ما هي أكلات الجمعة العظيمة عند الأقباط؟    الوزراء يتلقي شكوى في مجال الاتصالات والنقل والقطاع المصرفي    وزير التنمية المحلية يهنئ محافظ الإسماعيلية بعيد القيامة المجيد    رواتب تصل ل 12 ألف جنيه.. 3408 وظيفة ب16 مُحافظة - الشروط والأوراق المطلوبة    اليوم.. وزير الأوقاف ومحافظ الشرقية يفتتحان مسجد محمد فريد خميس بالعاشر من رمضان    وأنت في مكانك، خطوات تجديد بطاقة الرقم القومي أونلاين    اعرف سعر الدولار اليوم الجمعة 3-5-2024 فى البنوك المصرية    رغم المقاطعة.. كوكاكولا ترفع أسعار شويبس جولد (صورة)    تحرير 38 محضر إشغال طريق وتنفيذ 21 إزالة فورية بالمنوفية    الرئاسة في أسبوع.. قرارات جمهورية هامة وتوجيهات قوية للحكومة    أسعار البيض اليوم الجمعة في الأسواق (موقع رسمي)    تسلا تعرض شاحنتها المستقبلية سايبرتراك في ألمانيا    طريقة تشكيل لجان نظر التظلمات على قرارات رفض التصالح في مخالفات البناء    بعد استهدافها إيلات الإسرائيلية.. البحرين : سرايا الأشتر منظمة إرهابية خارج حدودنا    حرب غزة.. رسائل مصرية قوية للعالم لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى    السنوار يعارض منح إسرائيل الحق في منع المعتقلين الفلسطنيين من العيش بالضفة    أكسيوس: اجتماع أعضاء من «الشيوخ» الأميركي و«الجنائية الدولية» في محاولة لإنقاذ قادة الاحتلال    الزوارق الحربية الإسرائيلية تكثف نيرانها تجاه المناطق الغربية في رفح الفلسطينية    حماس تثمن قطع تركيا العلاقات التجارية مع إسرائيل    وزير الدفاع الأمريكي: القوات الروسية لا تستطيع الوصول لقواتنا في النيجر    تشكيل اتحاد جدة المتوقع أمام أبها| حمد الله يقود الهجوم    عبد المنصف: عرض سعودي ل مصطفى شوبير.. وأنصح الأهلي يبيع ب 4 مليون دولار    كلوب عن أزمته مع محمد صلاح: تم حل الأمر ونحن بخير    رئيس اتحاد الكرة: عامر حسين «معذور»    «الأرصاد» تحذر من طقس الأيام المقبلة: انخفاض درجات الحرارة وارتفاع الأمواج    خلافات سابقة.. ممرضة وميكانيكي يتخلصان من عامل بالمقطم    ننشر استعدادات صحة القليوبية لاحتفالات عيد القيامة واعياد الربيع .. تفاصيل    محظورات امتحانات نهاية العام لطلاب الأول والثاني الثانوي    انتداب المعمل الجنائي لمعاينة حريق مخزن ملابس بالعمرانية    استعدادات غير مسبوقة في الشرقية للاحتفال بأعياد الربيع وشم النسيم    حكم تلوين البيض وتناول وجبات شم النسيم.. الأزهر العالمي للفتوى يوضح    ذكرى وفاة زوزو نبيل.. عاشت مع ضرتها بشقة واحدة.. واستشهد ابنها    "مانشيت" يعرض تقريرا من داخل معرض أبوظبى الدولى للكتاب اليوم    بول والتر هاوزر ينضم ل طاقم عمل فيلم FANTASTIC FOUR    واعظ بالأزهر ل«صباح الخير يا مصر»: علينا استلهام قيم التربية لأطفالنا من السيرة النبوية    هل مسموح للأطفال تناول الرنجة والفسيخ؟ استشاري تغذية علاجية تجيب    ألونسو: قاتلنا أمام روما..وراضون عن النتيجة    الشارقة القرائي للطفل.. تقنيات تخفيف التوتر والتعبير عن المشاعر بالعلاج بالفن    حكم لبس النقاب للمرأة المحرمة.. دار الإفتاء تجيب    لأول مرة.. فريدة سيف النصر تغني على الهواء    تشاهدون اليوم.. زد يستضيف المقاولون العرب وخيتافي يواجه أتلتيك بيلباو    إشادة حزبية وبرلمانية بتأسيس اتحاد القبائل العربية.. سياسيون : خطوة لتوحيدهم خلف الرئيس.. وسيساهم في تعزيز الأمن والاستقرار في سيناء    كيفية إتمام الطواف لمن شك في عدد المرات.. اعرف التصرف الشرعي    حكم وصف الدواء للناس من غير الأطباء.. دار الإفتاء تحذر    الهلال المنتشي يلتقي التعاون للاقتراب من حسم الدوري السعودي    الناس لا تجتمع على أحد.. أول تعليق من حسام موافي بعد واقعة تقبيل يد محمد أبو العينين    «تحويشة عمري».. زوج عروس كفر الشيخ ضحية انقلاب سيارة الزفاف في ترعة ينعيها بكلمات مؤثرة (صورة)    خريطة التحويلات المرورية بعد غلق شارع يوسف عباس بمدينة نصر    وزارة التضامن وصندوق مكافحة الإدمان يكرمان مسلسلات بابا جه وكامل العدد    دراسة أمريكية: بعض المواد الكيميائية يمكن أن تؤدي لزيادة انتشار البدانة    دراسة: الأرز والدقيق يحتويان مستويات عالية من السموم الضارة إذا ساء تخزينهما    أهداف برشلونة في الميركاتو الصيفي    رسالة جديدة من هاني الناظر إلى ابنه في المنام.. ما هي؟    حكم البيع والهبة في مرض الموت؟.. الإفتاء تُجيب    تعيين رئيس جديد لشعبة الاستخبارات العسكرية في إسرائيل    مصطفى كامل ينشر صورا لعقد قران ابنته فرح: اللهم أنعم عليهما بالذرية الصالحة    أحكام بالسجن المشدد .. «الجنايات» تضع النهاية لتجار الأعضاء البشرية    قفزة كبيرة في الاستثمارات الكويتية بمصر.. 15 مليار دولار تعكس قوة العلاقات الثنائية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عملية شرفة عابدين حسن البنا جاسوس رسمى للاستخبارات النازية
نشر في أكتوبر يوم 22 - 11 - 2015

لا تُقبل الشكوك ولا تُعتمد الظنون بمجال المعلومات وعمل أجهزة الاستخبارات المحترفة وكان على Nora Baker الإبلاغ بما سمعته على لسان الشيخ حسن البنا مع تقرير مفصل لما جرى بينهما من لحظة استقبالها فى منزله جنوب القاهرة ثم شكه فيها والتطورات التى وقعت بعدها حتى اطمأنَّ من مصادره لصحة روايتها وهويتها وموافقته على مساعدتها.
