جاء قرار الاتحاد الأوروبي بعدم مراقبة الانتخابات البرلمانية في مصر المقرر إجراؤها في مارس وإبريل القادمين صادمًا على ما يبدو لمؤيدي مسار الانقلاب العسكري وخارطة الطريق التي وعد بها. وكانت الممثلة العليا لشؤون السياسة الخارجية بالاتحاد فيديريكا موجيريني، فسرت اتخاذ قرار عدم إرسال بعثة كاملة لمراقبة الانتخابات بأن الوقت الحالي لمصر "لا يسمح بأي تفاهم بشأن حقوق الإنسان". وهو ما اعتُبر نقدًا مباشرًا لنظام الانقلاب من قبل المؤسسة التي كانت مواقفها أقل حدة في قرارات سابقة. ومع ذلك قرر الاتحاد إرسال بعثة مصغرة من عدد من الخبراء هدفها تقديم تقرير بشأن الانتخابات "بما في ذلك البيئة السياسية والحملة الانتخابية". ووجّه الاتحاد توصية تم توجيهها من قبل أثناء تقديم وضع مصر في الأممالمتحدة من عدد من الدول بأن "مصر تحتاج إلى معالجة وضع حقوق الإنسان، بما في ذلك نقص المساحة السياسية للرأي المعارض والمساحة المتقلصة لحريتي التجمع والتعبير". وأشارت ممثلة الاتحاد إلى أن هناك "قلقًا عميقًا آخر يتمثل في نقص المحاسبة"، حيث لم يوضع أي مسئول مصري منذ الانقلاب وحتى اليوم في موضع المساءلة، بما في ذلك فضّ اعتصامي رابعة العدوية والنهضة في 18 أغسطس 2013. ووُجه قرار الاتحاد بعاصفة من الهجوم من قبل أنصار مسار الثالث من يوليو، الذي يستعد حاليًا لتقديم مرشحين لخوض انتخابات يرى مراقبون أنها لا تمثل مواجهة حقيقية ولا توجد ضمانات حقيقية لنزاهتها. بداية اعتبر رفعت السعيد رئيس المجلس الاستشاري لحزب التجمع، تصريحات الاتحاد الأوروبي بأنها "مناورة لعدم الاعتراف بنتائج الانتخابات البرلمانية". ووصفها أحمد دراج، القيادي بتحالف ما يسمى "25-30"، ب"القرار الأهوج".قائلا: "إن ما قام به الاتحاد الأوروبي هو نوع من الطفولة السياسية التي لن تستطيع أن تحقق أي ضغط على مصر" مضيفًا: أن "البرلمان الأوروبي افتقد مصداقيته بتلك القرارات الغريبة"، على حد قوله. وعدها شعبان عبد العليم الأمين المساعد لحزب النور قرارًا غير مفهوم داعيًا الاتحاد إلى مراقبة الانتخابات ليشهد على نزاهتها أو عدم شفافيتها أو أن يعلن عن تحفظاته. واعتبر صلاح حسب الله نائب رئيس حزب المؤتمر أن "بعض المسئولين بالبرلمان الأوروبي وبمجلس النواب يرون مصر بعيون جماعة الإخوان، وليست بعيون محايدة" على حد تعبيره. وقال بهجت الحسامي المتحدث الرسمي باسم حزب الوفد إنه "يجب ألا نتوقف عند رأى البرلمان الأوروبي أو تعليق الأمريكان"، مشيرًا إلى أن "كل دولة لها معتقداتها وثوابتها الوطنية التي لا ترغب في أن يعتدى أي طرف عليها". وهكذا أجمع مؤيدو مسار 3 يوليو على أن الانتخابات ماضية في طريقها، وأن قرار الاتحاد الأوروبي لن يكون عائقًا أمام استكمال آخر مراحل خارطة الطريق المتمثلة في إجراء انتخابات برلمانية. ومن جهتها أعلنت اللجنة العليا للانتخابات على لسان مدحت إدريس المتحدث الرسمي باسم اللجنة أن الاتحاد الأوروبي لم يخطر أي جهة رسمية في مصر بعدم مشاركته في مراقبة الانتخابات البرلمانية معتبرًا تصريحات الممثلة العليا لشؤون السياسة الخارجية بالاتحاد في الملف الحقوقي بأنه شيء "يُسأل فيه من صرح به". وكانت اللجنة العليا للانتخابات أعلنت في 8 يناير الحالي أن انتخابات مجلس النواب التي طال انتظارها ستجرى على مرحلتين في مارس وإبريل. يُذكر أن مركز كارتر، أغلق مكتبه الميداني وكل فروعه في مصر منتصف أكتوبر الماضي، وأعلن أنه لن يرسل مراقبين للانتخابات البرلمانية، بسبب أن "المناخ السياسي في مصر يشهد استقطابًا عميقًا، وأن الانتخابات المقبلة من المرجح ألا تؤدي إلى تقدم حقيقي في مجال التحول الديمقراطي في مصر".