217 مرة اهتزت منصات التتويج الافريقية بالعاصمة الكونغولية برازافيل تحت أقدام المصريين وهم يتوجون بالميداليات المتنوعة محطمين كل الأرقام القياسية ومسجلين تاريخا جديدا وعودة قوية لتصدر الألعاب الافريقية من خلال دورتها الحادية عشرة التي اختتمت مساء السبت الماضي قرب نهر الكونغو.. في المكان ذاته الذي كان قد شهد منذ نحو نصف قرن انطلاق هذه الدورة من العدم كفكرة لتجمع شباب وأبناء القارة السمراء حول حلم التحرر والاستقلال الوطني والحرية.. لا ندري ان كان هذا من قبيل الصدفة أو تطورات الأحوال ومقتضيات النظام العالمي الجديد أن يأتي مرور نصف قرن علي انطلاق فكرة التجمع الافريقي الرياضي حول هدف الاستقلال واذا بنصف قرن يمضي من الزمان وعمر المكان بينما المستعمر الأبيض يعود للقارة السمراء بزي مختلف وفكر مختلف وتوجه مختلف.. فلم يكن تنظيم الصين لدورة الألعاب الافريقية بالكونغو وتأسيسها مدينة رياضية متكاملة ومبهرة ومزودة بكل شيء حديث.. من سيارات تعمل بالكهرباء لأسطول أتوبيسات فاخرة لنقل الوفود وقرية رياضية لاقامة الوفود علي أحدث طراز ومطعم أوليمبي مدهش وملاعب وصالات وشبكة طرق.. كل هذا أقيم خلال سنة واحدة.. ومثل نقلة كبيرة لمنطقة كنتلي التي كانت قبل عام مهجورة عبارة عن غابات كثيفة وحيوانات ضالة حولتها الأيدي الصينية المدهشة الي منطقة رياضية جاذبة للأعمار وبمنحة صينية للكونغو وصلت الي خمسة مليارات دولار ليقف الرئيس الكونغولي دينيس ساسو مزهوا فخورا لدرجة انه عندما كان يقص شريط الافتتاح كان يقف بجواره مسئولو الشركة الصينية والسفير الصيني بيرازافيل واذا بالرئيس الكونغولي يهدي الي كل منهم مباشرة قصاصة من قماش شريط الافتتاح علي طرف المقص بعدما قص الشريط وكأنه يؤكد علي امتنان بلاده بما تم وهذا الانجاز العملاق الذي قدمته الكونغو لشبابها وجيرانها كدليل علي وجودها ورغبتها في التقدم واحتلال مكانة تليق بدولة كانت أول من نظم واستضاف هذه الدورة التي تم الاحتفال بيوبيلها الذهبي. علي هذه الخلفية جاءت المفارقة أن تقوم الصين بكل هذا ليس لسواد عيون الكونغو وشبابها ولكنه الاستعمار الجديد.. احتكار الثروات وتوقيع عقود المناجم والانفراد بثروات القارة السمراء ولم يكن غضب الصيادين علي نهر الكونغو منذ عام بسبب احتكار أساطيل الصيد الصينية العمل وحده بالنهر وعدم السماح لأبناء البلد الحصول علي خير بلادهم ليست بعيدة عن الأذهان كما يرويها المقيمون هنا منذ سنوات.. لكنها الرياضة البوابة الجديدة والملكية لدخول أفئدة العباد.. وثروات البلاد..! علي مدي عشرين يوما قدمت الكونغو - أو بالأحري الصين - صورة رائعة لتنظيم أفضل وأنجح دورات الألعاب الافريقية بمشاركة 40 دولة وغابت المغرب الشقيق عمدا اعتراضا علي مشاركة وفد من صحراء البوليساريو واعتراف الكونغو بها وهي المتنازعة مع المغرب علي منطقة الصحراء وكانت البعثة المصرية التي شاركت بعدد 218 لاعبا ولاعبة يمثلون 19 لعبة صاحبة الحضور الأقوي والحصاد الأعلي والتأثير القوي والكلمة المسموعة. بعثة تحطيم الأرقام برصيد 217 ميدالية متنوعة بينها 85 ذهبية في الكونغو حطمت البعثة المصرية الرقمين التاريخيين للألعاب الافريقية والمسجل باسم مصر أيضا فكان الرقم الأول هو عدد الميداليات الذهبية لمصر وكان الحصاد الجديد محطما لعدد قياسي لمصر في دورة الجزائر 2007 وبلغ وقتها 74 ذهبية من بين 199 ميدالية متنوعة لمصر في هذه الدورة لتحطم بعثة مصر بالكونغو الرقمين لأعلي رصيد ذهبي ومتنوع بين كل الدول الافريقية في تاريخ الألعاب الافريقية وعلي مدي نصف قرن. مثلما كانت كلمة البداية لأبطال السلاح وحصول البطل الأوليمبي المصري