رسَّخ التقرير الميدانى السرى الذى حررته Nora Baker ذلك اليوم شكوك الاستخبارات البريطانية بشأن علاقة جماعة الإخوان المسلمين المصرية مع الرايخ الثالث وكانت تكفى معلومة الشيخ حسن البنا عن شريكه مفتى القدس أمين الحسينى الهارب وقتها إلى برلين واتصاله بشخص قريب من المفتى لتؤكد الشكوك التى حاولت الوكالة اليهودية تسويقها. ومع هذا فالجدير بالتوثيق فى كل الأحوال أن فرع الاستخبارات البريطانية MI6 تعامل بعدها مباشرة مع الشيخ الحسينى مفتى القدس كحلقة غامضة بين الجماعة المصرية فى القاهرة والرايخ الثالث النازى فى برلين خاصة أن علاقة البنا والمفتى لم تحتاج لتوثيق. وكان الفرع MI6 مضطراً دون إثباتات مؤكدة لعلاقة استخباراتية مباشرة وسرية تربط الشيخين البنا والحسينى مع الرايخ الثالث التمهل وربما الانتظار الحذر لأن تأكيد علاقة تجسس مع الأعداء وقت الحرب بالنسبة إلى لندن كان سيتبعها قرار بالتخلص من البنا والحسينى لا رجعة فيه. عملياً نبع شك جهاز الاستخبارات الملكية البريطانية فى معلومات الوكالة اليهودية لحقيقة كونها العدو الرئيسى المباشر لجماعة الإخوان المسلمين بالشرق الأوسط والعالم ما أجبر لندن إلى عدم التعامل مع معلوماتها بالجدية المفروضة ومع ذلك صُنِف الحسينى كأخطر أعداء التاج الملكى البريطانى فى المنطقة العربية بينما لم تهتم لندن بالشيخ حسن البنا.
ألصق الفرع MI6 كل المعلومات السابقة للوكالة اليهودية واللاحقة للضابطة نور عنايت بمفتى القدس وحده بينما لم ينتبه أحد فى جهاز الاستخبارات الملكية البريطانية إلى حقيقة الشيخ حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين وعلاقاته السرية للغاية بالنازية لدرجة أن أكدت ملفات الأرشيف الحكومى البريطانى أن MI6 رفض تصديق الواقع وأنكر فشل المحللين فى كشف الشيخ المصرى المراوغ.
فى تلك الأثناء سرب هيربرت هارت المحامى اليهودى رئيس قسم البحوث المتخصصة التابع لقسم B-Branch بالفرع MI5 المختص بتحقيقات مكافحة التجسس ونشاط العملاء المزدوجين إلى الوكالة اليهودية فى القدس معلومات لم تكن كاملة عن احتمال إيفاد MI6 أحد عملائها إلى جماعة الإخوان فى مصر كما سلمهم نسخة من تقرير مكرم عبيد باشا وزير المالية المصرى. بدورها كلفت الوكالة اليهودية يولاند هارمر جاسوستها النشطة فى مصر بمتابعة تحركات الضابطة البريطانية المتخفية فى هوية الشقيقة المزيفة الضيفة بمنزل الشيخ البنا والتوصل للمعلومات التى ستكشفها قبيل إرسالها إلى لندن لاستخلاص ما يهم الوكالة فى القدس فيما يستجد على أرض الواقع ومن تلك النقطة الفارقة أصبح اللعب بين الوكالة والاستخبارات البريطانية وسط شوارع مدينة القاهرة بمثابة اللعب الخطر على المكشوف.
ولأن هارمر كانت معروفة بالقاهرة كمراسلة صحفية لوكالة The Palestine Post فقد طلبت منها الوكالة اليهودية زرع عميلة مُدربة داخل منزل الشيخ حسن البنا للتجسس على الضيفة الغريبة المشكوك بأمرها إلى تلك اللحظة بالنسبة للوكالة خشية أن يكون موضوع استضافتها على ضوء معلومات المحقق البريطانى مجرد بداية غير مشكوك فيها لتعاون سرى للغاية بين جهاز الاستخبارات الملكية البريطانية وفرعه MI6 مع جماعة الإخوان المسلمين المصرية.
حددت الوكالة إلى هارمر فتاة مدربة على درجة عالية من الاحتراف والثقة بالنفس تدعى "زكية" عملت بالماضى القريب لحساب شبكة الصحفى اليهودى ناحوم ويلينسكى اعتادت اختراق منازل صفوة المجتمع المصرى تحت هوية خادمة مسلمة يتيمة نظيفة وأمينة مع أنها يهودية الأب والأم والجدود.
