وعاشت أكتوبر فى حضن دار المعارف .. وضع أمل المؤسسة المستقلة.. ولدت أكتوبر عملاقة.. وبقيت تؤدى رسالتها بمهنية حتى هذه اللحظات.. وغضب السادات.. وكاد أن يرميها فى حضن الحزب الوطنى.. ولكن ذكاء أنيس انقذها من هذا المطب.. وكانت جلسة موفقة مع الرئيس السادات فى ميت أبو الكوم. الأيام مرت 39 سنة من عمرنا فاتت فى غمضة.. وغمضة العين هذه تحمل فى طياتها الكثير.. وكانت من بنات أفكار الرئيس السادات.. وكان يرغب أن يبدأ بمجلة وينتهى بمؤسسة تكون الأكبر ويصدر منها عدة إصدارات.. غير المواقع الإلكترونية وستديوهات التليفزيون تحسبا لإنشاء قناة باسم أكتوبر.. وتكون هذه المؤسسة خير ذكرى للانتصار العظيم.. وكان فى الأول وحتى تبنى المؤسسة ان يصدرها من أحد دور النشر القومية.وكانت الفكرة أن تطبع وتصدر من دار أخبار اليوم ولكن موسى صبرى رفض وأبلغ الرئيس أن هذه المجلة تنافس آخر ساعة.. وكان الرئيس السادات قد استقر على أنيس منصور ليكون المؤسس لهذه المجلة والمؤسسة.. وكان وجهه نظر أنيس أنه لا يوافق على أن يقوم بهذا العمل تحت رئاسة موسى صبرى رئيس مجلس إدارة أخبار اليوم.. ونظرا لهذا الخلاف، ولتنفيذ الفكرة وحتى تصبح مؤسسة أكبر من أخبار اليوم والأهرام كما كان يحلم السادات. تركت عام 62 الجمهورية وذهبت إلى الأخبار وقف معى.. وشجعنى.. ثم كان مشرفًا على صفحة الأدب.. وكتبت فى هذه الصفحة.. ولما تولى رئاسة تحرير آخر ساعة أعطانى الرياضة وأرسلنى للأندية. والأندية هذه كنوز أخبار فكل القيادات والكوادر فى كل المجالات يرتادون الأندية.. والباب كان عبارة عن أخبار الناس فى الأندية.. وفى هذه الصفحة كان أكثر من مائة خبر أغطيها بنفسى. وجاءت الظروف أن يتولى الرئيس السادات الإشراف السياسى على أخبار اليوم.. وكان والدى صديقا شخصيا له.. وكان يعمل مديرًا لتعليم البنات بوزارة المعارف فلما قامت الثورة أخذه السادات مديرًا لمكتبه.. وكنت أنا اجلس معه فى حمام السباحة بالنادى الأهلى وأسبح معه.. وأتأثر به وبتاريخه وعمرى 14 سنة.. فشكوت له عبد المجيد نعمان رئيس تحرير أخبار الرياضة بالأخبار.. فحول شكوتى لنعمان.. وهنا نكل بى نعمان.. وعندما سألت الريس السادات لماذا حولت الخطاب لنعمان.. قال: لا يجب أن يشتكى أحد رئيسه حتى لا يختل العمل.. وعليك أن تشكو نعمان لنعمان.. ولكن بعد فترة عرفت أن موسى صبرى يراقب عملى.. وأننى كنت أقدم أخبارا غير الرياضة.. وتحتل الصفحة الأولى وانزل لتغطية الأحداث ثم فجأة وضعنى فى مجلس تحرير الأخبار ورقانى مساعدا لرئيس التحرير.. وقال لى أنت تبعى شخصيًا. وفى يوم وأنا سهران فى صالة التحرير نعمل فى الطبعة الثانية وربما الثالثة.. كنت اتملى رسالة من روما من الأستاذ جلال دويدار وكان أنيس معه.. فلما أنتهى من الرسالة.. قال لى: أنيس عاوزك.. وجاء صوت أنيس قائلًا لى: استعد يا خلبوص علشان تكون معى.. ولم أفهم شيئا.. حتى كلف أنيس رئيس لتحرير أكتوبر ورئيسا لمجلس إدارة مؤسستى دار المعارف وأكتوبر.. فكل لها ميزانياتها