إلى تغيير دم مرتين ووضعت فى الحضانة لمدة شهر ونصف, وفى تلك الأثناء عرفنا أنها بالفعل مصابة بمتلازمة داون, وبعد خروجها من المستشفى طلب الطبيب عمل فحوصات على القلب وظهر أنها تعانى من مشكلة فى القلب وتحتاج إلى عملية جراحية وبعد رحلة بحث داخل المستشفيات كان الرد واحدا وهو صعوبة إجراء العملية نظرا لصغر عمرها وقلة وزنها، ولكن لأنها كانت تتعرض لنوبات متكررة من التعب تدخل على أثرها العناية المركزة بقيت أنا ووالدها نبحث عن حل لنخفف عنها آلامها الصعبة وهى فى مثل هذه السن المبكرة حتى أخبرنا أحد الأطباء بأنه يوجد جراح فى إيطاليا هو الوحيد الذى يستطيع أجراء العملية، لذلك قمنا بمراسلته للاتفاق معه, ولكن قبل السفر تعرضت مريم لأزمة ودخلت العناية المركزة ولم نستطع التأخر فى إجراء العملية، لذلك سافرنا إلى إيطاليا خضعت مريم للجراحة وتمت بنجاح وكان عمرها فى هذا الوقت 11شهرا. رحلة التدخل المبكر بدأ التدخل المبكر لمريم وعمرها ثلاثة أشهر، حيث ذهبت إلى العديد من الأماكن المتخصصة وفى البداية كانت هناك صعوبة حيث لم تقبلها بعض الأماكن لصغر سنها ولحالتها الصحية وأماكن أخرى كانت توجد قوائم انتظار كبيرة, ولكن بعد أن نجحت العملية شعرت وكأن مريم أصبحت إنسانه أخرى حيث تحسنت حالتها وأصبح لديها استجابة للعلاج, وبدأ التدخل المبكر من خلال جلسات تعمل على تقوية عضلات ساقيها حتى لا تتأخر فى المشى وأيضا تنمية المهارات اللغوية بعد ذلك حصلت على جلسات تخاطب لتتعلم الكلام وتصبح مثلها مثل أى طفلة. الدمج كان الحل عندما أصبح عمرها أربع سنوات ونصف قدمت لها فى مدرسة خاصة لأنى كنت أحلم أن تتعلم وتحصل على شهادة جيدة, فى البداية وجدت صعوبة فى تعلمها ولكن لم أفقد الأمل وظللت أحاول معها حتى استجابت واستمرت حتى الصف الثانى الإعدادى تدرس مثلها مثل باقى الطلاب بنفس الطريقة ونفس المنهج، ولكن فى الصف الثالث الإعدادى التحقت بفصل بنظام الدمج وبعد ظهور النتيجة بحثت عن مدرسة ثانوية بنظام الدمج ووجدت صعوبة فى ذلك حيث إن هناك مديرى مدارس لا يعرفون نظام الدمج ولكن فى حفل النشاط الصيفى للإدارة التعليمية قامت مديرة الإدارة بحل المشكلة بعدما شاهدت مريم ونشاطها فى الحفل والآن هى فى الصف الأول الثانوى العام بإحدى المدارس الحكومية. السباحة والفروسية عندما كان عمر مريم 7 سنوات تمنيت أن تتعلم السباحة لتلعب فى البحر أثناء المصيف مثلها مثل كل الأطفال وتتغلب على شعورها بالخوف من البحر لذلك بدأت أعلمها ووجدت استجابة كبيرة لديها لذلك اشتركت لها فى أحد النوادى وكانت تتمرن بانتظام صيفا وشتاء، ولكنها كانت تسبح دون أن تتنفس وفى إحدى المرات سبحت مسافة طويلة وحدث لها إغماء فأصبحت تخاف جدا من نزول المياه لذلك اشتركت لها فى ناد آخر ومع التمرين انتهت المشكلة واستمرت فى اللعبة حتى الآن وحصلت على العديد من البطولات والميداليات، وبعد ذلك فكرنا أن نعلمها الفروسية وركوب الخيل لانها كانت تخاف من الحيوانات الأليفة، بالتمرين والمتابعة أصبحت فارسة وحصلت على ميداليات وشهادات تقدير من أماكن مختلفة، وتكون فى أسعد لحظاتها عندما تصبح فوق ظهر الحصان, وأول بطولة شاركت فيها كان عمرها 7 سنوات وكانت أول متسابقة تشارك وهى فى مثل هذا العمر. أنامل ذهبية وأذن موسيقية كان عندى شعور أن مريم لها أذن موسيقية، لذلك ذهبت معها إلى مدرسة الموسيقى التى كانت تعلم فتاة أخرى عزف موسيقى أغنية أنت عمرى لكوكب الشرق أم كلثوم بعدها وجدت مريم تعزف نفس الموسيقى على الأورج وكانت هذه بداية تعلمها الموسيقى. أنا ومريم بالإضافة إلى كل المواهب السابقة التى تجيدها مريم إلا أنها ليست كل شئ, فهى عملت مذيعة فى برنامج «أنا ومريم» وهو برنامج إذاعى على راديو بلدنا نت وكان هذا ضمن أحلامها حيث إنها عندما كانت تذهب إلى أخصائى التخاطب كان يسألها عن حلمها وكانت تقول أنها «أحلم بأن أصبح مذيعة» لذلك عندما قدم برنامج لمتحدى الإعاقة أختارها معه لأنها تجيد القراءة والكتابة جيدا وهذا شرط لا يتوفر لمعظم الأطفال ذوى الإعاقة ولكن للأسف لظروف ما لم يستمر البرنامج، أيضا مريم تعمل متطوعة فى إحدى مؤسسات ذوى الإعاقة حيث تساعد غير القادرين من ذوى الإعاقة الحركية وتوزع عليهم الطعام كما تعمل فى حضانة وتتقاضى أجر رمزى مقابل مساعدتها فى المطبخ وتقديمها الطعام للأطفال، وتهوى التصوير. أحلام مريم تحلم مريم بأن تنهى دراستها وتعمل مذيعة وأن تتغير ثقافة المجتمع تجاه ذوى الإعاقة ويتقبلهم كما هم، كما تحلم بأن تتبنى موهبتها الموسيقية إحدى الجهات المتخصصة مثل الأوبرا أو أحد الموسيقيين. فى نهاية الحوار توجه والدة مريم رسالة لأمهات الأطفال ذوى الإعاقة: بالتشيجع والصبر والتضحية سوف تصلون بأبنائكم إلى أفضل مستوى يستطيعون الوصول إليه فلقد تركت عملى كمهندسة من أجل التفرغ لرعاية مريم وبفضل الله وتوفيقه وجدت صدى لمجهوداتى معها فلا تيأسوا أبدا وابدأوا العمل معهم منذ أول يوم تعرفون فيه حالتهم، وأطالب المسئولين فى وزارة التربية والتعليم بسرعة وضع نظام أفضل لطلاب الدمج لتخفيف العبء عليهم. لمشاهدة الفيديو يرجى الدخول على موقع الأهرام صفحة صناع التحدى: http://http://www.ahram.org.eg أو على اليوتيوب: https://youtu.be/D3g5gterIPE