تعددت المفارقات الغريبة بين سطور ذلك الملف بشكل لافت، حيث تصادف أن بحث منزل الشيخ البنا تلك الفترة مثله كسائر بيوت المصريين عن خادمة مسلمة محل ثقة للعمل بشكل موسمى لمعاونة أهل البيت فى مطبخ المنزل للطهى للفقراء فى فترة مواسم الأعياد الدينية. فعلمت يولاند هارمر بالأمر من خلال متابعتها الدورية لتحركات الإخوان فذهبت للخادمة التى اعتادت التقاط أنفاسها من العمليات السرية بمنزل الفنانة اليهودية- المصرية "راشيل إبراهام ليفى" الشهيرة باسم "راقية إبراهيم" المتعاونة مع عمليات القسم السياسى وفرعه العربى ذراع جهاز استخبارات الوكالة اليهودية فى المملكة المصرية.
قبلها اقترحت الصحفية الجاسوسة على وكالة فلسطين بوست إجراء حوار صحفى مع الفنانة راقية إبراهيم- توفيت فى 13 سبتمبر 1977- بكواليس فيلم "بنت ذوات" الذى عُرض لأول مرة بدور العرض السينمائى المصرية فى السادسة مساء الجمعة الموافق الرابع من سبتمبر عام 1942، كشفت الفنانة راقية إبراهيم خلال الحديث الودى أمام المراسلة الصحفية أنها بدأت حياتها كحائكة ملابس قبل أن تتحول إلى نجمة شباك سينمائية شهيرة ثم تطرق الحديث لتعاملها الحميمى والإنسانى مع كل الفتيات اللائى عملن لديها كمديرات منزل وكخادمات.
وكان لذلك السؤال مع اسم "زكية الإسكندرانية" الذى تعمدت هارمر نطقه بطريقة خاصة بالنسبة إلى راقية إبراهيم ذلك اليوم بمثابة كلمة شفرة السر المتفق عليها مسبقاً بينها وبين ضباط وعملاء القسم السياسى فرع استخبارات الوكالة اليهودية الذى عملت راقية لحسابه فى مصر طيلة الوقت.
فهمت راقية إبراهيم سبب زيارة المراسلة الصحفية لمنزلها حتى طلبت يولاند هارمر منها مباشرة الاستغناء عن خادمتها "زكية" لشهرين فأدركت راقية المعنى وأن الخادمة مطلوبة لتنفيذ عملية سرية وهامة لحساب الوكالة اليهودية فرحبت بالاستغناء عنها دون استفسار.
والثابت فى ملفات العملية الإسرائيلية الرسمية أن الفنانة اليهودية - المصرية راقية إبراهيم مواليد مدينة المنصورة بتاريخ 22 يونيو عام 1919 عملت طيلة الوقت فى مصر ومنذ أن بلغت الخامسة عشرة من عمرها تحت إشراف والدها لحساب الوكالة اليهودية فى فلسطين.
بعدما ولدت لعائلة يهودية مثقفة كفلت لها التعليم الأجنبى لدى المدارس الفرنسية الأولية فى المنصورة بدلتا مصر حتى التحقت بقسم اللغة الفرنسية بكلية الآداب جامعة فؤاد الأول التى تأسست بتاريخ 21 ديسمبر عام 1908، وكانت راقية بين رائدات الفتيات المصريات اللائى درسن بتلك الجامعة الحديثة فى تلك الفترة الزمنية وقد هاجرت راقية من مصر للولايات المتحدة الأمريكية عام 1952 عقب حركة الضباط الأحرار التى عزلت الملك "فاروق الأول" ملك مصر عن عرشه بعدما قدمت للسينما المصرية مجمل أفلام مصورة وناطقة بلغ عددها عشرين عملاً سينمائياً.
فى مدينة نيويورك التى استقرت فيها راقية إبراهيم ساعدتها الوكالة اليهودية على العمل كمعلمة لدى المدرسة الثانوية العليا فى نيويورك Newburgh Free Academy وهى مدرسة عريقة تقع فى 201 طريق Fullerton بحىNewburgh بمدينة New York تأسست عام 1799 درَّست فيها إبراهيم لطلاب الفصل الثانوى من التاسع للثانى عشر.
بعدها عاشت فى الولايات المتحدة بين تجمعات اليهود من أصول شرقية فى هدوء تام حتى نجحت فى الحصول على الإقامة الدائمة وبعدها مباشرة الجنسية الأمريكية التى نالتها بنفوذ مؤسسة الاستخبارات والمهام الخاصة- جهاز الموساد الذى عملت لحسابه فى العالم بداية من 13 ديسمبر عام 1949، وبواسطة الجنسية الأمريكية تمكنت راقية إبراهيم من العودة ثانية إلى القاهرة بالرغم من تنازلها عن الجنسية المصرية قبيل مغادرتها لمصر طبقاً للقانون المصرى السارى وقتها الثابت تطبيقه على كافة الرعايا اليهود- المصريين من طالبى السفر بهدف الهجرة بداية من أول أغسطس عام 1952، فوصلت القاهرة فى يناير عام 1954 ومثلت آخر فيلمين عُرضا لها بعد ذلك وهما "جنون الحب" وفيلم "كدت أهدم بيتي" حتى شعرت بالخطر من ناحية جهاز المعلومات المصرى الذى كان فى بداياته الأولى وعندما أبلغت بشكوكها طلب منها الجهاز الإسرائيلى مغادرة مصر إلى الولايات المتحدة- ثانية- لكن هذه المرة إلى الأبد فى شكل هجرة نهائية.
وكانت الاستخبارات الحربية الإسرائيلية "أمان" التى تأسست فى تاريخ 28 ديسمبر عام 1953 قد طلبت منها الانضمام إلى مجموعة عملاء شبكة فضيحة لافون الشهيرة الثابت سقوطها بمدينة الإسكندرية وإلقاء القبض على أعضائها بداية من 23 يوليو عام 1954، غير أنهم تراجعوا فى تل أبيب عن الفكرة فجأة ودون سابق مقدمات منطقية ويُرجح عمليا أن شُهرتها شكلت خطراً وتهديداً مباشراً على تلك المجموعة والثابت أنها تعاونت مع عدد من أعضاء شبكة التجسس والتخريب اليهودية- المصرية بالفعل ولكن لا محل لتناول تلك التفاصيل والأسرار فى تلك الحلقات.
