أشخاص غير مسؤولة عن صندوق الزمالة.. نقابة المعلمين تحذر من التعرض للنصب والاحتيال    جدول امتحانات الترم الثاني 2025 الصف الثاني الثانوي بالإسكندرية (للشعبتين)    «بني سويف الأهلية»: إنهاء استعدادات امتحانات الفصل الدراسي الثاني وإعلان الجداول    "المعلمين" تحذر من محاولات نصب باسم صندوق الزمالة وتدعو للإبلاغ الفوري    عيار 21 الآن يسجل 4740 جنيهًا.. سعر الذهب اليوم الأحد 11 مايو 2025    ممثلو ملاك «الإيجار القديم» يطالبون بتحرير العلاقة بين المالك والمستأجر    بعد كسر مفاجئ.. إصلاح خط مياه الكريمات المغذي لمدينتي الغردقة ورأس غارب    رئيس وزراء باكستان يثمن عرض ترامب القيام بدور أكبر من أجل إحلال السلام الدائم    طلبات بيتزا مجهولة لمنازل قضاة يترأسون دوائر تنظر دعاوى ضد سياسات ترامب    شاهد ثنائية مبابي لريال مدريد في شباك برشلونة بالكلاسيكو (فيديو)    موقف البنك الأهلي من انتقال أسامة فيصل للأهلي خلال كأس العالم للأندية    جامعة بنها تحصد 5 ميداليات فى بطولة رفع الأثقال بدورة الشهيد الرفاعى للجامعات    تأجيل محاكمة 46 متهما بالانضمام لجماعة إرهابية فى العحوزة لجلسة 12 يوليو    طرح 3 شواطئ بالإسكندرية للإيجار في مزاد علني.. تعرف على التفاصيل    إقبال كثيف على القوافل التعليمية المجانية لطلاب الشهادة الإعدادية ببورسعيد    لليوم الثاني.. جهود مكثفة في المنوفية والبحيرة لانتشال شاب غرق في مياه فرع رشيد    سهير رمزي تثير الجدل وتكشف سراً عن بوسي شلبي (فيديو)    "ليسيه الحرية" يشهد حفل افتتاح الدورة الرابعة من مهرجان المسرح العالمي    ما أهمية قانون تنظيم الفتوى بعد إقراره من البرلمان؟..موقف الحكومة    فتحي عبدالوهاب يكشف لأول مرة قصة طريقته الشهيرة في تصوير السيلفي (تفاصيل)    في يومهم العالمي.. وزير الصحة يؤكد دعم الدولة المصرية لمهنة التمريض    محافظ شمال سيناء يستقبل رئيس هيئة «الاعتماد والرقابة الصحية»    برونو فيرنانديز يحسم موقفه من عرض الهلال بعد النهائي الأوروبي    ضبط طالب تعدى على آخر بسلاح أبيض بسبب مشادة كلامية في الزاوية الحمراء    السكرتير العام المساعد لبني سويف يتابع سير منظومة العمل بملف التصالح بالمركز التكنولوجي في الواسطى    «النواب» يوافق على اتفاقية تعاون مع «الأوروبي لإعادة الإعمار» ب10 ملايين يورو    انطلاق قافلة دعوية مشتركة بين الأزهر الشريف والأوقاف    "بكور": زيارة وزير الخارجية الألماني الجديد لتل أبيب والضفة تؤكد أولوية الشرق الأوسط    غدًا.. نجوم العالم يفتتحون مهرجان كان السينمائى السابع والثمانين    الخلط والخطأ «2»    اللواء أ.ح شريف العرايشى قائد قوات شرق القناة لمكافحة الإرهاب ل «الأخبار»    ضمن الموجة 26 بقنا.. إزالة 8 حالات تعدٍ على الأراضي الزراعية بمركز الوقف    الأحوال المدنية تستخرج 32 ألف بطاقة رقم قومي للمواطنين بمحل إقامتهم    كواليس أزمة عواد وصبحي في لقاء الزمالك وسيراميكا    الزمالك يتحرك للتعاقد مع حارس الأهلي    محافظ الأقصر يتفقد أعمال فتح أكبر شارع بمنطقة حوض 18 بحى جنوب    محافظ الشرقية يشهد حفل قسم لأعضاء جدد بنقابة الأطباء بالزقازيق    مسؤولون