جولة مع الكتاب

تلعب معارض الكتاب دورًا مهمًا فى دعم الثقافة ونشر وتوفير الإصدارات العربية الحديثة والقديمة فى كل مكان فى ربوع الوطن العربى، وقد أتيحت لى فرصة زيارة بعض هذه المعارض والوقوف على الكثير من آليات العمل فيها ودورها الفاعل فى الثقافة.
الأردن.. يقام معرض عمان الدولى للكتاب بإدارة اتحاد الناشرين الأردنى وتحت رعاية وزارة الثقافة هناك والحقيقة هى تجربة ثرية، معرض منظم جدًا ليس كبير الحجم من حيث المساحة ولكن يلبى احتياجات القارئ الأردنى، واتخذ هذا العام شعار «القدس عاصمة فلسطين» وأقام العديد من الندوات أهمها ما قدمه الوزير الشاب للثقافة بفلسطين إيهاب بيسو من شرح وافٍ للمقاومة وأهمية القدس فلسطينيًا وعربيًا وشارك بالمعرض 300 ناشر منهم حوالى 200 ناشر مصرى والمعرض إضافة للمعارض العربية ورافد مهم للثقافة.
السودان.. أقيم معرض الخرطوم الدولى للكتاب هذا العام برعاية الرئيس البشير وحضور النائب الأول ووزير الثقافة فى السودان وأيضًا وزير الثقافة فى جنوب السودان، كانت المشاركة المصرية تشكل حوالى 75% من عدد الناشرين المشاركين وهذا يؤكد عمق العلاقات المصرية السودانية وخاصة الثقافية منها ومدى حاجة السوق السودانى للكتاب المصرى.
والمعرض أيضًا صغير الحجم وتنظمه وزارة الثقافة وتبذل كل جهد فى إنجاحه ولكن يحتاج إلى مزيد من المشاركة العربية وأيضًا حل مشكلة العملة حيث إن الجنيه السودانى بعد التعويم أصبح عبئًا على القارئ والناشر وسعر الكتاب ليس فى مقدرة القارئ السودانى.. وهى فى الحقيقة مسألة أصبحت من أهم المشاكل وبدأت تنتشر فى الكثير من الدول العربية فلابد من تدخل الحكومات لدعم الثقافة لأهميتها فى بناء الإنسان.
الكويت.. هذا العام صادف وجود سيول كبيرة قبل المعرض كانت لها خسائر مادية وبشرية ثم جاءت السيول مرة أخرى قبل المعرض بيومين وبعد افتتاحه بيوم، وكان للحركة والاستعداد من قبل كل أجهزة الدفاع المدنى والجيش والشرطة ورجال الأعمال الأثر الكبير فى تخفيف أثر هذه السيول وفتح الطريق فى فترة وجيزة وإرشاد المواطنين طوال 24 يومًا وإطلاعهم على الإرشادات الضرورية لأمان المواطن.
وبدأ المعرض فى موعده من خلال إدارة واعية من الأخ العزيز سعد العنزى بحنكة وتواجد يومى فى أرض المعارض واستقبال الوفود المشاركة وتذليل أى عقبات تعوق المشاركة أو تنظيم الأجنحة والندوات.. ومعرض الكويت تظاهرة ثقافية شارك فيها العديد من الناشرين فى جميع الدول العربية ودور النشر الكويتية التى بدأت فى التواجد بشكل طيب وإنتاج جديد مثل ذات السلاسل ومكتباتها وإنتاجها المتميز والذى يوضح قدرات العزيز سعود المنصور كناشر وموزع يتمتع بذكاء وقبول كبيرين فى الوسط فى الكويت أو خارجها.
وأيضًا هناك دور كبير للمجلس الوطنى للثقافة والفنون والآداب بقيادة المهندس على اليوحه وكم قدم للجميع من رعاية واهتمام ينم عن ثقافة وإدارة وخلق رفيع..لذا اعتبر معرض الكويت من المعارض المهمة فى منطقة الخليج.
أربيل.. وهى عاصمة إقليم كردستان الذى يتمتع بالحكم الذاتى فى جمهورية العراق.. وعلى الرغم من اهتمام المواطن هناك باللغة الكردية.. ولكن لايقلل ذلك من حرصه على اللغة العربية والثقافة عمومًا.. فمعرض الكتاب هناك من المعارض العربية الناجحة وهناك تجربة فريدة وهى أن المعرض يقام من خلال دار المدى وهى مؤسسة صحفية خاصة لها جريدة ودار نشر وتليفزيون خاص.. هى مؤسسة متكاملة بالمعنى الدقيق وهناك شاب له مستقبل باهر هو مدير المعرض إيهاب القيس ورئيس المؤسسة الأستاذ فخرى كريم.