ملف أسرار الخادمة اليهودية الجاسوسة "زكية الإسكندرانية"؟
عقب تلك الوقفة التوثيقية المهمة انطلقت الخادمة "زكية" عميلة الوكالة اليهودية بعدما لقنتها يولاند هارمر تفاصيل المهمة المطلوبة منها وكشفت لها شخصية الضابطة البريطانية حتى تتجسس عليها داخل منزل البنا دون إثارة شكوكها لأنها مدربة ودون الإخلال بتقاليد منزل مؤسس جماعة الإخوان المسلمين.
وافق الشيخ البنا على تشغيل الخادمة الجديدة فى منزله بسبب شهادات الخبرة والأمانة التى نالتها من صفوة عائلات المجتمع المصرى خاصة بعدما علم أنها يتيمة الأب والأم واقتنع بسبب تركها العمل لدى بعض البيوت الثرية والشهيرة بالمجتمع المصرى آنذاك لرفضها كمتدينة محاولات التحرش الجنسى من قبل رجال وشباب وأولاد الأثرياء.
تعرفت الخادمة زكية- الجاسوسة اليهودية- فى منزل الشيخ البنا على الضيفة الممرضة وكان عملاء الوكالة اليهودية قد اكتشفوا وأكدوا صحة معلومات هيربرت هارت المحامى- المحقق اليهودى- البريطانى بعدما طابقوا صورة شخصية التقطت سراً بالقاهرة للشقيقة المزعومة مع صور حقيقية لشقيقة الجندى المفقود التى هاجرت من مصر وسافرت للعمل كممرضة وعاشت فى العاصمة الفرنسية باريس.
شعرت نور عنايت - Nora Baker ضابطة الاستخبارات البريطانية المُدربة بتحركات الخادمة الجديدة ونفذت وقت عمليتها وفشلت بشكل عام فى توثيق وكشف أسرار العلاقات السرية لجماعة الإخوان المسلمين المصرية ومؤسسها ومرشدها العام الأول الشيخ حسن البنا مع جهاز استخبارات الرايخ الثالث الألمانى النازى. لم تُضف Nora Baker أو تؤكد على المعلومات التى قدمها جهاز استخبارات الوكالة اليهودية إلى بريطانيا كما لم تُعضِّد بيانات تقرير مكرم عبيد باشا لكنها وثقت مسئولية الشيخ أمين الحسينى مفتى القدس عن ملف الفيلق العربى الحُر وتعاونه السرى مع هتلر.
كما فشلت بشكل ذريع فى التوصل لأى دليل كان من شأنه الكشف عن العمليات المنهجية التى نفذها حسن البنا لتهريب الأموال المزيفة وضخها بالأسواق المالية بمصر وفلسطين ناهيك عن تمويل صفقات الأسلحة البريطانية السرية بواسطة الدفع بعملة "الجنيه الكامل" المزيفة.
عاشت Nora Baker داخل منزل مؤسس الجماعة فى حالة شلل معلوماتى تام وانهارت شكوك الاستخبارات البريطانية بفرعيها الخارجى MI6 والداخلى MI5 فى إثبات علاقة الشيخ حسن البنا بعملية تزييف العملة الورقية فئة الجنيه البريطانى والمصرى فنجا من الانتقام الإنجليزى ولو بشكل مؤقت ومازلنا نتابع مشاهد صيف عام 1942، ربما قصدت الوكالة اليهودية العدو اللدود لجماعة الإخوان المسلمين المصرية تحقيق المثل المصرى الدارج الذى قال: "العيار الذى لا يصيب يدوش" فأثرت بالاستخبارات البريطانية فطاردت الشيخ أمين الحسينى مفتى القدس الفلسطينى بالعالم كما شددت الرقابة على الشيخ المصرى مؤسس جماعة الإخوان المسلمين.
ومع أن الفرع MI6 فشل فى كشف أسرار جماعة الإخوان وحسن البنا وهم داخل منزله لكن غريزة الانتقام والشك دفعتهم لاستهداف الجماعة عن طريق تلفيق القضية العسكرية رقم 822 لعام 1942 جنايات قسم الجمرك بالإسكندرية لكوادر مهمة بمدينة طنطا بدلتا مصر.
فتفرغ الشيخ حسن البنا لمتابعة القضية وكرس وقته للوقوف بجانب جماعته مما أضطره للسفر بشكل شبه يومى إلى طنطا والإسكندرية وفى الخلفية دارت بمنزله مواجهة نسائية من نوع خاص وفريد بين الضابطة البريطانية المُحترفة والجاسوسة اليهودية الخادمة. فى وقت بذلت خلاله زكية جهدها لمراقبة Nora Baker.
والغريب أن الاثنتين شعرتا معاً وقتها أن الخناق يضيق عليهما ويكاد وقتهما أن ينفد وبات على كل منهما الانتهاء بأسرع وقت ممكن من تحقيق أهداف مهامهما الاستخباراتية الرئيسية داخل منزل مرشد جماعة الإخوان المسلمين المصرية.
برزت خبرة العميلة البريطانية فوجهت ضربة النهاية إلى زكية الخادمة جاسوسة الوكالة اليهودية بعدما استدرجتها لفخ أغراها لسرقة صفحة سجلت عليها Baker معادلات أدوية صيدلية فاعتقدت زكية الجاهلة بالطب أنها خطة سرية أو رسالة كودية مُشَّفرة فأخفتها فى هدوء داخل ملابسها الداخلية واستأذنت بشكل لافت فى الخروج من المنزل بدعوى شراء طلبات مهمة.
ضبطت Nora Baker الخادمة الجاسوسة اللصة ثم صاحت على أهل المنزل فأمسكوا بزكية ومنعوها من الهرب وأرشدتهم الضيفة المتخفية إلى وصفة الدواء المسروقة التى أخرجتها الخادمة من حمالة صدرها قبل تفتيشها بشكل ذاتى واتضح أنها وصفة دوائية حررتها الضيفة كهدية متواضعة منها لأجل الشيخ حسن البنا الذى عانى من أعراض الخشونة فى الركبة.
