سؤال يحير العالم.. ماهو نوع الفيروس المحصن الذى أصاب الإعلام شرقه وغربه فحول ما يقدمه من مواد إلى وجبة فاسدة منتهية الصلاحية!! ما هذا الحجم من التزييف الذى يلطخ الشاشات تحت راية ما يسمى حرية الرأى، وكيف أصبح الإعلام ليس مجرد سبوبة للإعلاميين المليونيرات .. بل أصبح مصدرًا أساسيًا للثراء الحرام.. حيث تم عقد حلف غير مقدس بين الإعلام العربى والإعلام الغربى متمثلا فى القنوات الحقيرة التى أصبحت ضد الإنسان العربى بالذات، فهى تؤدى دورًا مرسومًا لها بعناية لتدمير الإنسان العربى سواء من خلال الشاشة أو العالم الإلكترونى الافتراضى..إن هذه المائدة التى استوردت مبادئها من مطابخ عواصم كبرى لا يهمها الحضور الفكرى والأخلاقى والمهنى، لكنها لجأت إلى الوجبات الفاسدة التى تحصنت بمجموعة من التوابل الحراقة والزيوت الحارة لترويج سلعتها وفتح شهية المتلقى لخداعه، وكل ما تقدمه من مواد غذائية يوحى لمشاهدها الجائع أنها هى مصدر الصدق والمصداقية وهو مجرد ضحك وسخرية على الجميع... وضد الجميع.. وضحك على الذقون. ما هو سر العلاقة المفاجئة والوطيدة بين القنوات العربية والغربية والذى أصبح واضحا تماما لا تفوته فطنة المشاهد؟ إنهما الآن ينامان على سرير واحد ..صناعتها واحدة ماركة مسجلة لتصنيع الأكاذيب التى تروج للفتن وهى أخطر من الهيرويين والكوكايين.. فهى بكل ألوانها وأشكالها تهدف إلى تحقيق المزيد من الأرباح، بل والأخطر أن لغة المال قد طغت على بعض المروجين بحيث بدأوا يستخدمون الأحكام الشرعية لتجد سندا وترويجا للأكاذيب، بل الأخطر من ذلك أن أنباء العنف والإرهاب بتفاصيلها والتى تعلنها تلك القنوات أصبحت تعرف فى الخارج قبل الداخل فى كافة الدول العربية. وأول نجاح حققه هذا الإعلام الشرير هو إقناع القاعدة العريضة من المشاهدين العرب أن الغرب هو وحده المسكون بما يسمى حقوق الإنسان، وأن العرب امامهم مشوار طويل لكى يتفهموا فلسفته.. والمضحك أن الشىء الوحيد الذى تشيد به تلك القنوات إن الأثرياء العرب قد نما وعيهم فى تفهم «حقوق الحيوان» خاصة فى حالات المرض بحيث إذا مرض كلب أحدهم فإنه يقوم باستئجار طائرة شارتر مخصصة لعلاج المرضى من الكلاب فى المستشفيات المترامية فى المدن المبهرة فى الريفييرا وغيرها، وهى المدن التى انتعشت فيها حاليا سلعة سياحة علاج الحيوانات. والمؤسسات والمحطات الفضائية التى تدعى أنها تعبر عن حقوق الإنسان ترى أمامها فى كل يوم أنها تداس بالأقدام إلى درجة الإعدام حتى بدون محاكم صورية.. ومع ذلك لم تتعاطف تلك المحطات ولم تعلن موقفها ضد العدوان على الأرض العربية والتى تعذر حصر ضحاياها سواء برصاص الغدر أو الهجمات الإرهابية ولم تذرف الدمع على طفل أو شيخ أو جندى، لكنها تشاهد بعين الشماتة القصف الجوى عينى عينك دون أدنى معنى لاستنكار بشاعة الهجمات اليومية، وحاليا فى هذه المواقف المعقدة نجد ازدواج المعايير.. فإذا هدأت الأمور فى مصر اشعلوا أخبارا كاذبة تشير إلى أن مصر محاطة بحزام من نار.. «كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا»، هذه معاييرهم وهذه هى قيمهم، والباطل ديانتهم، والكذب عقيدتهم، الدولة التى كان يطلق عليها بالأمس الشيطان الأكبر تحولت إلى ملاك طاهر.. والإعلام يرحب بوجودها فى الخليج ليس فى إطار الرأى السياسى ولكن ترحيبًا بالورود والزغاريد وموسيقى حسب الله.. والنقطة ينادى عليها شاويش المسرح فى الأفراح الشعبية.. ولم تعد هذه الدولة التى وقعت بالأمس وكثرت سكاكين سلخها. ومهما انتقدنا إعلام مصر.. فإنه سيظل قويا بقدر ما يقدمه من مصداقية تنبع من قراءة أمنية لفكر القيادة السياسية.. نحن لا نؤمن بإعلام المصالح فهو ليس إعلام المبادئ ولكن فى الحقيقة هو (إعدام المبادئ) وليس إعلام الأخلاق.. ولكنه إعدام الأخلاق .. الإعلام الغربى والمتحالفون معه من الإعلام العربى لم يعد لغة الضمائر لأنه يعتبر أن الضمير غائب.. وأنه سلعة فاسدة يستطيع بالكذب أن يحكم الضمير ويتحكم فيه.. وما يثيره هذا الإعلام الفاسد حول قضية سجناء الرأى الذين يروجون لأنفسهم على أنهم شهداء رغم أنهم خبراء فى الترويج للفتنة واغتيال القانون، هؤلاء فى الغرب يسمونهم سجناء رأى.. أما سجناء الرأى الحقيقيين فقد تم إيداعهم سجونًا شهيرة فى الغرب بعد أن تم تلفيق تهم التحرش بالخادمات لهم لكى تكون عقوبتهم هى السجن المؤبد.