دقت طبول الحرب منذ سنوات ومازال هناك من يتحدث عن أصواتها، فى حين أصوات المدافع تدوى فى كل مكان والأنقاض ملأت المعمورة، واللاجئون فى الشتات بين جنبات المخيمات، ومازال هناك أيضا من يسأل عن حرب عالمية ثالثة؟ ألم يكف كل هذا الدمار من حولنا ليتأكد السائل أننا فى قلب المعركة، ولكن الحرب هذه المرة تختلف، حيث إنه صراع البقاء والوجود، فقد علمنا التاريخ نوعًا واحدًا من الحروب لم يعد موجودًا الآن، فحرب هذا الزمان الوعى سلاحه الرادع فيجب أن تعى أننا فى حرب الفكرة والأحلام، فالصهيونية والفارسية وأيضا العثمانية أفكار تحولت إلى أحلام يريد حالموها تحقيق إمبراطورياتهم على حساب العرب فى حين فقد العرب حلمهم فتفرقت بهم السُبل، هذه هى أصل الحكاية فما يحدث الآن فى منطقة الشرق الأوسط ما هو إلا صراع هذه الأحلام مع بعضها البعض، الحلم الصهيونى الذى تمركز فى فلسطين حاول التمدد منذ ظهوره نحو أراض عربية أخرى ففشل فى مصر ووضع أطراف أقدامه على الحدود السورية واللبنانية، الأمر الذى حفز الحلم الفارسى للتحرك فوضع أحد أذرعه وهو حزب الله بالقرب من التواجد الإسرائيلى ليعرقل أطماعها بالتأكيد ليس حفاظا على عروبتنا ولكن من أجل أحلام الملالى الإيرانى لينتقل بعد هذا نزاع الأحلام إلى قلب الدولة السورية الجائزة الكبرى، هذا فى نفس الوقت الذى استيقظ خلاله الحلم العثمانى من جديد والذى اعتمد بشكل أساسى على جماعة الإخوان ليشتد النزاع على أرض الأحلام ورغم أن القياصرة الروس يحاولون السيطرة على تماسك الدولة السورية من خلال مساندة الجيش السورى إلا أن الجانب التركى تمكن من احتلال عفرين ومناطق سورية أخرى كما أصبح التواجد الإيرانى يزعج الجانب الإسرائيلى ويهدد أطماعها فى التوغل من جانب هضبة الجولان، فخرج نتنياهو معلنًا عن وثائق حصل عليها الموساد تفيد باختراق إيران للاتفاق النووى لتنسحب أمريكا على الفور معطية لإسرائيل الضوء الأخضر لضرب تمركزات إيران فى سوريا وهو ما حدث، ولكن الغريب فى الأمر أن هذه الضربات حظيت بمباركة الجانب الروسى وفق تصريحات نتنياهو عقب لقائه بوتين على هامش احتفالات عيد النصر الروسى.. إذا هى أحلام تتصارع لتنهش الجسد العربى، ذئاب إيرانية وإسرائيلية وتركية يستغلون فرقة القطيع العربى يوزعون تركة لم تكن لهم، فهل لنا من حلم يجمعنا ويحمى مستقبل العرب؟، خاصة أن هناك فرصة مميزة مع هذا التصارع بين الطامعين وأيضا اتساع رقعة النزاعات من الصومال إلى اليمن مرورًا بسوريا ولبنان وليبيا.. فهل يفعلها العرب ويقررون مصائرهم أم ستظل المنطقة العربية أرض الأحلام التى يتصارع عليها الطامعون؟!..