تستعد الأحزاب والقوى السياسية لخوض، اول انتخابات برلمانية بعد ثورة 30 يونيو، فى ظل مخاوف من سيطرة المال السياسى عليها ، وهى الظاهرة التى برزت بكثافة فى الانتخابات البرلمانية منذ عام 2005، وأيضًا مخاوف من التلاعب بورقة الدين التى أدت لسيطرة جماعة الإخوان من البرلمان المنحل عام 2012.بداية قال رامى محسن مدير مركز الاستشارات والأبحاث البرلمانية: إن المال السياسى سمة من سمات الانتخابات لكنها تبرز بشكل كبير فى مصر عن غيرها من بلاد العالم، كما يلعب دورًا مهمًا فى العلاقة بين الذى كل منهما للآخر وهو ما يؤكد ما حدث فى الانتخابات البرلمانية أعوام 2005 و2010 حتى برلمان جماعة الإخوان المسلمين، متوقعا عدم حدوث ذلك فى البرلمان المقبل لزيادة وعى المواطن المصرى بمتطلباته واحتياجاته من المرشح. ويتوقع محسن، حدوث اتفاق بين أعضاء البرلمان والرئيس رغم عدم وجود معارضة حقيقية لأن هناك توافقًا وشراكة فيما بينهما على اختيار الحكومة، وهذا يعد فى صالح البرلمان. ويرى أن جماعات الإسلام السياسى سيختفى دورها بمرور الوقت، متوقعا أن الناخب سيرفض أعضاء الحزب الوطنى المنحل الذى يعتمد على وسائل الدعاية السابقة،وعن كيفية اختيار المرشح قال محسن، أنصح كل ناخب أن يختار المرشح الذى تتوافر لديه خبرة فى متابعة ومراقبة أداء الحكومة. التجربة الهندية بينما يرى المفكر والمحلل السياسى الدكتور مصطفى الفقى، أن قضية المال السياسى أخطر من أن يتم تناولها باعتبارها ظاهرة عابرة، إذ يجب تناولها كمرض ثقافى واجتماعى يحتاج إلى هزة عنيفة وتغيير عميق ينهى أسطورة شراء الأصوات، مشيرا إلى مخاوفه من التأثير المتزايد لهذه الظاهرة على الانتخابات البرلمانية أو حتى المحلية قائلا إننا أمام ظاهرة عرفتها شعوب أخرى فى عالمنا المعاصر وعرفها المصريون عبر تاريخ انتخاباتهم منذ قرن ونصف، ومازلنا نتذكر تقسيم الجنيه إلى نصفين ثم إلصاقه بعد التصويت، وأيضا ورقة التصويت الدوارة واستخدام الموبايل فى تصوير خانة التصويت لصالح المرشح الذى يقوم برشوة الناخبين. وأكد الفقى، على أنه لابد أن نحاول تدريجيا توعية المواطن المصرى بأن تفريطه فى صوته يمثل ضررا ماديا مباشرًا على حياته ومستقبل أولاده، مشيرا إلى تجربة الهند التى تعد أشد فقرا وأكثر حاجة لكن وعى أبنائها وانتمائهم الوطنى يدفعهم إلى تبنى النزاهة الكاملة عند التصويت فى الانتخابات، ويكفى أن نتذكر «أنديرا غاندى» رئيسة وزراء الهند قد سقطت فى دائرتها عندما شعر الناخب الهندى أنها لا تحقق له ما يريد أو أنها انحرفت عن المبادئ التى التزمت بها، ثم عادت بعد أقل من عامين بأغلبية كاسحة إلى منصبها. وتمنى أن يمضى المواطن المصرى على نفس الطريق ويدركون أن الصوت الانتخابى حق لصاحبه، يجب أن يسعى إليه وأن يعمل على الحفاظ عليه، وأن يدرك أن الذين يشترون صوته إنما يمارسون نوعا من بلطجة الثراء والفساد السياسى وتزييف إرادة الشعب وعليه أن يدرك أيضًا أن اختيار المرشح الأكثر تعليما والأكثر خبرة يصب فى النهاية لصالحه كمواطن قبل غيره، كما أن