استخراج الليثيوم اللازم لتحول الطاقة، وكهربة قطاع النقل، يسبب أضرارًا للبيئة، عبر تلويث التربة والهواء، بالإضافة إلى أنه يُثير صراعات بين المجتمعات المحلية المختلفة ونظرا لأنه غير صديق للبيئة فتقوم الهيئات العلمية بعمليات التدوير حتى يصبح صديقا للبيئة، كما أن استخراج الليثيوم له عواقب على مستقبل الاقتصاد الأخضر، حيث يتطلب استخلاصه إما استخراجه من الصخور الصلبة أو تبخيرها من الأحواض المائية المالحة المتواجدة فى الصحراء، وللحد من تداعيات الليثيوم على النظام البيئى يحاول المهتمون بالمناخ بإيجاد طريقة أكثر استدامة لاستخراج هذا المكون الرئيسي. وهنا يصبح السؤال هل من مخرج آمن للاستفادة من هذا المعدن النفيس وفى ذات الوقت تحقيق عائد اقتصادى للدول؟! راندة فتحي يقول المهندس إيهاب إسماعيل، نائب رئيس هيئة الطاقة المتجددة، إن الليثيوم الذى بدأ يهتم به العالم خلال الحقبة الحالية كمعدن أساسى لتخزين الطاقة المتجددة واستخدامها بشكل مستدام فى المصانع والسيارات وحتى فى المدن الحضرية التى تعتمد على الطاقة الشمسية بشكل كامل وتخزن فائض الطاقة ببطاريات الليثيوم العملاقة، وحتى شركات السيارات الكهربائية تحتاج إلى بطاريات طويلة العمر وكثيفة الطاقة التى يوفرها معدن «الليثيوم»، تعد صحراء أتكاما بشيلى أحد أضلاع «مثلث الليثيوم» والتى تمتد إلى بوليفيا والأرجنتين بأمريكا الجنوبية، حيث يوجد بهذا المثلث أكبر احتياطى لمعدن الليثيوم بالعالم، نظرًا لوجود بحيرات ملحية تعرضت لمناخ جاف أدى لتبخر تلك البحيرات، مخلفة وراءها أملاح معدن الليثيوم التى ذابت من الصخور فى تلك البحيرات وكذلك توجد على خليج السويس ينابيع حارة عديدة منها حمام فرعون والعين السخنة برأس سدر وحمام موسى بالطور والمياه الساخنة بمنطقة عيون موسى وكذلك المحاليل الشديدة الملوحة الناتجة من محطات التحلية المعتمدة على الآبار الجوفية تكون غنية بمعادن الليثيوم.. وفى ظل تطور تكنولوجيا استخلاص الليثيوم يمكن استغلالها بشكل اقتصادى. وأضاف نائب رئيس هيئة الطاقة المتجددة، أنه تعد بطاريات الليثيوم أيون فى السيارات الكهربائية الأشهر فى مجال استخدامات الليثيوم وستمثل 60% من إجمالى مبيعات المركبات بحلول عام 2030. وأكد المهندس إيهاب إسماعيل أن «بطاريات الليثيوم» بمثابة مفتاح السر فى عملية التحول الكهربائى لذلك يشهد الطلب على تلك الخامة ارتفاعًا غير مسبوق وأن الليثيوم ضرورى لتحقيق التحول إلى الطاقة المتجددة، إلا أن تحول الطاقة ومعه استهلاك الليثيوم لن يحدث دون ثمن إذ إن المواد الكيميائية التى تُستخدم فى استخراجه تُسهم فى تلوث البيئة بأن أى عملية استخراج للموارد الطبيعية، سواء النفط أو الغاز وحتى المعادن، تضر بكوكب الأرض، لأن تحريك تلك الخامات يسفر عنه حلحلة التربة ونقص المياه، وخسارة التنوع البيولوجى والبيئي، وفى النهاية تزيد درجة حرارة الأرض. وأشار إلى أن الليثيوم يمهد الطريق لكهربة المستقبل فى إطار تحول الطاقة، فإنه يمكن وصفه بأنه خامة غير متجددة تجعل الطاقة المتجددة ممكنة ، لكنه حذر من أن استخراج الليثيوم يؤذى التربة، ويسبب تلوثًا إشعاعيًا للهواء. وأضاف إسماعيل أن الليثيوم نجده مرورا من الهواتف الذكية وصولا إلى