أمريكيون: هناك خلافات بين ترامب ونتنياهو بشأن التعامل مع قطاع غزة وإيران    هل شريكك برج الثور؟.. إليك أكثر ما يخيفه    أجندة قصور الثقافة هذا الأسبوع.. عروض مسرحية مجانية وتكريم رموز القرى    «الأورومتوسطي»: إسرائيل تقتل امرأة فلسطينية كل ساعة في قطاع غزة    هل يجبُ عليَّ الحجُّ بمجرد استطاعتي، أم يجوزُ لي تأجيلُه؟.. الأزهر للفتوى يوضح    موقف رونالدو من المشاركة مع النصر أمام الأخدود في الدوري السعودي    وفاة سيدة أثناء ولادة قيصرية بعيادة خاصة فى سوهاج    ارتفاع كميات القمح المحلي الموردة للشون والصوامع بأسيوط إلى 89 ألف طن    القاهرة الإخبارية: الاحتلال الإسرائيلى يواصل قصف الأحياء السكنية فى غزة    الخارجية الهندية: معاهدة تقاسم مياه نهر السند لا تزال معلقة    محافظ الدقهلية يحيل مدير مستشفى التأمين الصحي بجديلة ونائبه للتحقيق    ماذا يحدث للشرايين والقلب في ارتفاع الحرارة وطرق الوقاية    عاجل- البترول تعلن نتائج تحليل شكاوى البنزين: 5 عينات غير مطابقة وصرف تعويضات للمتضررين    ضبط 575 سلعة منتهية الصلاحية خلال حملة تموينية ببورسعيد -صور    1500 فلسطيني فقدوا البصر و4000 مهددون بفقدانه جراء حرب غزة    أمين الفتوى يحذر من الحلف بالطلاق: اتقوا الله في النساء    «جوتيريش» يرحب باتفاق وقف إطلاق النار بين الهند وباكستان    ما حكم من نسي الفاتحة أثناء الصلاة وقرأها بعد السورة؟.. أمين الفتوى يجيب    هل للعصر سنة؟.. داعية يفاجئ الجميع    رئيس وزراء كوريا الجنوبية السابق ينسحب من الترشح للرئاسة    الدوري الفرنسي.. مارسيليا وموناكو يتأهلان إلى دوري أبطال أوروبا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أين الضفة؟ - ساري عرابي
نشر في شبكة رصد الإخبارية يوم 15 - 08 - 2014

سبق لي وأن حاولت المساهمة في الإجابة على هذا السؤال، ولكن يبدو أن ثمة ما يحتاج مزيدًا من التحرير حول ما قيل حينها، فقد أشرتُ إلى عاملين مهمين كحدثين تأسيسين خلقا الفارق الحالي بين قطاع غزة والضفة الغربية، وهما: (انتفاضة الأقصى، والانقسام)، وذلك إضافة إلى عوامل أخرى.
ويبدو أن مفردة الانقسام أُخذت معزولة عن سياقها، مع أنها كانت مجرد أداة لغوية لتوضيح أسباب اختلاف السياسات في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة، فما عزّز الإنجاز الذي تحصّل بانتفاضة الأقصى في قطاع غزة، هو وجود حكومة منبثقة عن حركة مقاومة وفّرت البيئة المناسبة لعمل المقاومة في القطاع، وهذه الحكومة انفردت بحكم قطاع غزة دون الضفة ضمن سياق معين اصطلح عليه بالانقسام، فهذه المفردة كاشفة لسياق وليست معبّرة عن اتهام لحدث الانقسام نفسه، والذي لا يتحمّل المسؤولية عن سياسات السلطة في الضفة الغربية، والتي كانت موجودة قبل الانقسام وبعده، ولكنه عزّز فرص حركة حماس داخل قطاع غزة في الحفاظ على إنجاز المقاومة في انتفاضة الأقصى وتطويره ومراكمته حتى وصل إلى الصورة المشهودة الآن، وهي صورة ما كان ممكنًا الوصول إليها لو أنّ حماس في غزة تبنت ذات سياسات السلطة في الضفة، إذ لم يكن حال غزة أحسن من الضفة في الفترة الواقعة بين عامي 1994 و 2001 إلى أن جاءت انتفاضة الأقصى.
