دقائق من الرعب جنوب قنا.. 24 مصابًا بينهم أطفال في انقلاب ميكروباص بقفط    بالصور.. تشييع جثمان والد «أطفال دلجا الستة» في ليلة حزينة عنوانها: «لقاء الأحبة»    رغم هرولة الشرع للتطبيع، مروحيات إسرائيلية تستبيح مقر "الفرقة 15" بالسويداء    ليلة استمتع فيها الجمهور.. تامر حسنى يختتم حفل مهرجان العلمين بأغنية "قدها" وسط تصفيق حار    التنمية المحلية: بدء تنفيذ مشروع تطوير شارع إبراهيم بمنطقة الكوربة    وزير الخارجية يختتم جولته الأفريقية بشراكة اقتصادية تحقق التكامل بين مصر والقارة السمراء    "مستقبل وطن دولة مش حزب".. أمين الحزب يوضح التصريحات المثيرة للجدل    فلسطين.. جيش الاحتلال يقتحم بلدة المغير شرقي رام الله بالضفة الغربية    ترامب: لدينا فرصة للتوصل لاتفاق تجاري مع الاتحاد الأوروبي    "الجبهة الوطنية": دعوات التظاهر أمام السفارات المصرية تخدم أجندات مشبوهة    هآرتس: ميليشيات المستوطنين تقطع المياه عن 32 قرية فلسطينية    رد ساخر من كريم فؤاد على إصابته بالرباط الصليبي    تقرير يكشف موعد جراحة تير شتيجن في الظهر    رسميًا.. دي باول يزامل ميسي في إنتر ميامي الأمريكي    تردد قناة الأهلي الناقلة لمباريات الفريق بمعسكر تونس    "هما فين".. خالد الغندور يوجه رسالة لممدوح عباس    أسعار الذهب اليوم في السعودية وعيار 21 الآن ببداية تعاملات السبت 26 يوليو 2025    سعر المانجو والبطيخ والفاكهة في الأسواق اليوم السبت 26 يوليو 2025    24 مصابًا.. الدفع ب15 سيارة إسعاف لنقل مصابي «حادث ميكروباص قنا»    «الداخلية» تنفي «فيديو الإخوان» بشأن احتجاز ضابط.. وتؤكد: «مفبرك» والوثائق لا تمت بصلة للواقع    الحماية المدنية بالقليوبية تسيطر على حريق كابينة كهرباء بشبرا| صور    الإسماعيلية تكشف تفاصيل مهرجان المانجو 2025.. الموعد وطريقة الاحتفال -صور    "الذوق العالى" تُشعل مسرح مهرجان العلمين.. وتامر حسنى: أتشرف بالعمل مع منير    فلسطين.. شهيدة وعدة إصابات في قصف إسرائيلي على منزل وسط غزة    «مش عارف ليه بيعمل كده؟».. تامر حسني يهاجم فنانا بسبب صدارة يوتيوب .. والجمهور: قصده عمرو دياب    بعد «أزمة الحشيش».. 4 تصريحات ل سعاد صالح أثارت الجدل منها «رؤية المخطوبة»    مستشفى الناس تطلق خدمة القسطرة القلبية الطارئة بالتعاون مع وزارة الصحة    «لو شوكة السمك وقفت في حلقك».. جرب الحيلة رقم 3 للتخلص منها فورًا    محمد رياض يستعرض معايير التكريم بالمهرجان القومي للمسرح: لا تخضع للأهواء الشخصية    محافظ شمال سيناء: نجحنا في إدخال عدد كبير من الشاحنات لغزة بجهود مصرية وتضافر دولي    ترامب يحذر الأوروبيين من أمر مروع: نظموا أموركم وإلا لن تكون لديكم أوروبا بعد الآن    تامر حسني يهاجم عمرو دياب بعد تصنيف الهضبة لألبومه "لينا ميعاد": أنا تريند وأنت تحت    سعر الدولار اليوم أمام الجنيه والعملات العربية والأجنبية السبت 26 يوليو 2025    ليكيب: برشلونة يتوصل لاتفاق مع كوندي على تجديد