المشير أحمد إسماعيل كتبت: مارينا ميلاد 26 أكتوبر 1972.. يسير مع الرئيس السادات فى حديقة منزله بالجيزة، ليفاجئه بقرار إقالته من منصب مدير جهاز المخابرات العامة و تعيينه وزيراً للحربية و تكليفه بالاستعداد الكامل لخوض الحرب فى أسرع وقت.. إنه المشير أحمد إسماعيل، القائد العام للقوات المسلحة و وزير الحربية خلال حرب أكتوبر 1973. "هأنذا أعود لارتداء الملابس العسكرية مرة أخرى".. كلمات قالها "إسماعيل" ليعبر بها عن سعادته بذلك القرار، ليس لوصوله لهذا المنصب، لكن لعودته للزى العسكرى، الذى طالما حلم به منذ طفولته و كافح من أجله فى شبابه، حيث تم رفضه من الكلية الحربية، التى تقدم للألتحاق بها بعد حصوله على الثانوية العامة؛ فالتحق بكلية التجارة، ثم تقدم مرة أخرى للكلية مع الرئيس السادات و تم رفضهما معاً كونهما من عامة الشعب، إلى أن تم قبوله فى المرة الثالثة بعد قرار الملك فؤاد بقبول طلاب الكلية من عامة الشعب؛ فترك كلية التجارة و هو فى الفرقة الثالثة، ليحقق حلمه و يبدأ رحلته العسكرية. أحمد إسماعيل على، المولود فى منطقة شبرا بالقاهرة عام 1917، كان والده يعمل ظابطاً، مما يعد أحد أسباب حبه للحياة العسكرية، التى بدأها بعد تخرجه من الكلية الحربية عام 1938 ليلتحق بسلاح المشاة، ثم يشارك فى الحرب العالمية الثانية كضابط مخابرات فى الصحراء الغربية، يليها مشاركته فى حرب فلسطين و العدوان الثلاثى، التى انشأ خلالها أول نواة لقوات الصاعقة المصرية، إلى أن سلمه الرئيس عبد الناصر بعد نكسة 67 قيادة القوات شرق قناة السويس، ليخوض معارك رأس العش و الجزيرة الخضراء و إغراق المدمرة الاسرائيلية إيلات. "كنت أعرف جيداً معنى أن تفقد مصر جيشها؛ فهى لا تحتمل نكسة ثانية، وإذا فقدت جيشها فعليها الاستسلام طويلاً"، هكذا كان يرى «إسماعيل»، عندما اصدر الرئيس عبد الناصر قراراً بتعينه رئيس لأركان حرب القوات المسلحة خلفاً للفريق أول عبد المنعم رياض، ثم تم إعفاءه من منصبه بعد 6 أشهر عقب "حادث الزعفرانه"، الذى قامت فيه إسرائيل بانزال سرية دبابات فى منطقة البحر الأحمر مدمرة الأهداف و السيارات المدنية، التى اعترضت طريقها، مستغلة عدم وجود قوات عسكرية فى تلك المنطقة، ليعيده الرئيس السادات بعد وفاة "عبد الناصر" للمشهد مرة أخرى بتعينه مديراً للمخابرات العامة ثم وزيراً للحربية. نجح "إسماعيل" فى توحيد صفوف الجيش والحفاظ على تماسك القوات، بعد الخلاف الذى نشب بين الرئيس السادات و الفريق سعد الدين الشاذلى، رئيس هيئة أركان حرب القوات المسلحة، بسبب ثغرة الدفرسوار؛ فتولى "إسماعيل" قيادة هيئة الاركان بنفسه بالتعاون مع محمد الجمسى، رئيس هيئة عمليات القوات المسلحة أنذاك، وذلك بعد إعفاء الرئيس الفريق "الشاذلى" من منصبه. خبرته ومشواره العسكرى، الذى استمر أكثر من 35 عاماً، وخطته فى الحرب..كلها أسباب جعلت مجلة الجيش الأمريكى تصنفه كواحد من ضمن أفضل 50 شخصية عسكرية عالمية أضافت للحرب تكتيكاً جديداً، مما جعل الرئيس السادات يمنحه رتبة المشير، ليكون ثانى ظابط مصرى يحصل على أرفع رتبة عسكرية بعد المشير عبد الحكيم عامر، كما حصل على نجمة سيناء من الطبقة الأولى و تم تعينه نائباً لرئيس الوزراء عام 1974، ليفارق الحياة فى أواخر العام نفسه بعد اصابته بمرض سرطان الرئة، الأمر الذى جعله لم يتمكن من استكمال كتابه عن حرب أكتوبر، الذى اكد أنه سيتناول فكرة أن كل تفاصيل الحرب كانت مدروسة جيداً و لم يحدث ذلك النصر بالصدفة.