ارتفعت انتفاضة الأقصى بجميع الفلسطينيين في الضفة والقطاع من قاع سياسات التسوية، والحالة المعنوية الهابطة التي انحدرت بهم إليها اتفاقية أوسلو وما نجم عنها من سياسات؛ إلى سطح المواجهة، فضلاً عن كونها وضعت حدًا لمحاولات تدجين الفلسطيني وتطبيع الوجود الصهيوني، وشكّلت حائط الصد الأول في مواجهة التمدد الصهيوني داخل المجال العربي، بيد أن أهم إنجازاتها المحسوسة تمثلت في استكمال خروج الاحتلال من قطاع غزة عام 2005، وهو ما مكّن المقاومة من الحفاظ على قدراتها وتطويرها ومراكمتها، على خلاف الضفة الغربية التي أعاد العدو احتلال المناطق (أ) فيها، وذلك لأسباب تتعلق بكون الضفة الغربية جوهر الصراع مع العدو وعلى مقولاته التأسيسية لكيانه، ولأنها تشكّل العمق الإستراتيجي له في مواجهة الجبهة الشرقية، ولأنها الأكثر تداخلاً بكيانه والأكثر قدرة على الاتساع كأفق للمقاومة، ومن ثم اجترح العدو سياسات متباينة تجاه الضفة والقطاع، ولكن وعلى مستوى المسؤولية الذاتية ما كان متاحًا الحفاظ على إنجاز المقاومة وتطويره في قطاع غزة لولا وجود حركة مقاومة تحكم وتوفر الظروف المناسبة لعمل المقاومة.
إلا أن ثمّة ضرورة لتخليص السؤال مما يتلبسه من أخطاء للوصول إلى تفسير أصح، ومقاربة أجدى تجاه أوضاع الضفة الغربية.
فالخطأ الأساسي في قيام السؤال على مفهوم التضامن، لا على مفهوم الدور الأصلي للضفة الغربية، بمعنى أن المشكلة في الضفة الغربية لم تبدأ مع الحرب على غزة كي نسأل عنها في هذه الحرب، وإنما المشكلة سابقة على ذلك، فإذا كانت غزة طوال أكثر من ثماني سنوات، أي منذ أسر الجندي غلعاد شاليط، وبعد ذلك منذ استفراد حماس بحكمها، وهي تعيش حياة مقاومة فكرًا وإعدادًا وممارسة تمثلت بعض تجلياتها بحروب طاحنة، فإن الضفة الغربية كانت خارج هذا السياق بسبب من الخيارات السياسية للسلطة الحاكمة فيها والتي انبثقت عنها سياسات أمنية واقتصادية وثقافية أرادت اجتثاث بنى المقاومة نهائيًا وإن حتى على المستوى الذهني.
طرح السؤال بالصورة الصحيحة، مع أخذ السياقات بعين الاعتبار، مفيدة لصالح تجاوز ما يمكن أن يخلّفه سؤال التضامن من افتراق جهوي يعزّز مرارات غزة ويكرّس الصورة النمطية المشوّهة عن الضفة الغربية ،فضلاً عن أهميته لصالح فهم صحيح وبالتالي معالجة صحيحة.