طُرِدَت زكية اللصة الجاسوسة على الفور إثر ضبطها وفقدت استخبارات الوكالة اليهودية فى مصر عميلة مهمة للغاية وعميلة اعتبرت بين أبرز الإنجازات اخترقت منزل مؤسس جماعة الإخوان المسلمين.
عقب تلك الواقعة مباشرة عرض الشيخ البنا بإلحاح على ضيفته الممرضة الاقتران بطبيب شاب من جماعة الإخوان شاهدها فى عدة مناسبات خلال تردده اليومى على منزل مؤسس الجماعة وعندما أعجب بها طلبها من صاحب المنزل طبقاً لما سمعته يومها نور عنايت.
وكان ذلك الطبيب ويدعى "عمر المصرى" مسئولاً عن سرقة صورتها الشخصية التى دستها الاستخبارات البريطانية فى ملف خدمة الممرضة الشقيقة الحقيقية بأرشيف إدارة مستشفى قصر العينى قد ألح فى طلب توسط الشيخ حسن البنا من أجل الزواج منها. فإنهار ما تبقى من العميلة البريطانية وفى صباح يوم عقد القران هربت Nora Baker وعادت إلى قواعدها فى لندن وتركت خطاباً اعتذرت فيه إلى الشيخ حسن البنا وشكرته على حسن ضيافته فى مصر وأبلغته رغبتها فى الانتظار لحين سماع أنباء مؤكدة حول مصير شقيقها الجندى المفقود- المزعوم- من الفيلق العربى الحُر.
اختفت فى العاصمة الفرنسية الشقيقة الحقيقية للجندى المفقود وربما عاد هو إلى ممارسة حياته الروتينية عقب الإفراج عنه من الأسر لكن مصير شقيقته الكبرى غامض بالملفات البريطانية السرية للغاية التى وثقت أحداث ويوميات العملية ومن غير المعلوم مصيرها حتى كتابة هذه السطور وتلك الوقائع الحصرية غير المسبوقة.
كما اختفت الخادمة زكية من بين سطور ملف العملية البريطانية الموثقة فى مصر ومعها نور عنايت لكن الأخيرة عادت إلى الظهور بقوة على مسرح الأحداث مع اكتسابها سمعة مدوية وخبرة ثمينة توجت بوسام رسمى من جهاز الاستخبارات البريطانية الفرع MI6 مُقابل شجاعتها خلال عملية اختراق منزل مؤسس جماعة الإخوان المسلمين فى مصر.
حصلت نور عنايت على ترقية استثنائية فور عودتها إلى لندن وأصبحت العميلة الرئيسية والعنصر النسائى الأساسى لدى قسم العمليات السرية الخاصة فى الاستخبارات البريطانية الثابت نشاطه خلال الحرب العالمية الثانية فى الفترة من 22 يوليو عام 1940 حتى 15 يناير عام 1946، عقب عودتها إلى الفرع MI6 فى لندن استُبدل الكود السرى الخاص بالضابطة نور عنايت وتسَمت فى الملفات السرية للغاية فى تلك المرحلة بتسميتين الأولى Madeleine "مادلين" والثانية Jeanne Marie Regnier والاثنتان تدلان على المهام التى قامت بها بداية من شهر ديسمبر عام 1942، سجلت الملفات البريطانية السرية للغاية أن نور عنايت خان كانت أول ضابطة لاسلكى بريطانية محترفة عملت خلف خطوط العدو لحساب المملكة المتحدة لمساعدة المقاومة الفرنسية ضد الاحتلال الألمانى النازى خلال الحرب العالمية الثانية.
هبطت العميلة السرية الضابطة البريطانية Jeanne Marie Regnier بالمظلة فى عملية إسقاط جوية فردية ناجحة ليلة 16/17 يونيو عام 1943 خلف خطوط العدو النازى شمال فرنسا وعرَّفت نفسها إلى المقاومة الوطنية الفرنسية التى انتظرتها على الأرض كممرضة بريطانية مدنية مُساعدة تطوعت لخدمة أعمال المقاومة الفرنسية.
انتقلت عنايت على الفور بمساعدة المقاومة الفرنسية للعاصمة باريس وفى تلك الأثناء عثرت الاستخبارات الألمانية على مظلة الهبوط Parachute التى استخدمتها العميلة "جان مارى رينييه" فى عملية الإنزال وبدأ النازيون حملة واسعة للبحث عن جاسوس الحلفاء الذى أسقط جواً داخل الأراضى الفرنسية المحتلة من جيوش ألمانيا النازية.
فى تلك الأجواء ألقت الاستخبارات الألمانية القبض على معظم العملاء النشطين للمقاومة الفرنسية بينما نجحت العميلة السرية Jeanne Marie Regnier بالهرب لكنها رفضت العودة سالمة للندن واستمرت بإرسال المعلومات التى ساعدت القوات الجوية البريطانية والأمريكية على تدمير أهم منشآت ومشروعات النازى العسكرية داخل فرنسا المحتلة.
طاردت عناصر الاستخبارات الألمانية وقوات الرايخ الثالث الجاسوس الغامض بداخل أحياء باريس وعملت العقول النازية على رصد مواقع الرسائل اللاسلكية المشفرة التى اعتادت نور عنايت إرسالها إلى لندن بشكل يومى وضيقت القوات النازية الخناق من حولها.
فى النهاية نجح جهاز البوليس السرى الألمانى النازى، المعروف باسم Gestapo الثابت نشاطه بداية من تأسيسه فى 26 إبريل 1933 حتى حلَه بتاريخ 8 مايو 1945، فى تجنيد عُنصر خائن بين المقاومة الفرنسية سلم الضابطة البريطانية للنازيين الذين ألقوا القبض عليها بتاريخ 13 أكتوبر عام 1943.
