جاء إعلان كوريا الشمالية مؤخرًا عن نجاحها فى تصنيع أول قنبلة هيدروجينية وقيامها بإجراء تجربة وتفجيرها فى مدينة كيلجو الواقعة فى شمال شرق البلاد، ليثير ردود أفعال واسعة، حيث لم يقتصر الأمر على الهزة الأرضية التى خلفها الانفجار والتى رصدتها مراكز جيولوجية فى أمريكاوكوريا الجنوبية واليابان، بل تسبب أيضا فى زلزال سياسى لازالت توابعه تهز أرجاء العالم حتى اللحظة. وعلى الرغم من تشكيك البيت الأبيض وخبراء ومتخصصين فى المجال النووى فى قدرة كوريا الشمالية على تصنيع قنبلة هيدروجينية، خاصة أن النشاط الزلزالى الذى تم رصده يوازى من وجهة نظرهم تفجير قنبلة أقل قوة، ومؤكدين أيضًا على أن مثل هذا النوع من القنابل يتطلب خبرات علمية وتقنية معقدة يصعب أن تمتلكها كوريا الشمالية التى تعانى من تفاقم مشكلة المجاعة وتدهور الأوضاع الاقتصادية، إلا أن هذه الشكوك لم تبدد قلق أعدائها ولم تمنع الولاياتالمتحدة والعديد من الدول، بما فيها الصين، الحليف الرئيسى لكوريا الشمالية، من إبداء تخوفها الشديد من خطورة تلك الخطوة التى اتخذتها بوينج يانج. وهذا ما ظهر جليا فى الاجتماع العاجل الذى دعا إليه مجلس الأمن بعد ساعات قليلة من إعلان التجربة، ليعلن فى نهاية الاجتماع عن إدانته لهذه التجربة التى وصفها بالانتهاك الجسيم لقرارات سابقة صدرت عن المجلس تحظر على بيونج يانج القيام بأى نشاطات متعلقة بتطوير أسلحة نووية، كما تعهد بالبدء فى إعداد قرار جديد لتشديد العقوبات المفروضة عليها. ومن جانبها تعهدت الولاياتالمتحدة وحليفتاها العسكريتان الرئيسيتان فى آسيا كوريا الجنوبية واليابان بتوحيد جهودهم للتوصل إلى رد دولى سريع أكثر حزما. وفى هذا الإطار، وافق مجلس النواب الأمريكى بالإجماع تقريبا، على تشريع من شأنه توسيع العقوبات المفروضة على كوريا الشمالية. وبعد تصاعد الأحداث وكلمات الشجب والإدانة والذعر الذى اجتاح المجتمع الدولى، وفى أول تصريح له بعد أيام من تجربة بلاده النووية الرابعة، خرج كيم جونج أون، زعيم كوريا الشمالية والشاب المثير للجدل، ليؤكد أن تجربة بيونج يانج لقنبلة هيدروجينية هى خطوة للدفاع عن النفس فى مواجهة ما وصفه بالتهديد الأمريكى بحرب نووية، مضيفا أن السبب الحقيقى وراء إعدام الرئيس العراقى السابق صدام حسين، وقتل العقيد الليبى معمر القذافى، هو التخلى عن برامج الأسلحة النووية التى كانت تثير رعب الغرب، مشيرًا إلى أنهما فور تجردهما من تلك القدرات أصبح القضاء عليهما سهلا، وأكد أن كوريا الشمالية لن ترتكب الخطأ نفسه. كما قال بيان نشرته وكالة الأنباء الكورية الشمالية باسم قيادة البلاد إن جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية قادرة على محو الولاياتالمتحدةالأمريكية من على وجه الأرض فى أى وقت. ووفقا لموقع «ستاتيستا» للإحصاءات والدراسات، يعتقد أن كوريا الشمالية لديها مجموعة من الصواريخ، من بينها صاروخ يعرف باسم (تايبودونج - 2)، يصل مداه إلى ستة آلاف كيلومتر، وإذا ما أطلقت القنبلة الهيدروجينية من مثل تلك المسافة فإنها يمكنها ضرب ولاية ألاسكا. وفى إطار اهتمام الصحف العالمية بتجربة كوريا الشمالية الهيدروجينية، قالت صحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية فى افتتاحيتها إن كوريا الشمالية تشكل أحد أخطر التهديدات الأمنية فى العالم اليوم، وأن هذا الأمر كان معروفا منذ وقت طويل ولم يحتاج إلى تجربة نووية أخرى لإثبات ذلك. وأشارت الصحيفة إلى سياسة الجزرة والعصا التى كانت متبعة معها لإقناعها بكبح طموحاتها النووية، ورجحت أن يستمر مجلس الأمن فى هذا النهج ويفرض عقوبات جديدة بعد الاستفزاز الأخير، لكنها نبهت إلى أن مثل هذه العقوبات لن تردعها وستفاقم شعورها بالعزلة والتصميم. يذكر أن القنبلة الهيدروجينية يصل الإشعاع الناتج عن انفجارها إلى مساحة قطرها مائتى كيلومتر، وقوتها التدميرية تتراوح بين عشرة آلاف إلى خمسين ألف قنبلة ذرية.