تأكيدا على اهتمام مصر بتعزيز العلاقات مع الدول الآسيوية فى مختلف المجالات، قام الرئيس السيسى بزيارة إلى كل من سنغافورة، والصين، وإندونيسيا، فى جولة استمرت من 30 أغسطس إلى 5 سبتمبر، وكان عنوان ملفها الرئيسى «التنمية والتعاون والشراكة الاقتصادية»، فضلا عن تبادل وجهات النظر مع قادة دول الجولة حول التطورات الحالية المتسارعة التى تشهدها منطقة الشرق الأوسط، وتأثيراتها العالمية، إلى جانب استمرار إيضاح صورة أهداف التحرك السياسى المصرى والتحولات الإيجابية الواضحة التى تحدث فى الداخل المصرى، خدمة لأغراض التنمية. وكانت زيارة الرئيس إلى سنغافورة، هى الأولى لرئيس مصرى إلى هذا البلد الناهض، منذ إقامة علاقات دبلوماسية بين البلدين قبل 50 عامًا، وقد استهلها الرئيس بجولة داخل مركز الوئام الدينى، الذى تم افتتاحه عام 2006 بمبادرة من مجلس الشئون الإسلامية واستمع من مسئولى المركز إلى شرح مفصل عن أهدافه، ثم قام بزيارة إحدى محطات تحلية المياه التابعة لشركة «هاى فلوكس» الرائدة فى مجال تحلية المياه ومعالجة مياه الصرف الصحى على مستوى العالم، وعقد الرئيس جلسة مباحثات مع أوليفا لوم الرئيس التنفيذى للشركة وعدد من كبار مسئوليها، تم خلالها بحث سبل قيام الشركة بإنشاء محطات لتحلية المياه فى مصر، وتم التوقيع على مذكرة تفاهم بين هيئة قناة السويس وشركة «هاى فلوكس». كما قام الرئيس بزيارةٍ إلى حديقة النباتات التى تصنف كثالث حديقة للنباتات على مستوى العالم، وتم إجراء مراسم تسمية إحدى زهور الأوركيد باِسم السيد الرئيس، وذلك فى تقليد تتبعه سنغافورة، حيث تقوم بتسمية زهور الأوركيد بأسماء رؤساء الدول وكبار الشخصيات الدولية الزائرة لسنغافورة. أما المباحثات الرسمية فقد بدأت فى اليوم الثانى للزيارة، حيث عقدت قمة ثنائية مع الرئيس السنغافورى تونى تان داخل قصر الآستانة تم خلالها بحث سبل الاستفادة من الخبرة السنغافورية فى عدد من المجالات، من بينها تحلية ومعالجة المياه، وتطوير الموانئ. الرئيس التقى أيضا رئيس الوزراء السنغافورى «لى هزين لونج»، الذى نوه باعتزاز بلاده بالدور التاريخى الذى قامت به مصر للاعتراف باستقلال سنغافورة، وتناول اللقاء بحث ترجمة العلاقات التاريخية بين البلدين إلى خطوات عملية جادة للتعاون والعمل المشترك فى عدد من المجالات ذات الأهمية الحيوية، على رأسها أهمية الاستثمار فى الكوادر البشرية عبر التعليم والتدريب الجيد. كما التقى الرئيس كبار المستثمرين ورجال الأعمال ورؤساء كبريات الشركات السنغافورية، واستعرض معهم فرص الاستثمار فى مصر وخاصة فى منطقة محور قناة السويس، والتعريف بأحدث الإجراءات والخطوات التى اتخذتها الحكومة المصرية لتذليل العقبات أمام المستثمرين. واختتم الرئيس زيارته لسنغافورة بجولة داخل ميناء سنغافورة حيث اطلع على آليات العمل فى واحد من أكبر وأهم الموانئ فى العالم. وفى حديث لقناة آسيا الإخبارية، أشار الرئيس إلى أن تيار الإسلام السياسى كانت لديه فرصة للمشاركة فى الحياة السياسية إلا أن أيديولوجيته اصطدمت بالواقع. ومن سنغافورة إلى الصين، حيث شهد الرئيس العرض العسكرى الضخم الذى أقيم احتفالا بالذكرى السبعين للانتصار فى الحرب العالمية الثانية، بمشاركة نحو ألف جندى من 17 دولة تنتمى لجميع القارات، بينها سرية حرس شرف مصرية مكونة من 81 ضابطا وصفا ومجندا، وكانت مصر هى الدولة العربية والشرق أوسطية والأفريقية الوحيدة التى شاركت بتشكيل فى هذا العرض العسكرى التاريخى، وهى المرة الأولى التى تشارك فيها قوات مصرية فى مثل هذا الحدث. كما عقد الرئيس قمة هى الثانية من نوعها مع الرئيس الصينى شى جينبينج، الذى أعرب خلالها عن اهتمام بلاده بالفرص الاستثمارية الواعدة التى تتيحها مصر، وأشار إلى أن بكين تشجع المستثمرين ورجال الأعمال الصينيين على الاستثمار والتصنيع فى مصر واستشراف مجالات جديدة للعمل والتعاون. العاصمة الإدارية الجديدة وشهد الرئيسان التوقيع على اتفاقيةٍ إطارية للتعاون فى مجال الطاقة الإنتاجية، واتفاقية بين بنك