كتبت : شيماء حفظي تحمل اسماً ملائكياً، وابتسامة رقيقة، لكنها تستطيع مراوغة أخطر وأقوى رجال العالم وأكثرهم خبرة في السياسة الدولية، ليس فقط لأنها سيدة ماهرة، لكنها تمكنت أيضاً من أن تحتل عرش أقوى النساء في العالم لخمس مرات متتالية، وفقاً لقائمة فوربس لأقوى الشخصيات النسائية في العالم، تبقى "أنجيلا ميركل" أقوى سيدة في العالم حتى 2015. «المستشارة الأولى في ألمانيا» تولت "أنجيلا" منصب المستشارة الألمانية في 22 نوفمبر 2005 كأول سيدة ألمانية تتقلد هذا المنصب، ليضاف إلى قائمة إنجازاتها السياسية بعد أن عرفت بأنها سياسية مخضرمة وزعيمة الاتحاد الديمقراطي المسيحي. فبعد المفاوضات الشاقة مع الحزب الرئيسي الآخر في البلاد الحزب الديمقراطي الاجتماعي بزعامة غيرهارد شرودر، تمكن الحزبان في 10 أكتوبر 2005 من الاتفاق على تشكيل حكومة ائتلاف تقودها ميركل لتصبح يوم 22 نوفمبر 2005 أول مستشارة لألمانيا وأول مستشار لجمهورية ألمانيا الاتحادية من شرق ألمانيا، حينما انتخبها البوندستاغ أو البرلمان الألماني بأغلبية، وتناصف الحزبين باقي المناصب الوزارية فيما بينهم. ورغم أن "أنجيلا" من الحزب المحافظ المعروف بكونه ضد الإنفاق الحكومي الباذخ ومع تضييق الخناق على العاطلين عن العمل، إلا أن سياستها تتميز بتسامح نسبي ومراعاة للطبقات الفقيرة وللعاطلين عن العمل. كما أن خططها الإصلاحية في الاقتصاد تراعي الطبقات الفقيرة أيضا. «الأمريكية التي تعشق لغة روسيا» ولدت "ميركل" في مدينة همبورغ في شمال ألمانيا عام 1954 ، وتفوقت في دراسة اللغة الروسية والرياضيات، وأنهت الدراسة المدرسية في عام 1973، كما درست الفيزياء في جامعة لايبزغ وكانت في ذلك الحين تسمى جامعة كارل ماركس، تتحدث بجانب لغتها الأم اللغة الروسية واللغة الإنجليزية كلغتين أجنبيتين، و حائزة على شهادة الدكتوراة. «ميركل.. لقب الزواج الأول » وفي 1974 وأثناء دراستها للفيزياء تعرفت "أنجيلا" على زوجها الأول "أولريش ميركل" وهو زميل لها يدرس الفيزياء أيضا وتزوجا فيما بعد في عام 1977 و إلا أن الزواج لم يدم طويلا وسرعان ما إنفصلا ومع ذلك بقيت أنجيلا ميركل تحمل اسمه العائلي. بعد فشل أول زواج تعرفت "أنجيلا" على أستاذ الكيمياء يواخيم زاور وكانت متزوجا ويكبرها بخمسة أعوام، ويبدو أنه عرف خصالها وحبها للحرية فقرر الطلاق من زوجته وتزوج بها عام 1985، وما زالا حتى اليوم زوجين يعمل كل منهما في ميدانه كما تقول هي، ولا أحد يتدخل في أمور الآخر حتى عندما يكون هناك موقف سياسي مغاير تتخذه ولا يعجب زوجها. هذا النمط من الارتباط الزوجي جعلها تدخل بسهول المعترك السياسي، فهي لم تنجب أولادا وزوجها يتعامل معها بشكل مميز، وهذا ما تريده كل امرأة تود خوض معترك صعب مثل المعترك السياسي، ما وفر لها الأجواء لتصبح أحد أهم المؤسسين للحركة الاعتراضية في ألمانياالشرقية وتنافس سياسيين مخضرمين مثل راينر ابلمان وفريدريش شولمار القسيسين الإنجيليين، وكانت الكنسية يومها في أوجه نشاطها وساهمت في إزالة جدار التقسيم وإعادة الوحدة الألمانية والبروز كبديل للسلطة الشيوعية. «التحول الدراماتيكي بين الوالد وابنته» كان والدها قسيسا بروتستانتيا مع ذلك كان يميل إلى أفكار الاشتراكية، وكان يقول يمكن للمسيحية والاشتراكية