الرئيس السيسي يفتتح جلسة منتدى رجال الأعمال المصري الأوغندي (نص الكلمة)    يضم 200 سرير.. وزير التعليم العالي ومحافظ بني سويف يفتتحان المجمع الطبي ل«تعليم» (تفاصيل)    «مصيلحي» و«المصيلحي».. قصة وزيرين جمعهما الاسم والمنصب وعام الموت    خلال مأدبة عشاء.. وزير السياحة يستعرض نظيرته الصربية فرص الاستثمار في مصر    المشاط تشارك في إطلاق الاستراتيجية الوطنية للشباب والرياضة 2025-2030    «التنمية المحلية» تكشف تفاصيل التوجيه بإيقاف العمل الميداني لعمال النظافة خلال أوقات الذروة    غدًا.. قطع المياه عن مدينة أشمون في المنوفية 8 ساعات    القاهرة الإخبارية: وصول وفد من حركة حماس برئاسة خليل الحية إلى مصر    نيفين القباج تنعى وزير التموين الأسبق علي المصيلحي: مدرسة في العطاء وخدمة الناس    معدل التضخم في أمريكا يسجل 2.7% على أساس سنوي    فالفيردي يؤكد جاهزيته لأولى مباريات ريال مدريد في الموسم الجديد    مباشر الآن.. مباراة مصر ومالي في بطولة أفريقيا لكرة السلة «الأفروباسكت»    «طبيعي يزعل ولكن».. شوبير يعلق على أنباء مفاوضات بيراميدز مع الشناوي    تطور مفاجئ في صفقة انتقال وسام أبو علي إلى كولومبوس الأمريكي (خاص)    الداخلية تكشف حقيقة فيديو "سيدة دمياط" المتهمة بنشر محتوى خادش للحياء    الأوبرا تحتفل ب عيد وفاء النيل في معهد الموسيقى العربية الأربعاء    دنيا سمير غانم تكشف سبب منع ابنتها «كايلا» من الحديث مع وسائل الإعلام (فيديو)    أصحاب 5 أبراج الأفر حظًا هذا الأسبوع.. هل أنت منهم؟    «تارت المانجو بكريمة البيستري».. حضري حلوى صيفية فاخرة بطعم الانتعاش (الطريقة والخطوات)    وفد «الحكماء» يتفقد الخدمات الطبية المقدمة للمرضى الفلسطينيين بمستشفى العريش    حجز نظر استئناف المتهم بقتل مالك قهوة أسوان على حكم إعدامه للقرار    الجامعة العربية تؤكد أهمية تضافر الجهود الدولية لوقف الحرب على غزة    تقرير: إسبانيا تخاطر بعداء ترامب نتيجة سياساتها الدفاعية وعلاقاتها مع الصين    منة تصنع المستحيل.. مصر تحصد ميدالية تاريخية في الكونغ فو بدورة الألعاب العالمية    كريستال بالاس يهاجم يويفا بعد حرمانه من الدوري الأوروبي    الطقس غدا.. موجة شديدة الحرارة وأمطار تصل لحد السيول والعظمى 41 درجة    "الجمهور حاضر".. طرح تذاكر مباراة الزمالك والمقاولون العرب في الدوري    بعد 6 شهور.. وائل جسار يعود لإحياء الحفلات الغنائية في أوبرا دبي    وكيل وزارة الصحة بالدقهلية يحيل المدير الإداري لمستشفى الجلدية والجذام للتحقيق    إنجاز طبي جديد بقنا العام: إنقاذ سيدة من نزيف حاد بتقنية دقيقة دون استئصال الرحم    الجمعة.. فرقة واما تحيي حفلاً غنائياً في رأس الحكمة    هاني تمام: "القرآن يأمرنا بالمعاشرة بالمعروف حتى في حالات