عقده    خبر في الجول - اتفاق مبدئي بين بيراميدز وبانيك لضم إيفرتون.. ومدة التعاقد    رد فعل مفاجئ من كريم فؤاد بعد أنباء إصابته بالصليبي (صورة)    إحباط تهريب دقيق مدعم ومواد غذائية منتهية الصلاحية وسجائر مجهولة المصدر فى حملات تموينية ب الإسكندرية    أحمد السقا: «لما الكل بيهاجمني بسكت.. ومبشوفش نفسي بطل أكشن»    هاكل كشري بعد الحفلة.. المطرب الشامي يداعب جمهوره في مهرجان العلمين    روعوا المصطافين.. حبس 9 متهمين في واقعة مشاجرة شاطئ النخيل في الإسكندرية (صور)    وزير الأوقاف: الحشيش حرام كحرمة الخمر سواء بسواء والادعاء بحِلِّه خطأ فادح    أخبار كفر الشيخ اليوم.. شاب ينهي حياة آخر بسبب خلاف على درجة سلم    6 أبراج «الحظ هيبتسم لهم» في أغسطس: مكاسب مالية دون عناء والأحلام تتحول لواقع ملموس    تنسيق الثانوية العامة 2025.. التعليم العالي: هؤلاء الطلاب ممنوعون من تسجيل الرغبات    باحثة في قضايا المرأة: الفتيات المراهقات الأكثر عرضة للعنف الرقمي    عقود عمل لذوي الهمم بالشرقية لاستيفاء نسبة ال5% بالمنشآت الخاصة    مشروبات طبيعية تخفض ارتفاع ضغط الدم    الجلوكوما أو المياه الزرقاء: سارق البصر الصامت.. والكشف المبكر قد يساهم في تجنب العمى الدائم    يسرى جبر: حديث السقاية يكشف عن تكريم المرأة وإثبات حقها فى التصرف ببيتها    عالم أزهري: خمس فرص ثمينة لا تعوض ونصائح للشباب لبناء المستقبل    برلماني: الدولة المصرية تُدرك التحديات التي تواجهها وتتعامل معها بحكمة    رددها الآن.. أفضل أدعية لاستقبال شهر صفر 1447 هجريًا    جامعة دمنهور الأهلية تعلن فتح باب التسجيل لإبداء الرغبة المبدئية للعام الجديد    وزير الاستثمار والتجارة الخارجية يلتقي مسؤولي 4 شركات يابانية لاستعراض مشروعاتها وخططها الاستثمارية بالسوق المصري    أسعار الأرز في الأسواق اليوم الجمعة 25-7-2025    الحكومية والأهلية والخاصة.. قائمة الجامعات والمعاهد المعتمدة في مصر    متحف الفن المعاصر بجامعة حلوان يستعد لاستقبال الزوار    شائعات كذّبها الواقع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"إنتوا مين"؟!

هذه ليست مجرد كلمة تمر مرور الكرام، خاصة حينما ترد على لسان من تصدر لأمر الناس وادعى حكمهم، حينما يتلفظ الحاكم المستبد بهذه الكلمة فإنها أقسى تعبير عن منظومة الاستخفاف "من أنتم؟!" "إنتوا مين؟!"، منظومة الاستخفاف الفرعونية، تقوم على قاعدة الاستخفاف والقابلية للاستخفاف "استخف قومه فأطاعوه"، وهو تعبير عن العلاقة الاستبدادية التي تعشش ليس في رأس المستبد فحسب ولكن تتمكن من نفوس المُستَبَدِ بهم، أن من يريد أن يساعد في أمن المستبد فليأتي ومن لا يريد فإن مصيره المحتوم معروف، المستبد هو القيمة، وقيمة أي شخص في خدمة آلة المستبد وتروسه وترسانته هي أن تقوم ليل نهار في خدمته وتفقُد إشارته وتلمس أوامره الخفية وغير الخفية، فرغباته أوامر وأحلامه قرارات، وكلامه حتى لو بدا غير معقول هو الحكمة والرشد في ذاته.
