إذا عدل المسلم فى حال الرضا والغضب صار القلب ميزانا للحق، لا يستفزه الغضب، ولا يميل به الرضا، فكلامه للحق لا للنفس، وهذا نادرجدًا، إذا أكثر الناس إذا غضب لم يبال بما يقول، ولا بما يفعل، فمن تخلق بخلق العدل فى حال غضبه ورضاه دلّ ذلك على شدة إيمانه، وأنه يملك نفسه، فهو الشديد حقًا؛ كما جاء فى الحديث المتفق عليه أن النبى -صلى الله عليه وسلم- قال:- (ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذى يملك نفسه عند الغضب)، ولذلك حرص السلف الصالح على العدل فى الرضا والغضب، وأمرنا الله بالعدل والقسط كثيرًافى كتابه، منها قوله تعالى:-{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِى الْقُرْبَى}(سورة النحل90). وقوله تعالى:- {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ} سورة النساء(135)، وقوله تعالى:- {وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى} سورة الأنعام(152). فالعدل يجب أن يكون فى القول والفعل. ولمكانة العدل والقسط فإن من السبعة الذين يظلهم الله فى ظله يوم لا ظل إلا ظله:- (إمام عادل)، بل إن أهل العدل والقسط على منابر من نور على يمين الرحمن؛ كما قال النبى صلى الله عليه وسلم-:- (إن المقسطين عند الله على منابر من نور عن يمين الرحمن عزَّ وجلَّ، وكلتا يديه يمين، الذين يعدلون فى حكمهم وأهليهم وما وُلُّوا). ولكن العدل أصبح مائلا إلى الجهة التى يهواها الواحد منا لذلك علينا أن نعدل حتى لا نظلم أنفسنا يوم القيامة فيقتص منا الله العدل، اللهم اجعلنا من المقسطين.