السيارات إلى الحواسب اللوحية والمحمولة والليثيوم عنصر أساسى لا مفر من استخدامه فى كل ما يحيط بنا إلى درجة التلازم بين كلمتى «ليثيوم» و«بطارية». وهنا تظهر أهمية الليثيوم فى مكافحة التغير المناخي، فهو أنسب خامات البطاريات المستخدمة فى تخزين الطاقة سواء للأجهزة أو السيارات. ولا يقتصر نفع خصائص الليثيوم الإلكتروكيميائية على البطاريات فحسب، بل يشمل جسم الإنسان أيضًا. الليثيوم هو أحد أهم مكونات البطاريات الصغيرة، التى تمد الكثير من الأجهزة بالطاقة. وقد يؤدى الاعتماد على بطاريات الليثيوم إلى تخفيض الاستهلاك العالمى للوقود الحفري. ويقول د. توحيد هاشم، نائب رئيس معهد «كارلسروه» للتكنولوجيا بألمانيا، إن الليثيوم يستخدم على نطاق واسع فى المعدات الكهربائية بدءًا من الهواتف الجوالة، ومرورًا بأجهزة الكمبيوتر المحمولة، وصولًا إلى السيارات الكهربائية وحتى الطائرات. وتعد الطريقة التى يستخدم بها الليثيوم فى الفترة الحالية غير صديقة للبيئة، لكن العلماء يعملون على انتقاء عملية إعادة تدوير الليثيوم بطريقة آمنة، وجارٍ العمل على أبحاث علمية تضمن سلامة البطاريات، وأن تكون البطاريات المستخدمة لتخزين الطاقة الشمسية التى تتكون من الليثيوم تصبح أقل ضررا للبيئة بالمستقبل. وأضاف د. توحيد أنهم الآن بمعهد «كارلسروه» يعملون على أبحاث تتعلق بطريقة التدفئة بدلا من التدفئة بالغاز سيعتمدون على حرارة الأرض، وعند إقامة حفرة بعمق 100 متر يجدون «الليثيوم» ذايب داخل الحفرة ومن هذا الذوبان يتم استخراج الليثيوم بهذه الطريقة المبتكرة، مضيفًا أنه يجب أن يكون الطلب الذى يغذيه التحول الأخضر أكثر استمرارية من طفرة النفط والفحم والصلب فى العقد الأول من القرن الحادى والعشرين، فتحول الطاقة عالمى ويتطلب الاستثمار على مدى عقود. وتعد التقنيات منخفضة الكربون أكثر جوعًا للمعادن من نظيراتها، فتحتوى السيارة الكهربائية، مثلا على ثلاثة إلى أربعة أضعاف كمية النحاس الموجودة فى السيارة التى تعمل بالبنزين، ويتطلب تركيب قدرة ميجاوات واحدة فى مزرعة رياح بحرية ستة أضعاف المعادن النادرة مقارنة بمحطة تعمل بالغاز. وأشار إلى أنه قد تكون هناك حاجة غير ملحة من 7 إلى 8 ملايين طن سنويًا من النحاس بحلول عام 2035، وفى السباق لسد هذه الفجوات، تبرز مكانة أمريكا اللاتينية، حيث تحتوى المنطقة على رواسب ضخمة من المعادن المهمة، فعلى سبيل المثال، تحتفظ تشيلى وبيرو معًا بنسبة 30٪ من احتياطيات العالم القابلة للاستغلال من المعدن. وأضاف نائب رئيس معهد «كارلسروه» أن اللاتينية هى موطن لما يقرب من 60 ٪ من الليثيوم المعروف، وبوليفيا لديها قصدير يستخدم فى المكونات الكهربائية، أما البرازيل فلديها الجرافيت، وهى بطارية معدنية أخرى. ومن المحتمل وجود المزيد من الاكتشافات اذ أنه تمت دراسة 30٪ فقط من باطن التربة فى البلاد، كما يقول ألكسندر سيلفيرا، وزير التعدين البرازيلي. وأكد د. توحيد أن الحصول على الليثيوم عن طريق التبخر أرخص من حفره فى الصخور، كما هو الحال فى أستراليا والصين وتشكل مصادر الطاقة المتجددة 45٪ من استخدام الطاقة فى البرازيل، وهى واحدة من أعلى المعدلات فى العالم، وتنمو البنية التحتية لنقل هذه الطاقة النظيفة.