محافظ الفيوم يهنئ شيخ الأزهر ومفتي الجمهورية بحلول العام الهجري الجديد    محافظ أسوان يشهد الاحتفال بالعام الهجري الجديد بمسجد النصر    مبدأ قضائي: مجالس التأديب بالمحاكم هي المختصة بمحاكمة الكُتاب والمحضرين وأمناء السر    إطلاق مبادرة "سلامتك تهمنا " في موانئ دبي العالمية بالعين السخنة    وزير الكهرباء: مصر لديها مشروع قومي لتوطين التكنولوجيا الحديثة ودعم الصناعة    وزير الري يتابع إجراءات رقمنة أعمال قطاع المياه الجوفية وتسهيل إجراءات إصدار التراخيص    وزارة الاتصالات تشارك في المنتدى العالمي لأخلاقيات الذكاء الاصطناعي التابع لليونسكو في بانكوك    ترامب يلمح إلى تخفيف العقوبات النفطية عن إيران: «سيحتاجون المال لإعادة إعمار البلاد»    كييف تعلن إسقاط 24 من أصل 41 طائرة مسيرة روسية خلال الليل    وزير الشباب والرياضة يهنئ أبطال مصر بعد حصد 6 ميداليات في اليوم الأول لبطولة أفريقيا للسلاح بنيجيريا    موعد مباراة مصر والبرتغال في ربع نهائي بطولة العالم لكرة اليد شباب 2025    أولياء الأمور فى الجيزة ينتظرون أبناءهم أمام لجان الثانوية العامة بالورود.. صور    تكريم خالد لعبد الرحيم أمين.. فنان زينت أنامله كسوة الكعبة الشريفة    الكشف على 2888 حالة وتحويل مئات المرضى ضمن قوافل طبية متكاملة بقرى دشنا وقوص    في موجات الحر الشديدة.. كيف تحافظ على برودة جسمك وتجنب ضربات الشمس؟    عصمت يبحث إنشاء مصنع لبطاريات تخزين الطاقة والأنظمة الكهربائية في مصر    محافظ أسيوط يشهد انطلاق حملة "بشرة خير" لدعم 10 آلاف أسرة (صور)    المتعة لم تنته.. مواعيد مباريات دور ال16 في كأس العالم للأندية    أندية البرازيل مفاجأة مونديال 2025    جوارديولا يكشف تفاصيل إصابة لاعب مانشستر سيتي قبل مواجهة يوفنتوس في مونديال الأندية    انتصار السيسي تهنئ الشعب المصرى والأمة الإسلامية بالعام الهجري الجديد    عُقدة الثانوية العامة.. 813 ألف طالب يؤدون امتحان مادتي الفيزياء والتاريخ    الرطوبة مرتفعة والأرصاد تحذر من الطقس الحار وسط النهار    وفاة أحد مصابي حريق مطعم المحلة الشهير في الغربية    جهات التحقيق تأمر بتفريغ الكاميرات فى اتهام مها الصغير أحمد السقا بالتعدى عليها    مسئولون إسرائيليون ل "ترامب": لا ينبغى لك التدخل فى محاكمة نتنياهو    صورة لبلبة مع عادل إمام في سهرة خاصة «ليست حقيقية»    هيئة تنشيط السياحة بالشرقية تنظم رحلة للطلاب لزيارة تل بسطا وورش الفخار    هيفاء وبوسي يتصدران تريند اليوتيوب بعد أغنية فيلم "أحمد وأحمد"    وفاة والدة الدكتور محمد القرش المتحدث الرسمي لوزارة الزراعة وتشييع الجنازة في كفر الشيخ    جرائم الاحتلال تعود بعد توقف ضربات إيران: اعتقال 20 فلسطينيا من قرية العروج ببيت لحم    رئيسة حكومة إيطاليا تحتفل ب"وحدة الناتو" وتسخر من إسبانيا    نصائح تساعد فى تقوية مناعة الأطفال فى الصيف    الجلسة الافتتاحية لمؤتمر "التخدير والرعاية المركزة الخضراء": منصة علمية ورسالة مجتمعية    طريقة عمل خلية النحل، وجبة خفيفة لأطفالك وسريعة التحضير    محافظ مطروح: العلمين الجديدة تحولت لمقصد سياحي متميز على ساحل البحر المتوسط    بعد رحيله عن الزمالك.. حمزة المثلوثي يحسم وجهته المقبلة    مدرب باتشوكا المكسيكي: الهلال فريق منظم ولديه لاعبون رائعون    بنتايج خارج القائمة الأولى للزمالك بسبب العقود الجديدة    ننشر أسعار البيض اليوم الخميس 26 يونيو    رسميًا.. موعد صرف المعاشات بالزيادة الجديدة 2025 بعد قرار السيسي    نور عمرو دياب لوالدها بعد جدل العرض الخاص ل"فى عز الضهر": بحبك    الجوزاء يفتعل الجدل للتسلية.. 