«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"أكتوبر" تكشف أسرار الثغرة وخلافات الشاذلى مع السادات
نشر في الوفد يوم 26 - 10 - 2011

أخيرا صدرت أول طبعة مصرية لمذكرات سعد الشاذلى عن حرب أكتوبر عن دار "رؤية" للنشر بعد ثلاثة عقود من الحجب والمنع؛ وكانت الطبعة الأولى للمذكرات قد صدرت عن مؤسسة الوطن العربى فى لندن عام 1980 قبل أن تصدر الطبعة الشهيرة بالجزائر والتى تم تداولها ككتاب ممنوع بين محبى الفريق الشاذلى.
كواليس طباعة الكتاب فى مصر تضمنت تفويض طارق عبد الرحمن حفيد الفريق الشاذلى من قبل الأسرة لتوقيع اتفاق مع أىّ من دور النشر بعد وفاة الرئيس وقيام الثورة خاصة أن الرئيس السابق مبارك اصدر تعليمات غير رسمية بحظر نشر المذكرات داخل مصر.
وكان كاتب السطور قد فوجئ بوجود نسخة من مذكرات حرب أكتوبر للفريق الشاذلى بعد الثورة فى كثير من المكتبات داخل مصر وأبلغ أسرة الفريق واتضح أن النسخة المتداولة مزورة وتختلف كُليا مع المذكرات الفعلية واتضح انها من صنع بعض مزورى الكتب الذين طرحوا المذكرات دون رقم ايداع ودون خرائط وصور ومقدمات وبعض الملاحق الاصلية . وقد اتفق طارق عبد الرحمن مع رضا عوض مدير دار "رؤية" على اعادة اصدار مذكرات الفريق الراحل فى طبعة كاملة وفاخرة .
وفى بداية المذكرات تُهدى السيدة زينات السحيمى أرملة الفريق الراحل مذكرات أكتوبر إلى شباب ثورة 25 يناير الذين لولاهم ما رأى كتاب " الشاذلى " النور .
وتبدأ المذكرات باستعراض لأهم الأسئلة التى كانت مطروحة والتى لا تزال مطروحة عن حرب أكتوبر ومنها : "كيف حدثت ثغرة الدفرسوار ؟ وكيف تحولت المعركة من نصر مباغت إلى حصار غريب للجيش الثالث ؟ وماذ يمكن أن يحدث لو لم تقع الخلافات بين القادة العسكريين والسادات ؟ وما حجم الصدق فيما نشر من مذكرات عن حرب اكتوبر، خاصة ما ذكره الرئيس السادات فى كتابه " البحث عن الذات " ؟
لقد كان سعد الشاذلى رئيسا لأركان القوات المسلحة خلال الفترة من مايو 1971 وحتى ديسمبر 1973 وعندما خرج بقرار رئاسى اختير سفير لمصر فى لندن كنوع من التشريف والتقدير، ثم سفير لمصر فى البرتغال وعندما نشر السادات كتابه " البحث عن الذات " عام 1978 ألقى باللائمة فى موضوع ثغرة الدفرسوار على الشاذلى وهو ما استفز الرجل واعتبره كذبا محضا جميع شهوده أحياء، إلا أنهم لا يمكنهم الكلام والتعليق على المذكرات لأن صاحبها هو رئيس الدولة.
واستغل " الشاذلى " الغضب العربى على السادات بعد زيارته للقدس وعقد مؤتمرا صحفيا فى لشبونة أعلن فيه استقالته وندد فيه بالسادات ورحل بعد ذلك الى الجزائر التى احتضنته حتى عاد الى مصر .
خطط الهجوم
إن أخطر ما يقدمه الشاذلى فى مذكراته أنه لم تكن هناك خطة هجوم حتى عام 1971 وأن ما ذكره الفريق محمد فوزى وزير الحربية خلال الفترة من 1968 الى 1971 عن وجود خطة هجومية غير صحيح ؛ كانت هناك خطة دفاعية هى الخطة 200 وكانت هناك خطة اخرى تدعى " جرانيت " لكنها لم تكن خطة هجومية. وبعد قدومه لمنصب رئاسة الاركان تم وضع خطة اطلق " المآذن العالية " كأول خطة هجومية ، الا ان تنفيذها كان يتطلب موافقة الاتحاد السوفيتى على توفير السلاح اللازم بأسرع وقت؛ وفيما بعد يخبرنا " الشاذلى " أن تلك الخطة تم تطويرها لتصل الى الشكل النهائى الذى جرى فى حرب اكتوبر 1973 واطلق عليها الخطة " بدر " .
