عام 1985 كتب لينين الرملي قصته الرائعة «على بيه مظهر و40 حرامي» ليقدم الفنان محمد صبحي أحد أعماله الرائعة كنموذج لشاب يبحث عن الثراء بأي شكل ودون عناء فتكون النهاية صادمة (الجنون) أو السجن. وليست قصة لينين الرملي فقط من ناقش قضية البحث عن الثراء السريع، وكشف اللثام عن مجموعات الفساد.. التي استغلت رغبة الشاب «على» في الثراء لتكون النهاية السجن وإصابة «على»بالجنون.. ورغم أن هذا العمل الفني دق ناقوس الخطر منذ أكثر من 33 عاما، إلا أن الفساد تفشى، وتزايدت الرغبة في الثراء السريع دون عناء.. ولم تستطع أدوات نشر الوعي (الإعلام، السينما أو الدراما) كبح جماحها. وظهرت أشكال وألوان جديدة للفساد، وتم استهداف العمود الفقرى للمجتمع (الأخلاق) من أجل أن يتجذر الفساد.. فإذا أردت تدمير مجتمع عليك بتدمير أخلاقه أولًا ثم تغييب الضمير وبعدها تستطيع أن تنشر الفساد فيه بسهولة، وتفعل بالمجتمع ما تشاء.. هكذا يدار جزء من سيناريو هدم الدول. فإذا غابت الأخلاق غاب الضمير، وإذا غاب الضمير انتشر الفساد، وخربت الذمم. القانون يستطيع أن يراقب ويواجه الفساد بكل قوة، ولكن مع غياب الضمير يواجه القانون العديد من العقبات. الفساد ليس وليد اللحظة ولكنه استغل غياب الأخلاق والضمير فقوى وبات فى حاجة إلى تكاتف الجميع لمواجهته، وإذا كانت الدولة قد وضعت استراتيجية واضحة المعالم لمواجهته والقضاء عليه، فقد حوت بين طياتها الدور المجتمعى فى مكافحته ودور منظمات المجتمع المدنى، بالإضافة إلى الأجهزة الرقابية. قامت اللجنة الوطنية الفرعية لمكافحة الفساد بالانتهاء من وضع المقومات الأساسية للخطة الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد.. وفق الخطة الزمنية – الجدول الزمنى – للتنفيذ، وذلك بعد عرض معظم التجارب الدولية فى سبل مكافحة الفساد على اللجنة الفرعية وتم دراستها والبناء عليها فى إعداد المقومات الأساسية للخطة الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد. وتم إطلاقها فى 9 ديسمبر 2014 فى اليوم العالمى لمكافحة الفساد تحت رعاية رئيس الجمهورية وبحضور رئيس مجلس الوزراء بصفته رئيس اللجنة الوطنية التنسيقيه لمكافحة الفساد والجهات المشاركة فى التنفيذ وبعض المنظمات الدولية بمقر هيئة الرقابة الإدارية. وبدأت المعركة التى كان نتيجتها وحسب الأرقام غير الرسمية استرداد ما يقرب من 49 مليار جنيه من أموال الدولة، لقد باتت معركة مكافحة الفساد معركة وطن.. لمواجهة ذلك المرض الذى يستهدف جسد الدولة. خلال السنوات الأربعة الماضية، كانت هناك مواجهة قوية للفساد تساقط خلالها عدد من ناهبى المال العام وراغبى الثراء السريع. وكان التوجيه الذى حدده الرئيس والمنهج الذى وضعته هيئة الرقابة الإدارية بقيادة الوزير محمد عرفان رئيس الهيئة (لا أحد فوق القانون) وتكرر فى حديث الرئيس ليؤكد المنهج الذى تسير عليه الدولة المصرية لاقتلاع الفساد من جذوره فى الوقت ذاته تجفيف منابعه من خلال استراتيجية متكاملة وضعتها هيئة الرقابة الإدارية. أكد الرئيس خلال حوار مع الإذاعة الألمانية A.R.D منتصف يونيو 2017 خلال زيارته لبرلين قائلاً: «دولتنا دولة قانون والقضاء له الكلمة النهائية، ولا أحد فوق القانون حتى رئيس الدولة». وخلال افتتاح عدد من المشروعات التنموية بمدينة دمياط والمرحلة الأولى من مدينة دمياط للأثاث فى مايو 2017 قال الرئيس: «بالمناسبة فيه أراضى كانت ناس حاطه أيديها عليها بيقولوا هياخدوا حقهم منى أنا.. وأنا هنا بأقول ما فيش فى الدولة حد فوق القانون وفوق الحق». وفى مايو 2016 خلال افتتاح عدد من مشروعات الإسكان الاجتماعى بمدينة بدر قال الرئيس: «إذا كنا بنتكلم عن دولة قانون فليس هناك أحد بدءًا من رئيس الجمهورية فوق القانون.. ولن تتهاون الدولة فى تنفيذ القانون» واستشهد الرئيس باعتداء البعض على 300 ألف فدان من محترفى الاستيلاء على أراضى الدولة كانت تلك الأراضى ضمن مشروع المليون ونصف المليون فدان.. تم إزالة التعديات واسترداد أراضى الدولة. ولأن الفساد بات له أذرع عديدة وأشكال مختلفة يستوجب أن تكون معركة مواجهته على أكثر من محور بدءًا من الحكومة والأجهزة الرقابية