«عمال البناء والأخشاب» تهنئ الرئيس السيسي والقوات المسلحة بذكرى تحرير سيناء    اضبط ساعتك.. موعد بدء التوقيت الصيفي في مصر 2024| وطريقة تغيير الوقت    أسعار الأسماك واللحوم اليوم 25 أبريل    عيار 21 الآن بالسودان وسعر الذهب اليوم الخميس 25 إبريل 2024    ارتفاع سعر الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الخميس 25 إبريل 2024    واشنطن تلقت فيديو الرهينة الإسرائيلي قبل بثه بيومين    مشاجرات خلال اعتقال الشرطة الأمريكية لبعض طلاب الجامعة بتكساس الرافضين عدوان الاحتلال    قصف مدفعي إسرائيلي يستهدف حي الزيتون جنوب شرق مدينة غزة    حزب الله يعرض مشاهد من رمايات صاروخية ضد أهداف إسرائيلية مختلفة    مباراة الحسم بين الأهلي ومازيمبي.. الموعد والتشكيل والقناة الناقلة    هل ترك جنش مودرن فيوتشر غضبًا من قرار استبعاده؟.. هيثم عرابي يوضح    هتنزل 5 درجات مرة واحدة، درجات الحرارة اليوم الخميس 25 - 04 - 2024 في مصر    أحمد جمال سعيد حديث السوشيال ميديا بعد انفصاله عن سارة قمر    "شياطين الغبار".. فيديو متداول يُثير الفزع في المدينة المنورة    بسبب روسيا والصين.. الأمم المتحدة تفشل في منع سباق التسلح النووي    حزب المصريين: البطولة العربية للفروسية تكشف حجم تطور المنظومة الرياضية العسكرية في عهد السيسي    «الاستثمار» تبحث مع 20 شركة صينية إنشاء «مدينة نسيجية»    ب86 ألف جنيه.. أرخص 3 سيارات في مصر بعد انخفاض الأسعار    محافظ المنيا: 5 سيارات إطفاء سيطرت على حريق "مخزن ملوي" ولا يوجد ضحايا (صور)    تطور مثير في جريمة الطفلة جانيت بمدينة نصر والطب الشرعي كلمة السر    ميدو يطالب بالتصدي لتزوير أعمار لاعبي قطاع الناشئين    بالصور.. نجوم الفن يشاركون في تكريم «القومي للمسرح» للراحل أشرف عبد الغفور    عن تشابه «العتاولة» و«بدون سابق إنذار».. منة تيسير: التناول والأحداث تختلف (فيديو)    الفندق عاوز يقولكم حاجة.. أبرز لقطات الحلقة الثانية من مسلسل البيت بيتي الجزء الثاني    أبو رجيلة: فوجئت بتكريم الأهلي.. ومتفائل بقدرة الزمالك على تخطي عقبة دريمز    إصابة 9 أشخاص في حريق منزل بأسيوط    الاحتفال بأعياد تحرير سيناء.. نهضة في قطاع التعليم بجنوب سيناء    توقعات ميتا المخيبة للآمال تضغط على سعر أسهمها    لتفانيه في العمل.. تكريم مأمور مركز سمالوط بالمنيا    الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني يعلن الترشح لفترة رئاسية ثانية    أول تعليق من رئيس نادي المنصورة بعد الصعود لدوري المحترفين    تدريب 27 ممرضة على الاحتياطات القياسية لمكافحة العدوى بصحة بني سويف    هل يجوز قضاء صلاة الفجر مع الظهر؟.. «الإفتاء» تحسم