4 أبراج تُحب إثارة المشاكل    تهنئة السنة الهجرية 1447.. أجمل العبارات للأهل والأصدقاء والزملاء (ارسلها الآن)    مجلس الوزراء: تراجع واردات السكر الخام 54.5% خلال الربع الأول من 2025    «مستقبل وطن»: ندعم خطط الدولة ونولى ملف الاستثمار أولوية كبيرة    الناطق باسم الأمن الفلسطيني: جرائم الاحتلال لن تثنينا عن أداء دورنا الوطني    جهات التحقيق تستعلم عن الحالة الصحية لعامل وزوجة عمه فى بولاق    حبس عصابة الذهب والمخدرات 4 أيام على ذمة التحقيقات في قنا    تشديدات أمنية مكثفة بلجان الدقي لمنع الغش وتأمين سير امتحاني الفيزياء والتاريخ للثانوية العامة    مواعيد مباريات دور ال16 فى كأس العالم للأندية.. الإنتر يواجه فلومينينسى    الهجرة النبوية.. مشروع حضاري متكامل    رسميًا.. اليوم إجازة رأس السنة الهجرية 2025 للموظفين بالحكومة والقطاع الخاص    عشائر غزة تؤمن مساعدات وصلت لبرنامج الأغذية العالمي خشية نهبها    هل الزواج العرفي حلال.. أمين الفتوى يوضح    بمناسبة العام الهجري الجديد.. دروس وعبر من الهجرة النبوية    إليسا تهنئ نادر عبدالله بعد تكريمه من «ساسيم»: «مبروك من نص قلبي»    دار الإفتاء تعلن اليوم الخميس هو أول أيام شهر المحرّم وبداية العام الهجري الجديد 1447    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أين الضفة؟ - ساري عرابي
نشر في شبكة رصد الإخبارية يوم 15 - 08 - 2014

سبق لي وأن حاولت المساهمة في الإجابة على هذا السؤال، ولكن يبدو أن ثمة ما يحتاج مزيدًا من التحرير حول ما قيل حينها، فقد أشرتُ إلى عاملين مهمين كحدثين تأسيسين خلقا الفارق الحالي بين قطاع غزة والضفة الغربية، وهما: (انتفاضة الأقصى، والانقسام)، وذلك إضافة إلى عوامل أخرى.
ويبدو أن مفردة الانقسام أُخذت معزولة عن سياقها، مع أنها كانت مجرد أداة لغوية لتوضيح أسباب اختلاف السياسات في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة، فما عزّز الإنجاز الذي تحصّل بانتفاضة الأقصى في قطاع غزة، هو وجود حكومة منبثقة عن حركة مقاومة وفّرت البيئة المناسبة لعمل المقاومة في القطاع، وهذه الحكومة انفردت بحكم قطاع غزة دون الضفة ضمن سياق معين اصطلح عليه بالانقسام، فهذه المفردة كاشفة لسياق وليست معبّرة عن اتهام لحدث الانقسام نفسه، والذي لا يتحمّل المسؤولية عن سياسات السلطة في الضفة الغربية، والتي كانت موجودة قبل الانقسام وبعده، ولكنه عزّز فرص حركة حماس داخل قطاع غزة في الحفاظ على إنجاز المقاومة في انتفاضة الأقصى وتطويره ومراكمته حتى وصل إلى الصورة المشهودة الآن، وهي صورة ما كان ممكنًا الوصول إليها لو أنّ حماس في غزة تبنت ذات سياسات السلطة في الضفة، إذ لم يكن حال غزة أحسن من الضفة في الفترة الواقعة بين عامي 1994 و 2001 إلى أن جاءت انتفاضة الأقصى.
