الخلافة هى نظام الحكم عند المسلمين .. وهو نظام حكم غير منصوص عليه فى الشريعة الإسلامية .. ولكنه يستند إلى الأدبيات الإسلامية القديمة .. ويختلف هذا النظام بإختلاف الطوائف والفرق الإسلامية كما سيأتى : أولا : الخلافة عند الشيعة : بدأت فكرة الدعوة لعلي أول أمرها بسيطة ثم تطورت .. فقال شيعة علي بأن الخلافة – يسمونها الإمامة – ركن من أركان الدين وليست من المصالح العامة التى تفوض إلى الأمة .. وقالوا أيضا بأن رسول الله (ص) قد أوصى بالخلافة – الإمامة – من بعده لابن عمه علي ، وعلي أوصى لمن بعده ، وهكذا كل خليفة – إمام – وصى من قبله .. فعلي ليس الخليفة – الإمام – بالإنتخاب بل بالنص النبوى .. لهذا لا يجوز للمسلمين تعيين خليفة – إماما – غيره وإلا أصبحت خلافته – إمامته – غير شرعية من الناحية الدينية ويعد مغتصبا للحكم .. وبناء عليه فإن أبوبكر وعمر وعثمان مغتصبون لحق علي ومخالفون لوصية الرسول .. ومن هنا نشأت فكرة (الوصية) ولقب علي بالوصى .. وقد إختلف الشيعة فيما بينهم فى ترتيب الأئمة .. وأدى هذا الإختلاف إلى إنقسام الشيعة إلى عدة فرق .. كل فرقة لها ترتيب للأئمة يختلف عن الفرق الأخرى : 1- فرقة الشيعة الجعفرية – الإمامية الإثنى عشرية : عرفوا بالجعفرية نسبة إلى الإمام جعفر الصادق صاحب المذهب الفقهى الذى يتعبدون وفق أحكامه .. كما عرفوا بالإمامية الإثنى عشرية نسبة إلى عدد الأئمة المؤمنون بهم .. ويقولون بأن الإمام من بعد علي ابنه الأكبر الحسن بن علي .. ومن بعده ابنه الأصغر الحسين بن علي .. ومن بعده علي بن الحسين الملقب بزين العابدين .. ومن بعده محمد بن علي زين العابدين الملقب بالباقر .. ومن بعده جعفر بن محمد الملقب بالصادق .. ومن بعده موسى بن جعفر الملقب بالكاظم .. ومن بعده علي بن موسى الملقب بالرضا .. ومن بعده محمد بن علي الملقب بالجواد .. ومن بعده علي بن محمد الملقب بالهادى .. ومن بعده الحسن بن علي الملقب بالعسكرى – ويتوقفون عنده .. ومن بعده الإمام الغائب محمد بن الحسن الملقب بالمهدى. 2- فرقة الشيعة الزيدية – الإمامية الخمسية : عرفوا بالزيدية نسبة إلى الإمام زيد بن الإمام علي زين العابدين الذين تشيعوا له ، والذين يتعبدون وفقا لمذهبه الفقهى .. كما عرفوا بالإمامية الخمسية نسبة إلى عدد الأئمة المؤمنون بهم .. ويقولون بأن الإمام من بعد علي ابنه الأكبر الحسن بن علي .. ومن بعده ابنه الأصغر الحسين بن علي .. ومن بعده علي بن الحسين الملقب بزين العابدين .. ومن بعده زيد بن علي زين العابدين – ويتوقفون عنده .. وقد خرج الإمام زيد بن علي على الخليفة الأموى هشام بن عبد الملك ، فقتل وصلب سنة 121 هجرية .. وخرج من بعده ابنه يحيى ، فقتل كذلك سنة 127 هجرية .. ولايزال الشيعة الزيدية متواجدون فى اليمن إلى الآن .. ويرى الإمام زيد جواز إمامة المفضول مع وجود الفاضل والأفضل ، وقال أن الإمام علي كان أفضل الناس بعد الرسول (ص) وأولاهم بالإمامة .. لكنه سلم الأمر راضيا لأبى بكر وعمر ، وفوضهم طائعا ، وترك حقه راغبا .. فنحن راضون بما رضى به الإمام علي ، ومسلمون لما سلم له ، ولا يحل لنا غير ذلك .. وبهذا تكون إمامة الشيخين أبى بكر وعمر صحيحة .. ويرى الزيدية أن الإمامة ليست بالنص ، وأن الرسول