يأتي افتتاح معرض الكتاب في دورته ال46 هذا العام بالتزامن مع ارتفاع وتيرة القمع من قبل سلطات الانقلاب العسكري، وهو ما أثر بشكل كبير في المعرض ككل سواء من حيث المعروضات من الكتب أو من خلال التنظيم. من يتوجه لمعرض الكتاب بأرض المعارض بمدينة نصر سيجد أنه متواجد بثكنة عسكرية فعلى بُعد أمتار من المعرض تجد سيارات الأمن المركزي والتشكيلات الأمنية وقوات الأمن المركزي تتمركز من خلال نقاط وكمائن أمنية بالقرب من مقر المعرض، وما أن تصل إلى بوابات المعرض تجد تشكيلات أمنية وقيادات أمنية تجلس أمامه على كراسي ومنضدات وأمامهم طاولة يحتسون بعض المشروبات، ثم تتجه شيئا فشيئا لشباك التذاكر لتجد انتشاراً آخر لجنود وضباط الأمن المركزي بعضهم يقف أمام البوابات لتفتيش المارة والبعض الأخر مندس بين رواد المعرض. بالفعل إذا توجهت للمعرض ستجد عناصر ورجال الأمن يقفون بجوار طابور الدخول ينظرون إليك بأعين محدّقة يدققون في أوجه الزائزين، وقد بدا جليا اليوم خلال زيارة قمنا بها للمعرض أن عناصر الأمن تقف بين الزائرين قبيل الدخول في طوابير الانتظار من أجل التقاط بعض المعلومات، فلربما يتم التطرق للحديث عن السياسة أو أوضاع البلد ويكون صيدا ثمينا لهم. وقد شهد المعرض اليوم في ثاني أيامه زحاما شديدا، وامتدت الطوابير بالأمتار أمام بوابات المعرض، وقد كان السبب الأساسي في التكدس أمام بوابات المعرض هو التفتيش الأمني الزائد المفروض على الزائرين عند الدخول. لم يكن الانتشار الأمني والثكنة العسكرية بالخارج فقط بل كانت بداخل المعرض أيضا وداخل دور العرض، فخلال مرورنا بصالات "ألمانيا"، و"إيطاليا"، و"المملكة العربية السعودية"، و"الأهرام" وجدنا عناصر من الشرطة بزيها العسكري تتجول داخل الصالات، وتستمتع بشكل مخفي لأحاديث الزائرين، في وسيلة من وسائل داخلية الانقلاب لجس نبض الحضور منعا لأي تجمعات أو تظاهرات معارضة. كما انتشر رجال الأمن بزي مدني بين الزائرين وكذلك شوهد تواجد من قبل الشرطة النسائية بين مداخل ومخارج المعرض. وكان للسطوة الأمنية أثر أيضا على الكتب فقد اختفت الكثير من الكتب السياسية التي كانت تنتشر بشكل كبير فيما سبق، وبدا بشكل عام بأن هناك تركيزاً في الصالات ودور العرض على الكتب الدينية الخاصة بالقرآن والفقه والسيرة، فضلاً عن كتب الأطفال التي احتلت مساحة كبير من دور العرض بالمعرض، وكذلك كتب التنمية البشرية التي شغلت مساحة كبيرة، واختفت بالفعل كتب للعلماء المحسوبين على الإخوان مثل الدكتور يوسف القرضاوي أو سيد قطب. أثناء جولتنا قابلنا تطبيق "عم أمين" الدليل والمرشد لزوار المعرض، وهما شباب متطوعون يوفرون للزائرين خدمة البحث عن الكتب داخل المعرض. ويحتوي تطبيق "عم أمين" على ثلاثة اختيارات، الأول يتيح التعرف على خريطة المعرض بالتفصيل ومعرفة أماكن الأنشطة ودور النشر، والثاني باسم "دليل الكتب"، ويتضمن أماكن بيع الكتب وأسعارها وكاتبها ودار النشر التابعة لها، أما الثالث، فهو مخصص ل"جدول الأنشطة". وقد شكا الكثير من المواطنين من ارتفاع أسعار الكتب خلال المعرض هذا العام عن سابقيه، وقد خلت الكثير من الصالات من الزائرين، واقتصرت على المشاهدة للكتب فحسب دون شراء، بينما توجه الكثيرون إلى سوق الأزبكية الذي يتواجد في المعرض لشراء رغباتهم بأسعار زهيدة.