الجدل    أحمد موسى: مطار العريش أصبح قبلة للعالم وجاهز لاستقبال جميع الوفود    حصول 5 وحدات طب أسرة جديدة على اعتماد «GAHAR» (تفاصيل)    رئيس قسم الطب النفسي بجامعة الأزهر: تخصصنا يحافظ على الشخص في وضعه الطبيعي    رئيس «الطب النفسي» بجامعة الإسكندرية: المريض يضع شروطا قبل بدء العلاج    بعد نوى البلح.. توجهات أمريكية لإنتاج القهوة من بذور الجوافة    توجيهات الرئيس.. محافظ شمال سيناء: أولوية الإقامة في رفح الجديدة لأهالي المدينة    الهلال الأحمر: تم الحفاظ على الميزانية الخاصة للطائرات التى تقل المساعدات لغزة    مش بيصرف عليه ورفض يعالجه.. محامي طليقة مطرب مهرجانات شهير يكشف مفاجأة    يسرا اللوزي تكشف كواليس تصوير مسلسل "صلة رحم"|فيديو    تأجيل دعوى تدبير العلاوات الخمس لأصحاب المعاشات ل 24 يونيو    كيف أعرف من يحسدني؟.. الحاسد له 3 علامات وعليه 5 عقوبات دنيوية    دعاء في جوف الليل: اللهم أخرجنا من الظلمات إلى النور واهدنا سواء السبيل    اسكواش - ثلاثي مصري جديد إلى نصف نهائي الجونة الدولية    تيك توك تتعهد بالطعن في قانون أمريكي يُهدد بحظرها    بعد اختناق أطفال بحمام السباحة.. التحفظ على 4 مسؤولين بنادي الترسانة    محافظ شمال سيناء: الانتهاء من صرف التعويضات لأهالي الشيخ زويد بنسبة 85%    محافظ شمال سيناء: منظومة الطرق في الشيخ زويد تشهد طفرة حقيقية    «زى النهارده».. عيد تحرير سيناء 25 إبريل 1982    الزكاة على أموال وثائق التأمين.. الإفتاء توضح أحكامها ومتى تجب    غادة البدوي: تحرير سيناء يمثل نموذجًا حقيقيًا للشجاعة والتضحية والتفاني في سبيل الوطن    فريد زهران: نسعى لوضع الكتاب المصري في مكانة أفضل بكثير |فيديو    حظك اليوم برج الميزان الخميس 25-4-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    من أرض الفيروز.. رسالة وزير العمل بمناسبة ذكرى تحرير سيناء    ميدو: لاعبو الزمالك تسببوا في أزمة لمجلس الإدارة.. والجماهير لن ترحمهم    بالفيديو.. أمين الفتوى: موجات الحر من تنفيس نار جهنم على الدنيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ظلمة نظام مبارك‏30‏ عاما‏:‏أحمد إسماعيل‏:‏ مشير من ذهب

‏39‏ عاما بالتمام والكمال مرت علي انتصار السادس من أكتوبر المجيد‏,‏ يحتفل فيها الملايين كلما تحين ذكري الراحل محمد أنور السادات رئيس الجمهورية‏..‏ وبطل الحرب والسلام‏.‏
وأيضا بالأمر المباشر وخلال ثلاثة عقود‏..‏ ظل إعلام صفوت الشريف يطلق العنان لاحتفالات سنوية اسمها الضربة الجوية تم فيها التلاعب والتحايل علي عقول أجيال عديدة لم تشاهد الحرب‏,‏ أجبرت علي فكرة واحدة‏,‏ وهي أن بطل الحرب هو محمد حسني مبارك رئيس الجمهورية المخلوع‏..‏ وآخر ديكتاتور حكم البلاد‏.‏
