بيلا كتبت- مارينا ميلاد بناء قديم صغير يتوسط شارع قصر النيل بمنطقة وسط البلد ، ربما لا يلفت نظر العابرين له سوى صور الفنانين و السياسين و الملوك و الباشوات ، التى تعتلى جدرانه من كل الجوانب ، و بمجرد النظر فوق تلك الصور تجد لافته كبيرة توضح أنه "ستوديو بيلا" ، أقدم ستوديو تصوير فى مصر و الوطن العربى ، حيث يقدر عمره بنحو 120 عاماً. لم يكن يعلم أشرف محى الدين فهمى ، الشهير ب "أشرف بيلا"، صاحب الاستوديو حالياً ، أن الخلاف بين المجر و الانجليز عام 1925، و طردهم من مصر سوف تجعله يمتلك هذا الاستوديو العريق ، حيث كان يمتلكه وقتها المجرى "بيلا" ، وعندما ترك مصر باعه لفهمى باشا ، الذى حافظ على اسم "بيلا" كلقب تشتهر به عائلته فى المهنة ، التى توارثتها طوال هذه السنوات. "الصورة الحلوة فن له أصول" .. شعار رفعه "اشرف بيلا" ، الرجل الستينى ؛ فيقول :"بالتأكيد المهنة مبقتش زى زمان ، الناس اختلف شكلها و ملابسها و طريقة تصويرها ، و مبقاش فى اقبال على التصوير فى استوديو ، بسبب الموبايلات و الكاميرات الديجتال بصورها الغير دقيقة ، حتى الصور الرسمية أغلبها بيتصور فى المصالح الحكومية " ، و يستكمل :"التصوير زمان كان له بعض طقوس مثل ارتداء الرجال و السيدات ملابس رسمية ، و كان هناك حرص على التصوير فى المناسبات و الاعياد ، و بعضهم كان لازم يتصور مرة كل شهرأو عند شراء فستان جديد أو بدلة جديدة". جراموفنات ، زجاجات "شامبانيا" ، طبلة ، كراسى صغيرة ، تليفونات قديمة ، تحف و تماثيل .. هذه جزء من مقتنيات الاستوديو ، التى تستخدم فى التصوير ؛ فلم يتغير شكل استوديو "بيلا" أو مقتنياته منذ إنشاءه عام 1914 ، كما حرص صاحبه على الاحتفاظ بالكاميرات القديمة ، مؤكداً انها مازالت تعمل لكن تحتاج لخامات غير متوفرة فى مصر ، سيقوم بشراءها من الخارج ليجدد عمل تلك الكاميرات مرة أخرى. اختلاف و تطور و سهولة طرق التصوير فى الفترة الحالية ، لم ينل إعجاب "اشرف بيلا" ، الذى اعتاد على التصوير بالطريقة القديمة ، و يرى إنها الانسب لخروج صورة فنية جيدة ، و يحكى :" زمان الفيلم كان حجمه قد كف اليد و بيصور صورة واحدة ، و فى التسعينات ظهر الفيلم ال 36 صورة ، و كان الفيلم بعد ما يخرج من الكاميرا يتم وضعه فى علبة فى الضلمة ، وبعدين يتم وضعه فى الحمض أبيض و أسود أو ألوان عندما ظهرت سنة 86 ، ثم السائل المثبت ، و نشره بالمشابك لغايت لما ينشف ، و تظبيطه بقلم الرتوش و مادة المتولين التى توضع لتسهيل عملية "السنفرة" و إزالة الزيادات ، و اخيرا طباعته ، ثم تكرار كل هذه الخطوات على الصورة اللى هتخرج ، لكن دلوقتى الصور بتطبع من الكاميرا علاطول ، و بدل قلم الرتوش اللى بيظبط الصورة فى 3 أيام ، بقى فيه برامج الفوتوشوب مع الحفاظ على شكل الصورة". ويؤكد :"رغم أن الاستوديو قديم ، لكن لدينا أحدث الكاميرات ، و معدات الاضاءة ، و يتم تنظيم دروس هنا للمهتمين بالتصوير و معرفة الفرق بين الطرق القديمة و الحديثة عملياً "، و يوضح أن أهم أسس التصوير السليم هى معرفة الهدف من الصورة ، و الزوايا و الاضاءة المناسبة للوجه ، والتى تختلف بحسب شكل الشعر و الطول و لون البشرة. الملك فؤاد ، الملك فاروق ، الرئيس الراحل جمال عبد الناصر ، الرئيس السادات ، سعاد حسنى ، أحمد ذكى ، هند رستم ، رشدى أباظة ، يسرا ، الداعية عمرو خالد ، الاعلامى تامر أمين ، و غيرهم من الشخصيات الاعلامية و الفنية و السياسية ، وقفوا أمام عدسة كاميرا استوديو بيلا ، الذى مازال يشتهر ب"استوديو الفنانين و السياسين" ، و لذلك طقوساً خاصة تختلف عن غيرها ، يتذكرها "اشرف بيلا" :"الفنانين بيجوا الاستوديو مش احنا اللى بنروحلهم ، و بياخدوا حوالى 7 ساعات للتحضير و التصوير، و ده يعتبر يوم كامل عند المصورين ، و كان لابد أن اجلس معهم لمعرفة شخصيتهم و التدقيق فى وجهوهم لمعرفة الزاوية المناسبة للصورة". حصات "أونا"، على صور نادرة للرئيس السادات و حرمه السيدة جيهان السادات ، و بعض الفنانين ، الذين تم تصويرهم داخل استديو بيلا ، والذى يقول صاحبه عنهم : "فريد شوقى من الفنانين اللى كل زوايا وجهه مظبوطة فى التصوير ، و سعاد حسنى من الوجوه اللى بترتحلها الكاميرا ، على عكس فنانين اكثر جمالا لكن ليس لهم زوايا تصوير ، وكان ليهم نظرات معينة فى الصور باتجاه الجنب أو تجاه الارض ، و ده كان منتشر تقليداً للصور فى أوروبا ". وبانتهاء الحديث عن أبرز ذكريات أقدم ستوديو فى مصر ، يختتم "اشرف بيلا" : " التصوير مش مجرد ضغط على زر فى الكاميرا ، التصوير احساس بالشخصية ، و روح لازم تظهر ، و وجه لازم يطلع أجمل ما فيه ، و المصور هو المسئول ".