السؤال الصحيح يصدر عن الرؤية التي تقرأ معركة غزة الراهنة في سياق استمرارها في ذات المسار الذي انفتح بانتفاضة الأقصى، وهو المسار الكفاحي الموجود أصلاً وقطعته اتفاقية أوسلو، بينما عاد هذا المسار للانقطاع في الضفة الغربية مجددًا من بعد انتهاء انتفاضة الأقصى وإعادة السلطة الفلسطينية لتكريس وجودها بذات السياسات المرتبطة بقيامها أساسًا، وعلى هذا فإنه وبحكم العزل القهري الذي فرضه الاحتلال بين أبناء الشعب الفلسطيني وأماكن وجودهم ومناطق الوطن (القدس والضفة والقطاع وفلسطين المحتلة عام 48، وأماكن اللجوء)، فإن غزة لا تقاتل دفاعًا عن نفسها فقط ولا لأجل مطالب محلية ناشئة عن حقائق هذا العزل القهري وحسب، ولكنها تستمر فيما انقطع في غيرها، وتمارس الواجب الكفاحي المفتوح بانفتاح الصراع مع العدو منذ العام 1948، سواء اتخذ هذا الواجب شكل التعبئة والفكر والثقافة والإعداد أو شكل المواجهة والاشتباك، وهي بهذا تشكل قاعدة للمقاومة، ورافعة لبقية أبناء ومناطق الوطن، بمعنى هي تقوم بواجبها تجاه قضيتها ووطنها قبل أن تقوم بواجبها تجاه نفسها، وهي المسؤولية الأساسية التي لا ينبغي أن تطغى عليها مرارات الشعور بالخذلان، فإن كانت بحاجة إلى تداعي بقية مناطق الوطن العاجزة لإسنادها، فإن هذه المناطق إلى غزة أحوج!
وهذا يعني أن الضفة كانت بحاجة إلى غزة وغير غزة طوال السنوات الماضية، بقدر ما كانت بحاجة إلى نفسها، فمناطق الوطن عمومًا ورغم الظروف الخاصة الناشئة عن العزل القهري لا يجوز لها أن تتصرف إلا كوطن واحد، وحركة المقاومة في كل أماكن وجودها ينبغي أن تتصرف كحركة واحدة، وألا تترك جزءًا منها أو بعضها لواقعه الخاص يتدبر نفسه بنفسه.
والآن؛ تمكنت المعركة في غزة من رفع الروح المعنوية للفلسطينيين في الضفة الغربية، وإعادة الاعتبار للأولويات الوطنية الصحيحة في أجندتهم، وهذا مهم وينبغي البناء عليه، دون التوقع بأن النهوض سيرقى فجأة ومرة واحدة إلى مستوى المعركة في غزة، فهذا مستحيل لعدة اعتبارات: أولاً؛ أي مساهمة للضفة الغربية في الصراع مع العدو إنْ الآن أو مستقبلاً لن تتخذ الشكل الغزي ما بقي الاحتلال موجودًا فيها بشكل مباشر ما لم تحصل تغيرات خارج هذا الحساب، وثانيًا؛ لأن سياسات السلطة الفلسطينية في الضفة لم تتغير بعد بصورة جذرية لتتغير على الأقل السياسات الأمنية المعيقة لحركة الجماهير، وثالثًا؛ لأن النهوض من حالة الموات وتفكك بنى المقاومة وانعدام حضورها الذي طال ثماني سنوات لا يمكن أن يحصل فجأة.
من الضروري أن نتذكر في هذه الحالة أن حركات المقاومة التي عانت القمع طوال سنوات أوسلو تأخرت في النهوض وترميم نفسها لمواكبة الهبّة الشعبية التي بدأت بها انتفاضة الأقصى، رغم ما توفر لها من شروط حينها لا تتوفر للضفة الآن، من تغير في سياسات السلطة أدت إلى تعظيم الانتفاضة وخروجها عن السيطرة والتقديرات المحسوبة.
وإذن؛ فإن سؤال: أين الضفة؟ لا يكتمل إلا بسؤال: ماذا يمكن أن نفعل للضفة؟ لأن الشق الأول يتناول مسؤوليتها الذاتية الناشئة عن العزل القهري الذي جعل لها ظروفًا خاصة، والثاني يتناول مسؤوليتنا الجماعية التي ينبغي أن تتجاوز العزل القهري تحديًا لإرادة الاحتلال وضرورة نضالية ليلتحم الفلسطينيون كلهم في حالة كفاحية واحدة.
المصدر: رصد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.