لا تتعلق دورة الألعاب البارالمبية لذوي الاحتياجات الخاصة فقط بالمنافسات الرياضية داخل الملاعب في مختلف الألعاب الرياضية الفردية والجماعية، فهناك الكثير من القصص الملهمة ذات الجانب الإنساني أبطالها نجوم قرروا تحدي الإعلامة وقهر المستحيل من أجل صناعة التاريخ، وليكونوا مثل أعلي ليس فقط لأصحاب الاحتياجات الخاصة لكن أيضا للأشخاص الذين يتمتعون بأجساد سليمة دون أي إعاقات في أقدامهم وأيديهم وعيونهم. ستظل دورة الألعاب البارالمبية مصدرا متجددا للكثير من الملاحم الإنسانية في الملاعب الرياضية، وليس صحيحا أنها أقل أهمية من المنافسات الأولمبية. 1 قصة المصور الأعمي مع نبضات القلب! من القصص الغريبة في دورة الألعاب البارالمبية "ريو 2016"، وجود مصور أعمي يقوم بأداء مهمة التقاط صور للمنافسات في مختلف الرياضات في المنطقة المخصصة للوقوف الكاميرات. رغم أن التصوير موهبة أو مهنة قائمة علي النظر في المقام الأول، بالإضافة إلي الإحساس والفكر، لكن المصور البرازيلي جواو مايا دخل عالم التصوير بقوة، لدرجة أنه يرصد كواليس المنافسات الرياضية لكن بطريقته الخاصة. لم يولد جواو أعمي لكنه تعرض لمرض قبل 13 عاما، تسبب في التهابات حادة داخل عينه وكانت نتيجته عدم القدرة علي الرؤية بشكل طبيعي، هو الآن قد يري بعض الألوان، ويكون قادرا علي رؤية بعض الأشياء البسيطة من زوايا معينة. تحدث جواو مايا عن دخوله عالم التصوير رغم مشكلة بصره، قائلا: بالنسبة لي لست بحاجة إلي العينين لكي أقوم بالتصوير، أقوم بتلك المهمة من خلال قلبي وإحساسي، أعبر عن قدرتي علي رؤيتي للعالم بطريقتي، وهذا أمر رائع بالنسبة لي. وأضاف: أقوم بالتقاط الصور بشعور بنبضات القلب الخاصة بالرياضيين، بمجرد بسماع ضربات القلب للعدائين في المضمار، ألتقط الصورة فورا، هذه طريقتي للتصوير. المثير أن المصور الأعمي له صفحة رسمية علي موقع التواصل الاجتماعي "انستجرام"، حيث يتابعه 6501 شخصا حول العالم، وهو يقوم بمتابعة 7489 شخصا، وقام بنشر 148 صورة لمختلف الألعاب الرياضية. يبلغ جواو من العمر 41 عاما، وهو يعتمد في التصوير بكاميرا احترافية منذ عام 2008، لكنه الآن علي التصوير بكاميرا من الهاتف الذكي تساعده علي التقاط الصور بشكل أفضل. 2 أول بطل للسهم بدون ذراعين! الأمريكي مات ستوتزمان حامل برونزية منافسات القوس والسهم في دورة الألعاب لذوي الاحتياجات الخاصة في "لندن 2012"، كان أيضا من المشاركين المميزين في "ريو 2016". اختار ستوتزمان لعبة القوس والسهم رغم أنه مولود بدون ذراعين، لكنه قرر تحدي المستحيل وقهره بالفعل عندما نجح في استخدام قدمه اليسري في الإمساك بالسهم ، والإمساك بالقوس بواسطة القدم اليمني، ثم يقوم بسحب السهم بعد أن أوصله بطريقة ما بقميصه الذي يرتديه، ثم يطلقه بكل دقة وكأنه لاعب سليم بدون أي إعاقة جسدية. يملك ستوتزمان الرقم القياسي في أطول رمية بالسهم، وهو يحكي قصته مع لعب القوس والسهم التي بدأت منذ عام 2009، عندما رفض أن يستمر علي هذا الوضع العاجز، فهو لا يعمل وزوجته تسعي وراء وظيفتين لتوفير مصدر للرزق. وأضاف: قررت أن اتعلم الصيد بالسهم، والجميع نظر لي كأنني مجنون، وبحثت علي الإنترنت لتعلم التصويت بدون يدين لكني لم أجد أي معلومة مفيدة بالنسبة لي، وبعدها قررت تنمية مهاراتي القدم، صرت قادرا علي حلاقة ذقني وتناول الطعام والكتابة بواسطة القدم، وأيضا قيادة السيارة، استطيع فعل أي شيء لكن يستغرض أمر أطول. وتابع: في مشاركتي الأولي بالمنافسات البارالمبية لم أكن أعلم أنني الوحيد بدون ذراعين في منافسات القوس والسهم، ووقتها حققت البرونزية برقم قياسي جديد. وتابع: احتجت إلي 7 سنوات لكي أصل إلي المستوي الذي أنا عليه الآن، وبفضل ما حققته من نجاح في دورة لندن 2012 وجدت مصدر للرزق وصرت مم الاسماء المشهورة في بلاده، وحياتي تغيرت بشكل كبير، نعم لست مشهورا جدا، لكني حياتي الآن أفضل وأشعر بالراحة بنسبة طويلة. 