أوهام القاهر والظافر
ويحدثنا "الشاذلى" عن الصواريخ التى كان يطلق عليها القاهر والظافر وكان يتم استعراضها فى كافة العروض العسكرية قبل 1967 ؛ ويقول إن الدولة كانت تُشجع الصحافة على الاشادة بقوة تلك الصواريخ التى يصل مداها الى 200 كيلو متر وفى الحقيقة لم تكن تلك الصواريخ سوى حلقة من حلقات "البروباجندة" الكاذبة للنظام السياسى وفى حرب يونيو لم تستخدم لأنها كانت أقرب ما يكون الى "المنجنيق" على حد تعبير "الشاذلى " . وكان اكبر مدى يمكن أن يصل اليه الصاروخ ثمانية كيلو مترات فقط .
قصة إقالة اللواء "صادق"
ومن بين الموضوعات الاخرى التى يُثيرها الرجل فى مذكراته الاسباب التى دفعت الرئيس السادات الى اقالة الفريق احمد صادق وزير الحربية فى اكتوبر 1972 ؛ لقد كان "صادق" أحد الذين ساندوا " السادات " فى معركته مع مراكز القوى وكان يشغل وقتها منصب رئيس الاركان، لذا كان من الغريب أن تتم اقالته بعد أقل من 18 شهرا من حركة 15 مايو والتى تمكن من خلالها السادات من الانفراد بالسلطة بعد سجن الفريق فوزى وزير الحربية، وشعراوى جمعة وزير الداخلية وسامى شرف وعلى صبرى .
أننى أعود إلى مذكرات السادات لأجده يُشير الى أن اقالة اللواء "صادق" كانت بسبب ابدائه رأيا بعدم امكانية قيام مصر بحرب هجومية على اسرائيل فى ظل امكانياتها المحدودة من الاسلحة والذخيرة، لكن الفريق سعد الشاذلى يكشف لنا سرا خطيرا عندما يشير الى أن اقالة " صادق " كانت بسبب محاولة محدودة للانقلاب على السادات قادها نقيب جيش شاب.
وأصل الحكاية أن عددا من الدبابات خرجت من معسكرها ودخلت الى القاهرة ورفضت اوامر الشرطة العسكرية وتوجهت الى مسجد الحسين . وقد تمكنت الشرطة العسكرية من القبض على المجموعة واتضح أن قائدها نقيب يدعى على حسنى عيد وكان يتمتم ببعض الايات القرانية ويحض زملائه على تغيير نظام الحكم وقد أودع مستشفى الامراض النفسية. ويعتقد الشاذلى ان تلك الحادثة كانت السبب الرئيسى فى اقالة اللواء احمد صادق وذكر صاحب المذكرات ان السادات قال له بعد ذلك انه لا يصدق اللواء "صادق" بأن النقيب على عيد شخص غير متزن ومريض عقليا .
أسباب اختيار "اسماعيل" وزيرا للحربية
ويكشف الفريق الشاذلى أن السادات اختار الفريق احمد اسماعيل وزيرا للحربية لعدة أسباب كان من بينها علمه انه مريض بالسرطان وهو ما يجعله يأمن جانبه لأنه مريض بالسرطان لن يطمح فى الانقلاب على الرئيس؛ كذلك فإن "السادات" كان على دراية بالخلافات السابقة بين " الشاذلى " و" اسماعيل " وكان يريد استثمارها للسيطرة على الاثنين بمبدأ " فرق تسد "؛ وفى اعتقاد صاحب المذكرات انه لو كان القائد العام للجيش المصرى فى حرب اكتوبر شخصا آخر غير الفريق احمد اسماعيل لحققنا نتائج أفضل خاصة بسبب ظروف مرضه والتى توفى على أثرها فى ديسمبر عام 1974 بلندن .
لقد بدأ الخلاف بين سعد الشاذلى واحمد اسماعيل مبكرا عندما كانت لمصر بعثة عسكرية فى الستينيات وقد اختلف الضابطان وكان " اسماعيل " بدرجة عميد ، و" الشاذلى " بدرجة عقيد ووصل الامر الى التشابك بالايدى , وفيما بعد تكررت الخلافات عندما كان اسماعيل يرأس اركان حرب القوات المسلحة وقدم " الشاذلى " استقالته ورفض عبد الناصر وحاول الاصلاح بينهما.
المهم أن خلافات الرجلين ستكبر بعد ذلك وستؤثر على سير حرب اكتوبر، الا أن مرض اسماعيل سيدفع "الشاذلى الى زيارته وهو يعالج فى لندن وسيخبره وقتها اسماعيل بأن السادات هو من أمر بحذف اسم " الشاذلى " من فيلم حرب اكتوبر .