وقد نجحت الدار فى تنظيم معرض له سمات بارزة وأثر كبير ومؤثر جدًا لدى الناشرين والذى آمل أن يزداد إقبالهم على المشاركة الفعلية هناك فى هذا المعرض لأهميته ومعرفة احتياجات القارئ هناك فكل معرض له خصوصية وتميز فى الموضوعات وكذلك شكل الكتاب وسعره.. وهذه من مهام الناشر الواعى التى يجب أن يدرسها جيدًا قبل اتخاذ قرار المشاركة.
بيروت.. الجمال والثقافة والفن والذوق العالى وسحر الطبيعة وثقافة بلا حدود عشق الأصالة والمعاصرة والفنون.. مسلح بحب الحياة والإبداع ومنفتح على جميع الثقافات والفنون فى العالم، من خلال لبنان وجودك هناك تستطيع أن تعلم ما هو الجديد فى العالم فى كل المجالات بدءًا من الموضة إلى الصناعات إلى الإدارة إلى الفن وغيرها من أمور الحياة.
التوافق والمحبة نجد المسلم السنى والشيعى والمسيحى الأرمنى والأرثوذوكسى والكاثوليك والبروتستانت يعيشون معًا فى توافق وانسجام.. إلا السياسة لعن الله السياسة التى تهدم الأوطان وكفاهم شر الخلاف والهدم وأن يحافظوا على اتفاق الطائف ولبنان الجملية التى دائمًا ما تصدر لنا الحلم بالحياة الأفضل ومدى تمسك الإنسان بالحياة.
معرض بيروت من أوائل المعارض العربية وترعاه نقابة الناشرين فى لبنان ووزارة الثقافة هناك، وفى هذا المعرض حرص فادى تميم رئيس النادى الثقافى العربى وسميرة عاصى نقيب الناشرين اللبنانيين على إدارة ملف المعرض باقتدار وكيف يقومان ومعهما فريق عمل من النقابة من الناشرين النابهين لخدمة الجميع وأذكر منهم الإعلامى الناجح خالد قبيصة وبيير صايغ ومازن محيو ومارون… وأهنئ الأستاذ جوزيف صادر الناشر الكبير على نجاحه فى تولى مجلس نقابة الطباعة فى لبنان.
ويتم الآن بحث التعاون من خلال اتحاد الناشرين المصرى ونقابة الناشرين فى لبنان لعمل بروتوكول تعاون مثمر لصالح المهنة.. وكذلك دراسة توفير الكتاب اللبنانى بصفة دائمة من معرض الكتاب بالقاهرة من خلال دار المعارف والتعاون بينها وبين دور النشر اللبنانية.. إن معرض بيروت هو فى الحقيقة نافذة جميلة ومبدعة فى عالم الكتاب ليس على مستوى الوطن العربى بل والعالم فى انفتاحه وتعاونه مع الجميع.
ونجحت نقابة الناشرين اللبنانية بقيادة سميرة عاصى فى عمل حراك جميل ولقاءات مهنية وفكرية وندوات طوال أيام المعرض..تحية للجميع ولمن لم أتذكر اسمه.
فى نهاية هذه الجولة السريعة مع الثقافة أرى أن أمامنا مشوارًا طويلًا ومهام عديدة أهمها مشكلة التزوير وحماية الملكية الفكرية على أن يتم ذلك على ثلاثة محاور رئيسية دور القارئ العادى ورفع ثقافته، دور الدولة بأجهزتها من قوانين وتنظيم وحماية ونشر هذه الثقافة من خلال وسائل الإعلام.
المحور الثالث دور الناشر والاتحادات المهنية فى التنظيم وإعداد الندوات للتعريف بالملكية الفكرية وتنمية مهارات أعضائها ومحاربة المزورين وتطبيق القانون عليهم.. وهذه هى أهم الأمور التى سيتم عرضها ومناقشتها فى معرض القاهرة الدولى للكتاب فى دورته الخمسين وإن شاء الله يكون درة المعارض وتاجها من إعداد ومضمون وفعاليات وناشرين.