علاء أبوالقاسم علي أول ميدالية لمصر في الكونغو كتب بطل تنس الطاولة عمر عصر والمصنف رقم 30 عالميا وهو أفضل تصنيف لأي لاعب افريقي في تنس الطاولة كلمة الختام وحصل علي الميدالية الذهبية الأخيرة في فردي تنس الطاولة علي حساب ارونا النيجيري ليرد عصر اعتباره وبقية زملائه من ارونا وزملائه الذين خطفوا ذهبية الفرق من رجال مصر وكانت دينا مشرف بطلة رائعة وزميلتها نادين الدولتلي وحصلتا علي ذهبية الفرق وزادت دينا مشرف من تألقها وحصادها ونالت أيضا ذهبية الفردي علي حساب زميلتها نادين الدولتلي صاحبة الفضية برغم قوة المنافسة التي واجهت تنس الطاولة المصرية من لاعبات الصين المجنسات لمصلحة الكونغو.. فوق البيعة مع المنشآت وعقود الاحتكار للمصايد والمناجم!! أكرم وفريدة وما بين ذهبية أبوالقاسم وفتحه بسلاحه مغارة الذهب قرب نهر الكونغو وتتويج عمر عصر الميداليات من فوق الطاولة كانت الذهبيات الرائعات تتوالي خاصة من بطلي السباحة العالميين الواعدين أحمد أكرم رابع العالم وفريدة عثمان السمكة الذهبية.. ونال كل منهما أربع ذهبيات لوحده وشاركا في حصد ميداليات التتابع وسباقات الفرق وكان حصول السباحة المصرية علي 11 ذهبية في الدورة رائعا ومبشرا ومؤكدا علي أن العمل يسير في الاتجاه الصحيح وأن سعي الاتحاد للحصول علي منح دراسية في الجامعات الأمريكية لعدد من السباحين المصريين الواعدين خطة نجاح موفقة بدأت توتي ثمارها وفقا لما أكده خبير السباحة ونائب رئيس الاتحاد ورئيس بعثة السباحة بالدورة محمد هارون الذي كانت سعادته لا توصل بنجاح سباحينا في الوقوف في مواجهة سباحي جنوب افريقيا وبينهم أبطال العالم في عدة سباقات ولهم أرقامهم العالمية وحصلت بعثة الأول أي جنوب افريقيا علي 17 ذهبية في السباحة وحدها وهو ما جعلها تتعشم في قيادة انقلاب حقيقي في صدارة الدورة لمصلحتها انطلاقا من ذهب الحمام لولا تدخل الأوناش المصرية وبدء منافسات رفع الأثقال الذين حصلوا وحدهم 25 ميدالية ذهبية لكن يجب أن يوضع في الاعتبار أن احتساب ميدالية للمجموعة وهو حاصل جمع رقم الرباع في رفعتي الخطف والنظر هو غير معمول به في الأوليمبياد وبطولات العالم التي تمنح الميدالية علي الرفعة فقط دون المجموعة. وفي تفوق نوعي أوليمبي مهم كان حصول اللاعب القوي علي ذهبيتي مصطفي الجمل في الاطاحة بالمطرقة وهي ميدالية غالية ولها قيمتها اذ شارك الجمل وهو مصاب بارتشاح في ركبته اضطر للعب علي ركبة واحدة بل ورمي رمية واحدة بعد تحذير الأطباء له لكنه كان بالفعل هو الجمل وخطف الذهب من بطل جنوب افريقيا وكانت ميدالية ايهاب عبدالرحمن البطل العالمي في رمي الرمح لها أيضا أهميتها لدرجة أن ايهاب وفي غياب منافسه الأول جوليوس الكيني بطل العالم وصاحب الذهبية الأخيرة ببكين والذي جاء بطل مصر بعده غاب البطل الكيني عن دورة الألعاب للاصابة خلال مشاركته في الدوري الماسي ببروكسل مؤخرا وكان الباب مفتوحا أمام ايهاب عبدالرحمن لحصد الذهبية وجاء عازما علي الاكتفاء برمية بسيطة ربما تصل ل80 مترا فقط دون الحاجة لرفع الرمية لكنه فوجيء بلاعب غانا يرمي رمية خاطئة الي 82 مترا واذا بالحكام يحتسبونها له وهو ما عرض بطل مصر لضياع فرصته الذهبية فكان ان رفع من رميته الي 85.39 وينال الذهبية. وكما تألقت الأوناش كان حضور أبطال التايكوندو رائعا والمصارعة مؤثرا والكاراتيه والجمباز مقبولا ولكن عن أبطال البارليمبية ومتولي مطحنة ورفاقه حدث ولا حرج..! الكونغو احتفلت بختام أنجح الألعاب الافريقية بحضور وفرحة رئيسها دينيس ساسو مساء السبت وتم انزال علم الدورة لكنه لم يسلم لأحد.. فليس معلوما بعد أي دولة ستنظم دورة 2019. فهل تفعلها مصر..؟!