بعدما انقشع الغبار عن مشهد فض تظاهرة الشورى المناهضة لقانون التظاهر ، والتي حتما كانت تضم "شرفاء" أختلف معهم في ترتيب أولويات الوطن ، وبعيدا عن تبرير غياب العقل السياسي للشرطة أثناء تطبيقها للقانون في القبض على من خالفوه ، فإن هذا المشهد وما تبعه من ردود أفعال أسفر جليا عن أن مصر كما ابتليت بمن ادعوا أنهم وكلاء وحيدون للإسلام ، ابتليت أيضا بمن ادعوا أنهم وكلاء وحيدون للثورة !! فأصبح كل صاحب رأي مغاير في تقييم الحدث بائعا للثورة وخائنا لها ، هؤلاء الذين يتاجرون بثورة المصريين ليسوا أقل خطرا ولا فاشية من تجار الدين !! بعض النشطاء : الذين تملكهم الغرور فغردوا على تويتر بعيدا عن حاجات المصريين على الأرض ، فصاروا هم والمتأسلمين وجهان لعملة واحدة منفصلة عن الواقع ، كلاهما ناصب 30 يونية العداء !! المتأسلمون يرون أنها أنهت حلمهم ، وبعض النشطاء في قلوبهم منها مرض لأنهم تواروا عن مشهدها وانحسرت عنهم الأضواء فتطرفوا وتشنجوا في الحديث بإسم يناير !! وكأن الثورة صارت مهنة وليست وسيلة فامتهنوها وأهانوها !! أصحاب الدكاكين الحقوقية : الذين لا يُسمع لهم صوتا حين يُغتال جنود الجيش وضباط الشرطة الذين يواجهون الإرهاب بالشارع ، وكأن بندا بعقود تمويلهم يمنعهم عن مجرد الإدانة ، انتفاضة هؤلاء للولولة على بعض انتهاكات أحداث الشورى ، هي أكل عيشهم وسبب فتح دكاكينهم ، لكن عليهم أن يكفوا عن التمسح بقميص يناير لأن جموعه لا شأن لها بالمنح المدفوعة مقدما للحديث عن حقوق الإنسان !! بضعة سياسيين : محسوبين على جبهة الإنقاذ والتيار الشعبي ، جاء الموقف مواتيا لهم للخروج من موتهم الإكلينيكي ، فخرجوا للمزايدة من جديد بمصطلح "عودة الدولة البوليسية" رغم كونهم من المخبرين بالطبيعة !! آملين في العودة للمشهد من جديد مسجلين لموقف إعلامي قد يتم استدعاءه حال خوض أحد مرشحيهم لانتخابات الرئاسة !! لكنها الجعجعة تحت مسمى عدم التفريط في مكتسبات يناير !! الموالاة : هؤلاء الذين يخوضون ضد مصر حربا بالوكالة عن الإخوان في الأوقات المسيسة ، تارة تحت مسمى عدم الإقصاء وتارات أخرى تحت مسميات المبادىء والإنسانية والمصالحة المجتمعية والتوحد في مواجهة العسكر !! هؤلاء يشكلون شقا في جدار المجتمع لعودة الجماعة ، التي لو عادت فلن ترتضي بأقل من جماجمنا !! فكان خطابهم الغزلي صبيحة أحداث الشورى عن ذكريات التوحد في ليالي يناير !! هذا الشعب المحاصر بين تجار الدين والثورة ، والذي يتناول كل صباح وجبة يومية من التهم المعلبة ، بدءا من الطابور الخامس أو العداء للدين ، مرورا بلعق البيادة أو مواجهة ادعاءات العمالة ، وصولا لاحتساء الشاي بالياسمين كاتهام مشترك بين الجميع !! هذا الشعب المحاصر قد يفتح النار قريبا على الجميع ، قد تكون حيرته ليست في اختيار من يحكمه ، وإنما في البحث طوعا عن فاشية تناسبه تخلصه من كل هؤلاء !!