حاتم فاروق الحريق الذي طال سنترال رمسيس مساء الاثنين الماضي، وتسبب فى توقف خدمات الاتصالات والإنترنت فى مصر المحروسة، وانحسار أنشطة البنوك وتطبيقات الدفع بالأسواق وارتباك حركة الطيران والقطارات وانهيار خدمات صرف السلع والمنتجات بالمراكز التجارية وتوقف ماكينات الصراف الآلي، حتى بلغت الأزمة مداها عندما علقت البورصة المصرية جلسة التداولات، كشف لنا جميعًا مدى هشاشة البنية التحتية الرقمية للمؤسسات والأجهزة الحكومية. خلال ليلة سقوط «السيستم» نتيجة حريق سنترال رمسيس، بوابة مصر للإنترنت الدولي والمركز الرئيسي لكابلات الألياف الضوئية القادمة من خارج البلاد، أصيب الاقتصاد المصري فى مقتل وتعرض لخسائر ضخمة مع توقف الأنشطة التجارية وانهيار نظم التحويلات بالسوق، لنشاهد طوابير العملاء أمام ماكينات الصراف الآلي «الخالية» للحصول على «الكاش» لسداد عمليات الشراء بعدما توقفت البطاقات المصرفية عن العمل. الحقيقة أنه عندما تتعرض مصر لأزمة أو حادث طارئ، نجد أنفسنا أمام تحديات جديدة لا ندركها إلا عند مواجهة آثار وتداعيات تلك الحوادث والأزمات الطارئة، فالحادث كشف لنا تأخرًاواضحًا فى التعامل والسيطرة على الحريق لمبنى استراتيجي مثل سنترال رمسيس. أما عدم وجود مسارات بديلة لمراكز البيانات وشبكات الإنترنت عند حدوث أزمات أو حوادث طارئة، مع انحسار كابلات الاتصالات الرئيسية فى مكان واحد، فكانت الفاجعة الكبرى التي أصابت الحياة فى مقتل، مع توقف خدمات الإنترنت الأرضي، وانقطاع شبكات الاتصالات بعدما اضطر القائمون على مواجهة الكارثة لفصل الكهرباء عن الأجهزة فى مكان الحادث، وهو ما جعل عودة خدمات الاتصالات للعمل بشكل طبيعي تستغرق وقتًا أطول. الدكتور عمرو طلعت، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، الذي أكد فى تصريحات عقب السيطرة على الحريق أن «سنترال رمسيس لم يعد صالحًا للعمل فى الوقت الحالي، وأنه تم توزيع الأحمال على مراكز بيانات أخرى».. وهي خطوة متأخرة للغاية كان لابد من تنفيذها قبل سنوات عندما شهدنا جميعًا ما تفعله شبكات الإنترنت وخدمات الاتصالات فى تقدم الأمم، أو جعل الأوطان خارج سياق العالم عندما تتخلف عن مواكبة التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي وقبل كل ذلك تدشين منظومة وطنية متقدمة لأمن وحماية المعلومات والبيانات. الآن وبعد عودة خدمات الاتصالات للعمل بشكل تدريجي، لابد أن نعي هذا الدرس القاسي ونعمل على تفعيل منظومة إدارة الطوارئ والأزمات فى مختلف قطاعات الاقتصاد المصري، ونبدأ فى تنفيذ خطط واستراتيجيات تستهدف مواجهة مثل هذه الأزمات والحوادث الطارئة بطرق حديثة ومبتكرة تقلل من خسائر الدولة المصرية علي مختلف الأصعدة الاقتصادية والاجتماعية، وتساهم فى عبور الوطن نحو التقدم المنشود. حمى الله مصر وشعبها العظيم