انقلاب على عبد الخبير
وتكشف مذكرات رئيس اركان حرب اكتوبر عن سر خطير ربما لم يذكر من قبل ، وهو تدبير محاولة انقلاب من بعض رجال الفريق " صادق " ضد الرئيس السادات فى نوفمبر 1972 . وقد كان قائد الانقلاب اللواء على عبد الخبير قائد المنطقة العسكرية والذى تمت اقالته مع اللواء احمد صادق وزير الحربية. وكان الانقلابيون يخططون للقبض على الرئيس ووزير الحربية ورئيس الاركان خلال حفل عقد قران كريمة الشاذلى يوم 9 نوفمبر 1972 الا أن أحد الضباط المشاركين أبلغ المخابرات الحربية وتم القبض على اللواء عبد الخبير واعترف اعترافا مكتوبا وسجن ومعه عدة ضباط .
ويكشف الشاذلي مشاكل التعامل مع السوفييت وهى تتطابق مع كثير ما ذكره السادات فى " البحث عن الذات"، أو فى كتاب أنيس منصور الأخير " من أوراق السادات " ، فقد كان السوفييت يحددون موعد تقديم السلاح وحجمه وكانت أسلحتهم قليلة، وكانوا يظهرون بعض الخشونة فى التعامل مع المصريين، كما أنهم لم يقوموا بتدريب مستخدمى الاسلحة على اسلحتهم . وعلى الرغم من كل ذلك لا ينكر " الشاذلى " دورهم فى دعم ومساندة مصر طوال سنوات الحرب مع اسرائيل .
ويستعرض الرجل تفاصيل الدعم العربى لمصر قبل معركة اكتوبر حيث يشير الى أن العراق كانت اكثر الدول العربية التى قدمت أسلحة لمصر تمثلت فى سرب طيارات هوكو هنتر وفرقة مدرعات وفرقة مشاة ؛ كما بعثت العراق بسربي طيارات على الجبهة السورية . أما الجزائر فتأتى فى المرتبة الثانية حيث قدمت لمصر سرب ميج 21 وسرب سوخوى 7 وسرب ميج 17. اما ليبيا فجاءت فى المرتبة الثاثلة وقدمت سربى ميراج أحدهما يقوده طيارون ليبيون ، والآخر يقوده طيارون مصريون. كما قدمت السعودية معدات وطائرات وذخيرة وكذلك فعلت المغرب وشارك لواء سودانى فى الحرب.
مفاجأة سوريا
وتحكى المذكرات أن مصر وسوريا اتفقتا على الحرب خلال شهر اغسطس وفى 21 تحديدا زار الاسكندرية مصطفى طلاس وزير الدفاع السورى ومعه عدد من القادة العسكريين وتم الاتفاق على كافة ترتيبات المعركة وتم ابلاغ السفير السوفيتى بوجود أنباء عن قرب هجوم اسرائيلى. وفى أول اكتوبر تم اخطار قائدى الجيش الثانى والثالث بأن تمام ساعة التنفيذ هو يوم 6 اكتوبر وقد فرض عليهما ابلاغ قادة الفرق يوم 3 أكتوبر، وقادة الألوية يوم 4 أكتوبر، وقادة الكتائب والسرايا يوم 5 أكتوبر وقادة الفصائل وضباط الصف والجنود قبل الهجوم ب6 ساعات وفى يوم 3 أكتوبر كان وزير الحربية فى سوريا وطلب منه القادة السوريون تأجيل موعد الهجوم لمدة 48 ساعة واخبرهم أن ذلك غير ممكن ؛ وكانت الأوامر قد صدرت لبعض الفرق ولم يكن فى امكانية أحد ايقاف عجلة الحرب .
وفى 4 أكتوبر حدث ما يمكن كشف نوايا الهجوم المصرى حيث قامت مصر للطيران بإلغاء رحلاتها وتنفيذ خطة إخلاء طائراتها وعلى الفور اتصل وزير الحربية بوزير الطيران وطلب عودة الأمور لطبيعتها .
حقيقة أفلام العبور
ويكشف سعد الشاذلى سرا خطيرا عندما يؤكد أن جميع الأفلام التى صورت لعبور الجيش المصرى لقناة السويس لم تكن حقيقية؛ وذكر أنه حتى يوم 8 اكتوبر لم تطأ قدم أى مصور أرض المعركة، وأن عمليات التصوير تمت بعد ذلك التاريخ وتم استخدام كومبارس فى عمليات عبور وهمية لأغراض الدعاية. وقال الشاذلى انه صدم عندما شاهد صور العبور فى الصحف الاجنبية خاصة أن بعضهم كان يعبر فى شكل غوغائى .
