«عادته ولا هيشتريها».. الاصطفاف وقت الشدة والشعور بالخطر على وطنه.. تلك العادة التى يتميز بها الشعب المصرى.. هو نفس الشعب الذى لا يتوقف عن السخرية والانتقاد حال الكشف عن فساد.. ذلك الشعب الذى تناسى مشاكله وأزماته واصطف حول قيادته السياسية لمواجهة الأزمة الأخيرة والمؤامرة التى استهدفت النيل من مصر عقب سقوط الطائرة الروسية فى سيناء. مواقف لا تعد و لا تحصى لاصطفاف المصريين فى وقت الأزمات، ظهرت جليا على مدار التاريخ، بداية من أحمس وموحد القطرين مينا، بالإضافة إلى طارد التتار سيف الدين قطز، مرورا بحملة فريزر وطرد الفرنسيين، عبورا بالتفاف الشعب حول ثورات 23يوليو و25يناير و30 يونيو، والوقوف وراء الرئيس عبد الفتاح السيسى فى دعوته لدحر الإرهاب.تلاحم الشعب المصرى لم يكن وليد اللحظة ولا المواقف، وإنما يولد المصرى طفلا وفى دمائه هذه الجينات. حالة الاصطفاف الشعبى التى يعيشها المصريون حاليا ناقشتها أكتوبر مع الخبراء. فى البداية يرى المهندس محمد سامى رئيس حزب الكرامة أن الأزمة الأخيرة التى تعيشها مصر تأتى من منطلق «رب ضارة نافعة»، بمعنى أن الإحساس بالخطر لابد أن ينعكس على حياتنا فى كل شىء وليس فقط فيما يخص أزمة السياحة، وإنما يجب أن نضع فى الاعتبار المعاناة التى يعانى منها المواطنون والتى تحتاج إلى تكاتف شعبى وليست أجهزة الدولة فقط مثلما حدث مع زيارة الرئيس السيسى إلى الإسكندرية والبحيرة واعتماد مبالغ مالية للصرف الصحى وتعويضات للمتضررين. وطالب سامى القوى الوطنية بأن ترتقى من مجرد البيانات إلى حملات لمعالجة مشاكل المواطنين وحل أزماته، وخلق نوع من أنواع الشعور العام بضرورة التضافر لدعم السياحة والدولة فى كل القطاعات، حيث إن المصريين تظهر معادنهم فى وقت الشدائد ويزداد تماسكهم فى هذه الأوقات. مؤامرة حقيقية وأكد رئيس حزب الكرامة أن نظرية المؤامرة التى كنا نتحدث عنها وعاتبنا البعض لأننا نردد هذا الأمر، ظهر الحقيقة الآن والجميع عرف أن هذه المؤامرة حقيقية وأن هناك قوى دولية تريد لنا الانهيار وهذه القوى تتعاون مع قوى محلية مثل جماعة الإخوان الإرهابية تتراهن على إسقاط الدولة. وأضاف محمد سامى أن جميع الشواهد تؤكد أن هناك مؤامرة حقيقية ضد مصر والتى تتطلب أن نتماسك جميعا لحماية هذا الوطن من الانهيار. ومن جانبه قال الدكتور عبد الغفار شكر رئيس التحالف الشعبى الاشتراكى ونائب رئيس المجلس القومى لحقوق الإنسان إن مصر بدأت تأخذ طريقها نحو الصعود فى حركة الاستثمار والإنتاج وتقوية العلاقات الاقتصادية مع الدول الأخرى وازدهار السياحة نسيبًا. وأضاف أن روسيا من أهم الدول التى تصدر إلينا السياحة بما يقدر بمليون سائح سنويا وأن يتم ضرب هذه العلاقة من خلال حادث طائرة ليس لنا به ذنب، أصاب الشعب بخيبة أمل كبيرة، مشيرًا إلى أن هناك رغبة فى تصحيح الأوضاع وكشف الحقائق، مؤكد أن مصر تتصرف بطريقة صحيحة حتى الآن فيما يخص حادث الطائرة الروسية من خلال التحقيق مع الشركة المالكة والمصنعة والدولة التابعة لها الطائرة. وحول الاصطفاف الشعبى حول الدولة أكد شكر أنها ظاهرة إيجابية لم تحدث منذ فترة طويلة أن يلتف الشعب بقوة وينادى بدعم دولته فى كافة المجالات سواء السياحة والتجارة والتصدير، وهذه الظاهرة تساعد الحكومة فى