ارتفعت انتفاضة الأقصى بجميع الفلسطينيين في الضفة والقطاع من قاع سياسات التسوية، والحالة المعنوية الهابطة التي انحدرت بهم إليها اتفاقية أوسلو وما نجم عنها من سياسات؛ إلى سطح المواجهة، فضلاً عن كونها وضعت حدًا لمحاولات تدجين الفلسطيني وتطبيع الوجود الصهيوني، وشكّلت حائط الصد الأول في مواجهة التمدد الصهيوني داخل المجال العربي، بيد أن أهم إنجازاتها المحسوسة تمثلت في استكمال خروج الاحتلال من قطاع غزة عام 2005، وهو ما مكّن المقاومة من الحفاظ على قدراتها وتطويرها ومراكمتها، على خلاف الضفة الغربية التي أعاد العدو احتلال المناطق (أ) فيها، وذلك لأسباب تتعلق بكون الضفة الغربية جوهر الصراع مع العدو وعلى مقولاته التأسيسية لكيانه، ولأنها تشكّل العمق الإستراتيجي له في مواجهة الجبهة الشرقية، ولأنها الأكثر تداخلاً بكيانه والأكثر قدرة على الاتساع كأفق للمقاومة، ومن ثم اجترح العدو سياسات متباينة تجاه الضفة والقطاع، ولكن وعلى مستوى المسؤولية الذاتية ما كان متاحًا الحفاظ على إنجاز المقاومة وتطويره في قطاع غزة لولا وجود حركة مقاومة تحكم وتوفر الظروف المناسبة لعمل المقاومة.
إلا أن ثمّة ضرورة لتخليص السؤال مما يتلبسه من أخطاء للوصول إلى تفسير أصح، ومقاربة أجدى تجاه أوضاع الضفة الغربية.
فالخطأ الأساسي في قيام السؤال على مفهوم التضامن، لا على مفهوم الدور الأصلي للضفة الغربية، بمعنى أن المشكلة في الضفة الغربية لم تبدأ مع الحرب على غزة كي نسأل عنها في هذه الحرب، وإنما المشكلة سابقة على ذلك، فإذا كانت غزة طوال أكثر من ثماني سنوات، أي منذ أسر الجندي غلعاد شاليط، وبعد ذلك منذ استفراد حماس بحكمها، وهي تعيش حياة مقاومة فكرًا وإعدادًا وممارسة تمثلت بعض تجلياتها بحروب طاحنة، فإن الضفة الغربية كانت خارج هذا السياق بسبب من الخيارات السياسية للسلطة الحاكمة فيها والتي انبثقت عنها سياسات أمنية واقتصادية وثقافية أرادت اجتثاث بنى المقاومة نهائيًا وإن حتى على المستوى الذهني.
طرح السؤال بالصورة الصحيحة، مع أخذ السياقات بعين الاعتبار، مفيدة لصالح تجاوز ما يمكن أن يخلّفه سؤال التضامن من افتراق جهوي يعزّز مرارات غزة ويكرّس الصورة النمطية المشوّهة عن الضفة الغربية ،فضلاً عن أهميته لصالح فهم صحيح وبالتالي معالجة صحيحة.