البرلمان النزيه القوى خير ضمان لمستقبل أجيالنا القادمة، وهو كذلك عنصر التوازن فى حياتنا السياسية، ويمكن أن يكون داعمًا لرئيس الجمهورية وليس خصمًا له مادام الجميع يعملون عبر قنوات وطنية تصب فى المصالح العليا للبلاد ولا يوجد تناقض أو تعارض بين السلطات الثلاث القضائية والتشريعية والتنفيذية، بل إن الكل يعمل فى توافق وانسجام. رجال الأعمال كلمة السر و قال الدكتور طارق فهمى أستاذ السياسة العامة والخبير فى الشئون السياسية بالمركز القومى لدراسات الشرق الأوسط، إن المال السياسى سيؤثر بشكل كبير على الانتخابات البرلمانية المقبلة خاصة أن هناك عدد من الأحزاب تتخبط، ولا يوجد لديها مصادر تمويل، مؤكداً أن عددًا كبيرًا من رجال الأعمال يلعبون دوراً كبيراً فى العملية الانتخابية من خلال ضخهم ملايين فى شراء مقرات أحزاب ونواب جاهزين، بالإضافة إلى أنهم يملكون المال والأعمال ويمكنهم الإنفاق على الإعلان والدعاية بشكل كبير وهو يعد مورثًا من النظام السابق الذى كنا نعانى منه طيلة السنوات الماضية، ونحتاج إلى وقت طويل لتغيير هذا الموروث. وتوقع فهمى أن يضم البرلمان المقبل وجوهًا سيئة عن طريق تسرب عدد كبير من نواب الحزب الوطنى إلى المجلس، وفقا للمؤشرات المطروحة على الساحة، مؤكدا أن سطوة المال السياسى ستؤثر على تمثيل الفئات الضعيفة كالشباب والمرأة والأقباط وذوى الاحتياجات الخاصة، لا سيما أنهم غير قادرين على المنافسة أمام رجال الأعمال ونوابهم، مشدداً على أهمية أن تكون هناك ضوابط رادعة منفذة وأن تُفرض محاسبة حقيقية على المخالفين، وأن تساند الدولة المرشحين الشباب. الاختيار الصعب ومن جهته قال شهاب وجيه، المتحدث باسم المصريين الأحرار، هناك مبالغة كبيرة فى قضية المال السياسى خاصة أن اللجنة العليا للانتخابات حددت سقف الإنفاق بشكل واضح والقانون يعمل على مراقبة هذا ولكن البعض يتعمد التبرير المسبق، وفى هذه الحالة على المواطن أن يختار المرشح الذى يثق به ولديه القدرة على تحقيق متطلباته. وأكد أن الأحزاب التى تهاجم «المصريين الأحرار» لن تثنى الحزب عن تحقيق أهدافه فى النهوض بالوطن مشيرا إلى هجوم التيار السلفى وحزب النور المهندس نجيب ساويرس من أجل كسب أصوات التيارات الدينية، فالسلفيون يلعبون على الوتر الطائفى لتأكدهم من عدم حصولهم على أصوات فى الانتخابات البرلمانية المقبلة. وأشار إلى أن حزبه حزب ليبرالى يؤمن بالحرية وعدم الطائفية ولا يفرض مظهرًا معينًا على الأشخاص الذين ينضمون له. وقالت داليا الأسود عضو مؤسس بحزب الدستور وأحد المرشحات على قائمة «صحوة مصر» عن دائرة أول الإسماعلية، التى أعلنت انسحابها رسميا من الانتخابات بسبب عدم وجود إمكانات مادية مقابل المال السياسى بالقوائم الأخرى، موضحة أن فكرة الانسحاب أمر طبيعى فى ظل الظروف الحالية، كما أن هذه الانتخابات تحتاج لرأس مال كبير جدا لا أستطيع إنفاقه على الإطلاق . وكشفت الأسود، عن أنّ هناك رجال أعمال كبار يرعون ويمولون قوائم وعددا وافرا من المرشحين، لا سيما أن عددا كبيرا من المرشحين