اليوم‏..‏ وبعد أن سقطت الديكتاتورية‏,‏ وأتت ثورة‏25‏ يناير لترسي نظام جديد في مصر يسير علي الديمقراطية وتداول السلطة‏,‏ باتت عودة الحق لأصحابه تكليف‏.‏
وفي حرب أكتوبر‏1973,‏ عانت أجيال عديدة من تجاهل اسم رمز تواري ولكنه لايزال أكاديمية تدرس في معاهد العسكرية الإسرائيلية‏,‏ بوصفه أول قائد عربي يهزم الدولة الإسرائيلية في حرب شاملة‏,‏ ويكسر أسطورة الجيش الإسرائيي الذي لا يقهر؟
في الخامس والعشرين من ديسمبر‏1974‏ تواري لمثواه الأخير‏,‏ رجل أعاد الهيبة للجيش المصري‏,‏ وكتب لنفسه أعظم الأمجاد‏,‏ وهو الجنرال الكبير أحمد إسماعيل وزير الحربية المصرية في فترة بين أكتوبر‏1972‏ وديسمبر‏.1974‏
أحمد إسماعيل هو أول قائد عسكري يحقق انتصارا علي إسرائيل في حرب شاملة‏,‏ وهو البطل الأول في المعركة الأهم والأكبر في مصر‏.‏
أحمد إسماعيل عاني من التجاهل الشديد لدوره القيادي‏,‏ خاصة في الأعوام الثلاثين التي حكم فيها محمد حسني مبارك البلاد قبل خلعه و حبسه‏,‏ واختفي تماما اسم الرجل حتي أصبحت هناك أجيالا لا تعلم أن البطل الأول في الحرب اسمه أحمد إسماعيل‏,‏ وقفزت بدلا منه أكذوبة بطل الطلعة الجوية التي اختزلت الحرب تماما في دور حسني مبارك قائد القوات الجوية‏,‏ وفي الوقت نفسه كان للخلاف الشهير بين السادات وسعد الدين الشاذلي رئيس الأركان دور في بقاء الشاذلي في عالم الأضواء لا ينكر أحدا دوره في الحرب بوصفه الرجل الثاني في الجيش خلال عبور القوات المسلحة لقناة السويس‏,‏ وتحطيم أسطورة خط بارليف‏.‏
قائد في كتاب
اسم أحمد إسماعيل معروف تماما في إسرائيل‏,‏ ولا يزال يدرس للعسكريين هناك ليتعلموا من الرجل الذي قهر أسطورة الجيش‏,‏ ويصفه كتاب حرب كيبور لم تكن مفاجأة‏,‏ ولكن المفاجأة هي وجود قائد مصري يستطيع أن يحارب بهذه الكفاءة‏..‏ أحمد إسماعيل‏.‏
إسرائيل في كتاب حرب كيبور كشفت النقاب عن حقيقة البطل الأول في انتصار المصريين الذي لم يكن فقط وزيرا للحربية‏,‏ بل مخططا للحرب قضي علي حلم إسرائيل الكبير في نكسة يونيو‏,‏ وهو تحطيم الإرادة المصرية‏.‏
أسماء من ذهب
قبل أن تبدأ حرب تحرير سيناء‏,‏ يعرف التاريخ العسكري المصري‏3‏ رجالات لهم دور البطولة في إعادة بناء الجيش المصري بعد نكسة‏1967,‏ وهم من وضعوا اللبنة الأولي في صناعة الانتصار حتي بعد أن تركوا خدمتهم‏.‏
الأول هو الفريق محمد فوزي وزير الحربية بين عامي‏1966‏ و‏1971,‏ والثاني هو الفريق عبدالمنعم رياض رئيس الأركان الذي استشهد في الجبهة في غارة إسرائيلية‏,‏ والثالث هو اللواء أحمد إسماعيل الذي عاد إلي العسكرية المصرية بقرار من جمال عبدالناصر رئيس الجمهورية ليتولي إقامة خط الدفاع الأول‏,‏ وتولي منصب قيادة قوات شرق قناة السويس‏,‏ وبدأ أحمد إسماعيل بعد توليه المنصب في لم شتات الجنوب‏,‏ وإقامة خط دفاعي قوي‏,‏ وتنظيم القوات المسلحة‏,‏ وإنشاء الجيشين الثاني والثالث الميدانيين‏.‏