الاتفاق معاً، لكن الغريب أن الابنة أنجيلا اختارت الحزب المنافس العنيد للحزب الاشتراكي فانضمت إلى الحزب المسيحي الديمقراطي.. "أشهر أقوال ميركل" تقول ميركل : "لا توجد ديكتاتورية في حزب ديمقراطي، لكنني أتعامل مع القضايا بأسلوبي الخاص»، و تغضب جدا عندما يصفها صحفيون بأنها «الرجل الصلب الوحيد في الحزب المسيحي الديمقراطي» وتحاول عدم الرد على أسئلتهم. وتقول أيضاً: «لا أخوض أي معركة كانت، قبل أن أقدر حجم الخسارة والربح، وعلى المرء ألا يحارب على أكثر من جبهة في وقت واحد، وهناك معارك بإمكان المرء تأجيلها كي لا يخسرها» وتقول: «قد يكون الصمت أحيانا بديلا عن رد هجومي أو عن خطة دفاعية، فكل شخص له أسلوبه الخاص في الرد في مثل هذا المواقف». «أسرار في حياة ميركل» أحد أهم أسرارها أو عاداتها للتركيز أنها عندما تتحدث تجمع يديها معا وتلمس أطراف أصابعها الخمسة مع تقريب الإبهامين إلى صدرها، ثم تطوي اليدين، بعدها تبعدهما عن بعض بحركة سلسة لا تتعارض فيها الأصابع بعضها مع بعض، وتكون ملامح وجها جدية، بعدها تظهر عليها ابتسامة خفيفة. وما يميز ميركل عن غيرها من السياسيين أيضا أنها تستطيع تغيير انطباع وجهها خلال لحظات ، و يعرف أن "ميركل" من عشاق كرة القدم، يقول أحد المقربين منها «من يريد التعرف على حقيقة ميركل فعليه مراقبتها عندما تشاهد مباراة، فهي تصبح شخصا آخر، تقفز من الفرح وتغضب وتنفعل». وتتأثر ميركل أحيانا بالانتقادات التي تعتبرها غير محقة، ويصيبها الغضب، لكنها تحاول جاهدة إخفاء ذلك، كما تحاول إخفاء رفضها لأي هزيمة، ومن الأمور التي ترفضها ميركل، الترجمة المباشرة ،وتحرص على عدم التقاط صور لها بملابس السباحة، و لا تحب الكلاب بل تخاف منها، وهي لا تستخدم أي نوع من العطور ولا تلبس حتى خاتم الزواج أو أي نوع من المصاغ لكنها تمتلك كثيرا من عقود العنق. وعلى طاولة عملها توجد صورة للقيصرة الروسية الألمانية الأصل كاترين الكبيرة، وتعترف بوجود نقطة ضعف لديها وهي أنها تصرخ بصوت مرتفع خاصة عند مشاهدة لعبة كرة القدم أو تعرضها لمفاجئة أيا كان نوعها. ويقول معظم الذين يعملون معها في المستشارية إنها تطلب الكثير من المعلومات قبل القيام بأي عمل أو إجراء مقابلة أو لقاء، وتخزنها في رأسها، فطاقة ذاكرتها للحفظ تصل إلى مئات الجيجابايت. «ميركل النادلة .. وحلم الباليه» تعترف بأن حلمها كان أن تصبح راقصة باليه على الجليد، وعندما كانت طفلة تمنت أن تصبح بائعة مثلجات وآيس كريم، وكذلك تتمنى السفر في قطار سيبيريا للقيام برحلة طويلة جدا عبر آسيا لتقف في عدة محطات في روسيا ولتتحدث الروسية. كتبت الصحفية الألمانية باتريشيا ليسنير كراوس في كتاب صدر مؤخرا لها يتحدث عن السيرة الذاتية لأول مستشارة ألمانية وحمل عنوان: "ميركل.. السلطة.. السياسة" كتبت أن أول مستشارة في تاريخ ألمانيا عملت أثناء دراستها الفيزياء كنادلة في في احدى الحانات. وقالت ميركل "نعم، عملت نادلة في حانة… كنت أحصل على أجر يتراوج بين 20 و30 فينينج عن كل مشروب ابيعه وهذا منحني دخلا اضافيا تراوح بين 20 و30 ماركا في الاسبوع. هذا ساهم الى حد كبير في دفع الايجار." وظلت ميركل لفترة طويلة تخشى هبوط الدرج أو المنحدرات. وعلقت على ذلك بالقول: "كنت اتحول الى حمقاء للغاية عندما يتعلق