الذين خاضوا الانتخابات قبل ثورة 25 يناير خاضوا السباق الانتخابى ويكررون نفس الممارسات التى تعودوا عليها فى النظام السابق، مشيرة إلى أن مناخ العملية الانتخابية تم تسميمه بالممارسات الاستحواذية والتربيطات العصابية سواء كان من أعضاء الحزب الوطنى أو جماعات الإسلام السياسى فكل منهما مصلحة واحدة اجتمعت على حساب المواطن المصرى فى النهاية. متسائلة، هل سيكون البرلمان المقبل به معارضة وطنية صحيحة أم سيعيد إنتاج برلمان 2010 وما قبله؟!. وأضافت الأسود، أن ترشح رموز الحزب الوطنى وظهورهم مرة أخرى على الساحة الآن يعيد فى الأذهان ما فعله هؤلاء من فساد بالحياة السياسية فى مصر والذى دفع الشعب المصرى للقيام بثورة 25 يناير ويريدون الآن استغلال 30يونيو واهمين بانها قامت على الإخوان فقط، ونسوا أنها قامت على الظلم والقمع الذين كانوا هم جزء منه قبل ثورة 25 يناير وأنها كانت استكمالًا لثورة يناير. وترى الأسود، أن فرص الاختيار بين المرشحين فى الانتخابات صعبة للغاية، وستعزف عن المشاركة إذا لم تجد شخصيات جديرة بالثقة لانتخابها فى البرلمان، وتتوقع أن يكون هناك حملات تدفع بالمواطن البسيط للمشاركة بل والتأثير عليه من خلال المادة والأشياء العينية وذلك لاختيار مرشحين بعينهم. مواقع التواصل الاجتماعى وكان لمواقع التواصل الاجتماعى نصيب فى التأثير على الانتخابات البرلمانية المقبلة، كما كان لها دور رئيسى فى قيام ثورة 25 يناير 2011م، حيث كانت هذه المواقع الأداة التى استطاعت الجماهير من خلالها التعبئة والحشد فى الميادين، وذلك من خلال انتشار الصفحات الرسمية للمرشحين وعرض برامجهم الانتخابية وهى تعد الوسيلة الأكثر سهولة فى التواصل مع المواطنين خاصة الشباب الذين هم عماد المستقبل، كما أنها أقل تكلفة مقارنة بوسائل الدعاية الأخرى التى لا يستطيع الكثير من المرشحين إنفاقها فى ظل الظروف المادية لبعض الأحزاب. حملات مع اقتراب إجراء العملية الانتخابية، ظهرت مجموعة من الحملات الإيجابية التى تحث وتشجع المواطنين على المشاركة الإيجابية فى الانتخابات وأسس الاختيار الجيد، فأعلن عدد من أهالى مدينة نصر عن التجهيز لمبادرة لاختيار أفضل نائب من بين مجموعة المرشحين الذى أعلنوا خوضهم للانتخابات عن الدائرة تحت عنوان «النائب الأفضل». وقال أشرف شندى مؤسس مبادرة دعم الشباب، إن الهدف من المبادرة هو اختيار أفضل نائب عن الدائرة من بين مجموعة المرشحين، مشيرا إلى أن المبادرة عبارة عن تجميع لبرامج كل المرشحين واختيار أفضل برنامج يهدف إلى الصالح العام حيث أن الأهالى تنظم مجموعة من المؤتمرات الجماهيرية مع المرشحين والعمل على مناقشة كل مرشح فى برنامجه الانتخابى سواء فى الشق الخدمى أو الجانب السياسى والتشريعى، متمنيا أن تعمم الفكرة على مستوى الجمهورية. كما قام مجموعة من شباب مصر بحملة تُدعى «افضحوهم» لمراقبة المرشحين لانتخابات مجلس النواب المقرر عقدها فى الشهر الجارى، وهى تعد الحملة الأولى من نوعها فى مصر التى تهدف إلى مراقبة مرشحى مجلس النواب، وذلك بالتعاون مع