ووجد عبدالناصر نفسه وهو قائد أعلي للقوات المسلحة في نوفمبر‏1967,‏ أي بعد‏4‏ أشهر فقط من نكسة يونيو‏,‏ يملك خط دفاع قوي علي القناة يحول أمام عبور إسرائيل لقناة السويس والوصول إلي القاهرة‏,‏ وأدار أحمد إسماعيل معارك مع الإسرائيليين تفوق فيها وأحدثت ردود أفعال كبيرة في الجيش‏,‏ ورفعت معنويات الجنود‏,‏ ووضعت اللبنة الأولي في كسر أسطورة الإسرائيلي المخيف عندما خاض معركتي رأس العش‏,‏ والجزيرة الخضراء‏,‏ بخلاف قيادة عملية إغراق المدمرة البحرية إيلات في فترة وجيزة جدا‏.‏
وتولي أحمد إسماعيل رئاسة هيئة عمليات القوات المسلحة‏,‏ ليتولي اختصاصات أكبر‏,‏ وهي تكرار نجاحه في إعادة تأهيل القوات في شرق القناة إلي الجيش بأفرعه‏,‏ وبدأ وضع الخطط لحرب الاستنزاف وما بعدها‏,‏ واستشهد الفريق عبدالمنعم رياض ليجري تصعيد أحمد إسماعيل لرئاسة هيئة أركان القوات المسلحة في مارس‏1969,‏ لكنه لم يستمر في منصبه سوي لأشهر قليلة بعد وشاية أصابت علاقته مع جمال عبدالناصر‏.‏
وعن خروج أحمد إسماعيل من الجيش في‏1969‏ روايات مختلفة‏,‏ أبرزها أن صداماته مع رئيس الجمهورية بسبب رفضه التدخل في القرارات العسكرية‏,‏ كانت السبب وراء إعفاءه‏.‏
صرامة ما بعد الشاذلي
للمشير أحمد إسماعيل دور معنوي كبير وقيادي في حرب أكتوبر‏..‏ أنقذ الجبهة المصرية من الانهيار‏,‏ عندما حدث الخلاف الشهير بين السادات ورئيس الأركان سعد الدين الشاذلي وإعفاء الأخير من منصبه بشكل مؤقت‏,‏ وكانت للشاذلي شعبية واسعة في الجيش بين كبار القادة والجنود‏,‏ إلي جانب أن الخلافات بدأت في عز اشتعال المقاومة الإسرائيلية وظهور ثغرة الدفرسوار‏,‏ بالإضافة إلي الحساسية التي كانت تسيطر علي علاقة إسماعيل والشاذلي‏,‏ وميل الأول إلي تأييد الرئيس علي حساب آراء رئيس الأركان في التعامل مع الثغرة‏,‏ تولي إسماعيل قيادة هيئة الأركان بنفسه‏,‏ وعاونه محمد عبدالغني الجمسي رئيس هيئة عمليات القوات المسلحة الذي جري تصعيده إلي المنصب رسميا مع انتهاء الحرب‏.‏
ونجح أحمد إسماعيل في الحفاظ علي وحدة الصف بين القادة‏,‏ وانصاع في الوقت نفسه إلي تعليمات القائد الأعلي للقوات المسلحة‏.‏
أحمد إسماعيل هو أول مشير حقيقي في العسكرية المصرية‏,‏ وثاني من ينال الرتبة الأرفع في الجيش علي الإطلاق‏,‏ فقد سبقه إليها المشير عبدالحكيم عامر وزير الحربية ونائب رئيس الجمهورية في الخمسينيات وحتي نكسة‏.1967‏