هذه الكلمة قالها القذافي حينما لم يصدق ما يحدث من معارضة وثورة عليه وعلى منظومته، كان دائمًا يومئ فيطاع، ويقول فيهتفون حتى لو تكلم بالكلام الفارغ، حينما غضب ذات مرة من شعبه تركهم عقوبة، وذهب لزيارة مصر ثم عاد، وحينما غضب منهم الثانية لم يبرح ليبيا بل خطب خطبة شهيرة، يوبخ فيها شعبه، مؤكدا على أنه ليس في كل مرة يغضب منهم سيترك البلد "واخد على خاطره"، بل إنه في هذه المرة نادى عليهم أن يذهبوا إلى أي مكان، في سابقة خطيرة ضمن حالة الاستخفاف، نادى على شعبه أن "يرحل" وقال لهم اذهبوا إلى أي مكان، فلم يعد يطيقهم، إنها سلسلة الاستخفاف، فحينما برز من برز إبان الثورة عليه، لم يكن يراهم إلا قطيعا يُساق، يأمرهم فيطيعون استغرب واستخف فقال من غير جمهور معه حينما قرر أن يخطبهم بلا حضور: من أنتم؟!.
واصل المنقلب سيرته ومسيرته "مسيرة: إنتوا مين"، استخفافًا بكوارث ارتكبها فلم يسأل من أنا؟!، ولكنه اكتفى كسابقه بمخاطبة من يخاطبه "إنتو مين؟!" في إطار عقلية مركبة من الامتلاء والاستكفاء والاستغناء والاستعلاء ليعبر عن رباعية خطيرة حينما يصل إليها المستبد فاعلم أنه لا يتحمل وأن له كذلك ألا يتجمل، فيطلق كلاما داخله يدل دلالة قاطعة على استخفافه ولكن باهتزاز، وعلى سخريته ولكن بتوتر شديد، يكشف عن ضعف حاله وخوفه ورعبه من غدره والغدر به، خوف على حاله، ورعب من مآله، في هذا الشأن انطلقت صيحته المرتعبة التي هي حبلى بمكنونات خطيرة: إنتوا مين؟!.
وقبل أن نجيبه "إنتوا مين؟!" عن سؤال الاستخفافي الساخر والمرتعب في آن، نحاول أن نجيب على سؤال يفترض أن يُسأل: أنت مين؟!.
أنت أيها المنقلب الغادر الذي انقلبت على رئيس منتخب مدني وغدرت به واختطفته بدعوى أنه أخذ السلم معه، وأقسمت أيمان غموس كررتها المرة تلو المرة أنك لا تريد سلطة، وأن ما يحدث ليس بحكم عسكر، فليس لك من عهد وعهدنا عليك كل غدر، طاردت الناس واعتقلتهم، أقمت المجازر ترويعا وتخويفا، حرقا وخنقا، قتلت بدم بارد وبأهون أمر روعت النفوس وأقمت المشانق وصدرت إعدامات وأحكام هي أقرب ما تكون إلى التنكيل والتخويف، عاد الناس يهمسون خوفا ويسكتون رعبا ويصمتون قمعًا، وعدت الناس بفائض كلام وبيع أوهام وترويج أحلام، منها حلم "السيف والأوميجا" وأعلنت المرة تلو المرة عن مشروعات قومية، لم تكن إلا أوهام فنكوشية، ومشروعات من غير دراسات جدوى أو أي رويّة، من جملة حملة كذب تقودها لا نرى فيها إلا محاولة تغطية فشل على فشل بمتواليته التي لا تنتهي، فكانت عنوانا للفشل ذاته أسميتها إنجازات وما هي كذلك، زادت الأسعار، ورفعت معظم الدعم وضيقت على عموم الناس في معاشهم، وهونت من أمر مطالبهم، وصدرت لهم "مفيش"، "ما عنديش" "فناكيش"، "مش قادر أديك" بل جُرت عليهم وطالبتهم بالمزيد، أما سدنتك ومعامل إفك إعلامك ورجال أعمال فسادك وشبكتهم فهم آمنون، وهؤلاء الذين يمكنون لكرسيك من قضاء وإعلام وأمن ماضون، ينتهكون الكرامة والحرية، ويصنعون مجتمع الخوف والكراهية والانقسام، إنها بيئة استبدادك العفنة، التي فاحت رائحتها النتنة، حكمت فتحكمت، خربت وقتلت، خنقت وحرقت، طاردت واعتقلت، جرت وظلمت، وبعد ذلك لم تسأل نفسك "أنت مين" بل زعقت بأعلى صوت: "إنتوا مين؟!".