المستقلة.. ويمر على وأنا سهران الزميل أحمد مصطفى ويقول لى: أنيس عاوزك. فلا أخذ الكلام على محمل الجد.. وفى زيارة لوالدى وجدته يقول لى: لماذا لا يريد ماهر الذهاب مع انيس لعمل المجلة التى يريدها الرئيس.. فدخلت فى اليوم التالى إلى موسى صبرى أخبره بأننى لا استطيع أن أرفض رغبة الرئيس السادات فى الذهاب إلى أكتوبر.. وهنا تحول موسى الهادئ إلى عصبية لم أتعودها منه وقال: الذهاب اختيارى وغير إجبارى.. فقلت له: ومكالمة عمى فوزى.. فقال: أكلم الريس.. فقلت: أننى ذاهب إلى أكتوبر.. لأننى لا استطيع أن أرفض رغبة للقائد وقدوتى السادات.. فقال: إن ذهبت إلى أكتوبر لن تعود لأخبار اليوم مرة أخرى. تعديل عجلة القيادة وذهبت لأنيس منصور فاستقبلنى بوجه باش.. وقال ايوة كدة.. وعلى فكرة أنا أعدك لعجلة القيادة وأعيدك لوضعك الطبيعى أنت بطل سباحة وفشلت فى تعليمى السباحة.. وأنت مسئول عن الرياضة.. وتعود كابتن..ولكن هذا لا يمنع من أن تقوم بنفس المهمات التى كنت تقوم بها فى الأخبار من مراجعة ملازم المجلة فى المونتاج ثم المطبعة.. وبعد بروفات الأعداد الزيرو.. دخلنا فى الجد.. وقمت بحمله فى العدد الأول عنوانها: أكتوبر تشن الحرب على التعصب فى كرة القدم وبعد صدور العدد. وجدت أنيس غاضبا وقال لى: كده لا لون لك ولا طعم ولا رائحة.. فقلت: هذا الموضوع بداية حملة.. قال حملة إيه.. انت مجنون.. أنت كنت باح فى الأهلى وأنت ابن النادى الأهلى.. أريد صفحات الرياضة أحمر قانى.. حتى يصبح لك قراء ويصبح لك أعداء.. وهذا يروج المجلة..قلت له: بس الأستاذ حامد دنيا زملكاوى قال لى: كلما وجدت حامد متغاظ رضيت عنك.. قلت له وهو الذى تقدم له المادة وممكن يشطب فقرات.. قال: يا حامد مالكش دعوة بالرياضة. وكنت قد قدمت عمودا بعنوان «مسامير» وبتوقيع «الشاكوش».. أسجع فيه وأوجع.. وكان الجمهور يأخذ منه ويهتف.. وهنا وجدت الأستاذ أنيس يقول لى: هو الجمهور بيقول إيه فى المدرجات بما فيهم علية القوم والمثقفون.. تقدر تعمل لى الرياضة كلها كدة.. قلت: أستطيع وفعلا كنت أكتبها بطريقة ألف ليلة وليلة.. ووجدت قبولا من القراء، ولكن الذين كان يصيبهم ما أكتب يشكون لأنيس فإذا جاءه أحدهم يشكو.. قال لى أنيس وهو يغمز ما تبطل السجع والنخع ده.. وأفهم أنه يقول لى استمر. وبعد أن كنت وحدى صاحب هذا الأسلوب.. كلف أنيس فايز حلاوة ليكتب الصفحة الأخيرة ساخرة ومسموجة فى أغلبها. وقالوا أنيس ليس فى الخبر.. فكان المعلم أول من أدخل باب أخبار فى جميع مجلات مصر.. وأطلق على هذا الباب فى افتتاح المجلة اتجاه الريح.. وكان المقرر أن يكون اتجاه الريح.. أول إصدارات مؤسسة أكتوبر جريدة يومية. سر الأحمر القانى وعندما تأملت الحكاية والرواية وسر الأحمر القانى أو الأهلاوى النارى.. وجدت أن الرئيس السادات أهلاوى وعضو بفريق الشمس فى الأهلى.. ووالدى صديقه ورئيسه فى النادى وهو رئيسه فى العمل.. فكان مديرا لمكتبه فى المؤتمر الإسلامى ثم أخذه معه لمجلس الأمة.. وأنيس أهلاوى حتى النخاع وشخصى