حققت الاستخبارات النازية مع العميلة السرية Jeanne Marie Regnier - نور عنايت خان داخل مقر الجستابو الكائن وقتها فى رقم 84 شارع Foch وسط باريس لكنها أصرت على إنكار معرفتها بأسماء وبيانات قادة المقاومة الفرنسية كما رفضت الكشف عن أسرار وأهداف عمليتها وامتنعت بشكل عام عن التعاون مع المحققين النازيين.
لحظها السيئ والخيانة غير المتوقعة عثر البوليس السرى الألمانى- النازى- فى الأدوات التى ضُبطت معها على كتيب الشيفرة التى تراسلت نور من خلالها مع جهاز الاستخبارات البريطانية الأمر الذى تسبب فى سقوط شبكات عملاء آخرين عملوا للحلفاء داخل فرنسا.
بأسلوب غير مسبوق نجحت نور عنايت خان مُعتمدة على خبرتها وشجاعتها فى الهرب من مقر قيادة الجستابو البوليس السرى النازى لكن قُبض عليها مرة ثانية فى 25 نوفمبر عام 1943 بعدما فشلت بالحصول على وثيقة عبور مصطنعة تعبر بها الحدود الفرنسية إلى الحدود السويسرية التى أُعلنت كدولة محايدة طيلة فترة الحرب العالمية الثانية.
نُقِلت العميلة البريطانية الأسيرة إلى أشرس المعتقلات النازية فى Karlsruhe بالجنوب الغربى الألمانى بالقرب من مقاطعة Baden Wurttemberg حيث عوملت على أنها أخطر جواسيس الحلفاء أعداء الرايخ الثالث فى كل أوروبا.
وفى صباح 27 نوفمبر 1943 علق النازيون الضابطة البريطانية نور عنايت خان بسقف غرفة التعذيب من يديها وأرجلها وتركت فى ذلك الوضع غير الإنسانى على مدار العشرة شهور التالية تعانى آلاماً غير عادية وتنزف من كل مكان بجسدها من قسوة التعذيب. طبقاً لما سجلته ملفات الاستخبارات البريطانية الفرع MI6 سمع عملاء غربيون تصادف اعتقالهم بنفس المعتقل فى برلين الضابطة البريطانية الأسيرة تبكى بشدة خلال ليال طويلة ونجحوا على فترات بالتواصل معها عن طريق النقر على الجدران بشيفرة كود Morse "مورس"- ظهرت عام 1836- المستخدمة بالوقت الراهن فى مجالات بريد التلغراف.
تعرف المعتقلون الغربيون فى الأسر الألمانى على بيانات واسم الضابطة نور عنايت خان والكود السرى لاسم عمليتها ونجحت فى إخبارهم باسم Nora Baker الذى عملت به فى مصر ونقرت لهم بالشيفرة عنوانها الأصلى فى مدينة لندن. بعد أن نقرت لهم على الحائط 4 Taviton Street فطارت المعلومات مباشرة فى اليوم التالى إلى الضابطة المسئولة عن ملف البحث فى جهاز الاستخبارات البريطانية وكانت تدعى Vera Atkins، كعادتها فتحت السيدة Atkins البريد السرى للغاية الموجه إلى مكتبها ذلك الصباح فوجدت رسالة غريبة حررت بالشيفرة كتب فيها: "يؤسفنا إبلاغكم أن مادلين نُقلت إلى المستشفى".
وكان معنى كود الشيفرة السرية أن نور عنايت قُبض عليها فى مدينة باريس ثم نقلت إلى المعتقلات النازية وتأكدت Atkins أن العميلة البريطانية Nora Baker مازالت على قيد الحياة فى داخل معتقل Karlsruhe النازى.
لكن للأسف عندما تتجمع الظروف الصعبة مع الحظ السيئ فإن النتيجة غالباً تكون كارثة إنسانية فقد انتبه حُراس المعتقل الألمانى للطريقة التى يتواصل بها نُزلاء الزنازين عملاء استخبارات الحلفاء فتوقع النازيون أن يحاول البريطانيون مهاجمة السجن لتحرير عملائهم.
على ضوء تلك المعطيات صدرت الأوامر النازية بشكل مفاجئ صباح 11 سبتمبر 1944 بنقل الضابطة البريطانية وثلاثة جاسوسات غربيات أخريات من معتقل Karlsruhe إلى موقع سرى آمن ومحصن يصعُب على قوات الحلفاء مهاجمته.
فنُقلت نور عنايت مع الجاسوسة Yolande Beekman والجاسوسة Elian Plewman والجاسوسة Madeleine Damerment إلى Dachau Concentration Camp أقدم معسكرات الاعتقال النازية- من حيث تاريخ التأسيس- الواقع جنوب شرق ألمانيا. بعدما فشل المحققون الألمان فى إجبار الضابطة نور عنايت خان على الاعتراف والتعاون مع الاستخبارات النازية أعدمت مع الثلاثة الأخريات عن طريق طلقة واحدة خلف الرأس مباشرة وتم تنفيذ الإعدام فيهن فى ساعات الصباح الأولى من فجر 13 سبتمبر عام 1944، فى عام 1958 عثرت القوات الأمريكية على رفات جثة الضابطة البريطانية نور عنايت خان مدفونة بموقع سرى بمعسكر الاعتقال Dachau Concentration Camp وعقب استخراج جثتها نُقلت مباشرة إلى المعامل التابعة للاستخبارات الملكية البريطانية فى لندن حيث خضع رفاتها إلى فحص علمى دقيق اعتماداً على التطور الذى طرأ بذلك المجال.