لكن عبدالحكيم عامر وصل إلي تلك الرتبة قبل أن يتخطي الأربعين من عمره‏,‏ مستفيدا من وجود جمال عبدالناصر في رئاسة الجمهورية بعد إقالة محمد نجيب‏.‏
وكان عامر قد جري تصعيده إلي رتبة اللواء بعد ثورة‏52‏ مباشرة‏,‏ وسط اعتراضات من جانب عدد لا بأس به من مجلس قيادة الثورة لصغر سنه‏,‏ وتخطيه عدة رتب‏.‏
ولكن أحمد إسماعيل كان أول مشير حقيقي للعسكرية المصرية‏,‏ فقد بدأ حياته ضابطا عاديا برتبة ملازم‏,‏ ظل ينال الرتب الواحدة تلو الأخري من ملازم أول‏,‏ ونقيب‏,‏ ورائد‏,‏ ومقدم‏,‏ وعقيد‏,‏ وعميد‏,‏ ولواء‏,‏ ثم فريق وفريق أول‏,‏ وأخيرا رتبة المشير‏.‏
وجاء حصول أحمد إسماعيل علي رتبة المشير في التاسع عشر من فبراير عام‏1974,‏ وبعد إعلان وقف إطلاق النار وعبور القوات المسلحة لقناة السويس وتحقيق نصر السادس من أكتوبر‏1973,‏ ووقتها أصدر السادات قراره الجمهوري بمنح أحمد إسماعيل رتبة المشير علي أن تبدأ من يوم حرب التحرير‏(6‏ أكتوبر‏)‏ تقديرا لدوره الكبير والقيادي في الحرب‏.‏
انتصارات في المخابرات
ولأحمد إسماعيل دور آخر في الحرب لا يتوقف عند حد توليه لوزارته‏,‏ ومنصب القائد العام للقوات المسلحة‏,‏ بل هو أول مدير لجهاز المخابرات العامة بعد حركة التصحيح في‏15‏ مايو‏1971‏ التي قام بها السادات ضد مراكز القوي التابعة لعهد عبدالناصر‏.‏
أحمد إسماعيل كان رجلا مدنيا بعد أن ترك الخدمة مجبرا في سبتمبر‏1969,‏ واستدعاه السادات إلي منزله ليعينه مديرا لجهاز المخابرات العامة‏,‏ وكانت أولي مهامه إنشاء الخداع الاستراتيجي عسكريا ومعلوماتيا بين مصر وإسرائيل‏,‏ التي اعتمد عليها السادات في الإعداد للحرب ومباغتة تل أبيب بها‏.‏
وخلال عام واحد حقق أحمد إسماعيل عدة انتصارات علي إسرائيل في السباق المخابراتي‏,‏ ونجح في الوصول إلي أسماء رؤساء دول كانت تتعاون سرا مع تل أبيبا‏,‏ وتسجيل لقاءات لها تابعها السادات بنفسه‏,‏ وبدأ في استغلالها لمصلحته في الترويج لمعلومات خاطئة‏,‏ وأجاد أحمد إسماعيل في تقديم نشرات عسكرية دورية بآخر الأجهزة والمعدات التي تصل إلي الجيش الإسرائيلي‏,‏ بل ونفذ جهازه عدة عمليات ضد شحنات تسليح إسرائيلية في السواحل الإفريقية واللاتينية خلال فترة رئاسته للمخابرات‏.‏
وزيرا لأول مرة
وصول أحمد إسماعيل لمنصب وزير الحربية لم يكن مخططا له من جانب الرجل‏,‏ بعد أن ترك الخدمة العسكرية وتولي رئاسة جهاز المخابرات العامة‏,‏ لكن فجأة‏,‏ وبدون مقدمات‏,‏ دارت الأزمة الشهيرة بين السادات ووزير حربيته الثاني الفريق محمد صادق بسبب عدم تطوير الأخير للخطة الهجومية لعبور قناة السويس‏,‏ ونشوب خلاف حاد بينهما داخل اجتماع للمجلس الأعلي للقوات المسلحة عندما فوجئ السادات بعدم علم القادة بتعليمات أصدرها لوزير الحربية بداعي رغبة الأخير في فرض السرية‏,‏ ثم تلقي السادات شكاوي من قادة الأفرع بحاجة القوات لعتاد وأجهزة مختلفة‏,‏ من أجل الاستعداد للحرب‏.‏