أيها الغادر الذي تطارده غدرته، عرفت أنت من؟، فلنجبك على سؤالك: أنتو مين؟، نحن يا هذا الثورة القادمة التي لن تبقي من شبكات استبدادك ومؤسسات فسادك، هؤلاء الذين وظفوك وانتدبوك لحماية مصالحهم الدنيئة الآنية والأنانية.
نحن شباب ثورة يناير الذين حملوا شعارها وقدرها، هدفها ومكتسباتها ثورة وقفت ضدها إبان ثورانها، لن يدع هؤلاء أن تفلت منهم وتحقيق شعاراتها "عيش كريم وحرية أساسية وكرامة إنسانية وعدالة اجتماعية".
عرفوك كواجهة للثورة المضادة في موقعة الجمل، وفي أحداث استاد بور سعيد عرفوك متورطا في تطويق الثورة وكان ذروة ذلك انقلابك في الثالث من يوليو مستغلًا بعض البسطاء وقليل من الشرفاء وكثيرا من أصحاب المصالح الأنانية الشركاء بما يمثلون من قوى متشاكسة (شركاء متشاكسون).
نحن الذين نريد أن نسترد ثورة يناير ونستعيد روح ائتلافها مع اختلاف مكوناتها وقدراتها، الذين يريدون ترجمة هذه الثورة إلى دولة، "دولة يناير".
نحن الذين لم نعد نقبل مستعبد مستبد يستعبد عموم الناس يروعهم أو يفقرهم أو يستخف بهم، صاروا كرماء شرفاء أعزاء، لا يقبلون أن تُهان كرامتهم أو يستخف بقوتهم.
مستخفا بكل من يعارضه أو يقول له "لا" يوجه لهم الحديث "انتو مين" ممتلئا ومنتفخا "ماتسمعوش حد غيري"، مستكفيا ومستغنيا " أنا فاهم كل حاجة" فهو طبيب الفلاسفة المسموع في العالمين، وهو أخيرا يمارس أصى درجات الاستعلاء وفي تحدٍ غير مسبوق "مش هسيبها"، يا سادة إنها النهاية، كانت دائما "من أنتم" هي النهاية، وكانت تلك الكلمة التعبير السافر عن أعلى درجات الاستخفاف، هو لا يرى شعبا يعقب عليه أو ينقده، الشعب كما جاء في تسريباته "متنيل"، وهو رهن إشارته "نقومه ونقعده"، و"ناخد اللقطة"، و"نلبسه العمة"، فلم يكن عجيبا في غفلته ورعبه، في سخريته ومسخرته "إنتوا مين" منتفخًا في ذاته مستخفًا بشعبه في حالة من الإنكار والاستنكار، كانت عبارة القذافي المقتول "من أنتم" وعبارة مبارك المخلوع "خليهم يتسلوا" بداية لنهاية، ولكل ظالم نهاية، وستعرف الإجابة عما قريب لسؤالك "إنتوا مين؟!".
هذا المقال لا يعبر الا عن رأي كاتبه


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.