أكد خلاله خبراء الطب الشرعى أنها عُذبت بقسوة وتعرضت لاعتداءات جنسية متكررة طيلة فترة اعتقالها، كما اكتشف المحققون شخصية المسئول عن قتلها وهو ضابط نازى يدعى Wilhelm Ruppert Friedrich حاكمه محكمة أمريكية ميدانية وصدر ضده حكماً بالإعدام شنقاً كمجرم حرب نفذ فيه بتاريخ 29 مايو عام 1946، واكتشف الأطباء أن السبب الرئيسى لموتها لم تكن الطلقة بالرأس لكنه نزيف داخلى حاد جراء تعرضها للضرب المبرح بالأحذية العسكرية الثقيلة وأن ذلك الضابط ركلها بعنف أثناء نقلها إلى ساحة الإعدام وأن آخر جملة صرخت بها فى وجه النازيين قبل قتلها مباشرة كانت Liberte التى تعنى باللغة الفرنسية "حرية".
أقامت الحكومة البريطانية مراسم تشييع عسكرية رسمية كاملة للضابطة نور عنايت خان Nora Baker التى اخترقت منزل الشيخ حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين فى مصر منتصف عام 1942.
وفى عام 1949 منحت المملكة المتحدة اسم الضابطة نور عنايت خان وسام صليب الملك جورج George Ceoss الذى يعد من أعلى الأوسمة المدنية بالمملكة المتحدة البريطانية ودول الكومنولث.
الثابت منحه لأول مرة فى تاريخ 3 ديسمبر 1920 وتحوله لوسام رسمى فى تاريخ 24 سبتمبر عام 1940 والثابت أن هناك ثلاثة نساء فقط لا غير حصُلن عليه بسبب دورهن الهام خلال الحرب العالمية الثانية كانت أبرزهن الضابطة نور عنايت.
وكعرفان بالجميل الذى لا يقدر بثمن إنسانى أمام بطولتها وشجاعتها ورفضها كشف رجال المقاومة الفرنسية أصدرت حكومة الجمهورية الفرنسية مرسوماً خاصاً منحها وسام صليب الجيش الفرنسى Croix de Guerre بدرجة شجاع الثابت منحه لأول مرة فى 26 سبتمبر عام 1939.
ذُكِر اسم نور عنايت خان على مر الأيام والأعوام بعد ذلك مرات عدة فى قصائد شعر البطولات الفرنسية والبريطانية كما استخدم اسمها لسرد القصص والروايات البطولية والتليفزيونية وأطلق اسمها على عدة شوارع فى البلدين كما أقيم لها نصب تذكارى وسط العاصمة البريطانية لندن يزوره الناس إلى يومنا هذا لوضع باقات من الزهور الرمزية.
وفى شهر سبتمبر عام 2012 أنتج التليفزيون البريطانى فيلماً وثائقياً خاصاً تخليداً لبطولة الضابطة المسلمة نور عنايت خان عُرض بمناسبة مرور الذكرى الثامنة والستين لوفاتها تحت عنوان Spy Princess - "أميرة الجواسيس" كانت مدته 49 دقيقة.
تابعتم للتو ملفات لأسرار ظلت محجوبة لدواعى الأمن القومى البريطانى تحت بند "سرى للغاية" كشفت لكم منها جوانب ظلت خفية من تاريخ جماعة الإخوان المسلمين المصرية حبيسة الأرشيف البريطانى والألمانى لأعوام طويلة مع تفاصيل عملية الممرضة الشقيقة الكبرى المزعومة Nora Baker تلك العميلة المسلمة الشجاعة التى ضحت بحياتها فى سبيل الحرية.
انتهت تفاصيل عملية الضابطة البريطانية Nora Baker ويعتبر التحقيق فى ملفات التاريخ بهدف توثيقها رسالة المؤرخين السامية وفى مفاجأة من العيار الثقيل اشترى تاجر عاديات ألمانى شرقى عام 1964 صفقة كتب مصرية قديمة باعتها عائلة الشيخ حسن البنا بالأصل إلى بائع "روبابيكيا" متجول بغرض التخلص منها وكان ذلك التاجر قد استقر فى العاصمة المصرية القاهرة عقب نهاية الحرب العالمية الثانية مع آلاف الألمان النازيين الذين هربوا من آلة الانتقام اليهودية.
خلال فحص التاجر الألمانى الذى أخفت وثائق الأرشيف البريطانى اسمه وبياناته لدواعى أمانه وحماية عائلته بسبب عمله لحساب فرع الاستخبارات الملكية البريطانية MI6 طيلة مدة بقائه وإقامته فى القاهرة خلال الفترة من عام 1945 حتى عام 1965.
اكتشف نسخة كربونية من خطاب قديم كُتب ثلثيه باللغة الإنجليزية عدا سطرين كُتِبا باللغة العربية وكأن صاحبه حرص على إخفائه بين الصفحات الخاصة بأحد الكتب القديمة شبه الممزقة اتضح لتاجر العاديات أنه كتاب لتفسير الأحاديث النبوية الإسلامية.
وبواسطة الحس الغريزى المثير لدى خبير العاديات شعر التاجر الألمانى الشرقى بأهمية ذلك الخطاب المكون من صفحة واحدة كان من الواضح دون مزيد من الفحص أنه نسخة كربونية من خطاب كُتب بخط اليد بالقلم الحبر السميك.
وعندما حاول ترجمته كاد أن يسقط من هول المفاجأة وكأنه عثر لتوه على كنز لا يقدر بثمن عندما اكتشف أن الخطاب كُتب بخط يد الشيخ حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين المصرية وأنه موجه إلى شخص الزعيم النازى أدولف هتلر، بارك فيه البنا شجاعة الفوهرر مستشار الرايخ الثالث وتصميمه على غزو الاتحاد السوفييتى.
والثابت فى التاريخ أن عملية الغزو الألمانى النازى للاتحاد السوفييتى انطلقت بتاريخ 22 يوليو عام 1941 تحت كود Unternehmen Barbarossa واسم "عملية بارباروسا" وانتهت بتاريخ 5 ديسمبر عام 1941 بعدما شارك فيها أربعة ونصف مليون مقاتل من جنود قوات حلف دول المحور الثابت تأسيسه عام 1940 وحله بشكل نهائى عام 1945، ومع ذلك ظلت المشكلة الأهم أمام تاجر العاديات الألمانى عدم معرفته للغة العربية التى كُتبت بالتشكيل العربى الفصيح وبخط جميل يشبه خط الطباعة العادى بالكتب المطبوعة ولخشيته أن يسبب له الخطاب المشاكل الأمنية والسياسية بمصر فقد أعاد إخفاءه بشكل محترف وقرر التمهل والانتظار لحين عودته لأوروبا كى يبحث عن خبير لغة عربية يُترجم له السطرين الباقيين.