الامر بالتحرك… اضطر والداي أن يشرحا لي كيف اهبط منحدرا.. وكان علي أن افكر في داخلي في الأشياء التي يمكن للشخص العادي ان يفعلها بشكل تلقائي واتمرن عليها. «ميركل والإسلام والإخوان» صرحت ميركل بموقفها من الهجرة، وقالت في كلمتها أمام مؤتمر الحزب السنوي المنعقد في مدينة كارلزروه : "إن مناقشة موضوع الهجرة الأجنبية وعلى وجه الخصوص هجرة أولئك الذين يدينون بالإسلام تعتبر فرصة للحزب للدفاع بثقة عن مبادئه". وأضافت أن تجربة التعددية الحضارية فشلت فشلاً ذريعا في ألمانيا، وحثت في الجدل حول قضية دمج الإسلام في الحياة العامة، على الدفاع بقوة أكبر عن المبادئ المسيحية، قائلة: " إن البلاد لا تعاني من وفرة الإسلام قدر ما تعاني من انحسار المسيحية.. لا توجد في ألمانيا حاليا نقاشات جدية حول الرؤية المسيحية للانسانية،علينا التأكيد عليها بثقة لأجل أن نتمكن من تعزيز تماسك مجتمعنا." وفي تصريح خطير لها وبالغ الجرأة، لوكالات الأنباء، حسبما أفاد تقرير غربي، ذكرت المستشارة "ميركل": أن حكم جماعة الإخوان المسلمين لمصر، قد ينهي حضارة من أعظم الحضارات في العالم، والتي يمتد تاريخها إلى آلاف من السنين" مضيفة: "إن حكم الإخوان يذكرني بحكم النازي آدولف هتلر" . «ميركل ..بطلة فيلم سينمائي» ووفقاً ل"عربي 21″ كشفت شركة إنتاج ألمانية أنها تعمل على مشروع تصوير فيلم عن حياة المستشارة الألمانية "أنجيلا ميركل" سيعرض في العام 2017 الذي تنظم خلاله انتخابات تشريعية في ألمانيا، وقد يحمل عنواناً بسيطاً هو "أنجيلا ميركل"، وسيكون إنتاجاً دولياً على ما أفادت به شركة الإنتاج الألمانية "أفي غيزيلشافت فور فرنزيبروداكسيون". "جوائز ميركل" هي عضو فخري في نادي روتاري شترالزوند، وفي عام 2007 تسلمت جائزة ليو بيك، التي تمنحها الجالية اليهودية في ألمانيا سنوياً، تقديرا لها على نشاطاتها الإنسانية، كما منحتها الجامعة العبرية في القدس الدكتوراة الفخرية في الفلسفة، وفي أغسطس 2008 حصلت على جائزة الناس في أوروبا التي تمنحها مجموعة باساو الألمانية للنشر والتي تمنح لشخصيات سياسية تساهم في بناء جسور التفاهم بين العوب وإحلال السلام، كما حصلت على وسام "جروس كرويتس" في 11 يناير 2008 من رئيس الدولة الألماني هورست كولر، وحصلت في 1 مايو 2008 على كارلسبريز أو جائزة شارلمان العالمية لمدينة آخن لجهودها في استمرار تنمية الاتحاد الأوروبي، وفي 17 مايو 2008 قلدها رئيس بيرو آلان جارسيا وسام الشمس، وفي 3 يونيو 2008 منحت جامعة لايبتسيج درجة الدكتوراة الفخرية، في 25 يونيو 2009 حصلت في الولاياتالمتحدة على جائزة جسور الأطلسي وهو تكريم رفيع المستوى تقديراً على جهودها في خدمة العلاقات عبر الأطلسية، وفي 2013 فازت ميركل بوسام التميز لأكثر الشخصيات تأثيرا في العالم خلال التصويت الذي دشنه المجلس الدولي لحقوق الإنسان والتحكيم والدراسات السياسية والاستراتيجية، وفي 2014 فازت ميركل بوسام التميز لأكثر الشخصيات تأثيرا في العالم من قائمة الملوك والرؤساء وكبار السياسيين، خلال التصويت الذي دشنه المجلس الدولي لحقوق الإنسان والتحكيم والدراسات السياسية والاستراتيجية. ويتوقع محللون أن تترشح ميركل لولاية رابعة في انتخابات العام 2017، وقد انتخبت مستشارة للمرة الأولى في العام 2005.