3 الأسطورة المصرية.. »إبراهيم حمدتو« لم يحقق إبراهيم حمدتو ميدالية في دورة الألعاب البارالمبية "رو 2016"، لكنه تحول إلي أسطورة ملهمة لكل من يظن أنه يعاني من إعاقة تمنعه من تحقيق النجاح، سواء كانت إعاقة جسدية أو إعاقة تتعلق بالظروف المعاكسة في الحياة بشكل عام. احترف حمدتو لعب تنس الطاولة رغم أنه بدون ذراعين، حيث أمسك المضرب بأسنانه، هو لم يستسلم لليأس منذ أن تعرض لحادث قطار وعمره 10 سنوات، وتعلم تنس الطاولة في 3 سنوات، ولعب الكثير من المباريات حتي وصل إلي العالمية. أصبح حمدتو، البالغ من العمر 43 عاما، أول لاعب كرة طاولة في تاريخ أولمبياد ذوي الاحتياجات الخاصة يشارك في المنافسات دون يدين، معتمدا حصرا علي فكيه وعنقه، لأنه يمارس اللعبة بوضع المضرب في فمه. خسر حمدتو مباراتيه ضد البريطاني ديفيد ويثيريل المصنف رابعا عالميا ثم الألماني توماس راو، وهو قال في تصريحات إعلامية نقلتها المواقع العالمية: أنا سعيد لتمكني من المجيء إلي هنا من مصر للمشاركة في الألعاب البارلمبية واللعب ضد بطل، لا يمكنني أن أصف ما يشعر به قلبي: أنا سعيد للغاية. حاول حمدتو قبل لعب تنس الطاولة أن يلعب كرة القدم بعد 3 سنوات من الإنعزال التام بسبب الإحباط، لكنه لم يستمر طويلا مع الساحرة المستديرة، لأنه لم يكن قادرا علي حماية نفسه من السقوط بعنف عند الالتحامات مع المنافسين. انتقل حمدتو بعد ذلك إلي تنس الطاولة، وأمسك المضرب في البداية تحت جذع ذراعه الأيمن لكنه لم يشعر بالراحة، فأمسك بالمضرب بفمه، واستعان بقدمه اليمني من أجل رفع الكرة إلي الهواء لضرب الإرسال. المشكلة التي يعاني منها حمدتو تتعلق بالناحية الرياضية، لأنه من المستحيل أن يحظي بفرصة عادلة أمام منافس يلعب بيده، فهو "اللاعب الوحيد الذي يلعب بفمه، ولو أن هناك خمسة، ستة، سبعة لاعبين يلعبون بالفم، لتم إنشاء فئة جديدة. 4 ميداليات بأجراس.. للأبطال المكفوفين صنعت ميداليات تخدم ذوي الاحتياجات الخاصة بحاسة النظر المكفوفين، وذلك لأول مرة في دورة الألعاب البارالمبية والمقامة بالبرازيل. وتأتي فكرة تلك الميداليات الخاصة، من خلال كرات صلبة داخل الميدالية تصدر أصواتًا مرتفعة علي حسب نوعية الميدالية، تمكن من خلالها الفائز من تحديد نوع الميدالية الفائز بها. وتحتوي الميدالية الذهبية علي 28 كرة صلبة، بينما الفضة يوجد بداخلها 20 كرة، أما البرونز بها 16 كرة صلبة، وتعتبر تلك الفكرة مستوحاه من طريقة برايل للقراءة. فمثلا في الميدالية البرونزية 16 كرة صلبة وتعطي صوتا أقل من نظيرتها الفضية والذهبية، وبداخل الميدالية الفضية 20 كرة أما الذهبية فبها 28 كرة وتصدر صوتا أعلي عند الضغط عليها. كما أن كل الميداليات الذهبية والفضية والبرونزية مكتوب عليها بطريقة برايل حتي يتاح للرياضيين المكفوفين معرفة الكلمات المكتوبة علي كل ميدالية. 5 خسر قدميه.. فتحول إلي بطل للتجديف الجندي السابق في الجيش البريطاني نيك بيغتون، خسر قدميه أثناء مشاركته في المعارك ضد الإرهاب في أفغانستان قبل 7 سنوات، لكن بعد أن تلقي صدمة عمره استطاع إعادة حساباته من جديد، ليجد لنفسه طريقا جديدا لتحقيق النجاح، كان داخل قارب التجديف. شارك نيك في منافسات دورة الألعاب "البارالمبية "ريو 2016" وفاز بالميدالية البرونزية رغم خسارته لقدميه الاثنين، مع العلم بأن لعب التجديف تتطلب وجود قدميه في حالة عضلية قوية جدا، ليكون المتنافس قادرا علي الجري بالقارب داخل الماء بسرعة كبيرة. تغلب نيك علي إعاقته بشجاعة واستعان بقدمين صناعيتين من أجل تحقيق حلمه في نيل ميدالية بارالمبية في "ريو 2016"، مع أول مشاركة له في تلك المنافسات. خضع نيك ل25 عملية جراحية بعد إصابته بقنبلة في أفغانستان، لكن تلك الآلام واللحظات العصيبة التي مرت به كانت وقودا ليصبح بطلا في لعبة التجديف، وهو في عمر ال34 عاما، وهو يصف رحلته التي مر بها منذ عام 2009 حتي الآن بالمذهلة، التي يتمني أن تكون مصدر إلهام للآخرين الذين يمروا بنفس الأزمات الصعبة في حياتهم.