العدل قضية عظمي عليها قام الملك وهو خلق اسلامي رفيع حث عليه الله سبحانه وتعالي في الكتاب العزيز وفي سنة النبي الكريم صلوات الله عليه وسلامه. فمن نصوص القرآن الكريم الأمر الصريح المطلق بالعدل في كل الأمور. كما قال سبحانه "إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربي وينهي عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون" "النحل: 90" وفي قوله "فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين" "الحجرات: 9". وقد أمر سبحانه بالعدل في القول خاصة فقال تعالي: "وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربي وبعهد الله أوفوا ذلكم وصاكم به لعلكم تذكرون" "الأنعام: 152". ومن آيات الذكر الحكيم ما تدعو إلي العدل في الحكم بين الناس خاصة كما قال سبحانه "إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلي أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعما يعظكم به إن الله كان سميعا بصيرا" "النساء: 58". وقد أكد الله تعالي علي الأمر بالعدل خاصة في حالة العداء فقال سبحانه وتعالي "يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم علي ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوي واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون" "المائدة: 8". كل تلك النصوص تبين قيمة العدل واهتمام الشارع الكريم سبحانه بالتزام العباد بها وليست تلك الآيات كل ما ورد في القرآن بشأن العدل والنهي عن الظلم بل بمثابة الإشارة إلي ما ذكر الله في كتابه بشأن العدل. أما ما ورد في السنة الشريفة فأكثر من أن نحصيه نذكر منه علي سبيل التمثيل أيضا: ما روي عن أنس بن مالك عن النبي صلي الله عليه وسلم قال: "لا تزال هذه الأزمة بخير ما إذا قالت صدقت وإذا حكمت عدلت وإذا استرحمت رحمت" "الطبراني في الأوسط. كما نهي النبي صلي الله عليه وسلم عن الظلم في أكثر من حديث. فقد روي عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما ان النبي صلي الله عليه وسلم قال: "الظلم ظلمات يوم القيامة" "رواه البخاري". كما وضح النبي صلي الله عليه وسلم ان منع الظالم عن ظلمه نصر له فجاء عن أنس رضي الله عنه ان النبي صلي الله عليه وسلم قال: "انصر أخاك ظالما أو مظلوما فقال رجل: يا رسول الله انصره إذا كان مظلوما. أفرأيت إن كان ظالما كيف أنصره؟ قال تحجزه أو تمنعه عن الظلم فإن ذلك نصره" "رواه البخاري". وقد ورد في الحديث القدسي فيما يرويه نبينا صلي الله عليه وسلم عن رب العزة انه قال سبحانه "يا عبادي إني حرمت الظلم عن نفسي وجعلته بينكم محرما" "رواه مسلم" وقد سئل النبي صلي الله عليه وسلم "ما العصبية فقال: ان تعين قومك علي الظلم" "رواه أبوداود". وإن من الطرائف ومظاهر تمام العدل وإقامة الله حجته علي خلقه ما يدور بين العبد وربه يوم القيامة فقد قال أنس رضي الله عنه "كنا عند رسول الله صلي الله عليه وسلم فضحك فقال: تدرون مم أضحك؟ قال: قلنا الله ورسوله أعلم: قال: من مخاطبة العبد ربه يقول: يا رب ألم تجرني من الظلم؟ قال: يقول: بلي قال: فإني لا أجيز علي نفسي إلا شاهدا مني قال: فيقول: كفي بنفسك اليوم عليك شهيدا وبالكرام الكاتبين شهودا. قال فيختم علي فيه فيقال لأركانه: انطقي: قال: فتنطق بأعماله. قال: ثم يخلي بينه وبين الكلام قال: فيقول: بعدا لكن وسحقا فعنكن كنت أناضل" "رواه مسلم" وقال صلي الله عليه وسلم: "ثلاث منجيات وثلاث مهلكات فأما المنجيات: فالعدل في الغضب والرضا وخشية الله في السر والعلانية والقصد في الغني والفقر وأما المهلكات: فشح مطاع وهوي متبع وإعجاب المرء بنفسه" وقال الفضيل بن عياض رحمه الله تعالي: "بئس الزاد إلي المعاد. العدوان علي العباد". وبهذا يكون قد بانت مكانة العدل في المجتمع الاسلامي وعلمنا انه يبعث علي الطاعة وتعمر به البلاد وتنمو به الأموال ويأمن به السلطان ويحدث به كل الخير العظيم للفرد والمجتمع. وعلمنا كذلك ان الله سبحانه وتعالي نهي عن الظلم ولذلك ليس لنا في التحلي بالعدل والتخلي عن الظلم غير الله سبحانه. نسأل الله أن يرزقنا العدل مع أنفسنا ومع الآخرين وأن يرزق الآخرين العدل معنا وفي مجتمعنا وفي العالم أجمع فإنه علي ذلك قدير.