لا أعلم تماما ما هى الآلية التى تحرك شركات الهواتف المحمولة فى مصر، ولا كيف تفكر إداراتها، فالأرقام التى تم نشرها مع بداية شهر رمضان عن أجور الفنانين الذين شاركوا فى إعلانات تلك الشركات والمبالغ الهائلة التى تكلفتها للدعاية والإعلان أمر لا تفسير له سوى أن هذه الشركات تتعامل مع عملاء بلهاء، وهذا هو الوصف الدقيق لما وصل له حال التعامل بين المواطنين وشركات المحمول! ففى كل الدنيا تتنافس الشركات فى جذب العملاء عن طريق تخفيض أسعار المكالمات أو تقديم عروض جاذبة، بل إن الشركات فى الخارج تمنح عملاءها آحدث أجهزة محمول فى مقابل التعاقد وسعر رمزى بسيط، أو حتى عمل تقسيط طويل الأمد، وغير ذلك من العروض التى يكون المواطن هو الرابح الأول فيها! أما فى مصر بلد العجائب، فشركات المحمول تنكل بالمواطن كيفما تتشا، ترفع أسعارها وضرائبها وتقلل من خدماتها ويسوء أدائها وتضن بالإنفاق على رفع كفاءة بنيتها التحتية، ولا منقذ أو حامى للمواطن المسكين، الذى شارك تلك الشركات جريمتهم حين لجأ إليها وارتضى ظلمها ولم يتوقف عن التعامل معها، لأنه بالفعل أصبح أمرا ضروريا لا غنى لأحد فقير كان أم غنيا عنه، وهذا ما أدركته شركات المحمول، فاتفقت فيما بينها على استغلال الناس لأقصى درجة دون شفقة أو رحمة، المهم ألا يتنافسوا أو تحدث بيهم مضاربة لصالح العميل. كلنا نتعرض فى هذه الشركات لسوء المعاملة، وسوء الخدمة، وارتفاع الأسعار، وعدم الاحترام، قصص وتجارب كثيرة نسمعها ونمر بها نحن وأصدقاؤنا وزملاؤنا والمحيطون بنا، ولا أحد يقدر عليهم أو يوقفهم عما يفعلون ولا ملجأ لنا! ثم يأتى شهر رمضان الكريم، وبدلا من التفكير فى عملائهم والعمل على إرضائهم، خاصة مع ما تمر به بلدنا من مرحلة دقيقة، تستدعى إجراءات اقتصادية تنعكس على المواطنين، فكان يمكن أن تساهم شركات المحمول فى التخفيف عن المواطنين وهى تقدر على ذلك، بدلا من هذا تدفع مئات الملايين من الجنيهات من أجل إعلانات تافهة لا تأثير ولا محتوى ولا فائدة تعود على أحد سوى النجوم الذين تراوحت أجورهم – كما نشر – بين 22 مليون جنيه لعمرو دياب، أى مليون وثلاثمائة ألف دولار، وفان دام الذى حصل على 750 ألف دولار، ومحمد رمضان سبعة ملايين جنيه ونانسى عجرم ستة ملايين جنيه، وتامر حسنى ثلاثة ملايين جنيه ونصف. هذه أجور الفنانين فقط التى تجاوزت الخمسين مليون جنيه، ناهيك عن الفنيين وما تم دفعه للقنوات مقابل الحملات الإعلانية، فما كل تلك التفاهة التى تجعلهم يدفعون كل هذه الأموال من أجل إعلانات لا تأثير لها؟ هناك سر خفى فى هذا الأمر الذى يدفعهم للاستعانة بنجوم بملايين الجنيهات، بينما لو وزعت تلك الملايين على عملائهم فى شكل تخفيضات، أو حتى الدفع بها فى أعمال خيرية لكان أجدى، لكنه الغرور والاستغلال والاستخفاف.. فإذا ما ارتضينا كل هذا فلا لوم عليهم!