مواصلة سياستها فى تقوية الاقتصاد. التحدى والاستجابة من جانبها قالت الدكتورة سوسن فايد أستاذ علم الاجتماع إنه على مدار التاريخ يتمتع الشعب المصرى بسمات خاصة وعلى رأسها قوة الالتحام غير العادية وقت الأزمات، فتجد أن الشعب المصرى يتوحد عند الخطر. وأضافت فايد أن نظرية «التحدى والاستجابة» تنطبق على الشعب المصرى فكلما كانت نسبة التحدى والخطر عالية كلما أزدادت الاستجابة، مشيرة إلى أن هذه النظرية تطبق فى الدول المتقدمة عن طريق استراتيجية وخطة يستفز بها حالة الشعور بالخطر لدى المواطنين حتى يحدث اصطفاف بشكل مقصود لتحقيق أهداف معينة مثل محاربة الإرهاب أو الفساد أو الإهمال. وتابعت «أنه يقع على الإعلام دور كبير فى هذا الأمر إلا أنه وللأسف فالإعلام غير قادر على أداء هذه المهمة ومواجهة الحرب العالمية المخابراتية التى تستهدف النيل من مصر. ومن جهته أكد الدكتور مختار الغباشى نائب رئيس المركز العربى للدراسات السياسية والاستراتيجية أن الشعور بالخطر دائما ما يخلق لدى المصريين حالة من الاصطفاف الوطنى والشعبى بدرجة أو بأخرى. وأضاف الغباشى أن الأزمة الحقيقية فى مصر هى مشكلة الواقع السياسى الداخلى من حيث حالة الاستقطاب والتى لابد أن نعترف بأنها لا تزال موجودة وأن هناك حالة من الصراع الداخلى بين العديد من التيارات سواء إسلامية أو ليبرالية أو يسارية، مشيرًا إلى أنه إذا أنهيت هذه الصراعات سنجد حالة من الاصطفاف الوطنى والشعبى الأقوى، كما أننا سنجد تعاطفا من الخارج مع هذه الحالة. وأوضح الغباشى أن فئة معينة هى التى تدعو للاصطفاف ودعم الدولة المصرية وهذه الفئة هى المؤيدة ل 30 يونيو بينما يوجد فئات كثيرة غاضبة، ضاربا مثالا بحزب النور حيث إن قيادات الحزب فقط هم من يدعون للتكاتف والاصطفاف بينما قواعده تحارب الدولة وتسعى لإسقاط الدولة. وتابع «أن الحكومات التى تعاقبت منذ ثورة يناير جمعتها حكومات عاجزة عن تحقيق مطالب المواطنين وغير قادرة على التعاطى من همومهم وهذا خلق نوعا من أنواع عدم الرضاء لدى المواطنين، ولو كانت هذه الحكومات تعمل بروح الثورة لاختلف الوضع تماما وكنا سنجد حالة من الاصطفاف الشعبى غير عادية مثلما حدث فى ثورة الخامس والعشرين من يناير و30 يونيو ونزول الشعب بالملايين لتأييد الرئيس السيسى وتفويضه لمحاربة الإرهاب. بدوره قال الدكتور إكرام بدر الدين أن المصريين عموما يظهر معدنهم الأصيل فى وقت الأخطار والمحن والتهديدات، مضيفًا أنها ظاهرة عبر التاريخ منذ أيام التتار والاستعمار عندما هددوا المنطقة وقد تمكن المصريون فى التصدى لها والدفاع عن نفسها والمنطقة . وأضاف بدر الدين أنه فى الفترة الأخيرة تعرضت مصر لضغوط وتحديات من سلسلة الضغوط الاقتصادية على مصر لضرب موسم السياحة فى ظل أزمة الدولار التى تعانى منها مصر، فضلا عن التهديدات الخارجية الأخرى التى يشير إليها البعض، كل هذه التهديدات دفعت الشعب المصرى إلى الاصطفاف والتعاون مع القيادة السياسية فى التصدى لهذه المخاطر. وأوضح بدر الدين أن التصدى للأزمات وقت الشدائد سمة من سمات الشخصية المصرية والتى نجحت فى مواجهة الأزمات على مدار التاريخ، وأن الأزمة الأخيرة ليست أول تحد ودرجة الاستجابة لدى المصريين عالية جدا، وهو التوحد والاصطفاف وقت المحن والأزمات.