رأت صحيفة "لوس أنجلوس تايمز" الأمريكية أن إدراة الرئيس باراك أوباما محقة في اغتنام الفرص الدبلوماسية الجديدة ومطاردة الحلول عبر التفاوض ولكن عليها أن تتوخ الحذر والتأني. وأعادت الصحيفة إلى الأذهان -في تعليق على موقعها الإلكتروني- كيف كان وصول أوباما إلى منصبه الرئاسي عام 2009 إيذانا بابتداء عهد جديد من الدبلوماسية والحوار بعد عهد المواجهة ضد "محور الشر" في ظل إدارة الرئيس السابق جورج دبليو بوش. وأشارت إلى تأكيد أوباما أثناء حملته الانتخابية على استعداده لقاء قادة كل من إيران وفنزويلا وكوريا الشمالية وكوبا وسوريا دونما شروط مسبقة. وقالت الصحيفة "كانت مشاعر نبيلة من جانب أوباما – حتى أن البعض اعتبرها سذاجة – ولكنها لم تثمر شيئا يذكر في فترته الرئاسية الأولى؛ فلم يقتصر الأمر على انتكاسات شهدتها العلاقة الأمريكية مع إيران ، ولكن أيضا الجليد الذي ساد العلاقات مع كوبا وكوريا الشمالية لم يذب. كذلك لم تجن مصافحة أوباما للرئيس الفنزويلي الراحل هوجو تشافيز أية ثمار على الصعيد الدبلوماسي. وما أن بدأ التدخل في ليبيا 2011، حتى كان الكلام عن حدود الحوار أكثر من الكلام عن إمكانية حدوثه". وأضافت الصحيفة "أما الآن، فنحن إزاء عودة غير متوقعة للدبلوماسية والحوار، والمثير للدهشة في الأمر أن التقارير المبدئية مبشرة؛ ففي سوريا، بعدما بدا أن توجيه ضربة عسكرية للنظام السوري، على أثر اتهامه باستخدام الكيماوي، بات أمرا وشيكا تدخل فريق من المفتشين في مسعى طموح للتخلص من الأسلحة الكيماوية في ظل تعاون ظاهر من قبل النظام السوري. وها هي الولاياتالمتحدةوإيران –بعد انقطاع عن التواصل المباشر بين الرؤساء زهاء 34 عاما انتهت قبل ثلاثة أسابيع- تجري الدولتان أحاديث "موضوعية واستشرافية" بجنيف حول مستقبل البرنامج النووي الإيراني". وتابعت لوس انجلوس تايمز "ولكن من الخطأ التعويل كثيرا على عبارة "موضوعية واستشرافية"؛ فالمفاوضات قد تتوقف عند قضايا موضوعية؛ فثمة بحار من عدم الثقة تفصل الولاياتالمتحدة عن إيران ينبغي عبورها أولا، فضلا عن ذلك، قد ينتهي الأمر بتفوق أحد خصمي الولاياتالمتحدة أو كليهما عليها؛ فبينما تستغرق هي في مشاعرها النبيلة، تستأنف إيران تخصيب اليورانيوم من أجل الحصول على سلاح نووي أو تبعثر سوريا مخزونها من غازي "في إكس" و"السارين" في أنحاد متفرقة من الدولة". واستدركت الصحيفة قائلة "ومع ذلك، فإن منهج الإدارة الأمريكية منهج صائب.. بالطبع يتعين على الولاياتالمتحدة أن تثق ولكن عليها في الوقت نفسه أن تتحقق، وأن تتحرك بحذر لئلا تترك ذريعة للطرف الآخر.. بالطبع ثمة مخاطر تكتنف الطريق، ولكن الأمم بحاجة إلى وسائل غير القوة العسكرية لتسوية النزاعات. هذا ليس فقط لأنه من الأفضل حل المشكلات بدون مأساة إنسانية وتدهور اقتصادي نتيجة للحرب على الرغم من صحة ذلك، ولكن أيضا لأن العمل العسكري لا يكون دائما حلا عمليا قابلا للتطبيق. وقد أثبتت التجارب مؤخرا أنه حتى الولاياتالمتحدة، برغم تفوقها العسكري الكبير، لا تمتلك دائما الإرادة أو الرغبة في شن حروب خطرة وغير ضرورية سعيا لحل مشكلات معقدة بعيدة". ورأت الصحيفة الأمريكية أن إحدى الوسائل الرئيسية البديلة للقوة العسكرية هي العقوبات الاقتصادية. ولكن حيلة العقوبات ليست دائمة ناجعة ولا أدل على ذلك من النموذج العراقي في حقبة التسعينيات من القرن الماضي حينما فرضت كل من الولاياتالمتحدةوالأممالمتحدة عقوبات قاسية على العراق ودمرت اقتصاده ولكن ذلك لم يسقط النظام العراقي آنذاك من السلطة. ومع ذلك، فإن العقوبات المفروضة على إيران نجحت حتى الآن في إحضار حكومته إلى طاولة المفاوضات فيما يعتبر إشارة حسنة. واختتمت الصحيفة تعليقها بالقول إن الدبلوماسية لعبة صعبة ودائما ما تكون الخسارة أحد سيناريوهاتها المطروحة. ودائما يوجد من يصمون المفاوضات بأنها مهادنة والمفاوضين بأنهم سذج. لكن البديل هو الآخر خطر.