والهيئات القضائية وانتهاء بدور المواطن وهو أحد أهم الأدوار فى المعركة. فإذا كانت الأجهزة الرقابية تقوم بمتابعة ومراقبة المسئولين والضرب بيد من حديد على يد كل من تسول له نفسه المساس بالمال العام، أو الخاص.. فتنازل المواطن عن أحد حقوقه التى كفلها له الدستور والقانون، هو معاونة للفساد. – ترك المواطن لمن يعتدى على نهر الطريق أو الشارع دون إبلاغ الأجهزة المختصة والتصدى له هو معاونة للفساد. – الصمت على إهدار مياه الشرب فى رش الشارع من قبل بعض أصحاب المحال التجارية أسفل منازلنا هو معاونة للفساد. – عدم الإبلاغ عمن يقوم بالاعتداء على المرافق العامة بدعوى (وأنا مالى) هو معاونة على الفساد وصمت على إهدار المال العام. – تقديم رشوة لأحد موظفى الدولة لإنهاء بعض الإجراءات بدعوى (أنا مش فاضى أقف فى الطابور) أو (خلينا نخلص) هو ترسيخ للفساد نجنى نحن والأجيال القادمة ثماره المُرة التى تلتهم كل ما تقدمه الدولة من إنتاج للتخفيف عن كاهل المواطن. قد يرد البعض على ما ذكرته سالفا ويقول: وأين أجهزة الدولة؟.. أليس دورها مراقبة مثل هؤلاء؟.. أين دور المحليات؟ أليست مسئولة عن مواجهة إشغالات الطرق والتصدى لمشكلة القمامة، والحفاظ على مرافق الدولة. وهنا يجب أن نعترف أن من يطرح كل تلك التساؤلات معه حق.. ولكن هل تستطيع الدولة أن تراقب كل فرد إذا غاب الضمير لدى البعض، وانهارت أخلاقيات وقيام البعض.. بالطبع لا، ولدينا نماذج فى دول عديدة تمتلك من القدرات التكنولوجية ما تمتلك، ولكن دور المواطن فى التصدى للفساد يعد من الأدوار المحورية فى تلك المنظومة، لأنه يعتبر أن الصمت على الفساد إهدار لحقه وتفريط فى حقوق الأجيال القادمة. لقد استطاعت الدولة خلال الفترة الماضية أن تحقق نجاحًا كبيرًا فى مواجهة الفساد ومازالت تعمل على ذلك خاصة بعد فتح العديد من قنوات التواصل بين الأجهزة الرقابية والمواطن فقامت هيئة الرقابة الإدارية بتخصيص رقم مختصر لتلقى الشكاوى والإبلاغ عن المخالفات، وكذا مكاتب لخدمات المواطنين فى كافة مكاتب الهيئة بالمحافظات، بل وضعت على موقعها الإلكترونى على شبكة الإنترنت، خدمة متابعة الشكاوى. وكذا هيئة النيابة الإدارية والجهاز المركزى للمحاسبات، بل إن مجلس الوزراء وضع تطبيقا على الهاتف المحمول لتلقى شكاوى المواطنين فى كافة القطاعات أطلق عليه اسم (إيجابى) وأظن أن التسمية للبرنامج لها دلالة مهمة، وهى أهمية دور المواطن فى مواجهة الفساد ومنع سرقة مكتسبات الوطن. أوراق الذهب النقيب محمود صلاح الدين النقيب محمود صلاح الدين عبد الموجود عثمان فارس الدفعة 106 حربية 23 عاما تزوج فى 23 سبتمبر 2016 واستشهد فى 16 أكتوبر 2016.. التحق بالكلية الحربية وتخرج فى الدفعة 106 حربية، ضابط بسلاح المشاة ميكانيكا.. اشترك فى جميع المداهمات ضد الجماعات الإرهابية بالشيخ زويد بشمال سيناء أحب لقاء الله فأحب الله لقاءه وأحب مصر وترابها وشعبها وجيشها كما أحب الشيخ زويد وسيناء وفى زيارة زملائه له للتهنئة بالزفاف عرف منهم بموعد خروج مداهمة لأحد أوكار الجماعات الإرهابية، وقرر محمود أن يشترك فى المداهمة ورفض قائده وزملاؤه اشتراكه فيها لأنه عريس جديد، لم يمر على زواجه إلا أيام معدودة.. ولأنه مخلص وأحب أن يصدق عهده مع الله ويفى بالقسم الذى أقسمه.. رفض الجلوس فى المنزل مع عروسه وأصر على الاشتراك فى المداهمة قائلًا: كيف أترك الزملاء دون الاشتراك معهم. ترك عروسه ولم يمر على زفافهم إلا عشرة أيام وكما قال زملاؤه صلى شهيدنا الصبح وجدد عهده مع الله قائلًا: «إنها فى سبيلك يارب» وركب المدرعة وجلس على المتعدد وخرج الجميع وكان مبتسما رافعا علامة النصر لزملائه وبقرية المقاطعة بالشيخ زويد بشمال سيناء دارت المعركة والاشتباك وتبادل إطلاق نار مع العناصر الإرهابية واستبسل وقاتل قتال الرجال الأبطال وكان شجاعا مقدما غير مدبر لم يستطع الإرهاب مواجهته ولم يتمكنوا منه فى المواجهة فكانت رصاصة الغدر والخسة من الخلف فأكرمه الله ونال محمود شرف الشهادة ومن أقوال الشهيد «هى موتة واحدة فلتكن فى سبيل الله».. «عيش راجل يعيش اسمك ويموت جسمك».. «يهددوننا بأسلحتهم ونرى الجنة فى فوهات بنادقهم».