الكراهية بين الزوجين"    كامل الوزير: عمل على مدار الساعة لتحقيق مستوى نظافة متميز بالقطارات والمحطات    الدقهلية تبدأ مهرجان جمصة الصيفي الأول 2025 للترويج للسياحة وجذب الاستثمار    الداخلية تضبط تيك توكر يرسم على أجساد السيدات بصورة خادشة للحياء    حملات موسعة لهيئة البترول للتصدي لمخالفات تداول وتوزيع المنتجات البترولية    مصرع طفل غرقا في ترعة باروط ببني سويف    اليوم.. إعلان نتيجة انتخابات مجلس الشيوخ 2025    حزب الوعي: زيارة الرئيس الأوغندي لمصر يعكس الإرادة السياسية لقيادتي البلدين    محافظ كفر الشيخ: النزول بسن القبول برياض الأطفال ل3 سنوات ونصف    رئيس «قومي المرأة» تبحث سبل التعاون مع نائب رئيس جامعة الأزهر    «العمل» تجري اختبارات للمرشحين لوظائف الأردن بمطاحن الدقيق    الجمعة.. قصور الثقافة تقيم فعاليات متنوعة للأطفال بنادي الري احتفالا بوفاء النيل    محافظ الجيزة يترأس اجتماع اللجنة التيسيرية لمشروع تطوير منطقة الكيت كات    محمد نور: مقياس النجاح في الشارع أهم من لقب «نمبر وان» | خاص    رسميًا.. باريس سان جيرمان يتعاقد مع مدافع بورنموث    موعد والقناة الناقلة لمباراة الزمالك والمقاولون العرب    12 أغسطس 2025.. أسعار الأسماك في سوق العبور للجملة اليوم    خبراء: أوكرانيا تحولت إلى مختبر حربي للصين لاختبار أسلحة وخطط المواجهة مع أمريكا في المستقبل    وزير الصحة يبحث مع المرشحة لمنصب سفيرة مصر لدى السويد ولاتفيا التعاون الصحى    تحرير 131 مخالفة للمحلات التى لم تلتزم بقرار مجلس الوزراء بالغلق    هل يجب قضاء الصلوات الفائتة خلال الحيض؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    "زاد العزة" تواصل إدخال المساعدات المصرية إلى القطاع رغم العراقيل    أمين الفتوى: "المعاشرة بالمعروف" قيمة إسلامية جامعة تشمل كل العلاقات الإنسانية    انخفاض أسعار الدواجن اليوم الثلاثاء بالأسواق (موقع رسمي)    العظمي 38.. طقس شديد الحرارة ورطوبة مرتفعة في شمال سيناء    مواقيت الصلاة في أسوان اليوم الثلاثاء 12أغسطس 2025    أجمل عبارات تهنئة بالمولد النبوي الشريف للأهل والأصدقاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل اجتازت تركيا مرحلة الخطر؟ - سعيد الحاج

لا شك أن المحاولة الانقلابية الفاشلة في تركيا ستؤرخ كانعطافة مهمة وحاسمة في تاريخها الحديث، وستذكر الكثير من العوامل التي ساهمت في إفشال هذه المحاولة من الرئيس التركي مرورا بجماهير الشعب والمعارضة السياسية وليس انتهاء بدور بعض المؤسسات والشخصيات، وستخلد في مخيلة الشعب التركي وأدبياته لفترة طويلة على أنها الحدث الذي يمكن أن يؤرخ على أنه نهاية حقبة الانقلابات العسكرية وبداية الجمهورية التركية الثانية أو «تركيا الجديدة».