الفقير كابتن الأهلى فى السباحة وكرة الماء والذى لا تعرفه الجماهير الأهلوية أن أكبر باقة ورد مع كل بطولة للأهلى من السيدة العظيمة جيهان السادات. ثم تولى أمر دار المعارف وأكتوبر صلاح منتصر الزملكاوى الهوية ولا أبالغ وأقول الجنسية.. ولكن شهادة لوجه الله لم يتدخل فى توجهى الرياضى.. وإن كان فى داخله غير راض عن أسلوبى المسجوع.. ويعتبره من صياغات عصور الاضمحلال والجهالة.. وكان يطلب منى بشكل محترم أن أتخلى عن هذا الأسلوب.. ولكن تمسكت به وبعد صلاح منتصر كان رجب البنا رئيسًا لمجلس الإدارة ورئيسًا للتحرير.. ولأعطى الفرصة لزملائى فى القسم الرياضى بعد أن استقر.. اكتفيت بالأمهريات نصف صفحة. وتوالى على رئاسة تحرير أكتوبر بعد رجب البنا عدد من رؤساء التحرير إسماعيل منتصر الذى جمع المنصبين، ومن بعده مجدى الدقاق ثم محسن حسنين وأحمد شاهين ود. حسن أبو طالب.. وأخيرًا أيمن كمال الذى يعمل على أن يعيد أكتوبر إلى سابق عهدها وبريقها.. ولأنه من أبنائها الذين شاركوا فى مهدها.. فهو يعرف المطبات التى وقعت فيها.. وبدأ فى تخليصها من هذه المطبات. أكتوبر والانفرادات ومنذ اللحظة الأولى وصفحات الرياضة تحقق الانفرادات.. فكل عدد كان انفرادا.. وخاضت حملات وعرفت أبواب المحاكم ولم يثنينى عن قول الحق هذه القضايا.. وبدايتها بأن رعت المجلة قدوم مصارعة المحترفين وصراع الأفيال والبغال إلى مصر لأول مرة.. وأصبحت حديث المجتمع كله.. وعملت دويا لمجلة أكتوبر واختار أنيس منصور ثلاثة أغلفة من هذه المناسبة.. وساهمت أكتوبر فى إسقاط مجلس إدارة عبده الوحش بالنادى الأهلى.. عندما قامت بحملة الأهلى أسمنت مسلح وكانت الانفرادات بالمستندات.. واستقال 7 أعضاء مجلس إدارة على صفحات أكتوبر فأصبح المجلس غير قانونى.. واجريت الانتخابات من جديد ليعود صالح رئيسًا للأهلى مرة أخرى. وتفوقت أكتوبر فى تغطية كل الأحداث الرياضية الكبيرة.. دورات العاب أفريكانية ودورات بحر متوسط.. وبطولات أفريكانية فى كرة القدم، ودورات أوليمبية.. وكنا نغطى أغلب هذه المناسبات من موقع الأحداث!! حتى إنه فى المركز الصحفى فى دورة لوس أنجلوس الأوليمبية اختاروا غلاف أكتوبر كأحسن غلاف على مستوى العالم.. وكان من تصميم الزميل الفنان المرحوم محمد إبراهيم.. وكنت أمده بالصور الطريفة والمجلات العالمية ولحبنا لمجلتنا كان كل هذا بمجهود شخصى دون أن أكلف مجلتى مليما واحدا.. وكانت هذه سمة كل الزملاء فكانوا يفنون كل وقتهم وجهدهم من أجل أكتوبر.. حتى أصبحت المجلة العربية الأولى.. وتفوقف بموضوعاتها وكتابها الكبار على الحوادث اللبنانية. وعاشت أكتوبر التى ولدت عملاقة فى حضن دار المعارف وأصبحت ابنتها المدللة.. ومازلت ابذل المداد من دمى لمعشوقتى أكتوبر. وكان الرئيس السادات كلما قابلنى فى مناسبة رياضية أو غير رياضية.. قال لى: أبوك طيب وانت طالع كده لمين.. أقول: قدر الله وما شاء فعل.. فيضحك بصوت عالى.. ومنحنى فى عيد الرياضة الأول والأخير وسام الرياضة من الدرجة الأولى.