عدد من منظمات المجتمع المدنى التى أبدت رغبتها بالاشتراك فى هذه الحملة. وقال إيهاب كاسب مؤسس الحملة وباحث فى الشئون البرلمانية، أن «افضحوهم» هى عين المواطن على المرشحين، خاصةً وأن الانتخابات القادمة سيشارك فيها أشخاص مدعومين من الإخوان، بالإضافة إلى وجود مرشحين مدعومين من قيادات تنتمى للحزب الوطنى المنحل، ونرى أن مشاركتهم فى هذه الانتخابات لا تحمل خيرًا للوطن، بل تهدف إلى إعادتنا لعهد الفساد الذى حكم البلاد لعقود، قضى خلالها على ثروات البلاد وعقول الشباب، واستشرى الفساد والجهل والمرض والظلم فى عهده ومنهم عبد العظيم أبو عيشة رئيس لجنة الإسكان بمجلس الشورى السابق عن حزب النور الذى يخوض الانتخابات البرلمانية مستقلًا ومدعوما من جماعة الإخوان. وأضافت الحملة، أن مسئوليتنا تجاه ثورتى 25 يناير و30 يونيه، تدفعنا لاستكمال خارطة الطريق، وبناء مؤسسات الدولة فى ظل التحديات التى يمر بها الوطن، والتى تفرض علينا أن نعمل باستقلالية تامة عن كافة الأحزاب السياسية وكافة المرشحين. وتمثلت آليات عمل الحملة فى عناصر أولها أن تحصل الحملة على المعلومات عن المرشحين من خلال الراصدين الميدانيين التابعين لمنظمات المجتمع المدنى، والتواصل مع المواطنين عبر تلقى الاتصالات الهاتفية والرسائل على البريد الإلكترونى، وبعد الحصول على معلومات جديدة يتم عرضها على اللجنة الفنية المشكلة من عدد من الباحثين لدراستها والتأكد من صحتها ثم يتم إعداد تقارير بشأنها وتنشر عبر وسائل الإعلام المختلفة ليصبح عيانًا أمام الرأى العام. كما أعلنت الحملة عن استعدادهم التام لتلقى كافة الشكاوى والمعلومات من قبل المواطنين عن المرشحين الفاسدين، والمنتمين أو المدعومين من رموز الحزب الوطنى المنحل، وكذلك المرشحين المدعومين من جماعة الإخوان الإرهابية، فى مُختلف الدوائر الانتخابية بكافة المحافظات، هذا بالإضافة إلى جود غرفة عمليات مركزية معنية بمراجعة كافة المعلومات والتأكد من صحتها قبل إعلانها للرأى العام من خلال وسائل الإعلام المُختلفة. ويأتى ذلك فى إطار جهود الحملة لتوعية المواطنين وتحذيرهم من اختيار الشخصيات الفاسدة، أو المدعومة من قبل رموز الحزب الوطنى المنحل، أو جماعة الإخوان الإرهابية، خاصةً وأن هؤلاء لا يشغلهم سوى أن نعود لأوضاع ما قبل الثورتين. ودشنت الحملة صفحة رسمية على موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك» وذلك فى إطار مساعى الحملة لتعزيز قنوات الاتصال مع المواطنين فى كافة ربوع الوطن. كما قامت مؤسسة القادة التابعة لوزارة الشباب والرياضة بتدشين حملة «شارك» للتوعية بأهمية مشاركة المواطنين فى الانتخابات البرلمانية واختيار أفضل المرشحين لتمثيلهم فى مجلس النواب وذلك حتى بدء التصويت فى الانتخابات، وتتضمن تنظيم لقاءات توعوية للمواطنين لتعريفهم بأهمية دور البرلمان القادم ويأتى ذلك فى إطار حرص المؤسسة على توعية الجمهور بحقوقهم السياسية دون التحيز لأى فصيل سياسى أو مرشح بعينه، وذلك للوقوف على مساحة واحدة بين كافة التيارات السياسية.