السؤال الصحيح يصدر عن الرؤية التي تقرأ معركة غزة الراهنة في سياق استمرارها في ذات المسار الذي انفتح بانتفاضة الأقصى، وهو المسار الكفاحي الموجود أصلاً وقطعته اتفاقية أوسلو، بينما عاد هذا المسار للانقطاع في الضفة الغربية مجددًا من بعد انتهاء انتفاضة الأقصى وإعادة السلطة الفلسطينية لتكريس وجودها بذات السياسات المرتبطة بقيامها أساسًا، وعلى هذا فإنه وبحكم العزل القهري الذي فرضه الاحتلال بين أبناء الشعب الفلسطيني وأماكن وجودهم ومناطق الوطن (القدس والضفة والقطاع وفلسطين المحتلة عام 48، وأماكن اللجوء)، فإن غزة لا تقاتل دفاعًا عن نفسها فقط ولا لأجل مطالب محلية ناشئة عن حقائق هذا العزل القهري وحسب، ولكنها تستمر فيما انقطع في غيرها، وتمارس الواجب الكفاحي المفتوح بانفتاح الصراع مع العدو منذ العام 1948، سواء اتخذ هذا الواجب شكل التعبئة والفكر والثقافة والإعداد أو شكل المواجهة والاشتباك، وهي بهذا تشكل قاعدة للمقاومة، ورافعة لبقية أبناء ومناطق الوطن، بمعنى هي تقوم بواجبها تجاه قضيتها ووطنها قبل أن تقوم بواجبها تجاه نفسها، وهي المسؤولية الأساسية التي لا ينبغي أن تطغى عليها مرارات الشعور بالخذلان، فإن كانت بحاجة إلى تداعي بقية مناطق الوطن العاجزة لإسنادها، فإن هذه المناطق إلى غزة أحوج!
وهذا يعني أن الضفة كانت بحاجة إلى غزة وغير غزة طوال السنوات الماضية، بقدر ما كانت بحاجة إلى نفسها، فمناطق الوطن عمومًا ورغم الظروف الخاصة الناشئة عن العزل القهري لا يجوز لها أن تتصرف إلا كوطن واحد، وحركة المقاومة في كل أماكن وجودها ينبغي أن تتصرف كحركة واحدة، وألا تترك جزءًا منها أو بعضها لواقعه الخاص يتدبر نفسه بنفسه.
والآن؛ تمكنت المعركة في غزة من رفع الروح المعنوية للفلسطينيين في الضفة الغربية، وإعادة الاعتبار للأولويات الوطنية الصحيحة في أجندتهم، وهذا مهم وينبغي البناء عليه، دون التوقع بأن النهوض سيرقى فجأة ومرة واحدة إلى مستوى المعركة في غزة، فهذا مستحيل لعدة اعتبارات: أولاً؛ أي مساهمة للضفة الغربية في الصراع مع العدو إنْ الآن أو مستقبلاً لن تتخذ الشكل الغزي ما بقي الاحتلال موجودًا فيها بشكل مباشر ما لم تحصل تغيرات خارج هذا الحساب، وثانيًا؛ لأن سياسات السلطة الفلسطينية في الضفة لم تتغير بعد بصورة جذرية لتتغير على الأقل السياسات الأمنية المعيقة لحركة الجماهير، وثالثًا؛ لأن النهوض من حالة الموات وتفكك بنى المقاومة وانعدام حضورها الذي طال ثماني سنوات لا يمكن أن يحصل فجأة.
من الضروري أن نتذكر في هذه الحالة أن حركات المقاومة التي عانت القمع طوال سنوات أوسلو تأخرت في النهوض وترميم نفسها لمواكبة الهبّة الشعبية التي بدأت بها انتفاضة الأقصى، رغم ما توفر لها من شروط حينها لا تتوفر للضفة الآن، من تغير في سياسات السلطة أدت إلى تعظيم الانتفاضة وخروجها عن السيطرة والتقديرات المحسوبة.
وإذن؛ فإن سؤال: أين الضفة؟ لا يكتمل إلا بسؤال: ماذا يمكن أن نفعل للضفة؟ لأن الشق الأول يتناول مسؤوليتها الذاتية الناشئة عن العزل القهري الذي جعل لها ظروفًا خاصة، والثاني يتناول مسؤوليتنا الجماعية التي ينبغي أن تتجاوز العزل القهري تحديًا لإرادة الاحتلال وضرورة نضالية ليلتحم الفلسطينيون كلهم في حالة كفاحية واحدة.
المصدر: رصد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.