أثارت أنباء تعيين الولاياتالمتحدةالأمريكية سفيرها الجديد بالقاهرة "روبرت فورد " خلفا ل"آن باتر سون" السفيرة السابقة للولايات المتحدة بالقاهرة ردود أفعال شعبية متباينة ، حيث اتهمه البعض بالتخصص في اشعال الحرب الأهلية ، وإشعال الحرائق ، و تقسيم الدول التي عمل فيها السفير الأمريكي ، و كانت أخر الدول التي عمل بها العراق و سورية في اشارة الي ضلوع السفير في ارتكاب مثل هذه الأفعال المشار اليها وفقا لزعم هؤلاء ، ووصل الامر الي مطالبة البعض بتنظيم و تدشين مليونية طرد السفير فورد حتي قبل قدومه للبلاد. علي صعيد أخر نفت الولاياتالمتحدة الأمريكة الدولة الموفدة للسفير أنها قد قررت بعد ارسال اي من السفراء الي الدولة المضيفة مصر حتي هذه اللحظة التي تشهد فيها العلاقات الثنائية المصرية الأمريكية تجاذبات و تقاطعات كثيرة ، في ظل أخطر أزمة داخلية تشهدها مصر ربما في تاريخها المعاصر ، و التي تحاول الأدارة الأمريكية جاهدة أن تبذل قصارها جهدها في التوسط بين السلطات المصرية و فريق مؤيدي الرئيس المعزول الدكتور محمد مرسي الذي لم يكمل بعد ولايته بعد أن أطاحت به ثورة 30 يونية الشهر الماضي. جلي أن قواعد العمل في الوظيفة الدبلوماسية تخضع لتشريعات كل دولة من الدول التي تنظم شروطه بكل حرية و بملء ارادتها ، و لكن هذه الشروط يجب أن تتسق مع أحكام القانون الدبلوماسي ، ومع أحكام الأتفاقيات الدبلوماسية التي تحدد القواعد العامة لممارسة العمل الدبلوماسي ، لذا فحرية الدولة و سيادتها في تعيين أعضاء سلكها الدبلوماسي ليست مطلقة بل تتقيد في ذلك الصدد بالاعراف ، و القواعد الدبلوماسية في عديد من الأمور ، و الشؤون و التي من بينها : اخطار الدولة المستقبلة مسبقا بترشيحها لشخص رئيس البعثة الدبلوماسية لدي الدولة المستقبلة. لقد جري العمل الدبلوماسي منذ عقود خلت علي عدم جواز تعيين شخص غير مقبول من الدولة المعتمد لديها ، حتي و ان تمتع بشروط التعيين العامة و الخاصة للدولة المعتمدة ، حتي وان كان من ذوي الخبرة و الجدارة لقيادة العمل الدبلوماسي ، لذا تتأكد الدولة الموفدة قبل اقدامها علي هذه التعيين من أن رئيس البعثة المزمع أختياره هو محل قبول و موافقة و ليس موضع شك ، أو ريبة ، او اعتراض من الدولة المضيفة يعد رضا و موافقة الدولة المضيفة علي قبول رئيس البعثة الدبلوماسية و اعضائها مظهرمن مظاهر السيادة الداخلية للدولة السيدة ، فليس من ثمة اجبار علي الدولة المستقبلة أن تسقبل أو تقبل شخصا غير مرغوبا في علي اقليمها و لمدة قد تطول او تقصر وفقا لمشيئة و سلطان الدولة الأخري الموفدة ، و لقد أكدت اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية عام 1961 علي هذا االعملية التي تسمي بعملية الاستمزاج، وهي الأتصالات التي تتم بين الدولة الموفدة و الدولة المستقبلة بشأن ترشيح رئيس البعثة الدبلوماسية تحديدا للدولة الموفدة . ان دوافع الدول في رفض قبول الترشيح يعود الي أسباب سياسية ، و أسباب أخري غير سياسية ، فمن الاسباب السياسية ما يتعلق بمواقف و تصرفات المرشح السابقة لتعيينه ازاء الدولة المعتمد لديها ، كاتخاذ مواقف عدائية أو غير ودية كما حصل تاريخيا علي هذا الصعيد ، فقد رفضت ايطاليا الممثل الألماني في عام 1920 بسبب قيامه بالتأمر قبل و أثناء الحرب ضدها ، و في عام 1937 رفضت مصر المرشح الايطالي لآنه كان مسؤول الفاشيست في الخارج . أيضا، هناك أسباب أخري غير سياسية تستند اليها الدول لرفضها ترشح المعتمدين لديها من أعضاء السلك الدبلوماسي ، فقد رفض ملك الهانوفر الوزير البروسي لانه كان ينتمي للطائفة الكاثوليكية و ليس البروستانتية ، و رفضت النمسا الممثل الأمريكي لاسباب دينية تتعلق بأمراته كونها يهودية. في ذات السياق ، لقد أكدت اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية عام 1961 علي عدم ذكر أسباب القبول ، و هنا تكون الاتفاقية قد وازنت نسبيا بين قاعدة حرية الدولة المعتمدة في تعيين و اختيار الشخص الذي تريده ، و بين قاعدة حرية الدولة المعتمد لديها في رفض أي ممثل دبلوماسي لاية دولة اذا لم ينل موافقتها و رضاها. و ختاما ، فاننا نري أنه ان صحت المزاعم المصرية بشأن السفير الأمريكي المزمع ترشيحه سفيرا لدي مصر ، و أكدتها الأتصالات الدبلوماسية المصرية ، فانه لا غضاضة من أن تقوم الادارة الأمريكية باعادة النظر في تسمية سفيرها لدي مصر حرصا علي العلاقات المهمة للولايات المتحدةالأمريكية مع مصر . الدكتور أيمن سلامة أستاذ القانون الدولي العام عضو لامجلس المصري للشؤون الخارجية