ولئن كنا لا نختلف كثيرا على محورية الحدث وأهميته وإمكانية أن يكون بداية صفحة جديدة ومختلفة كليا في كتاب تجربة العدالة والتنمية بقيادة أردوغان – باعتبار قيادته الفعلية للحزب حتى اليوم -، خصوصا بعد الإجراءات الاستثنائية بخصوص إعادة هيكلة المؤسسة العسكرية وتبعيتها ومنظومتها الداخلية، والقرارات التي طالت مختلف مؤسسات الدولة وعدة وزارات، لكن نظرة هادئة اليوم بعد حوالي شهر من الحدث على الواقع التركي من خلال منظور تاريخي مدرك لتعقيدات المشهد في تركيا داخليا وخارجيا تبدي بشكل واضح أن مرحلة الخطر لم تنته تماما وأن الأمور لم تستتب بعد للعدالة والتنمية كما قد يُتخيل لدى النظر من بعيد بعين متفائلة؛ إذ ما زالت تمثل أمامه بعض التحديات المهمة والخطيرة، أهمها:
أولاً، الانقلاب العسكري: يمكن أن يقال إن إفشال المحاولة الأخيرة سيصعّب من إمكانية حدوث انقلاب قادم أو يجعله أفدح ثمنا، لكنه لن يغلق الباب تماما أمامه؛ لعدة أسباب. فمن المتعذر تغيير عقيدة المؤسسة العسكرية في 14 عاما من الحكم، كما أن العدالة والتنمية لا يملك الكوادر التي يمكنها ملء فراغ المفصولين من المؤسسة العسكرية أو الموقوفين على ذمة التحقيق في قضية الانقلاب، وبالتالي فتصفية جماعة كولن من الجيش يعني إعادة الاعتبار والسيطرة للتيار الكمالي فيه وهو التيار صاحب الانقلابات الأربعة السابقة، بمعنى أن الحكومة تستبدل بهذه العملية خصما بخصم آخر.
يبقى أن نقول إن أحد أهم أسباب فشل الانقلاب الأخير هو عدم اجتماع كلمة المؤسسة العسكرية خلفه، بينما لو قرر رأس هرم الجيش في المستقبل الانقلاب على الحكومة لما أمكن إفشاله بنفس السهولة، اللهم إلا أن مواجهته ستؤدي إلى مشهد شبيه بمصر ورابعة والنهضة، لا قدر الله. وبالتالي، من المهم احتواء غضب القيادات العسكرية من الإجراءات الحكومية بشان المؤسسة ككل، وهو ما تضعه القيادة السياسة التركية نصب الأعين حتى الآن من خلال الحرص على سمعة الجيش وتماسكه وقياداته الحالية.
ثانياً، التتظيم الموازي: توحي الأعداد الكبيرة للمفصولين من الجيش وباقي مؤسسات الدولة والموقوفين عن عملهم في الوزارات والهيئات الحكومية المختلفة بأن جماعة الخدمة أو التنظيم الموازي قد استؤصل تماما من المشهد، وهو تقييم متفائل وسابق لأوانه بسبب افتقاده لمُعْطيين هامين عن التنظيم: الأول أنه يستخدم التقية والسرية الشديدة بحيث يستحيل الجزم بأعداد أفراده ومناصبهم وتوزيعهم، والثاني أن التنظيم متغلغل أيضا في المؤسسات الأمنية والقضائية التي يفترض أنها تكافح التنظيم؛ بما يعطيه هوامش للمناورة تظهر بين الفينة والأخرى على شكل إطلاق سراح بعض قياداته المهمة واختفائهم/إخفائهم أو على شكل «انتحار» بعض القيادات العسكرية المشاركة في الانقلاب في السجون قبل اكتمال التحقيق!.
ثالثاً، الاغتيالات والتفجيرات والفوضى: كان مما اختلف فيه الانقلاب الأخير عن سابقيه أنه وضع ضمن خطته احتمال اللجوء لاغتيال الرئيس ورئيس جهاز الاستخبارات في حال تعذر اعتقالهما، وبالتالي ففشل الانقلاب لا يعني زوال الخطر بالكلية؛ إذ أن الاغتيالات والتفجيرات وإحداث حالة من الفوضى تبقى دائما ضمن إطار الممكن والأسهل من عملية الانقلاب بحد ذاتها. ولعله يمكن تصنيف المواجهة مع حزب العمال الكردستاني تحت هذا الباب، اختراقا او استثمارا لحالة الضبابية السائدة منذ الانقلاب الفاشل.