لم يوصى لعلي بالإمامة ، وإنما هى شورى بين المسلمين .. يستحقها أفضلهم ولو كان عبدا حبشيا .. ولا يقول الزيدية بعصمة الإمام كسائر فرق الشيعة ، وذلك لأن العلم مبثوث فى الكتب ومتاح للجميع ، وإذا لم يجد الناس العلم عند الأئمة فيمكنهم أن يجتهدوا برأيهم .. ويرى الزيدية أن الإمام علي كان مصيبا فى تحكيمه الحكمين ، وأنه حكم لما خاف على جنده الفساد .. هذا وتنقسم طائفة الشيعة الزيدية إلى عدة فرق : "السليمانية أتباع سليمان بن جرير – الصالحية أتباع الحسن بن صالح بن حي – النعيمية أتباع نعيم بن اليمان – اليعقوبية أتباع يعقوب بن عدي" 3- فرقة الشيعة الكيسانية : عرفوا بالكيسانية نسبة إلى كيسان مولى الإمام على وأول من نادى بهذا الرأى .. وقاد هذه الفرقة فيما بعد المختار بن عبيد الله الثقفى – قائد حركة التوابين – ويعد مؤسس هذه الفرقة .. والملقب بالكيسانى .. ويقال أن كيسان هذا هو من حمل المختار على المطالبة بدم الحسين ودله على قتلته .. ويقولون أن الإمام من بعد على ابنه الاكبر الحسن ابن على .. ومن بعده ابنه الأصغر الحسين بن على .. ومن بعده محمد بن على الملقب بابن الحنفية – ويتوقفون عنده. 4- فرقة الشيعة النصيرية – العلويين : ينسبون إلى محمد بن نصير النميرى البصرى – غلام الإمام علي بن أبى طالب .. الذى كان بابا للإمام الحادى عشر الحسن العسكرى .. فلمات مات الإمام إدعى بن نصير الإمامة لنفسه .. ويقولون بتأليه الإمام علي لهذا يطلق عليهم العلويين .. وفى كتابهم "المجموع" يصفون عليا بأنه أحد ، صمد ، لم يلد ولم يولد .. والشهادة عندهم "أشهد أن لا إله إلا علي بن أبى طالب" .. ويقولون بأن عليا خلق محمدا ، ومحمد خلق الأيتام الخمسة : "المقداد بن الأسود – أبوذر الغفارى – عبد الله بن رواحة – عثمان بن مظعون – قنبر بن كدان الدوسى" .. ويعتقد الشيعة النصيرية بتناسخ الأرواح .. ويقولون أن المؤمن يتحول عندهم 7 مرات قبل أن ياخذ مكانه بين النجوم .. فإن الإنسان إذا مات شريرا ولد من جديد نصرانيا أو مسلما حتى يتطهر ويكفر عن سيئاته .. أما الذين لا يعبدون عليا فيولدون من جديد على شكل كلاب أو إبل أو حمير أو أغنام .. ويتواجد الشيعة النصيرية حاليا فى منطقة جبل العلويين بسوريا ، وينتشرون على الساحل السورى من الاذقية والإسكندرونة حتى أنطاكية ، كما يتواجدون فى ولايات تركيا الجنوبية وأزمير وإستانبول ، وأيضا يتواجدون فى ألبانيا واليونان وبلغاريا والبرازيل. 5- فرقة الشيعة الإسماعيلية – الإمامية السبعية : عرفوا بالإسماعيلية نسبة إلى الإمام إسماعيل بن جعفر الصادق الذين تشيعوا له .. كما عرفوا بالسبعية نسبة إلى عدد الائمة المؤمنون بهم ……. قد إنقسمت الشيعة الإسماعيلية بعد وفاة المستنصر بالله سنة 487 هجرية إلى "إسماعيلية نزارية" يؤيدون الابن الأكبر نزار – الذى نص على خلافته أبوه .. و"إسماعيلية مستعلية" يؤيدون الابن الأصغر أبا القاسم محمد الملقب بالمستعلى – والذى سارع الوزير الأفضل بن أمير الجيوش بدر الجمالى إلى تنصيبه خليفة بعد أبيه .. وصارت القاهرة مركزا للمستعلية .. بينما صارت شمال إيران مركزا للنزارية .. هذا وتنقسم فرقة الشيعة الإسماعيلية إلى عدة فروع .. وسنعرض هنا أشهر فرعين وهما : أ. الشيعة