وبالفعل أنهى تاجر العاديات الألمانى الشرقى أعماله فى مصر مثلما أمرته الاستخبارات الملكية البريطانية لأسباب عمليته التى استمرت أكثر من اللازم وباتت عُرضة لاكتشاف الأجهزة المصرية لها وغادر القاهرة للمرة الأخيرة مع زوجته وابنته الوحيدة التى ولدت فى مصر عام 1950، مُقابل العطاء الذى بذله فى خدمة الاستخبارات الملكية البريطانية مُنح الرجل وعائلته حق الإقامة الرسمية الدائمة وجنسية المواطن البريطانى مع مستندات الهوية الكاملة كما افتتح فى شرق العاصمة البريطانية لندن مركزاً لتجارة العاديات التى اكتسب الخبرات بمجالها دشنه فى صيف عام 1965، ومثلما خطط فى مصر استدعى فى أول يوم عمل عقب افتتاح مركز العاديات عاملاً مسلماً من أصول باكستانية شغَله لديه كمساعد وطلب منه أن يُساعده على ترجمة السطرين باللغة العربية فى الرسالة التى احتفظ بها فى سرية تامة لعام كامل تقريباً بعدما تشوق إلى كشف أسرارها.
وعندما بدأ مُساعده الباكستانى الأصل الترجمة كانت المفاجأة قد زادت فالسطران اللذين كتبهما الشيخ حسن البنا بخط يده إلى النازى أدولف هتلر كانا عبارة عن آية من السورة المكية رقم 54 من كتاب قرآن المسلمين والمعروف أنها "سورة القمر" البالغ عدد آياتها 55 آية.
وكان الشيخ البنا قد نقل بالتحديد الآية الأولى من سورة القمر لكنه كتب قبلها كلمات بارك بواسطتها قرار الفوهرر الحكيم على حد وصفه وتعبيره بغزو الاتحاد السوفييتى وأبلغه أنه حلم فى منامه "المُحقق" أن جيوش ألمانيا النازية اجتاحت موسكو وحطمتها وفى الآية نقل منها:
بسم الله الرحمن الرحيم
"اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ".
صدق الله العظيم
كانت المفاجأة عظيمة لأن خبراء الوثائق الأثرية درسوا الخطاب التاريخى المنسوب للقائد النازى أدولف هتلر الذى سبق قرار عملية غزو الاتحاد السوفييتى وذكر هتلر فى مقدمته الموثقة الآية الأولى من سورة القمر التى وردت بكتاب قرآن المسلمين وهو خطاب مسجل بالصوت والصورة كان يمكن لكل إنسان العودة للاستماع إلى نصه.
وكان ذلك يعنى ببساطة وبوضوح فى تلك اللحظة أمام تاجر العاديات الألمانى الشرقى أولاً أن الخطاب الموجود تحت يديه أصلى، ثانياً والأهم أن الشيخ حسن البنا المرشد العام الأول لجماعة الإخوان المسلمين المصرية قد راسل بالفعل الفوهرر النازى أدولف هتلر مباشرة قبيل بدء العملية Unternehmen Barbarossa لغزو الاتحاد السوفيتى.
والأهم من كل هذا وذاك أن الدليل الحقيقى المباشر الذى بحثت عنه الاستخبارات الملكية البريطانية طيلة الوقت حتى تربط بين جماعة الإخوان والنازى ومن أجله كُلفت الضابطة Nora Baker بعمليتها السرية للغاية فى القاهرة والمفروض على بياناتها حتى كتابة تلك السطور التعتيم القانونى- الاستخباراتى الشامل فى لندن.
كان متواجداً داخل خزانة الكتب العادية بمنزل الشيخ حسن البنا كل الوقت خلال تواجدها كضيفة بل كان قريباً منها للغاية ومع ذلك لم تعثر Baker عليه لسوء حظها سواء هى أو العميلة اليهودية الخادمة زكية.
وأن مجرد العثور على ذلك الخطاب فى توقيته السليم كان يعنى أن تبادر الاستخبارات الملكية البريطانية بتصفية واغتيال الشيخ المصرى حسن البنا دون مزيد من الحسابات السياسية والتقديرات الاستراتيجية والأمنية.
الغريب أن التاجر الألمانى فشل فى تسويق الصورة الكربونية من خطاب الشيخ حسن البنا إلى أدولف هتلر واتهمه البعض بتزوير ورقة الخطاب لأنها ليست أصلية بل كربونية وفى النهاية تعرض لضغوط بلغت حد التهديد الصريح من قبل منظمات إسلامية وصهيونية كى يُسلم إليهم أصل ورقة الخطاب فما كان منه إلا أن تبرع بها إلى الأرشيف البريطانى الذى قام بمعالجة الورقة بالشكل العلمى اللازم عقب فحصها والتأكد من صحتها ومطابقتها بخط يد الشيخ البنا الموجود بالفعل لدى ملفات الأرشيف البريطانى بوثائق أخرى سُرقت وهُربت من مصر على مر الزمن.
وكان الخبراء المتخصصون قد حددوا عمر ورقة الخطاب الكربونى حيث تطابقت بدقة مع تاريخ بداية عملية الغزو الألمانى النازى للاتحاد السوفييتى، ما حولها من مجرد برقية بخط يد الشيخ حسن البنا إلى وثيقة تاريخية أصلية لا يمكن الجدال بشأن واقعة محتواها الذى لا يقدر بثمن بعدما أثبت العلاقة السرية بين مؤسس جماعة الإخوان المسلمين والقائد النازى أدولف هتلر ..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.