وعلي الفور قرر السادات إعفاء محمد صادق‏,‏ وذهب عقله علي الفور لأحمد إسماعيل مدير جهاز المخابرات العامة لخلفيته العسكرية‏,‏ وحصوله علي أدق المعلومات عن قدرات الجيش الإسرائيلي بحكم منصبه‏,‏ وخوضه معارك ميدانية عديدة قبلها‏.‏
واستدعي السادات أحمد إسماعيل إلي منزله في الجيزة في السادس والعشرين من أكتوبر وكلفه بمنصب وزير الحربية والاستعداد للحرب بأسرع وقت‏,‏ وبأعلي درجات الكفاءة‏,‏ ويروي أحمد إسماعيل عن اجتماعه مع السادات‏:‏ كان هذا النهار أحد الأيام المهمة والحاسمة في حياتي كلها‏,‏ بل لعله أهمها علي الإطلاق‏..‏ التاريخ‏26‏ أكتوبر‏1972‏ 19‏ رمضان‏1392‏ ه‏,‏ حوالي الساعة الثالثة بعد الظهر‏,‏ والمكان‏..‏ منزل الرئيس السادات بالجيزة‏,‏ كنا سيادته وأنا نسير في حديقة المنزل‏..‏ لم أكن أدري سبب استدعائي‏,‏ ولكني توقعت أن يكون الأمر خطير‏,‏ وبعد حديث قصير عن الموقف حدث ما توقعته‏,‏ حيث أبلغني سيادته بقرار تعييني وزيرا للحربية اعتبارا من ذلك اليوم‏,‏ وفي الوقت نفسه كلفني بإعداد القوات المسلحة للقتال بخطة مصرية خالصة تنفذها القوات المسلحة المصرية‏,‏ ليتخلص بها الوطن من الاحتلال الصهيوني‏,‏ وكان لقاؤه لي ودودا إلي أقصي حد‏,‏ وكان حديثه معي صريحا إلي أبعد حد‏,‏ وعندما انتهي اللقاء ركبت السيارة لتنطلق في شوارع القاهرة وشريط الذكريات والظروف يمر في ذهني وأمام عيني‏..‏ هآنذا أعود مرة أخري لأرتدي الملابس العسكرية‏.‏
وبالفعل بدأ أحمد إسماعيل ارتداء البدلة العسكرية من جديد وتولي أرفع منصب في الجيش وقيادة أخطر المعارك في تاريخ الوطن معركة أكتوبر‏.‏
حكايته مع التحرير
بدأت قصة المشير مع ميدان التحرير قبل حرب أكتوبر ب‏72‏ ساعة فقط‏,‏ عندما استدعاه محمد أنور السادات في القصر الجمهوري ليسأله عن آخر استعدادات الجيش المصري للمعركة الفاصلة بعد تحديد موعدها‏.‏
وسأله السادات‏:‏ اليوم الثلاثاء‏..‏ وسوف نحارب السبت المقبل‏,‏ فهل أنت جاهز؟‏..‏ فأجابه وزير الحربية المصرية بثقة كبيرة‏:‏ نعم سيادة الرئيس جاهزون لمعركة التحرير‏.‏
ولم يتوقف السادات عند الإجابة‏,‏ وحاول الضغط بصورة أكبر علي وزير الحربية وقال له‏:‏ السبت هانحارب ويوم الثلاثاء هاتكون جثتك معلقة في ميدان التحرير لو لم تكسب المعرفة فهل أنت قابل؟‏,‏ توقع السادات كما يروي مقربون منه أن يتردد وزير الدفاع ولول للحظات‏,‏ لكنه فوجئ بإجابة عسكرية أكثر ثقة‏:‏ نعم قابل ياسيادة الرئيس من أجل مصر‏.‏
