لا يختلف أحد من المتابعين للشأن الاقتصادي المصري على أن أسعار الفائدة على الودائع فى البنوك تمضي فى طريقها نحو التراجع، بل إن الجميع اتفقوا على أن البنك المركزي المصري نجح فى اتخاذ قرار خفض الفائدة التدريجي الذي كان من المتوقع أن يكون أكثر 2.25٪، فيما ذهب البعض لمعدل تراجع قد يصل إلى 8٪ مع نهاية العام الجاري. الاتجاه نحو التخفيض التدريجي لأسعار الفائدة جاء لمعالجة انكماش اقتصاد القطاع الخاص، ومواجهة الأعباء المالية الضخمة التي نالت من ميزانيات الشركات؛ نتيجة وصول أسعار الفائدة لمستويات قياسية لم يعهدها الاقتصاد المصري من قبل، فضلاً عن ارتفاع أرصدة شهادات الادخار خلال العام الماضي بنحو 913 مليار جنيه لتتجاوز 5.4 تريليون جنيه، وهو ما يشير بوضوح إلى اعتماد شريحة ضخمة من المودعين على أرباح تلك الشهادات. الوصول بمعدل فائدة على الودائع المصرفية بالبنوك المصرية، قد تصل إلى 18٪ مع نهاية العام الجاري، بحسب توقعات الخبراء، سيكون الحافز القوي لدعم أنشطة الاستثمار الخاص، عبر تسريع وتيرة التوسع فى إقامة المشاريع الصغيرة والمتوسطة بالسوق المصري، وهو ما يزيد من فرص التشغيل وخلق فرص عمل جديدة فى مختلف القطاعات الاقتصادية المحلية. استقرار أسعار صرف الجنيه أمام الدولار بالسوق المصري، وارتفاع تحويلات المصريين بالخارج، وارتفاع عائدات السياحة المصرية، وبالتالي قدرة الحكومة على توفير العملة الأجنبية، جعل من قرار التخفيض التدريجي لأسعار الفائدة على الودائع المصرفية قابل للتنفيذ وغير مؤثر على حركة الاقتصاد المصري نحو النمو المنتظر، فى وقت تتجه فيه الأنظار نحو زيارة بعثة صندوق النقد الدولي للقاهرة لبحث المراجعة الخامسة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي. ومع تراجع أسعار الفائدة على الودائع، يجد أصحاب الشهادات الذين يعتمدون على الأرباح الدورية، أنفسهم فى موقف صعب لمواجهة أعباء الحياة اليومية، وهو ما يؤكد على ضرورة اتجاه هؤلاء إلى أوعية استثمارية جديدة تكون بديلة عن شهادات الادخار، سواء بالاستثمار التقليدي بالمشاريع الصغيرة والمتوسطة، بمختلف القطاعات الصناعية والزراعية والسياحية، أو الاتجاه نحو صناديق الاستثمار فى الأسهم والأوراق المالية، لتعويض أرباحهم «المتآكلة». وفى المقابل، وجب على متخذي القرار، العمل على استحداث أوعية استثمارية مبتكرة تناسب أصحاب الودائع الراغبين فى الخروج من دائرة الاعتماد على أرباح البنوك والتوجه نحو العمل الخاص دون مواجهة صعوبات التراخيص، وتحمل المزيد من الرسوم، وتعدد الموافقات الحكومية، ومساندة هؤلاء فى مواجهة بيروقراطية الاستثمار. حمى الله مصر وشعبها العظيم