سقط الرئيس محمد مرسي بعد حملة ضخمة قادتها حركة تمرد المصرية المعارضة حصلت بموجبها على تأييد أكثر من 22 مليون مصري طالبوا باستقالة مرسي، ما دفع المجلس العسكري المصري لأخذ قرار غير متوقع بتحديد مهلة للأطراف السياسية مدتها 48 ساعة للاستجابة لمطالب الشعب، ما سرع بإسقاط محمد مرسي والقبض على بعض قيادات الإخوان المسلمين. هذا الحراك الشعبي الواسع أنعش نفوس المعارضين لحكم الإسلاميين في تونس خاصة لتوفر نقاط تشابه وموازاة بين الأحداث في مصر وفي تونس، بدأت منذ سقوط نظام زين العابدين بن علي وحسني مبارك في وقت متزامن تقريبا، ووصول الإسلاميين إلى الحكم في البلدين واستحواذهما على مفاصل الدولة بشكل مماثل تقريبا.. المؤشرات العامة تشير إلى إمكانية تكرار سيناريو ما حدث في مصر غير أن الظروف العامة للبلدين تختلف والجيش التونسي لا يتميز بنفس حضور الجيش المصري على الساحة السياسية. فهل من الصائب القول بأن التجربة المصرية قابلة للتكرار في تونس؟ ما إن أعلن الجيش المصري عن الإطاحة بالرئيس محمد مرسي حتى تناقلت صفحات فيس بوك تونسية وصفحات إنترنت معارضة بانشراح كبير خبر انهيار النظام الإسلامي في مصر ورأت في ذلك بداية لانهيار مفهوم الإسلام السياسي والذي تمثله في تونس حركة النهضة. أنيس اللطيفي أحد مؤسسي حركة تمرد التونسية وأحد الأعضاء الفاعلين في هذه الحركة قال لفرانس24 "بأن "تمرد التونسية" هي حركة تضم ما بين 10و15 شخصا أعمارهم تتراوح بين 25 و33 عاما وينتمون إلى أطياف اجتماعية مختلفة. ويقول المتحدث إن هذه الحركة بدأت نشاطها في منتصف يونيو الماضي واستوحت تحركاتها من حملة تمرد المصرية لتنشئ تحركا مماثلا في تونس، وبدأت في جمع التواقيع على لائحة لسحب الثقة من المجلس التأسيسي في تونس الذي لم ينه بعد صياغة دستور وللذي يثير إلى حد الآن مخاوف من عدم احترامه للحريات في ظل أوضاع صعبة تمر بها البلاد من اعتداء على الحريات وتراجع اقتصادي وغلاء المعيشة. تمرد تونس وكما يقول أنيس لا يضم قياديا سياسيا واحدا ولئن تحمست بعض الأطراف من المعارضة التونسية لتحركهم فإن أطرافا أخرى حاولت إحباط عزائمهم وإيصال رسائل بأن هذه التحركات مآلها الفشل لا محالة. أنيس أكد أن الشرطة التونسية وقوات الأمن لم تقم بمضايقة تحركات "تمرد التونسية" رغم أن أعضاء الحركة قاموا بتوزيع المناشير تحت أنظارهم. إلا أن التهديدات وصلتهم من عناصر وأطراف محسوبة على حركة النهضة الإسلامية وأن تهديدات بالموت والاعتداء بالاغتصاب على الناشطات من الحركة وصلت عبر فيس بوك وعبر اتصالات هاتفية". لائحة سحب الثقة التي قامت حركة تمرد التونسية بإتاحتها عبر الإنترنت وصلت لحد الآن إلى 176 ألف توقيع ومن المتوقع أن يرتفع عدد الموقعين خاصة بعد الدفع المعنوي الكبير الذي أدخله "عزل الرئيس المصري محمد مرسي" بفضل شحن حركة تمرد واستنفارها ملايين الأشخاص في الشوارع . ويضيف أنيس "من البديهي جدا أن يكون إسقاط نظام مرسي حافزا قويا لنا لمواصلة الاستنفار الشعبي وجمع التواقيع خاصة أن الحملة مفتوحة لكل التونسيين بغض النظر عن انتماءاهم السياسية والإيديولوجية والاجتماعية لإنقاذ الثورة من الضياع خاصة أن كل المؤشرات الحالية تدل على حدوث ذلك. وعن الجيش التونسي واختلاف موقعه في الحياة السياسية يقول اللطيفي إن الجيش التونسي كان دوما نصيرا للشعب وأن "تمرد" تراهن على وعي التونسيين وليس على تدخل عسكري مماثل لما حدث في مصر. النهضة، الحزب الحاكم في تونس خلف الترويكا كان قد أعلن صراحة في بيان لرئيس الحزب راشد الغنوشي مساندته للرئيس المعزول محمد مرسي، وأعلن اليوم أن تكرار السيناريو المصري في تونس أمر من ضرب الخيال وإضاعة للوقت ووصف الشباب الذي يريد تحقيق ذلك" بالشباب الحالم "وأضاف بأن هناك فارق بين الجيش التونسي و"عسكر مصر" . نور الدين المباركي المحلل السياسي التونسي قال لفرانس 24 إن "الحركتين يربط بينهما عدد من العوامل المشتركة من قبيل وقوف الشباب وراء الحراك واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي والحركتان تهدفان إلى تغيير الأوضاع والمطالبة بحلول لمشاكل جذرية اجتماعية وسياسية واقتصادية في كل من المجتمعين التونسي والمصري لكن نقاط الاختلاف بين الحركتين كبيرة. الحركة المصرية استغلت زخم المظاهرات في ميدان التحرير واستغلت القدرة على التجييش والتنظيم المحكم لذلك أمكن لها حشد الملايين من الأنصار والناشطين في وقت قصير نوعا ما. في حين أن حركة تمرد التونسية يبدو أن عدد أفرادها محدود وهي ترفض التعاطي مع الأحزاب السياسية في تونس بداعي أن الأخيرة تعمل أساسا على تحقيق مكتسبات سياسية خاصة، عكس الحركة المصرية التي لقيت دعما من الأحزاب السياسية وخاصة الكتلة الرئيسية للمعارضة " جبهة الإنقاذ". ويضيف المحلل السياسي بأن الحركة التونسية تعتمد على جمع التواقيع و حصلت إلى حد الآن على 176 ألف توقيع وللحصول على مليوني توقيع يجب الانتظار مدة زمنية أطول، قد تصل إلى عدة أشهر في حين أن موعد انتخابات جديدة حدد مبدئيا في حدود أواخر السنة الحالية. ويختم المباركي بأن فكرة تكرار التجربة المصرية يبدو صعبا جدا، على الأقل في الظروف الحالية". حركة تمرد وإن نجحت في نسختها المصرية فإن نجاحها في نسخة تونسية يبدو غير مؤكد، لكن ما حصل في دول الربيع العربي إبان سقوط نظام زين العابدين بن علي، يجعل من الصعب التنبؤ بما قد يحدث في المجتمعات العربية، في ظل واقع أصبحت فيه وسائل الإعلام الحديثة ومواقع الإنترنت والتواصل الاجتماعي قادرة على قلب أنظمة كانت حتى وقت قصير تعتبر حديدية.