وفى يوم السبت 6 اكتوبر عبرت قواتنا قناة السويس وهى تهتف " الله اكبر " وتم تدمير خط بارليف خلال 18 ساعة وانتهى يوم 7 اكتوبر بأقل خسائر ممكنة وهى 5 طائرات و20 دبابة و280 شهيدا، بينما خسرت اسرائيل 30 طائرة و300 دبابة وبضعة آلاف من القتلى .
أزمة تطوير الهجوم
فى الأيام التالية لبدء الحرب نجحت القوات المصرية فى السيطرة على كافة حصون العدو وحققت المستهدف من الخطة " بدر" وهو الوصول الى ما بعد خط بارليف وتم صد الهجمات المضادة للعدو وفى يوم 11 أكتوبر فوجئ القادة العسكريون بوزير الحربية يخبرهم أن القرار السياسى يُجبرهم على تطوير الهجوم ، وهو ما اعتبروه مستحيلا وسيؤدى الى خسائر ضخمة . وأصر وزير الحربية تحت الحاح السوريين لتخفيف الضغط على جبهتهم ؛ ولقد أدى تطوير الهجوم الى خسائر كبيرة فى القوات المصرية كما أدى الى كشف منطقة بين الجيش الثانى والثالث رصدتها طائرة استطلاعات أمريكية ؛ وفى ليلة 16 اكتوبر تمكن شارون من التسلل عبر منطقة الدفرسوار ببعض الدبابات .
وقد سارع الرئيس السادات بعقد مؤتمر بمقر القيادة وعرض "الشاذلى" وقتها سحب الفرقة 21 مدرعة والفرقة 4 مدرعة لتوجيه ضربة للقوات الاسرائيلية التى عبرت منطقة الدفرسوار ، وفوجئ " الشاذلى " بثورة السادات العارمة وقوله له " لا اريد ان اسمع هذه الاقتراحات مرة ثانية لو أثرت هذا الموضوع مرة أخرى سأحاكمك" .
ويبدو أن " السادات " كان يخشى على الروح المعنوية للقوات المسلحة من فكرة التوجه غربا مما قد يعيد اليهم ذكرى الانسحاب فى يونيو 1967 وذلك ما ذكره اللواء جمال حماد فى كتابه الموسوعى عن معارك الجبهة المصرية فى 1973؛ ولم تمر أيام قليلة حتى عبرت عدة فرق اسرائيلية غرب قناة السويس وطوقت الجيش الثالث وحاصرته حصارا دفع السادات الى طلب وقف اطلاق النار .
وفى تصور " الشاذلى " فإن السادات أجهض النصر الكبير وأنه مسئول مسئولية كاملة عن حصار الجيش الثالث ؛ وفى يناير 1974 تم توقيع اتفاق فض الاشتباك المصرى الاسرائيلى والذى ينص على سحب اسرائيل لكافة قواته غرب قناة السويس وسحب مصر معظم قواته التى عبرت والابقاء على 7 آلاف جندى و30 دبابة فقط .
إقالة الشاذلى
وفى 12 ديسمبر 1973 اتصل الفريق احمد اسماعيل وزير الحربية بسعد الشاذلى وأخبره ان الوزير قرر تعيينه سفيرا لمصر فى لندن ؛ ورد " الشاذلى " انه يعتذر وسيبقى فى منزله ، وبعدها اتصل به اللواء حسنى مبارك وقال ان لديه رسالة من الرئيس السادات وهى تقديره لدوره فى حرب اكتوبر وترقيته الى رتبة فريق وتعيينه سفيرا لمصر فى بريطانيا ، إلا أن الشاذلى كرر اعتذاره فما كان من السادات إلا أن استدعاه فى يناير فى استراحته فى اسوان وقال له انه يُريد الاستفادة من خبراته العسكرية فى تسليح الجيش المصرى لذا فإن موقعه فى لندن سيخدم القوات المسلحة وقبل " الشاذلى " ولم يكن ذلك صحيحا، وفوجئ بتجاهل تكريمه ضمن قادة حرب اكتوبر، وحذف اسمه من الوثائق التسجيلية للحرب ، ثم تحميله مسئولية الثغرة فى مذكرات السادات التى صدرت خلال حياته وحملت " البحث عن الذات " .
وفى 21 يوليو 1979 قدم سعد الدين الشاذلى بلاغا الى النائب العام المصرى يطالب فيه بمحاكمة الرئيس السادات بدعوى الكذب وتزوير التاريخ .. ولم يتصور أحد أن الحقيقة لا يمكن احتكارها وأن الزمن كفيل بتصحيح خطايا التزوير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.