رابعا، سؤال الخلافة: قدم مندريس نموذجا متقدما للحكم بعد بدء التعددية السياسية في البلاد، لكن الانقلاب العسكري عام 1960 حكم عليه بالإعدام، وبدأ تورغوت أوزال مرحلة الانفتاح والتنمية في تركيا، وانتقل من رئاسة الوزراء إلى الرئاسة لكن الموت لم يمهله في ظروف ملتبسة ما زالت أمام المحاكم حتى اليوم بسبب شكوك حول قتله/تسميمه. وفي الحالتين انتهت المسيرة بغياب القائد لأن حزبيهما حزبان جماهيريان غير مؤدلجين افتقدا للقيادات البديلة القادرة على إدامة المسيرة وحمل الراية من بعدهما.
واليوم، يبدو الرئيس التركي ممسكا بزمام المبادرة ومحفوفا بقاعدة جماهيرية غير مسبوقة ومشفوعا بالكثير الكثير من الإنجازات والكاريزما والمهارات القيادية والتوفيق، بيد أن العدالة والتنمية سيكون أمام اختبار صعب في مرحلة ما بعد أردوغان، المؤسس والرئيس والزعيم والقائد شديد المركزية في الإدارة، سيما في ظل إبعاد/ابتعاد/استبعاد الأسماء الكبيرة القادرة على القيادة وجمع شمل الحزب من بعده، وفي مقدمتها عبدالله جول وأحمد داود أوغلو.
خامسا، الاستدراج والتوريط: تختلف التحديات الداخلية مهما اشتدت درجتها وتعقدت تفاصيلها عن التحديات الخارجية اختلافا جذريا، وبالتالي فضمان الأمن الداخلي لا يلغي إمكانية التوريط والاستنزاف في الخارج، سيما في المشهد السوري. ورغم أن القيادة التركية قد رددت أكثر من مرة أنها لن تستدرج نحو «المستنقع» السوري وأنها لن تتدخل عسكريا، إلا أن استمرار الظروف الضاغطة والاعتداءات إضافة إلى عوامل أخرى عديدة من بينها إمكانية إقدام أي طرف تركي على عمل عسكري محدود دون علم أو أمر القيادة قد تضعها في خانة المضطر، وهي مرحلة يملك صانع القرار أن يتخذ قرار الولوج فيها لكنه لا يضمن توقيت أو نتائج الخروج منها.
سادسا، العامل الخارجي: بمنطق بدهي مبسَّط لا يمكن أن يحصل انقلاب في دولة كتركيا، ولا أي دولة أخرى، إلا بمساعدة خارجية أو ضوء أخضر في الحد الأدنى، في الغالب من واشنطن. وبالتالي تحمل المحاولة الانقلابية رغم فشلها رسائل واضحة لأنقرة حول «مستوى عدم الرضى» عن سياساتها وقيادتها والمدى الذي يمكن أن تذهب إليه بعض الأطراف الدولية في معاقبتها. فحتى ولو سلمنا بفوات خطر الانقلاب بشكل كامل والسيطرة على كل مفاصله، فلن تعدم هذه الجهات أدوات وفواعل أخرى يمكنها استخدامها لإسقاط أردوغان والحكومة أو على الأقل إشغالهما، كبعض الفواعل والعوامل التي مر ذكرها في هذا المقال.
في الخلاصة، فقد دخلت تركيا بالفعل بعد إفشال المحاولة الانقلابية في مرحلة جديدة تمتلك فيها الكثير من أوراق القوة لصناعة «تركيا الجديدة» أو «تركيا القوية»، سيما بعد توحد الشارع والأحزاب السياسية مع الحزب الحاكم في رفض الانقلاب، ثم تقليم أظافر المؤسسة العسكرية وإخضاعها تماما للقرار السياسي المدني، فضلاً عن المواجهة الشاملة مع التنظيم الموازي. لكن كل ذلك لا يعني انتهاء المخاطر والمهددات أو انتفاءها، بل قد يعني ببساطة الانتقال من مستوى لآخر من مستويات المواجهة والاستهداف والإشغال والاستنزاف، وهو ما يعني أننا قد نكون – قريبا أو بعيدًا – أمام سيناريو مختلف تمامًا، وهو ما يضع التجربة التركية مرة أخرى على محك الاختبار الذي نأمل أن تنجح فيه كما نجحت مع سابقيه.
هذا المقال لا يعبر الا عن رأي كاتبه


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.