التنمية الصينى والبنك الأهلى المصرى يتم بموجبها تقديم قرض بقيمة 100 مليون دولار لتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة. وخلال الزيارة أيضًا تم التوقيع على مذكرة تفاهم حول العاصمة الإدارية الجديدة، مع الشركة الصينية العامة للهندسة الإنشائية، والتى بموجبها تبدى الشركة الصينية الاهتمام مع الشريك المصرى فى دراسة إمكانية إنشاء جزء من المرحلة الأولى من العاصمة الجديدة، على أن تقوم البنوك الصينية بتمويل أعمال الشركة فى المشروع. كما اتفق الرئيس خلال لقائه رئيس وزراء الصين لى كه تشيانج، على مواصلة عمل اللجنة الرباعية المشتركة بين مصر والصين، للعمل على تنفيذ جميع ما تم التوصل إليه بين الجانبين من مشروعات مشتركة وما تم توقيعه من اتفاقيات. وخلال لقائه مع رؤساء 25 شركة وبنكا صينيا تعمل فى مصر، طلب الرئيس من المستثمرين الصينيين ضخ استثماراتهم فى المناطق الصناعية بمحور تنمية قناة السويس، مؤكدا أن مصر ستعمل جاهدة على تطوير البنية الأساسية لهذه المنطقة، ووعدهم بتذليل أى مصاعب وسرعة إنجاز مشروعاتهم. ومن جانبهم، أشاد المستثمرون الصينيون بتحسن مناخ الاستثمار فى مصر خلال السنتين الأخيرتين، كما أكدوا أهمية قناة السويس الجديدة التى وصفوها بأنها إحدى العجائب، وأنها سوف تكمل مبادرة الرئيس الصينى بإحياء طريق الحرير. وبعد الصين، جاءت زيارة الرئيس إلى إندونيسيا والتى كسرت حاجز توقف الزيارات الرئاسية بين قادة البلدين والذى استمر لنحو 32 عاماً، علما بأن مصر وإندونيسيا شركاء فى تأسيس منظمة دول عدم الانحياز. الرئيس السيسى خلال الزيارة بحث مع الرئيس الإندونيسى جوكو ويدودو التنسيق المشترك من خلال المحافل الدولية لمكافحة الإرهاب ودحره، واستعادة قيم الإسلام السمحة وتعاليمه التى تتصف بالرحمة والسلام. وأكد الرئيسان ضرورة تعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية والتجارية بين البلدين من أجل استعادة وتقوية العلاقات التاريخية التى تربطهما. وشهد الزعيمان مراسم التوقيع على مذكرتى تفاهم بين مصر واندونيسيا، بشأن إعفاء حاملى الجوازات الدبلوماسية والمهمة والخاصة من تأشيرة الدخول بالنسبة للبلدين، وحول التعاون فى مجال تدريب الدبلوماسيين. استهل الرئيس اليوم الثانى لزيارته إلى اندونيسيا بزيارة النصب التذكارى للجندى المجهول (المقبرة الوطنية لأبطال كاليبات)، وبعدها قام بزيارة مهمة إلى مقر الأمانة العامة للتجمع الاقتصادى لدول جنوب شرق آسيا «الآسيان»، والذى يعد الراعى الأساسى للتقدم الاقتصادى لدول النمور الآسيوية، حيث التقى بسكرتير عام التجمع، وبحث معه سبل تعزيز التعاون والتنسيق بين مصر ودول الآسيان على الصعيد الاقتصادى. الهند أفريقيا وفى جولة أخرى فى القارة الآسيوية، شملت الإمارات العربية المتحدة والبحرين فى الفترة من 27- 31 أكتوبر، قام الرئيس بزيارة الهند لحضور القمة الثالثة لمنتدى الهند أفريقيا، بصفته رئيس لجنة رؤساء الدول والحكومات الأفريقية لتغير المناخ. وفى كلمته أمام قادة المنتدى، أكد الرئيس على تطلع مصر إلى تعزيز التشاور والتنسيق بين الجانبين الأفريقى والهندى فى مجال تمكين الدول النامية من نيل مكانتها المستحقة فيما يتعلق باتخاذ القرارات الدولية. وأشار السيد الرئيس إلى الشراكة بين الزعيمين الراحلين جمال عبد الناصر و نهرو فى تأسيس حركة عدم الانحياز وجهود إعادة أسس النظام العالمى على نحو أكثر عدالة يحمى مصالح الدول النامية. وفى ختام حديثه أعرب الرئيس السيسى عن تطلع مصر لزيادة الاستثمارات الهندية فى الدول الأفريقية ونوه إلى استضافة مصر لمنتدى الاستثمار والتجارة فى أفريقيا خلال الربع الأول من عام 2016. وعلى هامش القمة، التقى الرئيس برئيس وزراء الهند ناريندرا مودى والذى أكد اهتمام بلاده بتطوير العلاقات مع مصر فى شتى المجالات، مشيراً إلى أنه سيشجع الشركات الهندية العامة والخاصة على القيام بزيارة مصر وبحث فرص العمل والاستثمار فيها، ولاسيما الفرص التى يوفرها مشروع التنمية بمنطقة قناة السويس.