وكانت تلك الواقعة بطاقة الأمان الأخيرة التي اطمأن بها السادات من وزير الحربية علي قدرة القوات المسلحة واستعدادها التام لخوض معركة التحرير‏.‏
العودة للخدمة مجندا
مشاركة أحمد إسماعيل في حرب أكتوبر كوزير للحربية دليل آخر لوطنية الرجل‏,‏ فهو كان سيوجد في حرب أكتوبر‏,‏ سواء وزيرا للحربية‏,‏ أو مجندا عاديا يحمل السلاح في الحرب‏,‏ وتشير السيرة الذاتية للرجل عن واقعة وطنية وتعبر عن أخلاقه الحقيقية‏,‏ فهو في الثاني عشر من سبتمبر‏1969‏ جري إعفائه من منصبه رئيسا لهيئة أركان القوات المسلحة وخروجه من الحياة العسكرية‏,‏ وجمعته جلسة مع الفريق محمد فوزي وزير الحربية في ذلك الوقت‏,‏ لإبلاغه بقرار إعفاؤه من منصبه‏.‏
ووقتها تحدث أحمد إسماعيل بعد أداء التحية العسكرية لوزير الحربية لآخر مرة قبل الدخول مجددا في الحياة المدنية وقال له‏:‏ أرجو من سيادتكم أن أتمكن من المشاركة في القتال عندما تقرر القوات المسلحة خوض حرب شاملة ضد إسرائيل‏,‏ وأرجو أن أعود إلي الخدمة ولو كقائد فصيلة أو جندي‏,‏ المهم أن أخوض آخر معاركي أمامهم‏.‏
الحرب العالمية بدايته
نحن أمام رجل كان يعرف عنه عدم الاستسلام لإرادته القوية‏,‏ وهي عنوان دخوله للحياة العسكرية‏,‏ فأحمد إسماعيل انضم للكلية الحربية رافضا التخلي عن حلم أن يكون ضابطا‏,‏ بعد فشل‏3‏ محاولات سابقة في الوصول إلي الكلية‏,‏ وانضم بعد الثانوية إلي كلية التجارة وكان يتقدم باستمرار إلي اختبارات الكلية الحربية حتي تم قبوله‏,‏ وكان يرفض لأنه من عامة الشعب‏.‏
وتخرج المشير الراحل في الكلية الحربية عام‏1938‏ برتبة ملازم ثان في دفعة‏17‏ 18‏ التي ضمت أيضا جمال عبدالناصر‏,‏ ومحمد أنور السادات‏,‏ وعبدالمنعم رياض‏,‏ ويوسف السباعي‏,‏ وخاض أحمد إسماعيل عدة حروب أبرزها وجوده في الحرب العالمية الثانية التي شارك فيها كضابط مخابرات في الصحراء الغربية‏,‏ وكان قائدا لسرية مشاة في حرب فلسطين عام‏1948,‏ وشارك في حرب العدوان الثلاثي عام‏1956,‏ واللواء الثالث مشاة في رفح والقناطر‏,‏ وهو ما أكسبه خبرات عسكرية كبيرة‏.‏
مواليد الكحالة بشبرا
ولد المشير أحمد إسماعيل في أكتوبر‏1917‏ في شارع الكحالة في شبرا‏,‏ ويحكي أن والدته كانت تفكر في إجهاض نفسها عندما علمت بالحمل لتخوفها من أن يأتي المولود بنتا بعد أن أنجبت عدة بنات قبل مجيئه‏,‏ ولكن الواعظ الديني أزال الفكرة من رأسها وأنجبت ولدا ظلمه النظام طويلا‏,‏ لكنه بقي اسما من ذهب في التاريخ‏.‏
وتوفي أحمد إسماعيل بعد رحلة علاج بالعاصمة الإنجليزية لندن عن عمر يناهز السابعة والخمسين‏,‏ وأقيمت له جنازة عسكرية مهيبة‏,‏ شارك فيها أكثر من مليون مواطن‏,‏ يتقدمهم الرئيس محمد أنور السادات‏.‏

رابط دائم :


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.