الإسماعيلية النزارية – الأغاخانية : يقولون أن الإمام من بعد على ابنه الاكبر الحسن ابن على .. ومن بعده ابنه الأصغر الحسين بن على .. ومن بعده على بن الحسين الملقب بزين العابدين .. ومن بعده محمد بن على زين العابدين الملقب بالباقر .. ومن بعده جعفر بن محمد الملقب بالصادق .. ومن بعده إسماعيل بن جعفر – ولا يتوقفون عنده .. فالإمامة عندهم ممتدة فى نسل الإمام إسماعيل إلى يومنا هذا .. ويلقبون إمامهم بالأغاخان. ب. الشيعة الإسماعيلية المستعلية – البهرة : وتواصل تسلسل أئمة المستعلية فى مصر .. فلما توفى المستعلى سنة 495 هجرية تولى الحكم بعده ابنه الآمر بأحكام الله وعمره 5 سنوات .. وبقى فى الإمامة 30 سنة حتى قتله النزارية سنة 524 هجرية .. ويقول المستعلية أن الآمر بأحكام الله دخل كهف الستر والغيبة .. فتسلم الإمامة فى غيبته 4 وكلاء : الحافظ لدين الله بن الآمر لأحكام الله – الظافر بأمر الله بن الحافظ – والفائز بنصر الله بن الظافر – العاضد لدين الله .. وبوفاته سقطت الخلافة الفاطمية فى مصر .. ولم تنته المستعلية بسقوط الخلافة الفاطمية .. ولكنها إستمرت تحت اسم "البهرة" كما يطلقون عليها اليوم .. وتنقسم فرقتان : البهرة السليمانية – البهرة الداؤدية .. ويطلقون على مشرفيهم الدينيين فى مختلف بلاد العالم اسم "العامل" ثانيا : الخلافة عند أهل السنة والجماعة : يقول أهل السنة والجماعة أن الخليفة نائبا عن الرسول (ص) دينيا ودنيويا .. وهو رئيس السلطة القضائية والإدارية والحربية ولا يملك أى سلطات تشريعية .. ويؤمن أهل السنة والجماعة بأنه لا توجد طريقة أخرى غير الشورى لإختيار الخليفة .. إلا أن الخلافة عندهم تنحصر فقط فى قبيلة قريش دون غيرها .. ولا يطلقون على الخليفة لقب إمام إلا إذا كان رجل دين .. لأنهم يطلقون لقب إمام على جميع رجال الدين بلا إستثناء .. فإذا كان الخليفة رجل دين فهو إمام .. أما إذا كان الخليفة من غير رجال الدين ، فهو خليفة للمسلمين من الناحية الدنيوية فقط .. وفى هذه الحالة يتوجب عليه أن يعين رجل دين ليكون إماما للمسلمين من الناحية الدينية .. وجرى العرف فى مصر على تسميته (الإمام الأكبر) ثالثا : الخلافة عند الخوارج : قد وضع الخوارج نظرية فى الخلافة وهى : "أن الخلافة يجب أن تكون بإختيار حر بين المسلمين ، وإذا أختير الخليفة فلا يحق له أن يتنازل ، وليس بالضرورة أن يكون الخليفة قريشيا أو من آل البيت ، فالخلافة للأصلح ولو كان عبدا حبشيا ، وإذا تم الإختيار ، كان الخليفة رئيسا للمسلمين ، ويجب أن يحكم بما أمر الله به وإلا وجب عزله" .. وهم بهذا يخالفون نظرية الشيعة القائلة بإنحصار الخلافة فى آل البيت ، ونظرية أهل السنة والجماعة القائلة بإنحصار الخلافة فى قريش .. فتعاليمهم تنص على أن الخليفة هو أى مسلم لديه الكفاءة على قيادة الأمة ولو كان عبدا حبشيا .. وبالتالى هم لا يؤمنون بمبدأ وراثة الحكم فى ذرية أحد من المسلمين حتى لو كانت ذرية الرسول (ص) نفسه .. لأن مبدأ وراثة الحكم يتعارض مع روح الإسلام المناهضة للعنصرية والتمييز .. وهذه النظرية هى التى دعتهم إلى الخروج على خلفاء بنى أمية ثم الخلفاء العباسيين .. لإعتقادهم أنهم جائرون غير عادلين .. وبالتالى لا تنطبق عليهم شروط الخلافة.